صوت كوردستان:
مع تصاعد النقاشات في مجلس النواب العراقي حول استحداث محافظات جديدة، برزت مسألة استحداث محافظة تلعفر كأحد أبرز القضايا التي تجمع بين الجوانب السياسية والإدارية والجغرافية. يأتي هذا الطلب بالتزامن مع قرار تحويل حلبجة الى محافظة و خطوات لاستحداث محافظه في وطوزخورماتو ، مما يعكس تعقيد المشهد العراقي في ظل تنوع المكونات السكانية والتباينات السياسية.
الخريطة المقترحة لمحافظة تلعفر
وفق الطلب المقدم إلى رئاسة مجلس النواب، ستضم المحافظة الجديدة:
- قضاء تلعفر وأربع نواحي تتبعه حالياً.
- قضاء سنجار ، الذي يعد منطقة ذات غالبية كوردية (إيزديون ومسلمون) ولم يُحسم وضعها الدستوري بموجب المادة 140 من الدستور العراقي.
التركيبة السكانية للمنطقة:
- قضاء تلعفر : غالبية سكانه من التركمان الشيعة .
- النواحي التابعة لتلعفر :
- ربيعة : غالبية سكانها من العرب السنة.
- زمار : غالبية سكانها من الكورد.
- العياضية : منطقة متعددة المكونات.
- قضاء سنجار : غالبية سكانه من الكورد الإيزديين والمسلمين، وهو منطقة ذات أهمية استراتيجية وثقافية.
الخلافات حول الاستحداث
1. موقف العرب السنة: المعارضة لتصغير محافظة نينوى
تحالفات سنية بارزة مثل حزب السيادة وتحالف العزم عارضت بشدة طلب استحداث محافظة تلعفر، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى تصغير محافظة نينوى ، ثالث أكبر محافظات العراق من حيث المساحة.
- الأبعاد الجغرافية : حالياً، تبلغ مساحة نينوى حوالي 37.2 ألف كيلومتر مربع . إذا تم فصل تلعفر وسنجار عنها، سيتم اقتطاع 7.3 ألف كيلومتر مربع ، مما يقلل من حجم المحافظة.
- الأبعاد السياسية : السنة يعتبرون نينوى مركزاً مهماً للمكون السني في العراق، ويخشون أن يؤدي تقسيمها إلى تهميش دورهم السياسي والاقتصادي.
2. موقف الشيعة: دعم الاستحداث
الطلب بتشكيل محافظة تلعفر جاء بدعم رئيسي من الأطراف الشيعية، الذين يرون فيه فرصة لتعزيز تمثيل التركمان الشيعة وإنشاء كيان إداري يعكس هويتهم الثقافية والدينية.
3. موقف الكورد: تساؤلات حول قضاء سنجار
قضية إلحاق قضاء سنجار بتلعفر تثير جدلاً كبيراً بين المكونات الكوردية. بينما يرى البعض أن سنجار يجب أن تبقى ضمن المناطق الكوردستانية، يشير آخرون إلى ضرورة دراسة هذه الخطوة بشكل دقيق لتجنب أي توترات مستقبلية.
الإطار القانوني: غموض التشريعات
- يتيح القانون فقط تحويل النواحي إلى أقضية ، وليس استحداث محافظات جديدة.
- المطلوب الآن : على مجلس النواب تقديم مشروع قانون جديد ينظم عملية استحداث المحافظات، وهو ما لم يتم حتى الآن.
تعقيدات إضافية: طلب استحداث محافظة طوزخورماتو
في 15 أبريل، قدمت الجبهة التركمانية العراقية طلباً آخر لاستحداث محافظة طوزخورماتو ، أحد المناطق الكوردستانية المقتطعة بموجب المادة 140 من الدستور العراقي.
- تاريخ طوزخورماتو : كان القضاء تابعاً لمحافظة كركوك حتى عام 1976، عندما اقتطع النظام السابق وضمه إلى محافظة صلاح الدين.
- هدف الطلب : الجبهة التركمانية ترى أن استحداث المحافظة يساهم في “ترسيخ اللامركزية”، لكن هذا الطلب يزيد من تعقيد المشهد، خاصة في ظل التباينات حول عائدية المناطق المتنازع عليها.
قرار 2014: سابقة غير مفعلة
في 21 ديسمبر 2014، أصدر مجلس الوزراء العراقي حينها، برئاسة نوري المالكي ، قراراً باستحداث أربع محافظات جديدة:
- تلعفر
- طوزخورماتو
- الفلوجة
- سهل نينوى
لكن القرار لم يُفعّل حتى الآن، مما يجعله نقطة نقاش عند الحديث عن استحداث محافظات جديدة.
رئيس لجنة المحافظات والأقاليم في مجلس النواب كشف أن النواب الذين يطالبون باستحداث محافظة تلعفر قد وجهوا طلباً رسمياً إلى مجلس الوزراء للسؤال عن موقفه من القرار السابق، لكنهم لم يتلقوا أي رد بعد.
التحديات المستقبلية
1. التباينات السياسية
الخلافات بين المكونات الرئيسية (السنة، الشيعة، الكورد) حول استحداث المحافظات تعكس تعقيدات المشهد السياسي العراقي. كل طرف يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية أو إدارية، مما يجعل الوصول إلى توافق أمراً صعباً. استحداث محافظتين تركمانيتين يزيد من النفوذ التركي في العراق و سوف يكون على حساب أستقطاع أقضية و نواحي من المناطق المتنازع عليها و المشمولة بالمادة 140 و ضمها الى مكون ثالث في العراق و هم التركمان.
2. القضايا الدستورية
قضايا مثل المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها (سنجار وطوزخورماتو) تضيف طبقة أخرى من التعقيد. عدم حسم هذه القضايا يترك الباب مفتوحاً أمام المزيد من النزاعات.
3. التأثير الاجتماعي والاقتصادي
استحداث محافظات جديدة قد يؤدي إلى تحسين الخدمات الإدارية والتنمية المحلية، لكنه قد يخلق أيضاً تحديات اقتصادية بسبب تقسيم الموارد وتوزيع الموازنات.
الخلاصة
مسألة استحداث محافظة تلعفر ليست فقط قضية إدارية، بل تمثل تعبيراً عن التوازنات السياسية والاجتماعية في العراق. مع تزايد الطلبات لاستحداث محافظات جديدة (مثل طوزخورماتو)، أصبح من الواضح أن هناك حاجة ملحة لوضع إطار قانوني واضح ومنظم لإدارة هذه العملية
التحدي الرئيسي يكمن في تحقيق توافق بين جميع المكونات، بما يحفظ حقوق الجميع ويمنع تصعيد التوترات. وإذا لم يتم التعامل مع هذه القضايا بحذر وحكمة، فإن العراق قد يواجه مزيداً من الانقسامات السياسية والجغرافية.