السينما العراقية وتطورها-كمال الجبوري

 

تعد السينما العراقية جزءًا مهمًا من المشهد الثقافي في العراق، حيث مرت بمراحل متعددة من التأسيس إلى الازدهار، ثم التراجع، والآن تشهد محاولات لإعادة إحيائها رغم التحديات.
البدايات (العشرينات – الستينات):
بدأت السينما في العراق في عشرينات القرن العشرين بعروض أفلام صامتة مستوردة، وكانت بغداد تحتضن أولى دور العرض. عام 1946 تم إنتاج أول فيلم عراقي بعنوان ابن الشرق بالتعاون مع فنانين مصريين. في الخمسينات والستينات، شهدت السينما العراقية انتعاشًا ملحوظًا، حيث أُنتجت أفلام روائية طويلة تناولت قضايا اجتماعية وتاريخية، منها فيلم فتنة وحسن (1955)، الذي يُعد من أوائل الأفلام العراقية الخالصة.
السبعينات – الثمانينات: العصر الذهبي والموجه:
في عهد النظام السابق، خاصة في السبعينات، دعمت الدولة الإنتاج السينمائي عبر مؤسسة السينما والمسرح، وتم إنتاج أفلام ذات طابع وطني وتاريخي، مثل فيلم المسألة الكبرى (1983) الذي تناول حياة الثائر عمر المختار. لكن في الثمانينات، وبسبب الحرب العراقية الإيرانية، أصبحت معظم الأفلام ذات طابع دعائي تخدم توجهات الدولة، ما أدى إلى تراجع التنوع الفني.
التسعينات: التراجع والجمود:
بسبب الحصار الاقتصادي بعد حرب الخليج الثانية، تدهورت أوضاع السينما العراقية، وانخفض عدد الأفلام المنتجة بشكل كبير. أغلقت الكثير من دور السينما وتحولت إلى محال تجارية أو هجرت تمامًا.
ما بعد 2003: محاولات النهوض:
بعد سقوط النظام عام 2003، بدأت محاولات فردية لصناعة أفلام وثائقية وروائية، رغم ضعف الدعم والإمكانات. برزت أفلام مستقلة نالت جوائز دولية، مثل فيلم أحلام (2006) لمحمد الدراجي، الذي تناول معاناة الشعب العراقي بعد الحرب. وتأسست مهرجانات سينمائية مثل مهرجان بغداد السينمائي الدولي لدعم صناعة السينما المحلية.
الواقع والتحديات:
رغم ظهور مخرجين شباب واهتمام عالمي ببعض الأعمال العراقية، إلا أن السينما العراقية لا تزال تواجه تحديات كبيرة، مثل قلة التمويل، ضعف البنية التحتية، وغياب الدعم المؤسسي المستمر. لكن روح الإبداع والاهتمام الشعبي تبقى من أهم عوامل الأمل في نهضة السينما من جديد.
خاتمة:
السينما العراقية مرآة لتاريخ العراق المعاصر، تعكس مراحله السياسية والاجتماعية. وعلى الرغم من الأزمات التي مرت بها، إلا أن هناك طاقات شابة تسعى لإحياء هذا الفن وتقديم صورة جديدة للهوية العراقية من خلال عدسة الكاميرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *