١٩ \٥ \٢٠٢٥
لا بد أن ما یجری فی أقلیم كوردستان العراق من عمليات عسكریة تركية و توجیهات سیاسیة موالية لها و ممارسات إعلامية موجهة فی أجهزة التربية والتعليم والتجارة والصحة والسياحة وغيرها فی الأقلیم، بالإضافة إلی وسائل التخویف والترهيب والتهجير والتهدید المباشر والمبطن التي تمارسها تركيا ضد الأهل والسلطة فی الأقلیم، كلها باتت واضحة للجميع بكونها أمثلة دامغة علی الحرب النفسية وعمليات غسل الدماغ الكوردی منذ تأسيس الأقلیم كمنطقة آمنة من قبل دول الحلفاء تحت راية الأمم المتحدة بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمریكیة بإحتلال العراق سنة ١٩٩١ تحت ذريعة إحتلال العراق للكویت من قبل صدام حسین الذی أتی إلی الحكم فی العراق بانقلاب عسكري سنة ١٩٦٣ و طبق فیها نظاما دكتاتوریا بدعم أمریكی واضح منذ بداية الحرب العراقية الإیرانیة سنة ١٩٨٠ – ١٩٨٨. ولسنا بحاجة إلی براهين وأدلة علی ما نقول لكون الإعلام التركي نفسه لا يتردد فی الإعتراف بهذه الحقائق رغم محاولات الجهات السیاسیة فی كوردستان للدفاع عنها وسرد الحجج و الذرائع من أجلها لكی تخفف من نقمة الجماهير ضدها وفق الكثير من الوثائق والتقارير العالمية بهذا الشأن.
أدوات الحرب النفسية وأهدافها:
من أجل تعریف الموضوع بصورة علمية مبسطة للمواطنين فی الأقلیم نورد هنا قائمة بأدوات الحرب النفسية و أهدافها مع ذكر أمثلة حیة من أرض الواقع فی الأقلیم:
- الدعاية: وردت عبارة “الحرب النفسية” لأول مرة من قبل الكاتب الألماني الكولونيل “بلاو” فی كتابه “ما معنى الدعاية” الذی أصدره فی المانيا سنة ١٩٣٠ أشار فیه إلی جميع أنواع الدعاية بكونها حربا نفسية یقصد بها تلفيق القصص و الحكايات أو تحويرها فی الحرب العالمية الثانية لبث الرعب والتخويف بین جیوش الحلفاء وتضخیم الطاقات والإمكانیات الألمانية فی هذا الاتجاه. هنا يمكننا الإشارة حاليا إلی الإعلام التركي الذی یتم بثه عن طريق الإذاعة والتلفزيون و شبكات الأنترنیت سواء كانت باللغة الكوردیة أو العربیة بحيث لايمكن للأهالي فی الأقلیم تجاهلها. وهی تحتوي إضافة إلی معلومات حقیقیة عن مواد و جهات و مصادر تركية صحيحة ولكنها مضخمة من ناحية الكمية كانت أو بنوعيتها وتأثیراتها دون أن تقارنها مع منافسيها ولا تقبل بالجدل أو المخالفة. ویشمل ذلك الإعلان فی مجال الخدمات الصحية والسیاحیة والتربوية والعسكرية وما إلی ذلك من وسائل الدعاية والإعلام الموجه من قبل تركيا مباشرة أو عن طريق أجهزة الإعلام الممولة أو الموجهة فی الأقلیم سواء” كانت أخبارا أو حقائق مفبركة أو محرفة.
- الإعلام: وسيلة فعالة من وسائل الحرب النفسية وذلك بنشر الأخبار المحلية والأقلیمیة والعالمية من مصدر واحد يركز علی مصلحة الطرف المكلف بذلك علی حساب تهميش الجهة التي يراد بها أن تتعرض للحرب النفسية. وهی عادة تنتمي إلی تلك الجهة علنا ولاتخفی تباهيها بنشر الإعلام الإیجابی لتلك الجهة التي تبث الحرب النفسية ضد جهة أخرى سواءا” كان شخصا أم مجموعة فی تنظيم أو جماعة أو تنظيم مشهور ب مبادئ أو قیم لا تتفق مع الجهة المنتجة لهذه العملیات بل تخالفها و تعادیها. هذا النوع من الإعلام الموجه أصبح واضحا فی الإعلام التركي و كذلك فی إعلام الأقلیم الموالي لتركیا دون تردد أو نقد أو بديل.
- الشائعات: وهی تختلف عن الدعاية والإعلام بكون الشائعة عبارة عن خبر غیر موثوق ینتشر بسرعة شفهيا أو تحریریا من مصادر غیر معلومة ویصعب التحقق من مصداقیتها فی أغلب الأحيان. والآمثلة كثیرة علی الشائعات التي تنتشر فی الأقلیم حول أمور تتعلق بتهدید الأمن القومي أو توجيه الإنتباه إلی مسائل ثانوية فی الوقت الذی تجری فیه أمورا أهم تخص المواطنين مباشرة فی حياتهم الیومیة، فتنشر تلك الإشاعات عدم الإستقرار والتفرقة و زرع الفتن بین أهالي المنطقة المقصودة بالتعرض للحرب النفسية، كما یحدث حاليا من إشاعات ضد عملية السلام المعلن بین الكورد والترك فی تركيا.