جريدة ” بادشه تسايتونغ ” الواسعة الإنتشار في منطقة بادن في جنوب غرب المانيا، تخصص حقلاً يومياً للأطفال تحت عنوان ” اشرح لي هذا ” ، تطرح فيه مواضيعاً بلغة بسيطة وسهلة جداً، ومعززة بالأمثلة او القصص احياناً، تشرح فيها بعض االمعايشات التي يتعرض لها الاطفال في حياتهم اليومية والتي قد يستعصي إدراكها من قبل الأطفال في سنهم المبكرة.
لقد كان آخر موضوع طرحته هذه الجريدة في الحادي عشر من ايلول 2023 يتناول الهزة الأرضية في المغرب، حيث شرحته الجريدة للأطفال باللغة التي يفهمونها دون ان يبتعد هذا الشرح عن المنطق العلمي الذي ينبغي ان يؤمن به الأطفال. لقد جاء الشرح لهذا الموضوع بالنص التالي:
” كيف تحدث الهزة الارضية : ربما سمعتم انه في نهاية الأسبوع حدثت هزة ارضية في المغرب في شمال افريقيا ادت الى موت كثير من الناس. ولكن كيف تحدث الهزة الأرضية؟ ما يسمى بقشرة الأرض التي توجد تحت الأرض تتكون من طبقات كبيرة جداً تتحرك ببطئ شديد. في حالة تصادم هذه الطبقات يحدث توتر، وفي حالة انتهاء هذا التوتر تحدث اهتزازات، اي هزة ارضية. في بعض المناطق المتواجدة على حافات هذه الطبقات يكون خطر حدوثها وقوتها اكثر من المناطق الأخرى. المانيا تقع على وسط هذه الطبقات ولذلك يكون خطر تعرضها للهزة الأرضية قليلاً. عندنا في الجنوب الغربي من المانيا يمكن حدوث هزات ارضية خفيفة ”
وعلى الجانب الاخر من هذه الكرة الارضية، حيث يعيش ” فقهاء وعلماء ” العصور الغابرة بين اهل القرن الحادي والعشرين ليشرحوا لهم موضوع الكوارث الطبيعية ويفسرونها على ان اسبابها غضب الله على عباده ، سواءً كان هؤلاء من الصالحين او الطالحين.
فقد جاء على موقع صيد الفوائد وعلى لسان ” العالِم نابغة عصره ” عبد العزيز بن باز:
ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها سبحانه عباده . وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعا من الأذى ، كله بأسباب الشرك والمعاصي ، كما قال الله عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) وقال تعالى : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )وقال تعالى عن الأمم الماضية : (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )
وعلى نفس الموقع الإعلامي بشؤون الدين والدنيا كتب ” العلامة الفهيم ” ابراهيم بن صالح الدحيم من ضمن ما كتبه من اكتشافاته الفريدة حول الكوارث الطبيعية فقال:
ان الزلازل آية من آيات الله يخوف الله بها عباده , ينتظر من القلوب أن تحيا عند وقوعها لا أن تموت , ومن النفوس أن تستنير لا أن تطاول في العمى وتصر على الغي واتباع الهوى.
اما موقع الشروق الإعلامي فقد جاء بالخبر الذي ” اهتزت له المراكز العلمية العالمية ” والذي جاء فيه:
نظمت كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، اليوم الاثنين، بعنوان “الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم” بحضور الداعية الباحث الجيولوجى الدكتور زغلول النجار، والذى تحدث عن الظواهر الكونية والكوارث الطبيعية التى وصفها بأنها جند من جنود الرحمن التى يسخرها لمعاقبة المفسدين فى الأرض.
ونشرت جريدة الشرق الأوسط أيضاً بعددها المرقم 11475 بتاريخ 29.04.2010 ما يلي
” وأكد رجل دين إيراني قبل أيام أن إرتفاع نسبة العلاقات الجنسية غير الشرعية هي السبب في زيادة عدد الهزات الأرضية . وقال آية الله كاظم صديقي ، إمام صلاة الجمعة في طهران ، إن ” كثيراً من النساء غير المحتشمات يُفسدن الشبان، وازدياد العلاقات الجنسية غير الشرعية يزيد عدد الهزات الأرضية .”
اجيال المجتمعات التي تحترم نفسها تتربى منذ الطفولة على تبني العلم وما ياتي به من تفسيرات وشروحات لما يواجهه الإنسان في حياته من كوارث طبيعية، إلا ان مَلكاته الفكرية لم تزل عاجزة عن استيعابها او معرفة اسبابها، فيبرز العلم ومعطياته الحديثة للمساعدة في تفسير ومن ثم فهم هذه الالغاز الكونية.
واجيال المجتمعات التي تتباهى وتتفاخر بانتاجها افخم موائد الطعام وتتجاهل اكبر اعداد للجياع فيها، يتبارى فيها صانعو غباءها وناشرو جهلها وحاملو لواء خنوعها واستجداءها الى ترسيخ هذا الدرب الوعر الذي لن يزيدها إلا غباءً وجهلاً وابتعاداً عن العالم الذي تعيش فيه، ولتظل قابعة في كهوف التخلف الحضاري والمعارف العلمية الحديثة منها والقديمة.وكيف لا يكون ذلك والقائمون على تربيتها لا يفقهون من التربية إلا ما تمليه عليهم عقولهم الغاطسة في الغيب وافكارهم المسدول عليها ستار الظلام والبدائية.
إن هذه الزمرة البائسة ممن تسمي نفسها باسماء وتمنح ذاتها القاباً لا علاقة لها بواقعها المتخلف، لا تنشر الجهل والغباء والإبتعاد عن المجتمع الحضاري فحسب، بل انها تمنع مريديها وتابعيها وحتى مَن لا علاقة له باطروحاتها الغبية من التفكير واستعمال العقل حتى بابسط القضايا، ومن يجرأ على ذلك تنتظره قائمة طويلة من الإتهامات التي قد تفضي الى القتل واسترخاص الدم، خاصة اذا ما تحرك هؤلاء الجهلة في محيط سياسي عقد معهم اتفاقية الحماية المتبادلة، فهذا يحمي باسم الدين بتحريم الخروج على ولي الأمر، وذلك يحمي باسم القانون بتجريم من يجرأ على نقد الخطاب الذي يشيعه ” علماء الأمة “.
لقد ادرك افلاطون (427 ـ 347 ) ق.م. قبل آلاف السنين محنة مجتمعاتنا العربية والإسلامية حينما قال:
نحن مجانين اذا لم نستطع ان نفكر، ومتعصبون اذا لم نرد ان نفكر، وعبيد اذا لم نجرؤ ان نفكر.
ومن هنا ندرك في اي مستنقع من الجهل والتخلف والغباء يعيشه ” علماؤنا ” هولاء