الاتراك السود والاتراك البيض (  باللغة ) القطرية – حاتم خاني

 

 

في مقال لكاتب اخواني على موقع الجزيرة الالكتروني ( الرابط في نهاية المقالة )  قد لا يرد اسم الكورد فيه الا بصورة ( استحياء ) ولكنه يصل الى هدف يعاني الشعب الكوردي في تركيا منه يوميا ويكاد يتعلق ببقية الكورد الذين يزورون تركيا وحتى العرب ايضا في الاونة الاخيرة.

ويبدو ان الكاتب قد وظف افرادا آخرين لكي يبحثوا ويتغلغلوا بصورة معمقة جدا في ثنايا هذا الموضوع لكي يجدوا مبررات ومسوغات تبررالفعل غير الانساني الذي يمارس ضد مواطنيهم العرب في تركيا , ولأن تركيا تقع تحت سيطرة الزعيم الروحي لما ينتمي اليه الكاتب من تيار اسلامي لذا جمع ما وجده هؤلاء الافراد لكي يطرحه امام اخوته من العرب الذين ينتقدون اردوغان وحكومته لما يفعلونه بمواطنيهم الزائرين لتركيا  .

وقد لا يخفى على القارئ للمقال الاسلوب الحذق في استغلال كامل الفكرة وكل جوانبها وافرعها لكي يوظفها في سبيل الهدف الذي من اجله كتب المقالة , وهذا هو الأسلوب الأمثل لايصال الفكرة الى القارئ , طرحها وتفصيلها وأسباب وجودها  ثم نقدها لإقناع القارئ ان الكاتب معه  وليس ضده ثم العودة الى تبرير تواجد الفكرة لتبرئتها مما يحدث بسببها لاخوته من المواطنين العرب وأخيرا يمضي الكاتب للاقتناع وإقناع الاخرين ان هذه الأفعال التي يمارسها الاتراك ضد العرب بشكل خاص ممارسات طبيعية مبررة لا يجوز نقدها وانتقادها .

لقد بذل الكاتب جهدا كبيرا ورائعا في البحث والتقصي لعجن وتلييك وتزييغ الفكرة لكي يزرع بذرة التبرير هذه لتنمو فيما بعد وتصبح ذريعة تفسر تلك الظاهرة التي تسعى بعض الوكالات الموجهة مثل الجزيرة للتقليل من شأنها نتيجة العلاقة الخاصة التي ترتبط بها حكومة قطر العربية مع حكومة اردوغان الذي يفترض بانه من الاتراك السود , مع انه لم يأل جهدا ولا يبذل جهدا ولن يسعى للتقليل من هذه الظاهرة حتى لو صدرت الانتقادات من الجزيرة نفسها .

ولكن بما ان الواقع يفرض نفسه على الحدث الذي لا يمكن التخلص منه بدليل ان الممارسات التي يقوم بها الاتراك ضد المواطنين العرب بشكل خاص لم تقتصر على فئة ما يسميهم الكاتب بالاتراك البيض او الاتراك السود , بل قد اتخذت تلك الممارسات شكلا شبه رسمي يمارسها ويطبقها افراد يمثلون حكومة اردوغان وبعلم سلطات اردوغان وموافقاتهم وقد يكون بالتحريض من قبلهم ايضا ويشترك فيها البيض والسود من الاتراك. ووصل الامر بأحد اعمدة وكالة الجزيرة نفسها وهو السيد فيصل القاسم المدافع القوي فيما مضى عن اردوغان واعتباره المخلص الذي ينتظره السوريون , بالكتابة على صفحته الشخصية طلبا موجها الى الرئيس اردوغان يتوسل فيه بان يتدخل ( شخصيا ) للحد من هذه المظاهر العنصرية التي يتبناها افراد السلطة تجاه المواطنين العرب وخاصة في مطار صبيحة حيث يتم فيها تفتيش حتى هواتفهم النقالة ايضا .

ولازالت سياسة الجزيرة لم تتغير حيث لا تخلو صفحاتها من المقالات التي يكتبها كتاب اتراك وعرب تمجد السياسة التي يسير عليها اردوغان وان كانت هذه السياسة ( سياسة وكالة الاخوان )  لا تبدو غريبة من دولة سنية تجاه دولة سنية اخرى ولها قواعد عسكرية ايضا وبينهم اتفاقيات عسكرية وتجارية واقتصادية اخرى .

المنحى الذي سار عليه الكاتب ويسير عليه مثل هذا النمط من الكتاب تظهر بوضوح العقلية التي تطغى على الفكر الاخواني الذي تتبناه مثل هذه الوكالة ومثلها كتابها حيث لا تتوانى عن التفريط والتنازل عن القيم الشخصية وحقوق مواطنيهم وحرياتهم الشخصية واحترام الذات الانسانية لهؤلاء المواطنين وشعوبهم لتجنب نقد سلوك غير سوي يمارس ضد هؤلاء المواطنين ومن سلطات تدعي دعمها ومساندتها لدول هؤلاء المواطنين , وان كانت بالنسبة للعقلية العصرية ليس غريبا بعد اتضاح وظهور نفس هذه الاتجاهات في السياسة التي يمارسها الاخوان في قطر وبقية الدول العربية التي حظرت الكثير من نشاطاتها التي تخالف قيم الفرد والمواطن وحقوقهم الاساسية وتكاد تتعارض مع مصلحة البلد ايضا .

وبالاستمرار في قراءة المقال يتضح بصورة جلية جدا الاعذار التي يسوقها الكاتب لتبرير ممارسات وسلوك وتصرفات الاتراك ضد المواطنين العرب , حيث تسير هذه الاعذار بنفس الطريقة وبنفس الاسلوب الذي كانت تبرره داعش وهي تقتل وتذبح وتنظم حفلات الدم ضد تلك الاقليات التي يتهمها الكاتب الان بانها قد وضعت يدها مع الاتراك البيض ضد الشعب التركي نفسه .

ولا يخفى على احد ان الاختلاف والخلاف بين ابناء الشعب الواحد في تبني اتجاه معين لايمكن ان يكون غريبا كما يريد الكاتب ان يصنفه ضمن ذلك , الا اذا كان الغرض منه تبرير فعل مخز وسلوك شائن لا يمت الى الانسانية بشىء .

وقد تعودنا ان يوظف مثل هؤلاء الكتاب كل حدث حتى لو كان متناقضا مع مصالح شعوبهم ومواطنيهم للدفع به بحيث يخدم الهدف الذي يرومون الوصول اليه وهو تمجيد رأس الحربة لديهم , حتى لو كان هذا الحدث يؤدي في النهاية الى افناء كل الاقليات وكل الاتجاهات الاخرى من الاغلبية نفسها طالما يمكن من خلال ذلك تلميع صورة الاب الروحي لديهم . وتبني الكاتب وهو الاستاذ الجامعي لتبرير الفكر العنصري لازلام زعيمهم الروحي لا يختلف عن ما ينتقدونه هم انفسهم عندما يشيرون الى افعال اساتذة جامعيون شيعة عند احياء ذكرى مقتل الحسين .

ويمكن تلمس خفايا النوايا الشريرة للكاتب عندما يشير بصورة مخجلة لاسم الاقليات التي اصبحت ضحية كل يوم لتلك الافعال والتصرفات العنصرية التي يمارسها الاتراك البيض والسود معا , حيث تنكشف تلك النوايا بالقضاء على كل انسان طالما يختلف هذا الانسان عن فكرهم ويحيد عن طريقهم .

حاتم خاني

دهوك 1.8.2023

رابط مقالة الكاتب القطري على موقع الجزيرة ( الأتراك البيض والأتراك السود | آراء | الجزيرة نت (aljazeera.net) )