على السياسيين الكرد، ممارسة السياسة في علاقاتهم الخارجية وتشبيك المصالح مع الأخرين وأن لا يخلطوا بين الأخلاق والسياسة في علاقاتهم الخارجية، ففي السياسة لا مكان للأخلاق نهائيآ، وعليهم ممارسة السياسة بحنكة ودهاء، إن كانوا فعلآ يريدون الوصول بشعبهم الكردي إلى الحرية والإستقلال.
إن الحديث عن الأخلاق في العلاقات الدولية مجرد هذيان وعبط، ولهذا على السياسيين الكرد يتخلوا عن إسلوب الدروشة والحديث عن إخوة الشعوب الزائفة. طوال التاريخ الشعوب تتقاتل وتتحارب من أجل مصالحها وتوسيعها وحمايتها، وبناء قوة تحمي تلك المصالح. ولو عمل الكرد بنفس الفلسفة لما كان هذا هو حالهم، هذا الحال المزري للغاية والعبودي.
الحضارات والدول والإمبراطوريات لا تبنى بالأخلاق، ولا يوجد حضارة واحدة بناها الأخلاقيين من الناس على كوكبنا انهائيآ، بما فيهم الدول والحضارات الدينية خذوا: الإمبراطورية الأكدية، الأشورية، الفارسية، الساسانية، الرومانية، البيزنطية، الإسلامية-القريشية، المغولية، التترية، العثمانية، الروسية، البريطانية، الفرنسية، البرتغالية، الإسبانية، الهولندية، البلجيكية، الأمريكية، اليابانية، دولة داعش، دولة طالبان، دولة الترابي – البشير والإمبراطورية الصينية حاليآ ماضية على نفس الطريق.
هل يملك الرئيسي الصيني “تشي” ذرة أخلاق؟؟ الجواب لا. والدليل وقوفه مع المجرم بشار الأسد في مجلس الأمن!!!! وجميع الرؤوساء حول العالم مثله وليسوا أفضل حالآ.
كل هذه الإمبراطوريات بنيت بالقوة وإستغلال الأخرين، وجمهورية “أفلطون” الفاضلة فشلت. العلويين حكموا ويحكمون السنة منذ (60) سنة في سوريا بالقوة رغم السنة هم الأكثرية، والدولة العباسية قامت على أنقاض الدولة الأموية مع أنهم أبناء عمومة وجميعهم من الصحابة!!!!! لولا إمتلاك الشعب الكردي في غرب كردستان قوة عسكرية على الأرض ومدعومة من أمريكا، لكان كل تراب غرب كردستان من الغرب للشرق بيد العصابات الإرهابية القومجية – الإسلامية – البعثية – الأسدية – الداعشية والتترية ولكنا حتى الأن عبيدآ عند هؤلاء الأوغاد وفعلوا بنا كما فعلوا في أهلنا في شنكال وأفرين وسريه كانية وكريه سبي.
منذ ظهور ملكية الأرض والديانات الشمولية وخاصة اليهودية والمسيحية والإسلام، جميع الحضارات أقيمت على جماجم البشر، وجميع الحروب التي شهدت البشرية والتي مازالت تشهدها لليوم ومن ضمنها الحربيين العالميتين والحرب الحالية في اوكرانيا تندرج في إطارة فرض إرادة طرف على إرادة الطرف الثاني والتحكم به. الذي تغير اليوم هو فقط شكل العدوان وفي مجمله هو الإستغلال الإقتصادي، وحتى تستغل الأخرين إقتصاديآ أنت بحاجة إلى قوة إقتصادية (صناعات) وقوة عسكرية ضاربة لتحمي الأولى وسلب الأخرين ثرواتهم الطبيعية وبيعهم سلعك بالقوة وبالأسعار التي يحددونها.
الخلاف البرزاني – الطالباني وقتالهم سنوات عدة لم يكن سببه القيم الأخلاقية ولا الأعمال الخيرية وإنما كان على المصالح والمال والسلطة، فكل طرف يدرك ما لم يكن قويآ فسيطيح الطرف الأخر به، ولهذا إستعان (مسعود) بصدام و(جلال) بطهران، وقتلوا حوالي (7000) سبعة ألاف مواطن كردي بريئ من أجل مصلحة عوائلهم، فما بالكم بالدول والإمبراطوريات التي أقامت حضارة كبرى مثل الرومان. العثمانيين من أجل بناء إمبراطورية وإستمراريتها كان الأب يقتل كل أبنائه ويترك واحدآ منهم فقط، ليكون هو السلطان من بعده ودام هذا الإجرام الدموي دام أكثر من (600) ستمئة عام حتى يوم إنهيار تلك الدولة اللعينة.
إن كان قادة الكرد فعلآ يرغبون في بناء دولة كردستان عليهم التعلم من تجارب الأخرين وفهم العلاقات الدولية فهمآ صحيحآ، والخروج من تلك القوقعة التي يعيشون فيها منذ سنوات طويلة ويرددون كالبلهاء شعارات أخلاقية ولعب دور الضحية. في هذا العالم الفاجر والتاجر لا أحد يحب الضحايا ولا الضعفاء وخير مثال: الشعب الكردي، الشعب السوري، الشعب الفلسطيني، الشعب الكشميري، الشعب الشيشاني، … إلخ.
علينا ككرد أن نتعامل في علاقتنا الخارجية مع الدول وحتى الأحزاب والقوى السياسية في الدول المحتلة لوطننا كردستان على أساس المصالح ونمارس السياسة، وأن نفصل بين المصالح والأخلاق فصلآ تامآ. من يريد أن يعمل بالقيم الأخلاقية وهذا من حقه، بإمكانه فتح جمعية خيرية مثلما فعلت الأم “تيرزا” ومن جهتي سأشيد به وأتمنى له النجاح، ولكن إذا كنت تريد أن تعمل في السياسة وتمثل الشعب الكردي وهو في الحالة المزرية ويعيش حالة عبودية حقيقية، عليك أن تبتعد عن كل ذلك، وأن تدرك جيدآ بأن السياسة أولآ وأخيرآ تعني “المصالح”. ويمكن تشبيه السياسة والعلاقات الدولية بعلاقات الشركات بالضبط سواءً أكانت شركات محلية أو دولية لا فرق على الإطلاق. هل رأيتم شركة تعمل بالأخلاق؟؟ أبدآ. السوق لا يرحكم نهايآ وهذا هو حال العلاقات الدولية بالضبط.
15 – 04 – 2023