أفادت مصادر حقوقية، الأحد، بأن السلطات التركية أفرجت عن مجموعة من السوريين الذين اعتقلتهم في مدينة سري كانيه/رأس العين أواخر عام 2019، عقب عملية عسكرية سيطرت خلالها على مناطق شمالي سوريا. المجموعة المفرج عنها، التي تضم سكانًا عربًا من أهالي سري كانيه، تم ترحيلهم إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم السبت، ومن المتوقع أن يصلوا إلى مدينة الحسكة لاحقًا اليوم.
اعتقال وترحيل غير قانوني
- الاعتقالات والنقل القسري :
منذ العملية العسكرية التركية في سري كانيه وتل أبيض عام 2019، اعتقلت تركيا عشرات السوريين بتهمة الانتماء إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) . وقد تم نقل هؤلاء المعتقلين إلى السجون التركية، حيث قضى بعضهم سنوات طويلة خلف القضبان. - سجن “حلوان” في ولاية أورفا :
المصادر أكدت أن المجموعة المفرج عنها كانت مسجونة في سجن “حلوان” بولاية أورفا جنوبي تركيا، حيث أُصدرت بحقهم أحكام تراوحت بين ثلاث سنوات والسجن المؤبد ، رغم عدم وجود أدلة واضحة ضدهم.
مخاوف الأهالي والمضايقات المحتملة
- قلق من المضايقات :
يخشى أهالي المفرج عنهم من تعرضهم لمضايقات أو انتقام محتمل من قبل أطراف محلية أو فصائل موالية لتركيا، خاصة وأنهم كانوا معتقلين بتهمة الانتماء لـ”قسد”، وهي تهمة قد تُستخدم ضدهم للتشكيك في ولائهم. - أوضاع إنسانية صعبة :
بعد الإفراج عنهم، تم ترحيل المجموعة إلى محافظة إدلب ، الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا. هذا الترحيل قد يزيد من تعقيد أوضاعهم الإنسانية، حيث لا تزال مناطقهم الأصلية في سري كانيه تحت السيطرة التركية.
انتهاكات مستمرة: تقارير دولية ومحلية
- تقرير “هيومن رايتس ووتش” :
في فبراير 2021، وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش اعتقال تركيا وفصائل المعارضة السورية لنحو 63 مواطنًا سوريًا على الأقل من شمال شرق سوريا، ونقلهم بشكل غير قانوني إلى تركيا. وأشارت المنظمة إلى أن الرقم الحقيقي قد يصل إلى 200 شخص ، بناءً على تقارير إعلامية تركية ومصادر حقوقية أخرى. - استمرار الانتهاكات :
حتى اليوم، تستمر تركيا في انتهاكاتها بحق المدنيين السوريين، حيث توثق التقارير الحقوقية عمليات اعتقال واسعة في مناطق مثل سري كانيه، تل أبيض، وعفرين ، مع نقل المعتقلين إلى السجون التركية دون أي ضمانات قانونية.
الأوضاع الإنسانية في ظل السيطرة التركية
- قطع المياه عن مليون شخص :
منذ سيطرتها على سري كانيه وتل أبيض ، تواصل تركيا قطع المياه من محطة علوك عن أكثر من مليون شخص في محافظة الحسكة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. - الاتفاق الأخير بين الشرع وعبدي :
في مارس الماضي، أبرم أحمد الشرع ، رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، اتفاقًا مع الجنرال مظلوم عبدي ، قائد قوات سوريا الديمقراطية، يتضمن مطالب بعودة النازحين وإعادة ضخ المياه إلى المناطق المتضررة. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه البنود بشكل كامل حتى الآن.
الخلاصة
الإفراج عن المعتقلين السوريين في تركيا يمثل خطوة إيجابية، لكنه يأتي متأخرًا جدًا بالنسبة للكثيرين الذين قضوا سنوات في السجون التركية دون محاكمات عادلة. ومع ذلك، فإن مخاوف الأهالي من تعرض المفرج عنهم لمضايقات تبرز الحاجة إلى ضمانات قوية لحمايتهم ودمجهم في مجتمعاتهم المحلية.
في الوقت نفسه، تستمر تركيا في انتهاكاتها بحق المدنيين السوريين، سواء من خلال الاعتقالات التعسفية أو قطع المياه عن ملايين الأشخاص. هذه السياسات تعمّق الأزمات الإنسانية وتزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق استقرار دائم في المنطقة.
إن تنفيذ الاتفاقات الأخيرة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية سيكون حاسمًا لتحسين الأوضاع الإنسانية وإنهاء المعاناة المستمرة في شمال شرق سوريا. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب ضغوطًا دولية ومحلية لضمان التزام تركيا بالقوانين الدولية واحترام حقوق المدنيين.