كانت الانتخابات الأخيرة للحكومة الإقليمية الكوردية في العراق ذات أهمية كبيرة. فعلى الرغم من وجود 21 مرشحًا دينيًا ضمن مئات من بقية المتنافسين على المائة مقعد برلماني، الا ان المرشحين الدينيين لم يتمكنوا تأمين حتى مقعد واحد في البرلمان الكوردي.
إن هذا الرفض الشامل للمحاولات الدينية للتغلغل داخل النظام السياسي الكوردي يعكس بوضوح النفور الهيكلي للرأي العام الكوردستاني ضد جميع أشكال التدخل الديني في السياسة. لم يكن هذا الاتجاه قد نشأ فجأة، بل كان نتيجة لانفجار الإسلام السياسي على مدى العقود الأربعة الماضية منذ وصول نظام الخميني الي حكم ايران.
هناك ستة أسباب رئيسية لرفض الإسلام السياسي في كردستان:
- i. رد الفعل ضد داعش: لقد تركت الفظائع التي ارتكبها داعش ندبة عميقة في كردستان، وخاصة بين المجتمع اليزيدي، مما أدى إلى رد فعل عنيف ضد التطرف الديني.
- ii. الحكم الشيعي الفاسد في العراق: واجهت الحكومات التي يقودها الشيعة في العراق انتقادات بسبب الفساد وعدم الكفاءة، مما أثر على الناخبين الأكراد ليبتعدوا عن المرشحين المنتمين إلى التيارات الدينية بغض النظر عن نوع المذهب المنتمون اليه.
iii. حكم آيات الله في إيران: اتسم الحكم الديني في إيران تحت حكم آيات الله بالسيطرة الدينية الصارمة والقمع السياسي، وهو ما يشكل عاملاً آخر يدفع الناخبين الأكراد نحو العلمانية.
رابعاً. الحكم الإسرائيلي: إن أسلوب الحكم الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري كدولة ذات توجه ديني وسياساتها التمييزية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها في غزة على مدى الأشهر الثلاثة عشر الماضية قد أرسلت بالتأكيد رسالة سلبية إلى العالم بأسره وشوهت صورة الدولة اليهودية ليس فقط في العالم العربي وانما في جميع ارجاء المعمورة.
خامساً. الهيمنة الإسلامية السنية لحماس: ساهمت سيطرة حماس على غزة وقرارها المنفرد بشن هجوم 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل الي التسبب في تدمير غزة واستشهاد أكثر من مائة ألف فلسطيني. هذه الاحداث والمأسي الملحقة بها قد ولدت ردود أفعال عربية وإسلامية متسائلة عن جدوى القيام بما يسمى ب “طوفان الأقصى” نتيجة قرار حماس أي (حركة المقاومة الإسلامية) لوحدها لان المنظمات الدينية عموما هي دكتاتورية الطابع وترفض كل ما هو مختلف عن افكارهم .
سادسا. وأخيراً وليس آخراً، الشكوك حول الزعماء الدينيين الأكراد لارتباطهم بالجمهورية الإسلامية في إيران أو المملكة العربية السعودية. هذه الشكوك يمكن ترجمتها بالخيانة في الشارع الكوردي.
اذن رفض الرأي العام الكوردي القاطع للمرشحين الإسلاميين الواحد والعشرون لم يكن اعتباطيا ولا وليد الساعة وانما نتيجة تراكمات الماضي .
السيد صباح داراالمحترم.
تحية.
للاطلاع:
أحسنت اختيار الموضوع وأبدعت في التعبير عن فشل الاسلامويين الكردستانيين وتفسيره.
الله يسمع من حلكَك!
نتطلع الى قراءة خبر مماثل عن فشل القومجِيين الكردستانيين
محمد توفيق علي