في تراث كل الأمم والشعوب وتحديدا في جذرها الفولكلوري ، خزائن معرفية مغلفة إن كاداء موسيقي صرف كعزف بآلات متنوعة او حتى مجاميع يحكى – بضم الياء – انه حتى الحيوانات المستشرسة قد تتناغم معها ( كما حكاية معزوفة قاضي شرو ) * المشهورة ، وفي الواقع هناك تفاصيل كثيرة ولمفردات تحت عناوين لامست قضايا لم تكن مرئية / مشاهدة بالعين ولكنها في عميق النص / النصوص كما شجى الألحان بدت في حركيتها وكأنها بالفعل حيوات حقيقية ناطقة تعيش وتأكل ، تفكر وتفرح كما وقد تعاقب ، وكل حيوياتها واحاسيسها كانت مؤثراتها تنعكس كإيحاء لمدى انعكاس ودرجة القداسة التي تعكسها سوية تلك الرهبة التي قد تكون نتجت بفعل مفرداتها او اصابع وربما نفخ موسيقييها ، ولتتطور مع سياقات المجتمعات حيث ظهرت أشكال تعبيرية كصيغ ابتهالات منها ما تأشكلت رسما او نحتا وإن شاع في الواقع وطغى الغناء الطقسي – الديني منه والبيئي ( الحياتي والمجتمعي ) اخذت ترتل وقد تتشبع بكثير رموز الواقع وضخ لامثال وعبر لحكم كخلاصات تجارب ، وايضا إيحاءات قداسوية ظهرت منذ بدايات الطفرة البشرية ومساغي التحكم والسيطرة على البيىة ، وذلك بحركات متنوعة فيها الوجوم والورع كابتهال قداسوي ولتتطور الى طقوس عبادية مالبثت أن اخذت طريقها إلى أشكال ورموز تدوينية أخرى كالرسم والفن التعبيري / التشكيلي او بطرائق ومفردات نصية سيما بعد مرحلة التدوين الكتابي وتطورها ، تلك النماذج التدوينية التي غطت مساحة لاباس بها في أنماط الحياة المعاشة في ذات السياق الزمني ، والتي ركزت في غالبيتها واستندت على ركائز أساسية تفرعت منها مفاصل متعددة وفق خصائصياتها وانقسمت أيضا إلى مجموعات شكلت بدورها ومن جديد عناوين لمفاصل مستجدة ورئيسة ايضا ولكنها بقيت تتحوط – كبداية – في بيئاتها ولتعود وتتفرع وتتنوع وتؤشكل من جديد ولكن بالإستناد على ركائز ذات البيئات الخاصة فيها ولكنها وإن كانت متفردة إلا أنها في الواقع لم تكن سوى نتاج لتفاعل حقيقي مع متنوعات البيئة الخاصة المحيطة ومن ثم ووفق قواعد وشروط الموائمة من جديد مع حيواتها ، وهنا وبعيدا عن الإسهاب الذي قد يطول بالفعل وكحق مشروط وذلك للحجم الكبير من المعلومات وايضا الفترة الزمنية ، والتراكم المذهل إن كمعلومات او حتى بقايا لنتاجات صمدت وتحدت وحافظت على ديمومتها ، وباختصار وفي العودة الى الجذور وتحديدا الى ما استند عليه فراس السواح كعنوان بارز في مؤلفه ( مغامرة العقل الاولى ) والتي حاول فيها جاهدا محاكاة – ايجاد – بناء ثوابت ومن ثم تدعيمها لإيجاد صيغة بقاعدة معرفية رصينة يرتكز عليها في عملية إعادة البناء الميثولوجي البشري – ومن ثم هيكلة مغامرات عقله الاولى – منذ لحظة تفاعله الحيوي مع بيئته بدءا من زمن الموه – الماء كثقافة – وطغيان الماء وتمدده على غالبية كرتنا الارضية ، كما وبكر البيئات الطبيعية منها والبشرية فيها ، وذلك منذ باكورة عصر المشاع ومرحلة الجمع والإلتقاط ، إلى مرحلة الإلتصاق بالبيئات والخروج من الكهوف الى طفرات البناء الاولى ومساكن العشوائيات التي كانت تبنى من اغصان وسعف الأشجار ، وبالهوينى عبر مراحل طويلة جدا إمتدت لربما الى أحقاب طويلة والتي لم تغب عنها مطلقا عمليات التامل والتفكير الجاد للإنسان الأولي ومن ثم مواجهة البيئة / المحيط وبذل المساعي لفهمها والسيطرة عليها والبحث عن وسائل وسبل الإستفادة منها وتطويعها ، وكذلك سعى جاهدا في البحث بجدية عن المرتكزات التي ساهمت / وسهلت له آلية انفصاله عن الطبيعة ومن ثم تطويعها واستغلالها ، هذه المراحل التي تمت عنونتها بحثيا بتلك المراحل السحيقة من عمق التاريخ والتي تتالت زمنيا بعد عبور الإنسان وتجاوزه لمرحلة الإندهاش – الدهشة الكبرى ، والتي ظلت ترافق ذلك الإنسان البدائي ، وكعنوان ايضا لمرحلة تداخل فيها الذهول والإستغراب اللذين ترافقا مع الرهبة الشديدة الى درجة الخنوع ومن ثم بداية المأسسة الحقيقية لمشاعر اودت الى تنامي مفهوم القداسة ومن ثم تطويب كل ما توقف فيه العقل عن : الإستيعاب أوالتفكير ، والتي اثرت لابل وحدت كثيرا أيضا في آلية التفاعل معها ، هذا الذهول والرعب المرافق وفي البيئة الكردية جذرا وكإستهداف فإن المعني هنا هي المجموعات البشرية التي وجدت او زحفت واستقرت في جغرافية ميزوبوتاميا ( بلاد مابين النهرين ) والتي تفاعلت مع بيئتها هذه وتوسعت وكأمر طبيعي ارتقت أيضا في تفاعلاتها المجتمعية ومن ثم مغامراتها العقلية على ارضية طقسية تحوطت بنمط الحياة وتعدد اشكالها ووفق قوانينها المرتكزة على قواعدها المكتسبة والتي كانت تتنامى وتكتسب وبعبارة ادق تضيف تجارب جديدة يوما بعد يوم سواء منها الزراعية ، او تدجين الحيوان ، وكبداية تركز الإهتمام بالإستقرار الفصلي / الطقسي والتنقل كتوافق لنمط العيش ومن جديد كانعكاس لمجتمعات رعوية تزحف الى حيث الكلأ والماء ومن ثم تحولات او بدايات الإستقرار البيئي وانقسام البشر بين ( كوجر ) و ( ديمانا ) اي الرحل والمستقرون ، هذه التحولات لم تأت كنتاج لزمن قصير كما مشاهد فيلم بقدر ما كانت نتيجة تراكمات لعمليات بنيوية رافقت الإنسان البدئي كأفراد وأسر ثم مجموعات والتي تفاعلت بينيا و مع البيئة وفي الاساس على أرضية صراع عنيف ومتشابك مع الحيوات من اجل البقاء ، وهذا الهدف بالأصل هي القاعدة التي نمت عليها نواميس الحظر من جهة وتعزيز وسائل الدفاع للحفاظ على اشكال الحياة من جهة ثانية ، وامل كما وسبل العيش وأصبحت الركيزة التي تلزم البشر إن وتفرض عليه شروطه في التنقل او الإستقرار ، وكظاهرة طبيعية وبالتوافق مع هذه الخاصية وكمجتمع يعتمد على الكلأ والماء فلاغرو أن تطغى الحالة الفصلية على ثقافته وكإنعكاي مجددا لأشكال – انماط الحياة ومعها التقسيم المناخي والتي توافقت عبر الازمان مع نمط وطبيعة الإنتاج الزراعي منه وتدجين كما تربية الحيوان ، وبالتالي تراتبيات الفصول ومتلازماتها من جهة اخرى ، وانطلقت كمقدمة وعلى قاعدة مبدأ الخصوبة التي أصبحت الركيزة الاساس في فهم دورة كما تجدد الحياة واستمراريتها لجميع أشكال الحياة الموجودة والتي بدورها استمدت – استندت كما دورات الحياة البشرية وعلى قاعدة التكاثر ( البذرة والنمو ) ، ومن جديد : – أرى – من الضرورة للعودة الى ذات الركيزة وأسطورة الخلق التي تعددت فيها مشاربها ووفق خصوصياتها – رغم الإختلافات القليلة التي بنت عليها ركائز وعيها وثقافاتها ومجددا بالإستناد على ذات نمط الإنتاج ، وهنا وفي تجاوز تنظيري وفي عودة متأنية إلى الخاصية الكردية ، والتي يفترض بها ان تكون وكامر بديهي وطبيعي منسجمة مع واقعها المعاش التي سيفترض بأنها عمليا أرتكزت على مفرزات نمطها الطقسي / المناخي السائد للمجاميع البشرية والتي كانت لم تزل تتنقل وتتقي بالكهوف او ماشابه ، ومن مساعيه البدئية في الإستقرار وبناء واقيات مما تجود به الطبيعة من سعف واوراق كما جذوع الشجر والتي مهدت زمنيا إستقرارا مؤقتا ومن ثم الى الدائم وبداية ظهور البيوت ! ، وهنا لابد من التنويه لأمر هام وحيوي تخص ذات البيئة بطبيعتها الجغرافية وإمكانية العيش والبقاء حيا لا لوفرة ظروف المعيشة من شرب وطعام بقدر الظروف التي تضمن البقاء حيا في مواجهات الصراعات البينية كما والحيوات الاخرى من اجل البقاء ، ومن جديد ايضا دورات وتراتبيات الطقس المناخي السنوي الموازي او ما اخذ يعرف بالفصول ولتتأشكل في الوعي الجمعي مسميات بمراحلها الزمنية للفصول وتتوائم بالطبع مع مظاهر الدورة الحياتية لمجمل الماهيات والحيوات الموجودة ، وطبيعي هنا ان تكون لدورة الحياة المكانية مؤثرها الاساس حتى في تراتبية بدء / ولادة الإنسان فتبتدئ بفصل الشتاء الذي يؤسس او وبصورة اوضح ( حيث يقوم الإله الأب آبسو بمضاجعة الإلهة الأم ويلقحها ولتبدأ سلسلة الآلهة الأبناء ) ويزيد الإله من نسل ابنائه الآلهة وتتعدد المهام والوظائف و : تنتظم دورة الحياة التي تتجدد وبدقة متناهية بسريالية منظمة تبتدئ بزمن اللقاح / الخصوبة ومن ثم لتنمو تلك البذرة – الطفرة في الباطن وتينع وتثمر في الربيع ويحين اوان النضج والجني في الصيف وهكذا دواليك ، وعلى هذا الهدي وجدت دورتان رئيسيتان كموائمة واشتقاق / تقاص مع دورتي الحياة والموت ، هذه السمات التي واكبت من جديد في الوعي الطقسي كإطار – نتاج عام توافقا وكنقطة ارتكاز رئيسة على وسائل وسبل تطور اشكال البناء المجتمعي ، هذه البنى التي تأسيت وراكمت من مداركها وحيواتها عبر عصور وسنين بعيدة ومن ثم أفرزت بعد ان راكمت خبرات ومفاهيم بيئية – طقسية كثيرة ، اختلفت باختلاف مظاهر وانماط التشكلات المجتمعية وطرائق العيش ولكنها ووفق غالبية الدراسات الانتربولوجية وتراكم دلائل لاتعد ولا تحصى والتي تودي بكل المفاهيم والدراسات الى عناوين حيوية تتقاطع كلها في الجذر الأساسي للبناء الثقافي البشري ، لابل ومن اهم عوامل ومكونات لا التأسيس الحياتي بقدر ماهو السر الوجودي لها ، وعليه فلا غرابة مطلقا ان تكون اس الحياة والمادة – العنصر الأهم في الديمومة والحفاظ على التجدد ، وهنا وفي خاصية التراث والثقافة الكرديتين وفي العودة الى اعماق التاريخ سنرى مدلولات لعناوين بارزة وقد بنيت حكاياها وهي ترتكز على العمق الرافدي وتعتصر من ذات ينابيع وسواقي كما انهار مائها ،
لابل فقد تقمصتها في الواقع وبتماه وانسجام كليتين وباتت غالبية طقوسها الفولكلورية ترتكز وباندماج كلي عليها وفيها ، وهناك المئات من الاساطير والحكايا التي تلف وتدور لتعود الى ذاتها ثقافة الموه ، وتلك العلاقة الجدلية بين الموت والحياة والماء والجفاف ، الامر الذي سيدفعنا مجددا للعودة الى مفردات الجذر الفولكلوري ومن ثم طقسية البناء الثقافي للوعي المجتمعي الكردي والتي يزخر بها الفولكلور الكردي والعشرات من الحواديت والقصص الكردية الماثورة – استعرضت شخصيا عددا منها من خلال صفحات هذه الجريدة وكذلك وبشكل مفصل سواء باللغة الكردية واكثرها بالعربية ، هذا المفهوم بتعابيره الفولكورية الميثولوجية والتي دخلت وترسخت وعلى شكل رموز واضحة إن في القص او الغناء وحتى في اللوحات الراقصة واندمجت وبتعاريف طقسية واضحة فيها ، ولينشطر الجذر الفولكلوري الكردي بحد ذاته طقسيا إلى قسمين ( بوهاريا ) و ( بيظوك ) حيث اتخذ بيظوك دورتي الخريف والشتاء و ( بوهاريان الربيع والصيف ) ، ومن جديد وفي العودة تفصيلا إلى ذات المتوالية والى الجذر الفولكلوري الكردي خاصة لمقامات بيظوك وهذا المقطع ( سري كلامي اليف وبي يا شكر و نبات ژ هندينا .. ما .. تكسي ديتيا ماصيين دبن حفت بحرا دا بمري ژ تيهنا ) … ومن خلال هذا الأنموذج الطقسي وجدلية الحياة والموت وتتدرجها في الفهم البشري وربط الإرث اليومي وعودة إلى ذات المفهوم أي – الإينو ماليش – اسطورة الخلق وظاهرة القص والحكايا الشعبية والتي تبتدئ عادة ب ( جاركي چ جارا .. ) ومدلولي ( دما ب باني ڤا جو ) او ( دما ب خوار ڤا داكت ) وكذلك ظاهرة المتضادات الشخصانية اي المتناقضات على قاعدة السيء ام الجيد أو الخير والشر ، ويبقى هناك دائما ظاهرة التاثير والمؤثر كما والتقاطعات المهمة وخاصة في التأثير والتأثر ، وفي عودة ولو سريعة في نوع من التقاص والمقارنة بين الموروث الهندي والمتداول ميثولوجيا بين المجموعات البشرية الرافدية ، وظاهرة الثنائية او ما يمكن تحديدا توصيفها بانعكاس الإثر الملحمي الرافدي في الثقافة والفولكلور الكردي وبشكل خاص في الجانب الملحمي : افلا يمكننا وباختصار الموائمة بين ( جلجامش وانكيدو ) و ( سيامند و قره كيتران ) حتى في التقاطع في بعض الأنساق كما والنمط البيئي من خلال ( بظ كيفي ) و :ايضا هيمنة القوة المفرطة غير المنضبطة و : الاهم نمو وتطور تلك البينية العنيفة والمفرطة في العنف واستخدام القوة وتصقلها تنظيميا حتى في بنى المجتمع ولنا في ( مم وزين ) والمآلات التي اقتيدت إليها بشخصنتها من جهة وهذه الشخصنة التي جذرت كمضمون حقيقي لفلسفة الوجود وركيزة الحياة الاساس في عالمنا وكتلخيص مكثف – ديكومنتي ومن جديد إلى حيث ثقافة – الموه – اي الماء ( مم ) و ( ژين ) الحياة .. وهنا وفي عودة سريعة كتلخيص لذلك الشطر من اغنية مالامن ( سري كلامي أليف و بي يا شكر و نبات ژ هندينا ما تكسي ديتيا ماصيين دبن حفت بحرا دا بمري ژ تيهنا ..) ويبقى للحديث تتمة وكوجهة نظر مقارنة بين الإينوماليش والماهيات في التراث الكردي والعلالي وبشكل خاص مقولة ( demand bi banî ve ço ) وذات النمط في الإينوماليش ( اسطورة الخلق ) او حينما في العلالي ، وايضا التقاطع وفي بعضها التناص بين سيامند وقره كيتران وجلجامش وانكيدو .
….
يتبع
– يحكى حول قصة معزوفة قاضي شرو وذلك نقلا عن واحد من جزيرة بوطان لا يحضرني اسمه وقد حكاها في ديريك بالسبعينيات وأيضا على لسان الفنان الكردي الأشهر عزفا الراحل سعيد يوسف بأن أصل هذه المعزوفة تعود لعازف شهير كان اسمه قاضي شرو وقصتها تعود إلى أن العازف قاضي شرو كان في رحلة تجوال بالقرى كدرويش يبحث عن رزقه وفي إحدى المرات كان قد أمضى عدة أيام في إحداها وقرر مغادرتها وكان الوقت ليلا فاجتمع من حوله القرويون ينهونه عن ذلك ومؤكدين بوجود حية عملاقة تقتل الإنسان وتبلعه وهي تستقر في محيط القرية ، ولكنه أصر وصمم على ذلك وتمكن النفاذ من طوق اهالي الضيعة وسار في طريقه إلى أن وصل إلى المحجر الذي يختفي فيه الثعبان ، وماهي إلا دقائق حتى فاحت في الأفق رائحة كريهة وهي متعارفة عليها بأنها فوح يشي بوجود هكذا آفات والأدهى بانها واحدة من اهم انذارات الإنقضاض . تسمر قاضي شرو بمكانه وأيقن بأنه بات طعاما مستثاغا للآفة ومع إقتراب الثعبان الآفة منه ، جلس شرو القرفصاء والحية تتموضع لتتخذ وضعية القنص ، و .. تناول قاضي شرو آلته الموسيقية – البزق – ودندن قليلا على الآلة ومن ثم أخذ مسار المعزوفة التي اشتهرت بإسمه واستمر يلعب بالاوتار وركز على ذات اللحن يكررها والثعبان بدأ كمان يطلب المزيد وصدى اللحن يرتفع بالهوينى حتى وصلت القرى المحيطة ومالبث الثعبان أن غط في نوم عميق ، وقاضي شرو وصل إلى مبتغاه وإذ بكل أهل القرية ينتظرونه وقلوبهم تتقطر خوفا عليه .. والحكاية مصادرها عديدة من قرى سنجق حتى سنجار وغيرها .