تركيا وفوبيا القضية الكردية! – درباس إبراهيم

العداء التركي ضد الأكراد سواء داخل تركيا أو خارجها تفاقم مع تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك سنة 1923. تبنت الدولة التركية الحديثة سياسة “تركيا الموحدة” التي حاولت فرض الهوية القومية التركية على جميع المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم العرقية. أدت هذه السياسة إلى تهميش الأكراد، الذين قوبلوا بالقمع عندما طالبوا بحقوقهم السياسية والثقافية والإنسانية. ونتيجة للاضطهاد والقمع والملاحقة والتمييز العنصري، نشأت عدة ثورات كردية في تركيا، مثل ثورة شيخ سعيد بيران وثورة درسيم.
إن الجمهورية التركية سعت، ولا تزال، لإحباط أي تحرك كردي، سواء في العراق أو تركيا أو إيران أو سوريا، إذ تراهم تهديدًا مستمرا. من هنا، فإن مشكلة تركيا الأساسية تتعلق بالقضية الكردية حصراً. لديها فوبيا من الوجود الكردي، ليس في سوريا فقط، بل حتى لو كانت القضية الكردية في المريخ، ستظل تحاربها. وبسبب سياساتها العنصرية، ارتكبت تركيا مذابح بشعة ضد الأكراد.
قبل أسابيع، وفي الوقت الذي كانت أنظار العالم تتجه صوب دمشق لمتابعة سقوط الأسد، كانت تركيا تستعد لتوجيه مليشياتها المتطرفة للهجوم على الأكراد، بحجة محاربة الإرهاب. مع ذلك، إذا أخذنا بالادعاء التركي الحالي حول خوفها من وجود الإرهاب على حدودها السورية، وغفلنا عن حقيقة أن تركيا كانت محطة عبور لتنظيم داعش إلى سوريا، وذهبنا مع وجهة نظرها التي تصنف حزب العمال الكردستاني كقوة إرهابية يجب التخلص منها، رغم أنها تحاول عقد صفقة مع زعيمه “عبدالله أوجلان” في الأشهر المقبلة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف لدولة تدعي الخوف من الإرهاب المتواجد في سوريا، وفي نفس الوقت ترسل وزير خارجيتها ومخابراتها إلى دمشق لمقابلة الجولاني، الذي ما زال على قائمة الإرهاب الدولية؟ والأبشع من ذلك هو أن تركيا زودته بعناصر متطرفة من الإيغور والتركستانيين والطاجيك والأوزبك، ناهيك عن التسليح. نعم، تركيا دعمت معظم الجماعات الإرهابية المتطرفة في سوريا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر! من هنا ندرك ما هي معايير الإرهاب عند تركيا. فالكردي، الذي يطالب بحقوقه، بغض النظر عن انتمائه الحزبي، وموقعه الجغرافي، يُصنف كإرهابي عند تركيا، بينما عناصر تنظيم القاعدة والنصرة وبقية الجماعات المتطرفة يعتبرون أصدقاء لها، أو قوة “إنكشارية” يقودها السلطان التركي لتحقيق طموحاته وأحلامه. ولمن لا يعرف ما هي الإنكشارية، فهي قوة عسكرية تأسست في العهد العثماني، أفرادها من أسرى الحروب، من الأطفال اليتامى الذين يتم فصلهم عن أصولهم، ويتم تربيتهم تربية “إسلامية عثمانية”، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، وأن تكون الحرب هي مهمتهم الوحيدة. يسيرون خلف السلطان، وينفذون أوامره دون تردد، تمامًا كما تفعل اليوم الفصائل التي تقاتل تحت الجناح التركي.
إن تركيا بارعة في استخدام سياسة “فرق تسد” بين العرب والأكراد، لا سيما في المناطق السورية المختلطة، وهي تلعب على هذا الوتر منذ سنوات، وتسعى جاهدة إلى إشعال حرب أهلية بينهما. في الحقيقة، لولا وجود التحالف الدولي في سوريا، لمسحت تركيا المدن والقرى الكردية من الوجود.  لذلك، ينبغي على دول التحالف أن تضع حدا لسلوك تركيا المتطرف ضد الشعب الكردي، وألا تفرط في دماء الشباب (الكردي، والعربي) الذين استشهدوا في المعارك التي خاضوها جنبًا إلى جنب مع التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي، وأن تلتزم بمبادئها الإنسانية والإخلاقية تجاه الشعب الكردي، الذي يتعرض اليوم إلى تمييز عنصري من قبل تركيا.

2 Comments on “تركيا وفوبيا القضية الكردية! – درباس إبراهيم”

  1. تساؤلات:
    1. لماذا تركيا لم تقضي على مكاسب العراقيين الكورد باقليم كوردستان الفدرالي بالعراق.. في حين تنوي القضاء على (قسد) الكردية.. بسوريا رغم ان امريكا تقيم قواعد لها بمناطقهم؟
    2. تصريحات القيادات القومية الكردية التي تدعو للانفصال (الاستقلال).. علنا.. ومنها استفتاء البرزاني لاستقلال الاكراد بالعراق قبل سنوات.. رغم ان امريكا طلبت منه تأجيل الاستفتاء.. هذا يغذي فوبيا الكورد عند الاتراك..
    3. لماذا لا يدعو الكورد لحقوقهم باقليم فدرالي .. ولا يطرحون الانفصال (الاستقلال).. ويكونون بحماية الدول الوطنية التي ينتمون لها..
    4. ماذا جنى القوميين العرب من دعوتهم لدولة قومية عابرة للحدود من المحيط للخليج.. وماذا جنى الاسلاميين السنة ودعوتهم لدولة الخلافة عابرة للحدود داعش.. وماذا جنى دعاة ولاية الفقيه من دولتكي يا ايران من طهران للمتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان.. غير سقوط حزب الله بلبنان.. وهروب بشار الاسد البعثي من دمشق.. واليوم النظام الايراني نفسه مهدد بالزوال..
    فلماذا لا يتسفاد القوميين الاكراد .. من تجارب غيرهم.. لماذا لا يندمجون بالهوية الوطنية العراقية.. وبالهوية الوطنية السورية.. ويعقدون مؤتمرا عاما يعلنون تخليهم عن (الاستقلال- الانفصال)..
    مجرد تساؤلات..
    تحياتي..

  2. مقال ثمين وراي وتحليل صائب ودقيق . الكورد فى تركيا يطالبون بحقوقهم المشروعه فى العيش بسلام وحرية وكرامة اسوة بباقى شعوب وامم الدنيا ونظام الطاغيه الماكر اوردوغان يستخدم ارهاب الدوله لقمعهم ويتهمهم بالارهاب ظلما وبهتانا ويحاول ابتزاز العالم وتضليلهم . القضية الكورديه تؤرقه وتقض مضاجعه لانها قضية حق ولا يمكن ان يضيع حق وراءه مطالب مهما طال الزمن وكبرت التضحيات فلا بد لليل الكورد ان ينجلى ولا بد لقيدهم ان ينكسر وسيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون تحية للكاتب

Comments are closed.