عندما نقول حان الوقت لرفع اليد عن غرب كردستان، مَن نقصد بذلك؟ نقصد بذلك في المقام الأول حزب العمال الكردستاني، الذي لم يبقى من كردستانيته سوى الإسم، بعدما تخلى كليآ عن فكرة إنشاء دولة كردية في شمال كردستان وغربها للشعب الكردي، فما بالكم بكردستان الكبرى. وجريه خلف “نظريات” لا وجود لها في العالم الفكري، ولا في الواقع العملي على الإطلاق، كنظرية “الإمة الديمقراطية”، وهي بنظري ليس سوى كلام سخيف ومجرد هلوسات لا أكثر.
وثانيآ، الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي أسميه أنا بحزب البرزاني، لأنه مالك هذا الحزب وصاحب الإمتيار الوحيد فيه. ومن دون العائلة لا يوجد شيئ اسمه الحزب الديمقراطي، وهو الأخر لم يبقى من ديمقراطيته سوى الإسم الذي يحمله، بعدما إنتقلت العائلة البرزانية قدس سرها من الثورة الى الثروة. وتحول نجل البرزاني مسعود الى مستبد أخر إضيف لمستبدي الشرق الأوسط، وتفرغه كاملآ هو وحاشيته للنهب والسلب المنظم لأموال الشعب الكردي.
لنبدء أولآ بحزب العمال “الكردستاني”، كونه الأكثر تأثيرآ على الكرد السوريين بغرب كردستان، ويمسك بقرارهم السياسي، بحكم عمله لفترة طويلة هناك بين الكرد أثناء فترة حكم حافظ الأسد. ولا يحتاج الأمر للإثبات بأن تنظيم (ب ي د)، هو مجرد فرع لحزب
العمال الكردستاني، وعلى كل حال هم لا ينكرون ذلك.
برأي حان الوقت من زمن بعيد لأن يرفع قنديل يديها الثقيلة عن غرب كردستان، لكي يقرر الكرد في هذا الجزء من كردستان، بأنفسهم ماذا يريدون، وماهي مطالبهم من الحكم والمعارضة. ولا أظنهم بقاصرين كي يقرر عنهم قنديل أو هولير أو السليمانية. وكان من المفروض على حزب العمال أن يكف التدخل في غرب كردستان، بعد مغادرة اوجلان سوريا وإنتقال الكوادر القيادية من البقاع الى جبال قنديل. ولكنه للأسف لم يفعل ولن يفعل ذلك في المستقبل المنظور، والكرد السوريين الموالين له، لم يملكوا الجرأة الكافية ليقولوا له كفى، ويقرروا أن يستقلوا بقرارهم السياسي عن هذا الحزب الشمولي، البعيد عن الواقع الذي تعيشه منطقتنا هذه الأيام.
ونتيجة لإنسداد الأفق أمام حزب العمال في شمال كردستان، بسبب جنوح حزب العدالة والتنمية بقيادة اردوغان الى التطرف في معادة كل ما هو كردي، وثانيآ، النهج الخاطئ لحزب العمال في التعامل مع الداخل التركي، وسعيه لفرض رؤيته الخاصة على حزب (ه د ب)، المعتدل، ومنعه من الدخول في حكومة إئتلافية، تضم الكرد حزب اردوغان، بعدما حصد حزب (ه د ب) على أكثر من 88 مقعدآ من مقاعد البرلمان التركي الحالي. ونتيجة لهذا الرفض، وعدم اتخاذ مسافة من (ب ك ك)، أدى بالوضع الى الإنفجار من جديد، وتوقف المسار السلمي، الذي بدآ بين الطرفين وإستمرت لفترة طويلة، والتي على ضوئها، هدأت الأوضاع في جبات القتال.
كان على (ه د ب)، الذي أخذ وافق على أن يمارس العمل السياسي ضمن إطر القوانين التركية المعمول بها، والتي على أساسها شارك في العملية السياسية أن لا يتبنى مواقف قنديل، ويشق سياسة براغماتية خاصة به، وكان بإمكانه أن يخطو للأمام، ويحقق الكثير من الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، عبر النضال السياسي السلمي الدؤوب. ولا يمكن لحزب العمال أن تحقيق أي إنجاز حقيقي في شمال كردستان وغربها، من دون التحالف مع المعارضة المعتدلة السورية والتركية لأسباب كثير، لا يسمح المجال سردها الأن.
لقد إرتكب حزب العمال الكردستاني خطأً فادحآ، عندما رفض الإنضمام للثورة السورية السلمية بكل طاقته وإمكانياته، وإختبائه خلف نظرية “الخيار الثالث” وهو مجرد كلام في الهواء لا معنى له، وذكرني ذلك بهلوسات العقيد معمر القذافي وبدعته التي سماها (الكتاب الأخضر)، وحكم الجماهير. ولم يكتفي حزب العمال بذلك بل إبتدع لنا بدعة إسمها “ثورة روزأفا” ونسي أن يقول ثورة على مَن؟ إضافة لذلك قام بمنع الشباب الكردي من المشاركة بالمظاهرات والمسيرات المناهضة للنظام في المناطق الكردية بالقوة. والهدف كان تحييد الكرد بطلب من النظام السوري، الذي إحتضن الحزب لسنوات طويلة وخاصة في مراحله الأولى. وبذلك خسروا المعارضة والحكومة معآ. وتمكن من حكم المناطق الكردية، بدعم مباشر وصريح من النظام، بهدف إقلاق تركيا وإقصاء الأطراف الكردية المتحالفة مع البرزاني، المتواجدة على الساحة الكردية لعقود طويلة، وبذك أحدث النظام شرخآ عميقآ بين الكرد، يتحمل مسؤوليته (ب ك ك) و (ب د ك) معآ.
ورمى حزب العمال حاله مؤخرآ في أحضان الأمريكان، الذين كانوا يرفضون اللقاء بهم ويعبرونهم مجموعة ارهابيين، وحضوا جماعة الأنكسة على عدم الإنضمام للإدارة الذاتية، وأفشلوا مع الأتراك ورجلهم مسعود البرزاني، كل المفاوضات التي جرت في كل من دهوك وهولير وقامشلو بين الطرفين. ولهذا رفض الأمريكان التعامل السياسي مع (ب ي د)، هم فقط كانوا بحاجة لزنود وسواعد المقاتلين الكرد لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي على الأرض، ليحافظوا هم على حياة جنودهم لا أكثر.
وهذا ما فعلوه مع الكرد في جنوب كردستان، وفي النهاية تخلوا عن الكرد في عفرين وكركوك معآ كما شاهدنا، وسوف يتخلون عنهم في شرق الفرات أيضآ. عدة مرات كتبت مطالبآ قيادة (ب ي د) من خلال مقالاتي، بأن ينضموا للثورة السورية، لأن بقاء النظام السوري في الحكم، أخطر من داعش على الكرد، ولكن لم يستمعوا !!!
وبعد كل ما حدث في غرب كردستان وسقوط عفرين، وفشل سياسة حزب العمال في إحداث في مواقف المعاضة والنظام، عليه أن يتحلى بالشجاعة ويعترف بفشله، ويقدم إعتذار للشعب الكردي، ويرفع يده نهائيآ عن غرب كردستان، هو والبرزاني معآ، كي يقرر الكرد السوريين بنأفسهم مصيرهم، لأن لكل جزء من كردستان خصوصيته بحكم التجزئة التي نعيشها. وهذا لا يعني عدم التواصل والتشاور بين الكرد في الأجزاء الأربعة من كردستان.
وفي المقابل، أيضآ على البرزاني وحزبه رفع يده عن غرب كردستان، وأن لا يحرض جماعته ضد الأطراف الكردية الأخرى، ويطلب منهم الكف عن العمالة لتركيا، والعمل
ضد الإدارة الموجدوة في غرب كردستان. ولكن هذا يحتاج من البرزاني نفسه، أن يكف عن تنفيذ الأجندات التركية الخبيثة، وإغلاق القواعد العسكرية التركية الكثيرة في جنوب كردستان، والتي تحيط بهولير مقر مشيخته البرزاني.
لا يمكن للكرد السوريين أي يحققوا شيئآ، إن لم يتحرروا من سيطرة الحزبيين الكرديين وإجتمعوا كرجال بالغين في غرب كردستان، ووضعوا استراتيجية موحدة، تخرجهم من هذا المأزق الحالي، الذي وضعوا أنفسهم به، ويعملوا كصف واحد من أجل ايجاد حل سياسي عادل للقضية الكردية في سوريا، وهذا لا يمكن أن يتحقق في ظل نظام البطش والقتل القابع في دمشق.
خلاصة القول، القيادات الكردية السورية تتحمل الجزء الأكبر، كونهم قبلوا التبعية لهذا الطرف أو ذاك، وثانيآ، الطرفين الكرديين (ب ك ك) و(ب د ك) اللذان يسعان لتوسيع نفوذهم على حساب بقية الكرد. ورأينا كيف أن الطرفان، إلتزموا الصمت تجاه ما تعرضت له منطقة عفرين، من عدوان وإحتلال تركي بغيض، ولم يحرك الحزبان ساكنآ.!!!!!
أيها الكرد السوريين، آن لكم أن تستفيقوا من غفلتكم الطويلة، لقد باعوكم بنوا جلدتكم قبل الأخرين،هذه للأسف حقيقة وليس فيه أي تجني على أحد. فهل من متعذ؟ الجواب لا.
31 – 03 – 2018
لقد ندمت لأنني قرأتُ هذه المقالة التافهة كصاحبها ، والتي ليس فيها إلا تجسيد التقسيم الذي ورثناه عن سايكس بيكو وقصر شيرين والترك والعرب والفرس بعدهم ، وكأنه يقول :
كيف ستتوحدون أيها الكورد ، وكيف ستُزيلون هذه التقسيمات وقد قسّمنا أصدقائنا الى أربعة أجزاء ؟؟
ألا بئس القلم عندما حمله مصفّفي الأحرف والجمل الفارغة إلا من العتاهات !!!