كنت قد قررت بيني وبين نفسي عدم الكتابة في مناسبة مهمة وتاريخية في تاريخ الصحافة الكردية، ألا وهي ظهور أول جريدة كردية، والتي حملت إسم “كردستان” وصدرت من مصر في العام (1898) ميلادي، أي قبل أكثر من (100) مئة عام على يد الأمير “مقداد مدحت بدرخان” رحمه الله.
قراري كان نابعآ من قناعة راسخة مستمدة من واقع (الصحافة) الكردية ومن تجربتي الشخصية مع هذه الصحافة الصفراء والنتنة بكل معنى الكلمة. ولم أجد ما أحتفل به وإنجازآ واحدآ لأحتفي به رغم كل هذا الكم الهائل من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية والإذاعية، كي أكتب عنه وأحتفل به مع شعبنا الكردي. وهذا مؤسف للغاية، حيث تهدر مئات الملايين من الدولارات سنويآ على تلك الأبواق الرخيصة والممجوجة، في الوقت الذي إعلام الدول المتحضرة تخدم شعوبها عن جدارة وتجلد كل المسؤولين السياسيين والإداريين المقصرين والفاسدين ومستغلي مواقعهم وساري المال العام، وتلعن أنفاس أهاليهم وتساعد الجهات المختصة في سوقهم للمحاكم والسجون، وفضحهم وفضح الشركات التي تستغل الناس وتمص عرقهم وبالتالي تنهب جيوبهم.
الذي دفعني للتراجع عن قراري والبوح عما يجول في خاطري، هو النفاق الكثيرين من الكرد وخاصة أتباع الأحزاب الكردية المفلسة والشمولية والعائلية والشخصية بهذه المناسبة، وغياب أي نظرة نقدية!!! الكل يحتفل ويمجد ولكن لا أحد يتطرق إلى واقع الصحافة والإعلام الكردي، ومدى الإنتهازية والفساد والعهر الذي يمارسه هذا الإعلام القذؤ، والكم الهائل من المطبلاتية على الطريقة الأسدية!!!
إعطوني إسم وسيلة إعلامية كردية واحدة: ” مقروءة أو مرئية أو مسموعة” حرة ومستقلة في سياستها التحريرية، وتخدم الشعب الكردي وقضيته العادلة في جميع أجزاء كردستان بإسثناء موقع “صوت كوردستان” باللغة العربية!!
موقع “صوت كوردستان” رغم إمكانياته المتواضعة ولا يملك واحد (1%) من ميزانية أضعف جريدة كردية يصدرها الأحزاب السياسية الكردية، ومع ذلك يشكل منبرآ حرآ ويخدم قضية الشعب الكردي السياسية، والثافية والتاريخية كل ذلك بسبب مساحة الحرية التي يوفرها الموقع لكتابه وبسبب تلك الحرية يتعرض الموقع كل يوم لجهمات سيبرانية بهدف تدميره وتخريبه من قبل القوى المتنفذة في كردستان الكردية منها والإحتلالية على حدٍ سواء.
ما تبقى كله دون إستثناء، مجرد إعلام مجدن ويعمل كأبواق رخيصة لهذا الحزب أو ذاك، أو هذا الصنم أو ذاك وتلميع وجوههم القبيحة وأفكارهم المعتة. نحن بحاجة إلى ولادة صحفية جديدة، لا بل نحن بحاجة ثورة إعلامية بكل معنى الكلمة، وهذا يحتاج إلى صحفيين وكتاب وشعراء وباحثين أحرار وبعض الأموال لكنس هذا الإعلام الحزبي الكردي القرف والعفن الذي يسوق فقط الأكاذيب ويحاول من خلال غسل أدمغة الكرد وتحويلهم إلى قطيع لهذا الأذعر وذاك.
في الختام، هل رأيتم أفلامآ وثائقية توثق تاريخنا الكردي وتاريخ أسلافنا؟ هل رأيتم يكرم هذا الإعلام الوسخ مبدعآ كرديآ وليس مهرجآ؟ هل رأيتم هذا الإعلام يعمل لتوحيد اللغة الكردية؟ هل رأيتم يومآ تقريرآ إستقصائيآ عن الاف الجرائم وسرقات الأراضي والمال العام؟ هل رأيتم تقارير عن النساء الكرديات اللواتي خطفهن تنظيم داعش؟ أو عن سقوط كركوك وشنكال وأفرين؟؟ هل رأيتم هذا الإعلام يفضح المسؤولين الكرد النصابيين؟؟ وهل رأيتم هذا الإعلام يحقق في أموال النفط في جنوب وغرب كردستان؟
وبهذه المناسبة المهمة في تاريخ شعبنا الكردي أي صدور جريدة “كردستان” أترحم على روح الراحل الأمير “مقداد مدحت بدرخان” وجميع رفاقة الكرام وكل من خدم شعبه الكردي في عالم الصحافة والكتابة بأمانة وإخلاص.
22 – 04 – 2023