أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999 يوم 25 تشرين الثاني / نوفمبر، من كل عام، يوماً عالمياً للقضاء على العنف ضد المرأة، وذلك تخليداً لذكرى الأخوات ” ميرابال “ الناشطات السياسيات في جمهورية الدومينيكان، اللواتي تم اغتيالهن في مثل هذا اليوم المذكور عام 1960 حيث شكلت هذه الحادثة، أعتى أنواع وأشكال العنف الموجه للمرأة. وقد بادرت الأمم المتحدة منذ عام 1991 إلى اعتبار هذا اليوم، بداية لحملة الستة عشر يوماً – الممتدة حتى 10 كانون الأول / ديسمبر – ضد العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، تنظم فيها حملات عالمية لمكافحة العنف ضد المرأة، وتسلط الأضواء على ظاهرة العنف ضد المرأة من كافة جوانبها، والعمل بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة للقضاء عليها، حيث يكون موضوع حملة هذا العام 2017 هو: ” لن نخلف أحد ورائنا: لينته العنف ضد النساء والفتيات “.كما وأصدرت الأمم المتحدة عام 1993 الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، والذي عرفه – العنف ضد المرأة – بأنه: ” أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.
أن العنف ضد المرأة، يشكل خطراً دائماً على مئات الملايين من النساء في أرجاء العالم، ويتسبب في آلام مريرة وآثار سلبية لا حصر لها، سياسية، اقتصادية، اجتماعية..، ويعود السبب الأساسي لهذه الظاهرة الإنسانية الخطيرة إلى عمق جذور التمييز المرتبط بالجنس البشري، والذي لا بد من إيجاد الحلول المناسبة والسريعة له، لأنه يشكل أحد الأولويات في مجالات التنمية وبناء السلام واحترام حقوق الإنسان.
ولكن رغم الجهود المبذولة والمحاولات الحثيثة والجادة عالمياً، للقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، إلا أنها لا تزال قاصرة على وقف الانتهاكات الناجمة عن العنف ضد المرأة، وإيجاد الحلول العملية التي بأمكانها تغير الواقع المزري للمرأة، حيث تبين التقارير والدراسات الخاصة بالمرأة والصادرة عن المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، على بقاء هذه الظاهرة وازدياد حجمها في جميع أنحاء العالم.
وقد تعرضت المرأة السورية ولا تزال، للعنف بكل صوره وأشكاله: ( الاستغلال الجسدي، الضرب، الإهانة، التحرش الجنسي، الحرمان من الحقوق، تقييد الحركة والنشاط)، إلا أن العنف الأكثر بشاعة التي تقع المرأة ضحية له في سوريا والعديد من الدول الأخرى في المنطقة، هو القتل تحت مسمى ” الشرف “ والذي هو في جوهره قمعاً وعنفاً لا حدود له ضد المرأة. أما المرأة الكردية في سوريا، وباعتبارها جزء من المرأة السورية ولها في نفس الوقت خصوصية قومية، فأنها تعاني إضافة إلى ما تعانيه المرأة السورية عموماً، من الآثار الضارة لسياسة الاضطهاد القومي وإفرازاتها السلبية، والتي تشكل عنفاً وتمييزاً بحقها.
ومنذ بداية تحول الصراع في سوريا، بعد الخامس عشر من أذار 2011 إلى صراع عسكري مسلح وحتى الآن، تعرضت المرأة السورية عموماً لعنف مضاعف وأكثر وحشية من ذي قبل، فهي تتعرض للكثير من الانتهاكات الجسيمة، مثل: الاعتقال والخطف والاغتصاب والقتل.. ، كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية وعسكرية، مثل: كسر الإرادة.
أننا في مركز ” عدل “ لحقوق الإنسان، نرى أن التصدي لظاهرة العنف ضد المرأة، يندرج في سياق التصدي للعنف الواقع على المجتمع عموماً، ونؤكد على أهمية العمل على مواجهة هذه الظاهرة على كافة المستويات، خاصة في الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد، ونطالب الأطراف المسلحة والمتصارعة عسكرياً، وفي مقدمتها السلطة السورية، التوقف عن ممارساتها العنيفة وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، وإتاحة المجال أمام الحلول السياسية، التي تجعل من سوريا دولة ديمقراطية تعددية، والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لحياة سياسية ديمقراطية حقيقية، وإلغاء سياسة الاضهاد القومي بحق الشعب الكردي في سوريا بآثارها ونتائجها، وحل قضيته القومية حلاً ديمقراطياً عادلاً، وإفساح المجال للنساء بما ييناسب مع حجمهن ودورهن للمشاركة في المؤتمرات الدولية والمفاوضات التي ترسم مستقبل سوريا، وبما ينسجم مع القرار رقم ” 1325 ” الصادر عن الأمم المتحدة عام 2000 بشأن المرأة، السلام والأمن، لأن ما يعزز ظاهرة العنف والتمييز ضد المرأة في العالم عموماً وسوريا خصوصاً، بصورها وأشكالها المختلفة، هو وجود بعض القوانين والتشريعات التمييزية والجائرة بحقها.
25 تشرين الثاني 2017 مركز ” عدل ” لحقوق الإنسان