الجولاني يبسط نفوذه في الجنوب السوري: السويداء والقنيطرة الهدف القادم.

يبدو أن أبو محمد الجولاني ، زعيم هيئة تحرير الشام (HTS)، يواصل توسيع نفوذه نحو المناطق الجنوبية من سوريا، مستغلًا الفراغ الأمني والتوترات المحلية بين الفصائل المسلحة والمكونات الاجتماعية. الخطوة الأحدث كانت دخول قوات الأمن العام إلى مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، بعد مواجهات مع قيادات سابقة مرتبطة باللواء الثامن بقيادة أحمد العودة . هذه التطورات تشير إلى استراتيجية واضحة للسيطرة على المدن الجنوبية، بما في ذلك السويداء والقنيطرة ، حيث تتواجد غالبية سكانية من الدروز.

أحداث بصرى الشام: نقطة انطلاق نحو السيطرة

دخلت قوات الأمن العام التابعة لوزارة الدفاع السورية الجديدة إلى مدينة بصرى الشام بعد أيام من التوترات الأمنية التي أعقبت مقتل القيادي في وزارة الدفاع، بلال الدروبي ، على يد مجموعة تابعة للواء الثامن. الحادثة أثارت موجة غضب داخلية وأدت إلى تصعيد عسكري وأمني في المنطقة.

الاتفاق الجديد: نشر نقاط عسكرية

وفقًا لمصادر محلية مثل “تجمع أحرار حوران”، تم التوصل إلى اتفاق بين قيادات في الأمن العام ووزارة الدفاع واللواء الثامن خلال اجتماع عُقد في قلعة بصرى . بناءً على هذا الاتفاق:

  • سيتم نشر 6 نقاط عسكرية تابعة لوزارة الدفاع في مدينة بصرى الشام.
  • طُلب تسليم المطلوبين المتورطين في قضية مقتل بلال الدروبي .

هذا الاتفاق يعكس رغبة الجولاني في فرض سيطرته بشكل تدريجي على المناطق الجنوبية، عبر تعزيز وجوده العسكري والأمني وتقويض النفوذ المحلي للفصائل المسلحة مثل اللواء الثامن.

الخطوة القادمة: السويداء والقنيطرة

بعد تحقيق تقدم في بصرى الشام، يبدو أن الجولاني يستعد لتوسيع نفوذه نحو مدن أخرى في الجنوب السوري، وخاصة السويداء والقنيطرة ، حيث تقطن غالبية من الطائفة الدرزية. هذه المناطق تكتسب أهمية استراتيجية كبيرة لأسباب متعددة:

  1. السويداء: مركز الدروز في سوريا
    • السويداء تعتبر معقل الطائفة الدرزية في سوريا، وهي منطقة ذات طابع خاص يتمتع بقدر كبير من الاستقلالية عن النظام السوري السابق.
    • الجولاني قد يسعى إلى استمالة المجتمع المحلي عبر تقديم نفسه كضامن للأمن والاستقرار، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع الفصائل المحلية مثل “رجال الكرامة”.
  2. القنيطرة: منطقة حدودية مع إسرائيل
    • القنيطرة تقع على حدود مرتفعات الجولان المحتلة، مما يجعلها منطقة استراتيجية بالنسبة للجولاني في مواجهة النفوذ الإسرائيلي.
    • السيطرة على القنيطرة ستمنح الجولاني القدرة على تعزيز نفوذه في الجنوب وإظهار نفسه كقوة فاعلة في التعامل مع القضايا الإقليمية.

التحديات في الجنوب السوري

رغم التقدم الذي يحققه الجولاني في الجنوب، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجهه:

  1. المقاومة المحلية
    • المجتمعات المحلية، خاصة في السويداء، قد ترفض أي محاولات للسيطرة الخارجية إذا شعرت بأنها تهدد استقلاليتها أو حقوقها.
    • فصائل مثل “رجال الكرامة” قد تتصدى لأي محاولات لفرض نفوذ جديد.
  2. التوترات مع إسرائيل
    • السيطرة على المناطق القريبة من مرتفعات الجولان قد تؤدي إلى تصعيد مع إسرائيل، خاصة إذا اعتبرت تل أبيب أن الجولاني يشكل تهديدًا لأمنها.
  3. المعارضة من الفصائل المحلية
    • الفصائل المسلحة مثل اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة قد تستمر في مقاومة محاولات الجولاني لفرض سيطرته.

الرسائل السياسية والإقليمية

تحركات الجولاني في الجنوب السوري تحمل رسائل واضحة:

  1. إعادة تشكيل الجيش السوري :
    نشر النقاط العسكرية ودمج الفصائل المحلية في الهيكل الجديد يهدف إلى توحيد القوات تحت قيادة مركزية موالية له.
  2. التقارب مع تركيا :
    الجولاني يعتمد على دعم تركيا لتحقيق أهدافه في الجنوب، ويحرص على عدم إغضاب أنقرة بأي خطوة قد تؤثر على العلاقات الثنائية.
  3. مواجهة النفوذ الإيراني والإسرائيلي :
    السيطرة على الجنوب تهدف أيضًا إلى تقليل تأثير إيران وإسرائيل في المنطقة، مما يعزز مكانة الجولاني كلاعب رئيسي في المشهد السوري.

الخلاصة

دخول قوات الأمن العام إلى بصرى الشام وما يليه من خطوات نحو السويداء والقنيطرة يعكس استراتيجية واضحة للجولاني لبسط نفوذه في الجنوب السوري. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تحمل مخاطر كبيرة، خاصة في ظل التحديات المحلية والإقليمية. يبقى أن نرى كيف سيتعامل الجولاني مع هذه التحديات وما إذا كان سيتمكن من تحقيق أهدافه دون إشعال المزيد من النزاعات في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *