سفيرة أمريكا في مصر كوردية من اربيل :- قلم ( كامل سلمان )

ليس من الإنصاف المرور بشكل عابر على خبر من هذا العيار ، فهناك أسئلة وتصورات عن هذا الخبر ..
هيرو مصطفى من مواليد اربيل هاجرت الى امريكا وهي في عمر اربعة سنوات بعد ان أمضت سنتين في مخيمات اللاجئين وهي بعمر سنتين وحصلت مع عائلتها على اللجوء وهناك ترعرعت ودرست واخيراً وبعد خمسين سنة من رحلتها الى امريكا أناط بها الرئيس الامريكي جو بايدن مهمة سفارة الولايات المتحدة الامريكية في مصر كأول سفيرة من اصول كوردية في أهم وأخطر منطقة في العالم ، منصب كبير ومسؤولية كبيرة وهذه واحدة من الدلائل على امكانيات المرأة الكوردية في ابداعها وتفانيها عندما تتوفر لها الظروف المناسبة ، والسؤال ماذا لو لم تهاجر هذه المرأة الى امريكا ؟ اكيد سوف لم تكن هذه هي نفس الشخصية التي سمعنا بها اليوم لأن فرص الوصول الى المستويات المرموقة محدودة جداً في مجتمعاتنا وخاصة للنساء رغم ان كوردستان فيها انفتاح استثنائي قياساً الى دول المنطقة الا أن المرأة مازالت مقيدة بالعرف الاجتماعي والعشائري أحياناً وهذا ما يسلب منها الكثير من حقوقها وقد تمنعها من الوصول الى مواقع قيادية ..
الجميل في شخصية هيرو مصطفى ان اهم ما تفتخر به في حياتها هو أنها كوردية الاصل ، وقد شغلت هيرو مناصب ومواقع دبلوماسية رفيعة وهي ملمة بشؤون الشرق الاوسط وذات خبرات كبيرة ، وبهذه المناسبة أود ان استذكر بأن الدبلوماسية الامريكية فيها عدد لا يستهان به من الكورد وقسم منهم يتبوؤن مناصب مهمة وانا شخصياً سمعت عن ذلك من خلال اصدقاء والتقيت فعلاً احدهم قبل سنين وكان من اهالي كركوك ، وقد اعجبتني شخصيته حين التقيته إذ أن الحديث حول الكورد ومعاناة الكورد لم تكن لتفارق لسانه وكان يتكلم الانكليزية بطلاقة ويجيد العربية الفصحى بالاضافة الى لغته الكوردية ، مثل تلك الشخصيات لا تتوانى في نقل صور معاناة الشعب الكوردي الى الادارات الامريكية المتتالية خاصة وان غالبية من عرفتهم من الكورد هم من اتباع الحزب الجمهوري . . .
الحقيقة التي يجهلها معظم الناس عن السياسة الخارجية الامريكية هي أنها تتأثر بقوة بنشاطات اللوبيات او التجمعات ذوات الاصول غير الامريكية فمثلاً اللوبي او التجمع للجالية الايرانية مؤثر في السياسة الخارجية الامريكية وكذلك اللوبي اليهودي وهو الاقوى على الاطلاق ، فتجد لوبيات او تجمعات لجاليات مختلفة تنشط مع السياسة الامريكية ، والجالية الكوردية بأعدادهم المتزايدة في امريكا واستحواذهم على بعض المناصب قادرون مستقبلاً على تكوين لوبي يستطيع ان يؤثر على السياسة الخارجية الامريكية … ليست هيرو وحدها تعمل في الادارة الامريكية فهناك عشرات النساء الكورديات واكثر من ذلك من الرجال وللعلم فأن الإدارات الامريكية المتعاقبة تولي اهتماماً للعنصر النسوي ، و اتذكر احدى النساء الكورديات العاملات في احدى الدوائر الفيدرالية الامريكية مستقطعة جزء من راتبها لمساعدة عوائل كوردية متعففة في دهوك وفي كل مناسبة ترتدي الزي النسائي الكوردي التقليدي وهناك بعض النساء الامريكيات يقلدنها في اللبس حباً بالتراث الكوردي . وانا على يقين ان الكورد الذين يعيشون في اوربا وامريكا وكندا واستراليا لم تغمض اعينهم لحظة عن الحق الكوردي ولكن مازال تأثيرهم محدود ، وقد تكون هيرو مصطفى حالة نادرة استطاعت بفضل جهدها ومثابرتها من الوصول الى هذه المكانة المحترمة . تحية لكل الجاليات الكوردية التي لم تنسى هموم شعبها الصابر المحتسب وتهنئة خاصة للسيدة هيرو مصطفى في منصبها الجديد متمنياً لها كل التوفيق والنجاح .