الاسلاميون والعنف :قلم ( كامل سلمان )

هل يستطيع الاسلاميون الوصول الى كرسي الحكم بدون العنف ؟ نعم يستطيعون ذلك لأنهم يمتلكون قواعد جماهيرية واسعة وعندهم قدرات إقناع كبيرة وفضائيات كثيرة و يتفننون التلاعب بالنصوص الدينية لصالح اطروحاتهم السياسية ، وفعلاً إستطاعوا تحقيق ذلك بجدارة وصعدوا الى سدة الحكم ، ولكن السؤال الحقيقي ، هل يستطيعون الاستمرار بالحكم بعد ان ينكشف زيف ادعاءاتهم المثالية ونزاهتهم المزعومة ؟ نعم يستطيعون ذلك ايضاً ولكن هذه المرة بالقوة والعنف بعد ان عرفوا انهم اصبحوا ورقة مكشوفة في زيف ادعاءاتهم الدينية والإنسانية وبعد ان عرفوا ان الوعي يتغلغل في عقول الناس عكس ما كانوا يتصورون وعكس ماكانوا يمنون أنفسهم . من هنا نعرف سر العلاقة الحميمية مابين الاسلام السياسي والعنف ( العنف دائماً هو الخطوة التالية ) ، الاسلاميون استعدوا قبل تسلقهم سلم السلطة ، استعدوا للعنف ، واستعدوا لمرحلة ( لا نعطيها ) اي لا نسلم السلطة والحكم لغيرنا ، وهذه افضل مفردة لمعنى العنف ، لذلك لا تجد اسلام سياسي بدون تنظيمات مسلحة عنيفة ، والجميل عند تلك التنظيمات المسلحة اثناء استعراضاتهم المسلحة لتخويف الناس وإدخال الرعب في قلوب البسطاء يضعون الورود على فوهات بنادقهم في الوقت الذي تجد تحت هذه الورود وحول اعناقهم احزمة من الرصاص ، وكل من يخالفهم في الرأي سيصبح بشكل اوتوماتيكي ( كافر ، فاسق ، فاجر ) ، إذاً هم يجيدون فن تسلق السلطة ولكن في النهاية تظهر وجوههم المقنعة ، ، السؤال ماذا يبغون من وجودهم في السلطة وهم يعلمون علم اليقين إنهم فاشلون منبوذون ؟ الجواب ببساطة الحصول على الاموال والفساد في الارض وفرض وجودهم لأنهم ينفذون حكم الله حسب ايدلوجيتهم وكأن الله عمدة الأرهاب ، تجاربهم على ارض الواقع أثبتت ذلك .
لست هنا للنيل منهم ولكن كثير من الناس يجهلون حقيقة سلوكياتهم ويجهلون مدى ضررهم للأخرين ، فالعاقبة لكل المفسدين واحدة على مر التأريخ وهي الخزي ، فلو نظرنا للتأريخ نرى هذه النتيجة جلية وواضحة ولا غبار عليها لكل من عاث في الارض فسادا وسرق حقوق الناس وظلم العباد ، فما هي قيمة الحياة بالنسبة للإنسان إذا لم يتعلم من تجارب التأريخ ويظل يعيش العناد والاصرار متأملاً ان يغير سنن الحياة .
أجهل الناس من يجهل عاقبة الامور ، اسمحوا لي ان اقول ان هؤلاء الاسلاميون جهلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وما يفعله الجاهل دائماً فيه ضرر للأخرين ، يمكنك ان تكون مؤذي فلا تحتاج الى جهد وعناء ولكن السمو الاخلاقي والمعرفي هو الذي يحتاج الى الجهد والعناء . وكلاهما اي العدوانية والسمو الاخلاقي ينطلقان من اللمسات الاولى للتربية العائلية والتربية الاجتماعية ، فهؤلاء لم ينطلقوا الى عالم الجهل والفساد صدفة بل تمتد جذورهم إلى الاساس العائلي والمجتمعي والايدلوجية الفاسدة ، أحياناً تعجبك اقوالهم وتعجبك تحدياتهم الوهمية للقوى العالمية وهذا لا يغطي معدنهم فالطلاء هش لا يدوم . . العنف يحتاج الى مغذيات لضمان استمراره ، وافضل المغذيات التنظيم الحديدي لتلك الجهات بحيث من حاول التمرد على التعاليم الحزبية يواجه العنف نفسه ، ومن المغذيات ايضاً ما يطرحه مفكروا التنظيمات الدينية الذين يقومون بإيصال الافكار المغلوطة الى عقول الاتباع خاصة إذا كان هؤلاء المفكرون ذوات مراتب دينية روحية عالية .
من واجب الكاتب اخلاقياً ايصال الافكار الصحيحة الى من يهمه الامر و إلى الناس كافة بكل حرفية وشفافية ومن واجب الكاتب مبدئياً الدفاع عن المتضررين من السلوكيات العدوانية لهؤلاء السياسين دون الافراط في الكلام وان السكوت يعني الرضا وهذا مالا تتقبله شرائع السماء ولا شرائع الارض .
هل ان الاسلاميين قادرين على تعديل الاعوجاج الذي صاحبهم في العمل السياسي ؟ الجواب أكيد لا يستطيعون ذلك والسبب ان العامل المشترك الذي جمعهم على هذا الطريق هو الاعوجاج نفسه . فأي أصلاح لهم يعني إنهيار لمنظومتهم بكل مفاصلها لذلك فأنهم أخوف ما يخافون سماعه من المطالب الجماهيرية حين تخرج الى الشوارع هو طلب الاصلاح وطلب الاصلاح هو أشد وطئاً وأقوم قيلا ، المطالبة بالاصلاح بأختصار يعني المطالبة منهم بالرحيل ، وعندما تحين ساعة الرحيل سيجدون أنفسهم بلا ناصر وبلا معين . حينها يدركون ما كسبت ايديهم من فساد وكم كانوا في ضلالة وانحراف .