إيران بين دعوات إستبدال النظام الشکلي وتغييره الجذري- سعاد عزيز

 

حالة التأزم الاستثنائية التي يواجهها النظام الديني الحاکم في طهران يسير بخطى متسارعة بحيث لم يعد بالامکان إخفاء ذلك، وإنه وفي الوقت الذي طالب فيه التيار المتشدد باستبدال النظام الرئاسي بالنظام البرلماني، فقد رد تيار روحاني على ذلك المطلب بالقول إنه من الأفضل “دمج منصب المرشد ورئيس الجمهورية”، وقد ذهب هذا التيار أبعد من ذلك عندما غرد القيادي في تيار روحاني، مصطفى تاج زاده، قائلا: “إذا كان هناك توجه لإقرار النظام البرلماني، فيجب أن يكون منصب المرشد انتخابيا بالاقتراع المباشر وأن لا يكون حكمه لأكثر من ولايتين كحد أقصى”، وهو أمر يدل على إن منصب المرشد الاعلى الذي فقد هيبته شعبيا منذ أعوام، فإنه بدأ يفقد هيبته ووقاره حتى في أوساط النظام نفسه!

الازمة الحادة التي يعاني منها النظام والآخذة في الاستفحال والخروج عن السيطرة والتحکم، تٶکد مرة أخرى ماقد دأبت أوساطا سياسية محايدة على التأکيد عليه من إن النظام قد وصل الى مرحلة لم يسبق وإن وصلها طوال العقود الاربعة من حکمه، وتشدد هذه الاوساط على إن النظام لايملك أي حل أو خيار مٶثر وليس أمامه سوى الاستسلام للأمر الواقع. وهذا هو تأکيد ضمني واضح تماما لماتقوله وتٶکده زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، من إن إسقاط النظام وتغييره هو الحل الوحيد للأوضاع في إيران ولايوجد أي حل آخر مقابل ذلك.

الدعوات الاصلاحية الواهية والتي لم تکن سوى مجرد حبر على ورق وإنه وبإعتراف الرئيس الاسبق محمد خاتمي، لم يتم تنفيذ ولو إصلاح واحد حقيقي، ويبدو إن الازمة الحادة التي يواجهها النظام قد تعدت الحدود التقليدية وصار ‌هناك حديث عن تغييرات وعلى الرغم من إنها تبدو شکلية قياسا لما يطالب به الشعب الايراني لکنها مع ذلك تظهر حقيقة التأثيرات السلبية للأزمة والتي وصلت الى حد تطور الصراع بين الجناحين ووصولها الى مستوى طرح خطط إستبدال هيکلية النظام والسعي من خلال ذلك لضرب الجناح الآخر من جهة وإنقاذ النظام من ما يعانيه من جهة أخرى.

عندما يصل الحديث الى مستوى إستبدال النظام فإن ذلك من الممکن جدا أن يعني  فيما يعني، مسعى خاصا من جانب النظام من أجل إمتصاص زخم المطالبة الشعبية القوية بتغيير النظام جذريا، لکن وفي نفس الوقت فإن ذلك يعني أيضا بأنه قد تم فتح ثغرة غير عادية في جدار النظام بحيث يصعب سده والتغطية عليه، مما يجعل الاجواء مناسبة أکثر لللمضي قدما بإتجاه المطالبة بالتغيير الجذري!