عفرين لا دوما جاءت بالأساطيل الأمريكية إلى سواحل سوريا – بسام سيدو        

 

 

الولايات المتحدة الامريكية وفي السنوات الأخيرة وبعد خروجها من عدة حروب فاشلة منها الحرب العراقية والافغانية انتهجت سياسة إدارة الحروب بدلاً من خوضها, مما أعطى انطباعاً بأن النفوذ الامريكي في منطقة الشرق الأوسط والعالم في تراجع وإنها غير قادرة على خوض حروب جديدة , الأمر الذي شجع الرئيس الروسي بوتين  استغل هذا التراجع الأمريكي لمد نفوذ روسيا في منطقة الشرق الاوسط عبر الأزمة السورية .

الحلم الروسي في الوصول إلى المياة الدافئة على  المتوسط أصبح حقيقة واقعة , ووجود القوات الروسية على الارض السورية  وخوضها حرب السيطرة على سوريا بدلاً من النظام السوري أعاد روسيا المهزومة والمنكمشة على نفسها بعد أنهار الاتحاد السوفيتي مجدداً الى الساحة الدولية كقوة عظمى , و على ما يبدو إن طموحات الرئيس الروسي هي أكبر من أن تكون روسيا شريكة في صنع القرار في العالم  , فكل التحركات والسياسات الروسية تشي بان روسيا عازمة على القضاء على النفوذ الغربي بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط .

ربما توسع النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط كان أمراَ من الممكن التعامل معه على المدى الطويل بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية , وهذا ما يفسر طريقة التعامل الأمريكي مع هذا التمدد الروسي طوال الأزمة السورية , حيث اعتمدت أمريكا الصراع الغير المباشر مع روسيا على الأرض السورية , ومن ضمن الآليات المتبعة لدى أمريكا في التصدي للنفوذ الروسي كان دعم قوات سورية الديمقراطية ومشروعها السياسي في شمال سوريا , روسيا حاولت كسب ورقة الكورد في شمال سوريا عبر منع الرئيس التركي ضرب هذا المشروع الفيدرالي , وكانت مقاطعة عفرين تحت الحماية الروسية لسنوات , ولكن الدعم الأمريكي لقوات سورية الديمقراطية بالسلاح النوعي والعمل على جعل التجربة السياسية في الشمال السوري نموذجاً يشكل البديل للنظام السوري شكل تهديداَ للوجود الروسي في المنطقة , الأمر الذي أثار  غضب روسيا فقامت برفع الحماية عن عفرين واعطت التركي الضوء الاخضر لاجتياح المدينة كوسيلة ضغط على الإدارة الذاتية في الشمال السوري لفك الارتباك بامريكا أو خسارة عفرين وبالتالي الاستعداد للصدام الامريكي التركي في منبج وما بعدها .

عفرين بالنسبة لامريكا لا تشكل خسارة استراتجية ومشروع شرق الفرات يتم العمل عليه كي يكون نموذجاً لكل الأراضي السورية وبالتالي عودة عفرين الى حضن الفيدرالية في شمال سوريا هي مسألة وقت وتحصيل حاصل , ولكن الخط الأحمر التي تجوزته روسيا كان هو محاولة جر امريكا للصدام مع الجيش التركي العضو في حلف الناتو, الغضب الامريكي مصدره ليس استعمال السلاح الكيماوي في مدينة دوما ولا سيطرة قوات النظام على الغوطة وإنما هو تجاوز روسيا الخطوط الحمراء في الشمال السوري , وتشكيل حلف روسي تركي إيراني في المنطقة

رد المتحدثة باسم الخارجية الروسية على تغريدات ترمب بشأن سوريا والصواريخ الذكية التي على روسيا الاستعداد لاستقبالها كان  : على أمريكا التركيز على اعادة اعمار الرقة بدلاً من التهديد بالصواريخ . وهذا تراجع روسي واضح وتصريح بان الروس سوف يلتزمون الحياد بالنسبة للشمال السوري ومشروعه

الروسي يراهن حتى اللحظة على عدم مقدرة الولايات المتحدة الامريكية  على حوض حرب في سوريا , ولكن التاريخ علمنا بأن كل الحروب قامت بناء على توقعات خاطئة من الاطراف المتحاربة .

لاأحد  يستطيع التكهن بموعد الضربات الامريكية لسوريا ولا مدى قوتها , ولكن من المؤكد إن أمريكا كشرت على انيابها , وعلى ما يبدو إن امريكا مصرة بأن ترسل رسائل متعددة الى القوة المتصارعة على الارض السورية منها تركيا وإيران وفي المقدمة روسيا

 

بسام سيدو

 

2 Comments on “عفرين لا دوما جاءت بالأساطيل الأمريكية إلى سواحل سوريا – بسام سيدو        ”

  1. أمريكا لم تخسر أبداً في أي مكان ، هي ربحت في صفقة واحدة 480 مليار دولا وفي يوم واحد ، ولم تسقط دولة واحدة من حلفائها في يد روسيا ولم تخسر من جنودها أكثر من 1/ 1000 من قتلى الحروب ، وهذا هو الهدف وليس شيء آخر
    الخطوة الوحيدة الي لم تنجح فيها هي محاولة إقامة دولة علمانية في كوردستان تبتلع مجاوراتها من الدول التي بدأـ متطرفة جداً بعد فوز أردوكان أراد بوش القضاء عليه في المهد ، وكان دور الروس قد بدا وكأنه إنتهى ، لكن الكورد ( الأقليم العراقي ) وتحولوا إلى دولة المساجد بدل العلمانية رفضوا خطته وإنتهت النية في محاربة الإسلام خاصة بعد تولي أوباما وتطور روسيا .
    عفرين وسوريا والكورد لا يعنون لأمريكا في شيء ليست لديها أية خطط في شأنهم ولا لغيرهم هدفها إدارة الحرب وتوفير سوق السلاح والثاني الإبقاء على مضيق البسفور في يدها , فروسيا لا تزال تشكل تهديداً والبسفور لا يُعوض وأردوكان أيضاً لا يُبدل أمريكا بأحد … بل لا يُمكنه ذلك حتى لو تطلب الأمر ، حينها ستحتل أمريك بحيرة الدردنيل التركية وينتها دور البسفور إذا سلمه أردوكان لروسيا ، والإتفاقات الدولية لا تنفع في شي سواء أكان حلف وارشو أو الأطلسي أو أو الإتفاقات السرية بين المحتالين واللصوص , كلها أكاذيب

  2. ١: بديهية لدى العم سام أنه لا يغفر لمن يغدر به أو يلعب بذيله ولو بعد حين ، وشواهد التاريخ كثيرة في أمريكا اللاتينية ومنطقتنا ، أولهم شاه ايران وصدام والقذافي ، ومن لعب قليلاً كان جزائه الاذلال أو الهرب ؟

    ٢: لا مشكلة لديهم في سورية مادام الكل فيها فخار يكسر بعضه ، ففاتورة خسائر الروس والايرانيين في سوريا غدت لا تحتمل بدليل المعارضة القوية لنظام حكم البلدين ، أما بالنسبة لجحش القرداحة فليس بأكثر من جثة في الانعاش إن عاش ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    كل الذي يجري الان في سوريا ليس ضد الاسد أو الروس بل ضد الايرانيين ، وعلى الاثنين العمل في هذا الاتجاه والا ، وتكفي الغارة الإسرائيلية كرسالة لهم ، سلام ؟

Comments are closed.