هل فعلآ إستدار اردوغان نحو الغرب وماذا يعني ذلك للكرد؟- بيار روباري

 

كثر الحديث في الأيام الماضية عن إستدارة اردوغان نحو الغرب سوف نناقش في هذا المقال مدى صحة ذلك أولآ، وثانيآ أسباب هذه الإستدارة إن كان ذلك صحيحآ. ثالثآ، ما إنعكاسات ذلك على الشعب الكردي في كل من شمال وغرب كردستان.

هل فعلآ إستدار الطاغية اردوغان ونظامه الفاشي نحو الغرب وما هي مؤشرات ذلك؟؟

لحد الأن لم أرى أي مؤشر على الأرض يؤشر لهذا التحول، وقبول اردوغان بعضوية السويد في الناتو لا تعني شيئ من ذلك. هذا ليس تحول وإنما أجبر على ذلك بفضل الضغط عليه من القوى الغربية، وسدوا أمامه المجال ولم يعد بإمكانه التهرب من ساعة الحقيقة ولا وقت للمماطلة. وعمليآ لم يحصل على شيئ.

  • تركيا لن تصبح عضوآ في النادي الأوروبي ليس بسبب سياسات اردوغان العدوانية المعادية للمصالح الغربية، وإنما بسبب الخلاف الثقافي بين الطرفين، وأوروبا يكفيها مسلميها الذين يقيمون في البلدان الأوروبية، وألاف المشاكل التي يخلقونها لمجتمعاتهم الجديدة. فليس من المعقول لا بل من الحماقة ضم (90) مليون مسلم أخر لأوروبا، هذا سيعني نهاية أوروبا الحضارية. الأتراك لن يتحضوروا ولا بعد مليون سنة ولن يندمجوا في المجتمعات الأوروبية، وهذا عدا عن الكؤه الذي يحملونه تجاه الحضارة الأوروبية وشعوبها. ولن تحصل تركيا حتى على إعفاء مواطنيها من فيزة شينكين لزيارة دول الإتحاد الأوروبي، والأيام ستثبت ذلك.

كما نعلم لقد توقفت مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في العام (2018) بعد قرار رؤساء الحكومات الأوروبية الذي جاء فيه حينها:

“إن الإصلاحات في تركيا قد تراجعت، ولا سيما في أداء النظام الديمقراطي،وإحترام الحقوق الأساسية، إستقلال القضاء، حرية الصحافة، حقوق الأقليات، …)، لهذا قررنا وقف المفاوضات مع أنقرة إلى أن يتغير الواقع.

والذي وقف خلف ذاك القرار الأوروبي الحازم، هي فرنسا بقيادة الرئيس “إيمانويل ماكرون”، الذي إعتبر حينها، أن ثمة مخاوف بشأن حقوق الإنسان خلال حملة التطهير التي جرت في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في (2016).

  • أما بخصوص صفقة طائرات (ف 16)، لا يمكن تمريرها من دون موافقة الكونغرس بسهولة كون هذا الأخير بشقيه (الجمهوري والديمقراطي) غير راضي عن سياسات اردوغان الرعناء، ومواقف الكونغرس منه ومن نظامه ليست بخافية على أحد. وإن وافق الكونغرس على الصفقة سيكون بشروط قاسية ومذلة لأردوغان المتعجرف.
  • ولم يسمح الأمريكان بعودة تركيا لبرنامج الطائرة (ف 35)، إلا إذا تراجعت عن شراء الصواريخ الروسية (س 400)، والإنفكاك عن روسيا وبوتين، والتوقف عن الإضرار بمصالح أمريكا تحديدآ في سوريا وحلفائهم الكرد.

 

لا يمكن القول أنه فعلآ جرت إستدارة اردوغانية نحو الغرب حتى الأن، اللهجة المرنة التي تحدث بها هذا الطاغية لا تعني شيئ على الإطلاق، فيمكن أن يلحس كلامه في اليوم التالي وهو شخص معروف بتقبلاته وكذبه.

الإستدارة لها متطلبات حقيقة على الأرض ومؤشرات حاسمة وواضحة وليس لغوآ. و70% من هذه المتطلبات هي متطلبات داخلية ومنها:

1- إطلاق حرية الصحافة والكلمة ورفع يده نهائيآ عن وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ووسائل التواصل الإجتماعي.

2- رفع يده وأجهزة عن القضاء بشكل كامل، ويمتنع عن تعين القضاة.

3- إطلاق سراح السجناء السياسيين وفي مقدمتهم سراح قادة الكرد ومن ضمن صلاح الدين ديمرتاش.

4- إعادة مئات الألاف من المواطنين إلى وظائهم، الذين فصلهم من أعمالهم دون وجه حق.

5- التوقف عن أسلمت مؤسسات الدولة وخاصة مؤسسة الجيش والأمن والتربية.

6- التوقف عن ملاحقة المعارضين الساسيين.

7- وقف سياسة ملاحقة الصحفيين والكتاب المخالفين لسياساته ونظامه القمعي.

8- وقف حربه الإجرامية الشعب الكردية في شمال كردستان.

9- رفع يده عن البنك المركزي وعدم التدخل في سياساته.

10- السماح قانونآ حق التظاهر والتجمع والقيام مظاهرات سلمية سياسية، نقابية وإجتماعية وغير ذلك.

 

وعلى صعيد السياسة الخارجية:

1- وقف عدائه ضد سياسة أمريكا والغرب في المنطقة وخاصة في سوريا.

2- وقف عدوانه العسكري والأمني والسياسي ضد الشعب الكردي في غرب كردستان.

3- الإبتعاد عن النظامين الإرهابيين النظام الفارسي والروسي.

4- وقف دعمه للجماعات الإرهابية في سوريا.

5- وقف خطوات التطبيع مع عصابة الأسد.

6- التراجع عن شراء الصواريخ الروسية (س 400).

7- الإلتزام بالحصار على ايران وروسيا.

8- التوقف عن تهديداته المتكررة ضد الجارة يونان.

9- التوقف في خلق المشاكل في شرق المتوسط وخاصة في قضية الغاز.

10- وقف تدخله في الشأن الليبي السلبي، المعادي للغرب.

11- لعب دور إيجابي في الصراع الأذربيجاني – الأرمني.

12- وقف حملاته العسكرية الإجرامية ضد إقليم جنوب كردستان.

 

هنا يتبادر للذهن تساؤلين هما:

1- هل يملك اردوغان الرغبة والقدرة على تنفيذ كل ما أشرنا إليه داخليآ وخارجيآ والإلتزام به؟

قناعتي الشخصية إضافة لتجربة اردوغان في الحكم لمدة عشرين سنة متواصلة، تقول أنه من الصعب التصديق أن هذا الطاغية الذي يعبد الكرسي وجعل من نفسه إلهآ، سيتنازل عن عليائه ويقدم تنازلات للشعب والمواطنين، فما بالكم بمنح الشعب الكردي حقوقه القومية والسياسية والإعتراف به دستوريآ.

 

2- هل فعلآ اردوغان الإخواني غير من قناعاته الفكرية الإسلاموية والعثمانية؟

من قرأ التاريخ الشخص هذا الوضيع الذي إسمه اردوغان، والأفكار التي تشربها ولمن كان يقرأ ومن كان مثله في الحياة، يدرك حق الإدراك بأن من المستحيل أن يغير هذا الذئب الرمادي المعروف بوحشيته، جلده على الإطلاق.

قد يقدم بعض التنازلات للغرب كما قدم لإسرائيل والدول الخليجية ويلحس كلامه العنتري، بسبب حالة إقتصاده المزرية. وهذا هو السبب الذي أرغمه على لعق كلامه والذهاب إلى الدول الخليجية ويشحد منهم بكل معنى الكلمة، والأن يتسول على باب الأوروبين. من هو على دراية بوضع الإقتصاد التركية يدرك أن هذا الطاغية ليس في وضع يسمح له بالتبجح.

وإذا إستمر في نفس سياساته السابقة العنترية والمناهضة للغرب، يدرك اردوغان جيدآ أن الغربيين سيزيدون خناقهم عليه وعلى إقتصاده، وبالتالي سينهار إقتصاده بالكامل، وإقتصاده يعتمد في جزء كبير على الإستثمارات الغربية يصل إلى نسبة 70% من لا يعلم. وأدرك بع سنة ونصف من الحرب الروسية على اوكرانيا، أن روسيا أضعف من تساعده وتحميه، وهذا هو السبب الأخر الذي يقف خلف ليونة كلامه في الفترة الأخيرة، ولكنه لن يفك تحالفه مع بوتين لأنه يعلم أن الروس قادرين على إزعاجه في سوريا وحتى في كاراباخ.

ما هي تأثيرات إستدارة اردوغان نحو الغرب على الشعب الكردي إن حدثت فعلآ؟

برأي الشخصي سيكون له تأثير إيجابي، بعكس ما يروج له أبواق المعارضة السورية بكل طرابيشها، وبمناسبة ذكر مصطلح “طربوش” فهو في الأصل مصطلح كردي أصيل معرب وتعني القلنصوة. وهي مأخوذة عن التسمية (سرپوش) الكردية المركبة من كلمتين. الأولى (سر) أي الرأس، والثانية (پوش) وتعني الغطاء. وعند تعريبها حذف العربان حرف (الشين) وإستبدلوها بحرف (ط). كان هذا الشرح ضروري لأن العربان يكذبون عندما يدعون أن مصطلح الطربوش عربي، وكي يكفوا هم والتتار عن الكذب وسرقة مفردات الأخرين.

Ser (î): الرأس

Poş: غطاء

Ser  +  poş  ——>  Serpoş   ——>  (Terpoş): طربوش – القلنصوة

إذا أراد اردوغان وعصابته الإجرامية الإقتراب من أمريكا وأوروبا، فلا بد من الإقدام على الخطوات التي ذكرناه أنفآ، وجميعها في النهاية تصب في صالح القضية الكردية سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر. وحتى أي توتر روسي – تركي، سينشأ عن هذا التقارب أيضآ سيكون في صالح القضية الكردية سواءً في غرب كردستان أو شمالها، إن أحسن إستغلال ذلك لمصلحتنا كشعب كردي وقوى سياسية كردية. فلذلك لا داعي للخوف ولا الفزع، ولن يتخلى الأمريكان عن الشعب الكردي بغرب كردستان بعد تجربة (10) عشرة سنوات من العمل العسكري والأمني المشترك في أصعب الظروف وإختلطت دماء مقاتلينا الكرد والجنود الأمريكيين على أرض المعركة، في الوقت الذي طعنت تركيا في ظهر حليفها الأمريكي. توصل الغربيين أخيرآ أن لا حلفاء لهم في المنطقة سوى الشعب الكردي، وهذا هو ملخص تجربة ثلاثين عامآ الأخيرة ولم يأتي ذلك من الفراغ.

وكل التهويل الذي يصدر عن أبواق المعارضة السورية، مجرد حملة بائسة لتخويف قادة الكرد بهدف تطويعهم وإستغلالهم هم والنظام الأسدي معآ. وعلى قادة “مسد” التوقف عن التسول عند أبواب النظام الأسدي المجرم وباب الإئتلاف الإسطنبولي أو غيره من مجموعات المعارضة مثل هيئة التصفيق العملية للنظام.

المطلوب تحسين الوضع الكردي الداخلي، سياسيآ من خلال إجراء إنتخبات برلمانية وتشكيل حكومة منتخبة لغرب كردستان وإنتخاب رئيس للإقليم من قبل الرلمان وتشيكل مكتب للعلاقات الخارجية وتكليف شخصية كردية مرموقة ليكون مسؤلآ عن العلاقات الخارجية، وليس جزبيآ. تقوية قوات قسد ورفع العلم الكردي والسوري بعد الإستقلال على كافة الدوائر ونقاط الحدود، ومنع رفع صور قادة كرد من الأجزاء الأخرى بما فيها صور البرزاني وأجلان. رسم حدود إقليم غرب كردستان وإستخدام هذه التسمية ومن المعيب إستخدام تسمية (شمال شرق سوريا).

ثم فتح المجال أمام الحريات الإعلامية، الفكرية، النقابية، الحزبية والسياسية، والسماح للناس بالتجمع الحر والتظاهر والإعتصام، ومنح الرخص للجرائد ومحطات التلفزة والإذاعات وربط قوات قسد وقوات الأسايش بالحكومة المنتخبة والبرلمان وليس حزب (ب ي د). وفتح المجال للإستثمار في مناطق الإدارة الذاتية، وهذا يحتاج إلى قوانين تحمي حقوق المستثمرين، وهذا غير ممكن في ظل عدم وجود حكومة وبرلمان شرعيين منتخبين من قبل الناس. سلطة (ب ي د) ومسد غير شرعية، هي سلطة أمر واقع لا أكثر ولا أقل مثل سلطة بشار الأسد ومسعود البرزاني.

ختامآ، الخاسرين من الإستدارة الأردوغانية إن حدثت سيكون بوتين ونظامه البائس، المجرم بشار الأسد ونظامه المفلس، وعصابة الملالي في طهران ومعهم الإئتلاف السوركي والفصائل الإرهابية التي تحتل أفرين، إدلب، الباب، جرابلس، سريه كانيه وكريه سبي. يبقى السؤال هل سيفعلها اردوغان وقادر على ذلك؟ الأشهر المقبلة كفيلة بالإجابة على ذلك وفي أي عمق وإتساع ستكون الإستدارة. لأنه قد يستدير نصف إستدارة ولربما أقل، الأمر ليس محسومآ للأن.

 

14 – 07 – 2023

4 Comments on “هل فعلآ إستدار اردوغان نحو الغرب وماذا يعني ذلك للكرد؟- بيار روباري”

  1. اصلا ان ابتعاد اردوغان عن الدور السياسي المقرر له اللعب ضمنه وفق النظرة الغربية كانت من منطلق عنجهية الاتراك و اردوغان بانهم اكبر بكثير من الدور الممنوح لهم فهم , وما عودة اردوعان الى اللعب ضمن دوره فقط الا بداية لتكثير رؤوس الاتراك الكبيرة وبداية برأس اردوغان نفسه.

    وهذه هي اولى الخطواة لبداية لتحجيم تركيا و اعادتها الى حجمها الحقيقي , او ان تبقى تركيا تتمسك بعنجهيتها و تلاجع الى ما كانت عليها في الثمانيات و التسعينيات. هذه فقط بداية رأس الخاذوق فقط و الجاي اعظم. لان تركيا هي باصل من خرجت عن المسار الغربي و ولن يتنازل الغرب عن مطالبه من اجل عودة تركيا, بل على العكس سوف يزداد اكثر واكثر من سقف مطالبه طالما ان تركيا بدات تتنازل.

  2. من ألأخر { مشكلة الكثيرين أنهم لا يدركون لليوم حجم صبر العم سام ، فكثيرون قبله تعنترو ضد الغرب وضده وكان مصيرهم في النهاية كمصير القذافي وعبدلله صالح صدام } سلام ؟

  3. أنتم تهذون , إلى متى ستبقون نياماً ؟ تركيا هي الغرب بذاتها بل الغرب هم تحت أقدام تركيا, وهي العضو المؤسس في الناتو قبل نشوئه , أولاً ولد في 1774 بين بريطانيا والدولة العليّة , ثم تجدد في 1923 بين تركيا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا , وفي النهاية تجدد بزعامة اأمريكا في 1949 , هذا الجهل الذي يعيش فيه الكورد قضى عليهم وإنتهى الأمر وأنتم لا تعلمون

Comments are closed.