الكرد والضربة الأمريكية المحتملة ضد النظام السوري- بيار روباري

بداية لا يوجد موقف كردي سوري موحد، ومن هنا لا يمكن الحديث عن موقف كردي، وإنما عن مواقف كردية، تتنوع بتنوع بإنتماءاتها الحزبية وتحالفاتها السياسية. والموقف الكردي السوري يتوزع بين تف- دم المتحالفة مع القوى الغربية، والأنكسة المتحالفة مع الإئتلاف الوطني السوري، الذي يرعاه المجرم اردوغان ويؤتمر بأمره.

بالنسبة لديناصورات الأنسكة، الذين رهنوا قرارهم للباب العالي منذ زمن بعيد، ليس لهم أي خيار، سوى الخيار الذي يتبناه المحتل التركي، وإنضم جماعات المعارضة السنية المتطرفة لهم، ألا وهو دعم الضربة الأمريكية لنظام الأسد لأنهم أفلسوا كليآ، وأخذوا يتمسكون بأي قشة، لعلها تنقذهم من الحفرة التي وضعهم ربهم اردوغان فيها، وفرض عليهم محاربة الشعب الكردي بدلآ من النظام، بعد الإتفاق التركي مع الأسد على تبادل المصالح، ضمن صفقة كاملة على حساب الكرد والمعارضين السنة للنظام السوري، برعاية روسية وتأييد من ملالي قم.

كان على الأنكسة سهلآ ” إتخاذ ” موقفآ واضحآ وصريحآ، في تأييدها للضربة الغربية لقوات نظام الأسد، وإعلان ذلك على الملأ. أما بالنسبة الى الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، فالأمر مختلف فهو عمليآ محشور في الزاوية، ولهذا أطلاق بعض المواقف التي لا معنى لها للتهرب من إتخاذ موقف مبدئي وصريح من هكذا ضربة إن حدثت.

فيجيب أحد قياديي هذا الحزب على أسئلة طرحها بنفسه، هو سيهانوك ديبو في مقالة له بعنوان: هل نحن مع ضرب سوريا؟ ويقول:

” هل حزبك؛ هل أنت مع الضربة الأمريكية أو أي تحرك عسكري أمريكي وفرنسي وبريطاني ضد النظام السوري؟ لأننا نصدف هذا السؤال كثيراً من هذه الفترة؛ لكن بعض الأسئلة خاطئة. وبعض الأسئلة لا أجوبة لها في وقت الطرح. وبعض الأسئلة لا يمتلك من يُسأل أجوبتها. حال البعض وحينما يقوم بنقض الفرض؛ فلا يجب أنْ يلحق به السؤال. فيكون سؤالاً ملحقاً بالفرض واستشرافياً أكثر من أن يكون بالمعرفي. أي أن بعض الأسئلة سفسطة السوري.

وفي فقرة إخرى يطرح السؤال التالي: في حال قلنا بأننا لسنا مع ضربة التحالف الدولي العربي للنظام السوري فهل ستتوقف؟”

أولآ عنوان المقالة مخادع، هو يحاول تصوير الضربة على أنها ضد سوريا كبلد، وهذا كذب وغير صحيح، ثم ماذا بقيا من البلد كي يُضرب؟ الضرب حتمآ ستكون ضد قوات النظام السوري المجرم وقيادته ومخابئ الأسد السرية، إن حدثت. وقطعآ لن يكون هدفها المدنيين الأمنين. السيد ديبو يسعى من خلال المحاولة الفاشلة، تبرير موقف حزبه، الذي يتجنب إتخاذ موقف واضح وصريح من الضربة وذلك لعدة أسباب.

ثانيآ، إجابت صاحب المقالة على سؤاله الأول، مجرد هراء وكلام فارع، إعتدنا على سماع من مثل هذه الخزعبلات من قبل.

أما أسباب موقف حزب (ب ي د) الهلامي من تلك الضربة المحتملة هي الأتي:

السبب الأول: تخوف الحزب من أن تكون الضربة الأمريكية رمزية ومحدودة الزمان والمكان، وفي النهاية لن تؤثر كثيرآ في النظام. وهو يحسب حساب المستقبل، خاصة في ضوء إعلان الرئيس ترامب عن نية بلاده بسحب قواته من سوريا في وقتٍ قريب، وتربص تركي بالكرد، وينتظر الفرصة لكي ينقض على منطقة الجزيرة، كما إنقضت على منطقة عفرين. وهذا لايريد قطع كل الخطوط مع النظام لأسباب كثيرة.

السبب الثاني: إن إستطاع النظام السوري إمتصاص الضربة الأمريكية وبقيا متماسكآ، سيكون باستطاعته القول، نحن كنا ضد الضربة، ويحافظ على خط الرجعة مع النظام. وفي حال سقوط النظام سيقول الحزب نحن كنا مع الضربة، وإن ليس بشكل معلن، كي لا نغضب حليفتنا أمريكا.

السبب الثالث: الحزب لا يريد إغضاب أمريكا، التي تؤمن له الحماية حاليآ، في مناطق شرق الفرات، بعكس الروس حلفاء النظام، الذين غدروا بالكرد وباععوهم للأتراك مقابل الغوطة.

السبب الرابع: حزب (ب ي د) يرفض الإنضمام الى تحالف يضم تركيا عدوة الكرد، وخاصة بعد إحتلالها لمنطقة عفرين وتهجير أهلها، وتعريب المنطقة.

السبب الخامس: هو تخوف هذا الحزب من أن يتسلم ضفة الحكم في دمشق مجموعة من الإسلاميين المتطرفين، في حال سقوط النظام السوري الحالي، وأظن أن هذا الإحتمال ضعيف، لأن القوى الغربية لم تقرر بعد التخلص من بشار الأسد ونظامه العلوي.

بتقديري الشخصي، الضربة الأمريكية- البريطانية- الفرنسية، ستكون تأديبية، وعبارة عن رسالة قوية موجهة بالدرجة الأولى للروس، وخاصة بعد قصة تسميم الجاسسوس الروسي المزدوج في لندن، وما تلته من حملة طرد الدبلوماسيين من قبل الطرفين.

برأي على الكرد إن يقفوا بجانب الضربة الأمريكية، لأن ما ارتكبه نظام الأسد، على مدى سبع سنوات من فظائع بحق السوريين، وإستخدامه للأسلحة المحرمة دوليآ، كالتي استخدمت في الغوطة وخان شيخون وغيرها من المناطق، يستوجب ردة فعل دولية حازمة تجاهه.

وكون الكرد أنفسهم ضحية لمثل هذه الأسلحة الفتاكة، في اقليم جنوب كردستان، فعليهم أن يأخذوا موقفآ حازمآ من ذلك، كونه موقف مبدئي وأخلاقي قبل كل شيئ. وعليهم أن يطالبوا المجتمع الدولي بتحريم تلك الأسلحة، وتجريم كل طرف حكومي

أو غير حكومي يقوم باستخدامها ضد أي مجموعة بشرية كانت، ومحاسبته بشدة.

 

12 – 04 – 2018