طهران التي لا تتعظ- منى سالم الجبوري

 

الاوضاع الحالية في المنطقة يمکن تشبيها بالسفينة القديمة التي کلما تسد ثقبا فيها ينفتح ثقبا أو حتى ثقوبا أخرى. بعد هجمة ال7 من أکتوبر التي کلفت غزة کثيرا وتداعت آثارها السلبية على المنطقة وبعد الذي جرى في لبنان ووصولا الى وقف إطلاق النار فيها، إنفجرت الاوضاع في سوريا مرة أخرى وکأنها تعيد الامور الى مربع 2011!

أکثر ما قد لفت النظر في هذا التطور الجديد هو التحرکات الايرانية المتسارعة من خلال جولة وزير الخارجية والتي رافقتها أيضا تصريحات إيرانية صريحة بالوقوف الى جانب بشار الاسد وعدم التخلي عنه، والملاحظ إن النظام الايراني وبالاخص بعد أحداث غزة ولبنان، صار يحرص کثيرا على الاهتمام بالتحرکات والجولات الدبلوماسية والتعويل عليها وهو مايدل على إن النظام لم يعد يبادر للنشاطات العسکرية خصوصا بعد أن ظهر العديد من المستجدات والتطورات على الاوضاع والامور في المنطقة بما جعلها مختلفة عن السابق.

في الوقت الذي يسعى النظام الايراني أن يبدو أمام المنطقة والعالم بمظهر الناصح الامين والحريص على السلام والامن في المنطقة، لکن ماضيه المتخم بالتصرفات الخرقاء والتدخلات غير العادية يجعل الجميع يرتابون ولا يثقون به، ذلك إن المعروف عن هذا النظام إنه وفي الاوقات التي يشعر فيها بالخطر المحدق به وإن الاوضاع ليست لصالحه، فإنه يکثر من التعويل على العامل السياسي وليس العسکري، لکنه وعندما يتلاشى أو ينتهي الخطر فإنه يعود لسابق عهده.

مهما حاول النظام الايراني وبذل من جهود لکي يجعل المنطقة والعالم يثقون به ويعتمدون عليه کعامل إيجابي لإستتباب الامن والسلام في المنطقة، فإن جهوده ليست إلا مجرد هواء في شبك، إذ أن الذي يلفت النظر ليست تصريحاته المتسمة بالوداعة ولا تحرکاته وجولاته السياسية وإنما إن کل ما يحدث في المنطقة من أحداث وتطورات يرافقها الدمار وسفك الدماء، يرتبط بصورة وأخرى بهذا النظام الذي لم يعد بإمکان إخفاء حقيقة ما کان يخطط له حتى يبقي المنطقة في النهاية تحت نفوذه وهيمنته.

الصدمة التي واجهها النظام الايراني وحلفائه، هي إن ما جرى لوکيليه في غزة ولبنان، لم يثر الاحزان والشجون ولم يدفع للتعاطف معهما بل وحتى إن العکس صحيح، وفي ذلك عبرة لايبدو إن النظام الايراني يريد الاتعاظ منها لحد الان، بدليل إنه لازال يريد أن يبقى في سوريا کسيف ديموقليس في حين إن المنطقة والعالم صارا يستعدان لمنطقة تستعيد أمنها وإستقرارها وتعود لذلك العهد الذي لم يکن فيه تدخلات إيرانية، وحتى إن الحديث عن هذا الموضوع صار يزداد ولکن لايبدو إن طهران مستعدة لحد الان للإستماع لذلك وعوضا عنه تصر على مواصلة دورها وبذلك فإنها تريد أن تبقى خارج السرب وهذا مايدفع بالضرورة للتفکير بمستقبل المنطقة من دونها وهذا على الاغلب ما سيحدث!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *