لا تقف في طريق الإنسان الذي عنده طموح كبير إذا لم يكن لديه اخلاق ، سيزيحك عن دربه بأقذر الاساليب ، لأنه اساساً ليس لديه اخلاق ، اما كيف يمكنك ان تعرف انه ليس لديه اخلاق ؟ انظر الى طموحه وانظر الى حجمه العقلي والى الطريق الذي يسلكه ستجد الفارق الكبير في كل شيء عن حقيقته ، ستكون عندك اشارات الى عدم وجود الاساس الاخلاقي الذي من المفروض ان يكون مقروناً بالطموح . ويمكنك ان تجد ذلك بوضوح عند من قفز الى العمل التجاري الكبير دون المرور بالعمل التجاري الصغير ، تجده عند السياسي الذي لم يدرس ابجديات السياسة ، ولم يكن في يوم من الايام يعيش هموم الناس وآلامهم ، وكل ماكان يعيشه احلام السلطة والمال وفي غفلة من الزمن اصبح رمزاً سياسياً ، تجده عند من انخرط بعمل معين بعيداً عن اختصاصه ومثال ذلك رجل الدين عندما ينخرط بالعمل السياسي او العمل الحزبي ، تجده عند من تعاملاته كلها بالعنف والقوة . هؤلاء الاصناف لا تتوقع منهم غير الشر إذا ما فكرّت يوماً الوقوف في طريقهم او الاعتراض على مسيرتهم ، او انك فعلاً تكون بمستوى التحدي لتتحدى سلوكياتهم وتقف في طريقهم بكل جرأة ، ولكن يجب عليك ان تتذكر ان هؤلاء فقدوا كل عناوين الشرف والاخلاق ولم يتركوا لأنفسهم خط رجعة ، لا أمام أنفسهم ولا أمام المجتمع ولا أمام الله . هؤلاء يقتلون ويبيدون من يعترضهم دون تردد ، هؤلاء يختبئون وراء أجندات خارجية وهم لها طاعة وولاء ، وهذا لا يعني السكوت على تجاوزاتهم واجب بل العكس ، الواجب ان تحرض نفسك والناس على ضرورة ايقافهم عند حدهم ومحاسبتهم دون اللجوء الى لغة الانتقام والعنف ، الثقافة يجب ان تنطق مثل هذه المواقف ، صوت الحق يجب ان يعلوا ، صرخات المحرومين يجب ان تسمع من فقد حاسة السمع . . الحياة اليوم لا قيمة لها بدون وجود حكم القانون ، الحياة بلا قانون يعني القبول بالفوضى ، يعني القبول بالظلم ، يعني حياة الغابة البقاء للأقوى …..
اصعب موقف يمر على الإنسان الحر الواعي هو ان يكون في الوسط بين عدو حاقد وصديق متخلف جاهل ، فهو يتلقى الضربات من كلا الجانبين بنفس القوة ، لا يستطيع الاستناد على الصديق الجاهل الاعمى ليرد كيد العدو الحاقد ولا يستطيع اعطاء ظهره للعدو لتصحيح موضع الصديق ، هذا هو شكل الموقف الصعب الذي يمر به كل إنسان مثقف واعي في مجتمعاتنا . فهو متيبس جامد في مكانه لا يستطيع تقديم شيء لنفسه ولمجتمعه لأنه تحت مرمى الاصدقاء والاعداء . . . نعم يا أخوتي معاناتنا كبيرة وكل يوم تزداد كبرا ، السيئون هم السادة الاشراف في بلدي ، يأكلون ويتمتعون كالانعام ، وقد اعتاد عامة الناس الخوف والاختباء وهم يرون حقهم نهبا ، وكرامتهم سلبا ، فالاعداء كثيرون ولهم مداخل كثيرة ، فمرة يدخلون من ابواب القومية ومرة يدخلون من ابواب الدين ومرة يدخلون من ابواب الإنسانية ومرة يدخلون بالسيف والعنف والقوة .
لم يعد الفاسدون في بلادي مجاميع تختبىء ، بل اصبح الناس ترتعد منهم و تختبىء ، الشريف هو الخائف ، صاحب الحق هو المختبيء ، الساحة مباحة لكل سيء ، والشرفاء يخرجون للساحة فقط في عتمة الليل لعلهم يحصلون على قوتهم من مخلفات القمامة والنفايات . الاطفال يبكون جوعاً وكل طموحهم في الحياة لا يتعدى لقمة العيش . .
مواجهة الفاسدين مجرد خيال حتى تخيله حرام ، ، اتدرون لماذا يحدث كل هذا للناس وهم ساكتون خانعون ؟ لأن الحقيقة ان نفوسهم وقبلها عقولهم فسدت عندما تقبلت افكار الفاسدين التي هي اليوم عنواننا ومنها اناشيدنا ومنها مناسباتنا وافراحنا واحزاننا . لا يوجود فرصة للفاسد ان يتسيد المجتمع الا وتجد الناس عقولها ونفوسها فسدت ، فالفساد يصبح تحصيل حاصل ولكن الناس لا يعلمون ان عقولهم فسدت ، عقول الناس فسدت عندما اتبعوا الوعاظ الذين يحثونهم على دعاء الله للقضاء على الفاسدين وهم تحت عباءة الفساد . عقول الناس فسدت عندما فرح الناس شماتة بما اصاب اهل ديرتهم بما اصاب الكوردي ، بما اصاب السني والشيعي بما اصاب اليهودي والمسيحي ، هكذا يفرح الناس بما يصيب بعضهم من سوء وكان يمكن لهم ان يمنعوا السوء ولكنهم لم يفعلوا . تلك العقائد والمذاهب جعلت الناس اعداءاً بدل ان تجعلهم اخواناً واحباباً فهي مدخل الاعداء للهيمنة على نفوسنا وتحطيم دواخلنا ، . . لا نلوم سلطة الفاسدين ، فهذا تحصيل حاصل لما اصاب عقولنا من فساد ، فلو كنا احراراً لما تجرأ الفساد من دق بابنا ! مشكلتنا دائماً نعيش الوهم بأننا احرار ولم نكن كذلك في يوم من الايام .