اللغة السريانية في قلب الجدل: تصريحات وزير الثقافة السوري بصدد أعتبار اللغة السريانية لهجة عربية تثير استياءً واسعاً

أثارت تصريحات وزير الثقافة السوري، محمد صالح ، حول اللغة السريانية جدلاً واسعاً بعدما وصفها بأنها “إحدى لهجات اللغة العربية”، مضيفاً أن كلمة “سوريا” مشتقة من كلمة سريانية تعني “السادة”، وأنها أصل كلمة “Sir” في اللغة الإنجليزية. هذه التصريحات اعتبرتها مؤسسة ثقافية سريانية “غير دقيقة ومضللة”، وطالبت بتصحيح الرواية الرسمية والاعتراف بالسريانية كهوية لغوية وثقافية مستقلة.

ردود الفعل السريانية

من جانبها، أدانت مؤسسة “أولف تاو” للغة السريانية هذه التصريحات بشكل قاطع، واصفة إياها بأنها “ادعاءات لا تستند إلى أي أساس علمي أو تاريخي موثوق”. وأوضحت المؤسسة أن اللغة السريانية هي لغة مستقلة بذاتها، لها تاريخ عريق يمتد لأكثر من ألفي عام، وكانت اللغة التي تحدث بها السيد المسيح، كما لعبت دوراً محورياً في الحضارة الشرقية عبر العصور.

واعتبرت المؤسسة أن تصريحات الوزير ليست مجرد “زلة غير مقصودة”، بل تعكس “نهجاً خطيراً في تهميش التنوع الثقافي السوري”، وتقليل من شأن المكونات الأصيلة للمجتمع السوري، وعلى رأسها الشعب السرياني.

الطلبات الرئيسية للمؤسسة

في بيانها، طالبت مؤسسة “أولف تاو” بما يلي:

  1. الاعتذار العلني : إصدار اعتذار رسمي من وزير الثقافة عن تصريحاته التي وصفتها بأنها مسيئة للهوية السريانية.
  2. تصحيح المعلومات : العمل على نشر معلومات دقيقة حول اللغة السريانية وتاريخها، سواء عبر وسائل الإعلام أو المؤسسات التعليمية.
  3. الاعتراف الرسمي : الاعتراف باللغة السريانية كلغة وطنية وثقافة تاريخية أصيلة، ودمجها في السياسات التعليمية والثقافية في سوريا.
  4. احترام التنوع : ضمان احترام التعدد الثقافي واللغوي والديني في سوريا، والابتعاد عن أي خطاب إقصائي أو إنكار للهويات المتجذرة.

أهمية اللغة السريانية

اللغة السريانية ليست مجرد لغة بل هي مكون أساسي من الهوية الثقافية والدينية للشعب السرياني، الذي يعتبر من أقدم الشعوب المقيمة في منطقة الشرق الأوسط. تُعد السريانية لغة الطقوس الدينية لدى العديد من الكنائس المسيحية الشرقية، ولعبت دوراً كبيراً في نقل المعرفة بين الحضارتين اليونانية والعربية خلال العصور الوسطى. كما أنها كانت لغة التواصل بين العديد من شعوب المنطقة قبل ظهور الإسلام وانتشار اللغة العربية.

الخطورة في التصريحات الرسمية

تصريحات وزير الثقافة السوري أثارت القلق بشأن النهج الذي تتبعه الحكومة الجديدة في التعامل مع التنوع الثقافي في البلاد. ففي وقت تحتاج فيه سوريا إلى تعزيز الوحدة الوطنية من خلال الاعتراف بتعددية مكوناتها، قد يؤدي مثل هذا الخطاب إلى تعميق الانقسامات وإثارة الاستياء بين المكونات غير العربية.

تصريحات وزير الثقافة السوري حول اللغة السريانية كشفت عن فجوة كبيرة في فهم التنوع الثقافي والتاريخي في سوريا. ومع أن تصحيح هذه المعلومات قد يكون خطوة أولى نحو معالجة المشكلة، فإن الأمر يتطلب جهوداً أكبر لضمان احترام جميع هويات المجتمع السوري. الاعتراف بالسريانية كجزء أصيل من التراث السوري ليس فقط واجباً وطنياً، بل أيضاً خطوة نحو تعزيز التعايش والوحدة في مرحلة ما بعد الحرب.