مع أن العراق هو بلد أتحادي حسب الدستور العراقي ألا أن الاتحادية فيه تتمثل بوجود أقليم واحد فقط مرتبط بالعراق كدولة و العراق ليست مجموعة أقاليم متحدة فيما بينما و لهذا يمكننا أن نعتبر العراق لا يمثل الصيغة الاتحادية السائدة للفدراليات الغربية حيث أن العراق العربي ليس بفدرالية بل هي دولة يرتبط بها أقليم واحد و هو أقليم كوردستان.
هذه االصيغة الاتحادية بين العراق و أقليم كوردستان تسمح للكورد و لاقليم كوردستان التمتع بشكل خاص من الارتباط يصل الى حد أمتلاك القوة العسكرية و الاقتصاد الحر و مؤسسات دولة كاملة تنقصها فقط التحول الى دولة مستقلة. و هذا ما قام به الكورد أثناء أستفتاء الاستقلال 2017 الذي صوت فيها الشعب الكوردي على الاستقلال و لكن تم افشالة عن طريق التحالفات الدولية و القوة العسكرية للعراق العربي و دولة أيران معا.
افشال مشروع الدولة الكوردية المستقلة و لو مؤقتا بالقوة العسكرية لم يؤدي الى افشال شكل أرتباط أقليم كوردستان بالعراق و تبعات الاستفتاء أقتصرت على الارض و سيطرة العراق عسكريا على بعض الاراضي الكوردستانية خارج الاقليم و لكن دولة أقليم كوردستان بقت كما هي بجميع مؤسساتها و علاقاتها الدولية.
الان هناك في العراق محاولات لأنشاء اقليم بأسم أقليم البصرة سبقه مشروع اخر لتحويل العراق الى فدرالية للمحافظات. و سواء أتجة العراق الى تشكيل دولة فدرالية المحافظات أو أنشاء أقليم فدرالي في البصرة فأن هكذا مشروع سيكون له تأثيراته الواضحة على اقليم كوردستان.
مشروع أنشاء أقليم البصرة سيكون تأثيراته سلبية أو أيجابية على أقليم كوردستان أعتمادا على نص المشروع. هل هو أنفصالي شامل عن العراق أو أنه مشروع لانشاء محافظة لامركزية في البصرة.
في البصرة هناك ميليشيات للحشد الشعبي و لكنها تابعة لقوى مختلفة و ليس لتيار محدد و القوى الشيعية نفسها غير متفقة على أنشاء أقليم أنفصالي في البصرة كما أن القوى العراقية الشيعية التي تدعوا الى أنشاء أقليم أنفصالي عن العراق في البصرة ضعيفة و لا تتمتع بالاغلبية. أيران بحد ذاتها لم تصل الى مرحلة اليأس من الدولة العراقية و لا تزال تطمح بأستمرار سيطرتها على العراق بشكل كامل و ليس على البصرة فقط.
مشروع أقليم البصرة سيتحول الى مشروع أنفصالي في حالتين الاولى هي أن تتحول الدولة العراقية الى دولة لا تراعي مصالح أيران و تقف ضد الامتداد الايراني و هذا لم يحصل الى الان على الرغم من الضغوط الامريكية و الدولة العراقية نفسها من المالكي مرورا بالعبادي و الى عبد المهدي كلهم موالون لأيران و لديهم علاقات متجذرة مع أيران و هذا يمنح الثقة لايران كي لا تدعم أنشاء اقليم أنفصالي في البصرة عن العراق. و الحالة الثانية هو تحول العراق الى خطر على الدولة العربية السنية عندها قد تلجئ أمريكا و الدول العربية السنية الى دعم مشروع البصرة من أجل أضعاف الشيعة و خلق توازن طائفي قومي في العراق. هكذا مشروع سيكون تأثيراته أقوى من الدعم العربي السني للانبار و الموصل و تكريت.
و بما أن العراق لديه علاقات قوية مع أيران الان و هو في طور تطوير علاقاته مع السعودية و دول الخليج فأن مشروع الاقليم الانفصالي في البصرة سيكون بمثابة ( أحلام الشعراء) على حد اقوال الرئيس المرحوم جلال الطالباني.
و هذا يؤكد لنا بأن أي مشروع لانشاء أقليم في البصرة في الوقت الحالي سيكون على الارجح مشروعا لانشاء أقليم لامركزي و ليس اقليما بصيغة أقليم كوردستان.
و هنا لابد للكورد أن يكونوا يقضين جدا في مسألة أنشاء أقليم لامركزي في البصرة أو في أية محافظة عراقية أخرى حيث أن أنشاء مثل هذا الاقليم اللامركزي الغير مستقل له مردوداته السلبية على أقليم كوردستان و بأستطاعة العراق في تلك الحالة فرض نفس الحالة على أقليم كوردستان و أنهاء أستقلالية أقليم كوردستان و تخفيض سلطاته الى درجة أقليم اداري لامركزي و ليس كما هو الان دولة مرتبطة بالعراق أتحاديا.
الاقليم اللامركزي و لو كان بأسم الاقليم الفدرالي في البصرة فأنه سيكون بشكل أداري فقط. اي يفتقد الى القوة العسكرية المستقلة عقائديا كما في حالة بيشمركة أقليم كوردستان المستعدة للدفاع عن أقليم كوردستان دوما. كما أن الاقليم الفدرالي اللامركزي في البصرة سيتم انشاءة بموافقة و قرارات من بغداد. اي سيتم تفصيله من قبل الدولة العراقية و هذا سيجعلة لا ترتقي سلطاته الى سلطات أقليم كوردستان في المجال النفطي أيضا. فصل نفط أقليم البصرة عن العراق يعني موت دولة العراق أقتصاديا أيضا و هذا الامر تدركة الحركة القومية العربية بصيغتها الشيعية و السنية و هذا سيكون العائق في طريق موافقة دولة العراق على أنشاء أقليم فدرالي حقيقي في البصرة. نجاح أقليم البصرة الفدرالي الحقيقي قد يعني أنتهاء دولة العراق و الشيعة عندها سيتوجهون على الارجح الى أنشاء دولتهم الشيعية في العراق و ليس فصل الشيعة في البصرة عن باقي الشيعة في العراق. فكما الكورد لا يؤيديون انشاء أقليم في السليمانية أو كركوك و يفضلون البقاء موحدين فأن أنشاء أقليم البصرة الشيعي بصيغته الفدرالية الحقيقية سيكون مصدر قلق لدى الشيعة بشكل كامل.
و بهذا نتأكد بأن أقليم البصرة في حالة أنشاءة سيكون على الارجح أقليما لامركزيا فقط و هكذا أقليم بتلك المواصفات هو ليس في صالح اقليم كوردستان لأن العراق لدية دستور واحد و سيتم تعميم قانون الاقاليم على أقليم البصرة و أقليم كوردستان على حد سواء و هذا سينجم عنه أنتهاء دولة أقليم كوردستان الحالية و أنشاء منطقة أدارية أقرب الى منطقة حكم ذاتي.