الإصلاح مصطلح تخدير . رأس سطر .- رحيم الخالدي

هنالك فرق كبير بين النظرية، والتطبيق فالنظرية شيء والتطبيق شيء آخر، وهذا سياق في كل مراحل التدريس، خاصة في الجامعات والمعاهد الفنية، حيث يتم تدريس المادة وفق شرح تفصيلي، لكنه بالأصل يختلف بالرسم أو أشكال مصنوعة من البلاستك مما هو حقيقي، ومثال ذلك في مهنة الطب، حيث يتم الشرح العملي على جثث الموتى بواسطة أخصائيين بالتشريح، ليتم التعرف على أعضاء الجسم، ويتم الشرح على أحد الأعضاء المراد منه الدرس، وهذا يجعله واثق لدرجة كبيرة مما هو في الكتاب، ومن ثم يتم الإنتقال لصالات العمليات، وإجراء العمليات بتواجد الطلاب، وبعدها المشاركة الجزئية، ومن بعدها العمل الفعلي .

الإصلاح كلمة بسيطة جداً، لكنها كثيرة بمعانيها، ويصعب في بعض الأحيان تطبيقها، كونها تصطدم بآليات وضعها الوضاعون ليسهل التملص منها، بواسطة أدوات وضعها من يبغي البقاء على الحال، الذي يعطيهم صلاحيات لم نسمع بها من قبل، حالها حال قانون البعث وكما كان يتبجح بها صدام أيام حكمه، ويمثل القانون ” القانون عبارة عن جرة قلم”! وبعضهم يقول القانون كالمطاط كيفما أردناه يكون، وهنا نستوقف عند كلمة الإصلاح، عندما تسنم السيد حيدر العبادي مهام عمله كرئيس للوزراء للدورة الحالية، والتي شارفت على الإنتهاء لماذا بقي ليومنا هذا دون إصلاح ملموس يذكر؟ .

في بداية تولي السيد العبادي، كان الشعار “الإصلاح”، وخرجت الجماهير مؤيدة له بمسعاه، ومباركة من قبل المرجعية، وبذا يكون أول رئيس وزراء إستقبلته! شادّةً على يده ومؤيدة في مسعاه، وبهذا نال أقوى مؤيد له في الساحة العراقية، والمطالب تتلخص في المقام الأول إيقاف الفساد، ومن ثم المحاسبة، يرافقه إسترداد الأموال المنهوبة، وهذه الفقرة هي الأساس، وكانت الخطوات التي سار عليها الراحل أحمد الجلبي، الذي فتح آفاق كيفية إسترجاع تلك الأموال، بواسطة الإنتربول وغيرها من الخطوط التي يجيد التعامل معها، وهنا كان الإستكمال وتهيأ كل الممكنات في ذلك .

 الذي حدث أنه لم يكن هنالك إصلاح، وهذه الجملة التي أيدتها الجماهير، وانتظرت التطبيق طويلاً  لم تكن حقيقية! بل هي عبارة عن كلمات تخدير، والدليل أنه لم تتم محاسبة أي أحد من المتهمين في المقام الأول، تلاحقها جريمة سبايكر الذي ذهب لقاء تلك الجريمة شباب بعمر الورود، تم قتلهم على يد تلك العصابات، وغيرها من الملفات التي تعج بها هيئة النزاهة والمحاكم، والمجالس التحقيقية التي تحتاج لسنين لحسم أمرها، كون الفساد طال كل المؤسسات! إبتداء من رئاسة الوزراء، إنتهاء بأبسط دائرة من دوائر الدولة، والمحصلة بقي الحال كما أبتدأ !.

كل العراقيين شاهد المقطع الذي بثته كل القنوات العراقية، ناهيك عن العالمية، والموضوع الذي جعل العراق يقف صامتاً متعجباً من الإلقائية التي طرحها، وهو يكشف السطور الأولى، وسمى الأسماء بمسمياتها، وكشف جزء من المستور! كون السيّد العبادي كان في الدورة السابقة، في اللجنة المالية، ويعرف كل شاردة وواردة، كذلك حركة الأموال، وفي أيّ جانبٍ صُرِفَتْ، وجملة أخرى حركت المشاعر ودغدغتها، عندما طرق أسم “القائد الضرورة”، ووضع النقاط على الحروف، وتفاءلنا بذلك خيراً، لكن الأحداث التي رافقت تلك الفترة كانت متسارعة .

المحصلة النهائية تم إستغلال المشاعر وتعاطفهم مع الحكومة، في تلك الفترة الحرجة من عمر العراق، ووقوفهم معها لتحرير العراق من دنس الارهاب، والفتوى التي قبلت الموازين، فأصبح العراق من معاني في قلة المقاتلين، الى فائض، كفل ذلك السكوت بعدم المطالبة بالإستمرار وكشف الفاسدين وذلك إستغلتهُ الحكومة أيّما إستغلال، ترك ذلك عدم تقديمهم للعدالة، كذلك الحكومة إستغلت ذلك السكوت ولم تحاسب لحد اليوم، وعلى طيلة السنوات من عمر الحكومة، وهذا يقودنا الى نتيجتين، الأولى: إمّا أنّ كلهم مشتركين! أو يخشى سطوة أولئك الذين تشير لهم أصابع الإتهام، غير ذلك لا يوجد مانع قوي يوقف العجلة .