غريب شعوب الشرق الاوسط هو أن الجميع ينتظرون الاخرين كي يقوموا بتحريرهم من الاستعمار و تأسيس دولة العدالة و القانون لهم و هم في أحضان الحكومات الفاسدة و يخدمون الفاسدين و ينعمون بخيرات الفاسدين.
هنا لا بد من القول أنه من السذاجة أن يقوم البعض بالنضال و التحول الى جسور كي يعبر الاخرون على ظهورهم و يحصلوا على أمتيازات جديدة.
في زمن صدام ناضل البعض من الكورد و العراقيون من أجل أنهاء حكم صدام و النتيجة كانت تعرض هؤلاء و عوائلهم الى الظلم و الاضطهاد و القتل، و حصول اخرين على المناصب و منهم الذين كانوا مع صدام و ينعمون بخيرات صدام.
و حتى عندما نجحت الانتفاضة صار مصير الباقين من المناضلين الهرب الى أوربا و أستلام رجال صدام للمناصب. و الاغرب من هذا فأن نتيجة ثورة هؤلاء لا في العراق و لا في أية دولة في الشرق الاوسط كان تشكيل حكومات عادلة بل ان الذين أستلموا السلطة لا يختلفون أبدا من الانظمة السابقة من حيث تأمين حياة كريمة الى المواطن.
و بما أن الوضع كذلك فعلى الذين يريدون المناصب و يريدون التخلص من الفاسدين و خاصة من الذين يخدمون الفاسدين تغيير الوضع أن كانوا غير راضين من الوضع. فالتجارب أثبتت أن التحرر قد لا يأتي بالحكم العادل لا بل قد يضعك موضع عداء مع بني جلدتك. كما أن ذهاب الحاكم الفاسد لا يعني أبدا بأن حاكما عادلا سيحل محل الحاكم الفاسد.
الحكم العادل و الحرية هي نتاج معرفة و أدراك الشعب بأجمعة و مع الاسف شعوب الشرق الاوسط أمامها سنوات طويلة كي تلحق بالانسانية و الفكر الانساني المتطور و المنظم.
فعلى الرغم من مرور أكثر من 100 سنة على تاسيس الحكم المدني الديمقراطي في أوربا و أمريكا فأن الشرق الاوسط لم يتغير و لم يتقدم خطوة الى الامام و كأنهم لا زالوا في بدايات القرن العشرين و لم تصلحهم القرن الحادي و العشرين.