إذا كان حكم صدام سنيا فعلى السنة دفع تعويضات للشيعة- عباس سرحان

 

النظام السياسي في العراق، رغم كونه تجربة ديمقراطية ناشئة، يواجه هجمات متكررة من شخصيات استفادت منه بشكل كبير.

المنتقدون وآخرهم حققوا مكاسب اقتصادية وسياسية ضخمة تحت مظلة النظام الحالي، لكنهم يصفونه بـ “الحكم الشيعي” ويتغنون بنظام صدام حسين، الذي يسمونه “نظام الحكم السني”.

المفارقة أن هؤلاء المستفيدين، الذين كانوا في الماضي يعملون في وظائف متواضعة مثل إدارة حقول الماشية والدواجن لصدام وساجدة، أصبحوا اليوم سياسيين ومستثمرين بفضل النظام الحالي.

ومع ذلك، يهاجمونه بدوافع طائفية واضحة، متجاهلين أن نظام صدام دمر العراق بحروب عبثية، إعدامات جماعية، وتضييق على الحريات.

ولا يذكرون تنازله لشاه إيران عن شط العرب، ومناطق عراقية استراتيجية أخرى بعد هزيمته في حرب الخليج الثانية، التي دفع العراق بسببها تعويضات ضخمة للكويت وغيرها قدرت بنحو 500 مليار دولار.

بينما النظام الحالي، الذي يُتهم بأنه “شيعي”، يتميز بالديمقراطية النسبية وحرية التعبير والتوزيع العادل للسلطة بين مختلف الأطياف.

نظام صدام، الذي يتغنى به مشعان الجبوري والجنابي والخنجر وغيرهم ويحنون إليه، وكأنه “جمهورية أفلاطون الفاضلة” كان نظامًا قمعيًا بكل معنى الكلمة.

فمن عبد السلام عارف إلى صدام حسين، عانى العراقيون، وخاصة الشيعة، من الإعدامات الجماعية، تدمير مدارسهم الدينية، تهجيرهم، وقتل علمائهم ومراجعهم ودفن الآلاف منهم احياء في مقابر جماعية، وزجهم في حروب خارجية عبثية.

لم يسمح الحكم السني للشيعة بتولي منصبا في الدولة حتى لو كان بمستوى مدير ناحية نائية. وفي ظل حروب الحكم السني وما اكثرها، كان يُزَجّ بالجنود الشيعة في المعارك دون تخطيط او اعتبار للخسائر البشرية.

بينما اقتصر دور الضباط السنة على ادارة المعارك من مكاتب مكيفة بعيدة عن جبهات القتال من خلال أجهزة اللاسلكي.

لكن قادة الشيعة بعد 2003 كانوا الى جنب مقاتليهم في الخنادق وشاركوهم الشهادة والجروح والتعب، وأبو مهدي المهندس خير مثال على نموذج القيادة الميدانية للقادة الشيعة.

إذا كان هذا هو “الحكم السني”، فإن ضحاياه من الشيعة لهم الحق في المطالبة بالتعويض عن المجازر والمقابر الجماعية والتهجير القسري الذي تعرضوا له.

طالما أن السنة في العراق أو على الأقل قياداتهم السياسية يتغنون بهذا الحكم ويحنون اليه ويعملون على اعادته للسلطة ودفع الشيعة بعيدا عنها.

على سنة العراق ان يدفعوا تعويضات لكل أم فقدت ابنها في معارك صدام التي لم نكن نؤمن بعدالتها نحن الشيعة وكنا مجبرين على المشاركة فيها.

وان يعوضوا ذوي المقابر الجماعية والمهجرين والمعدومين في زنزانات نظامهم السني وعليهم ان يعيدوا لنا كشيعة ما تم اقتطاعه من شط العرب ومن خور عبد الله وسفوان وحقول الرميلة في عهد الحكم السني.

على السنة العراقيين ان يعوضونا عن أيام الحصار ومعاناة امهاتنا وابائنا وابنائنا واخواننا بسبب الجوع والحرمان والقهر.

لا ادري عن أي شيء يمكن ان يعوضنا السنة بسبب ما لقيناه تحت ظل حكمهم السني من ويلات، فقد ضاعت اعمارنا تحت ظل هذا الحكم البائس بين كل ما يمكن ان نسميه كارثي واجرامي وخانق.

النظام الحالي، الذي تحول فيه راعي أبقار إلى سياسي ومدير حقول دواجن إلى شخصية مؤثرة، لمجرد انه انتُخِبَ من جمهور السنة، هو لا شك نظام يحترم حريات الآخرين ويؤمن بحق الوجود للجميع.

هذا هو النظام الذي يُتهم بأنه “شيعي”، لكنه في الواقع نموذج للتسامح واللين، ومن يفكر او يتآمر على هذا النظام وارجاع الزمن يتوهم كثيرا.

لأن الظروف مختلفة والقوى المجتمعية الشيعية لن تقف مكتوفة الايدي على محاولات قهر الشيعة من جديد واستعبادهم وتمرير المخططات المشبوهة ضدهم.

واقل ما يمكن ان يفعله الشيعة هو تقسيم العراق ولن يخشوا قطع المياه كما يهدد البعض فمياه السماوة الجوفية لوحدها تكفي الجنوب برمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *