أية صيغة صحيحة كوردستان أم كُردستان كورد أم كُرد أم أكراد؟ – محمد مندلاوي

 

 

“خاص لصوت كوردستان”:

مع نهاية الألفية الثانية، وبدء الألفية ثالثة، دخلت البشرية معها على الكوكب الدوار في مرحلة جديدة صعبة ومعقدة في مسيرة حياتها الطويلة. لا يوجد في هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ البشرية مكاناً لأية أمة مستهلكة، غير منتجة، تتخلف عن ركب الحضارة، والتطور التكنولوجي الهائل، لأن تأثير هذه الانعطافة العلمية الجبارة على مفردات حياة الإنسان اليومية سيكون تأثيراً مباشراً. فمن ضمن الأدوات التي تنقل لنا ألف باء هذه الحضارة، وهذا التطور العلمي الهائل هي اللغة، التي هي أعظم ابتكار ابتكرها الإنسان على مدى تاريخه، التي من خلالها يتواصلون فيما بينهم. وهكذا الشعب الكوردي، الذي هو نظير أخيه الإنسان، هو الآخر يتواصل أبنائه فيما بينهم، ومع العالم الخارجي من خلال لغتهم الكوردية، التي ابتكرها أجدادهم في وطنهم كوردستان قبل آلاف السنين، فإذا استحسنوا اللفظ والتدوين، واستخدموا مفردات لغتهم التي يتكلمون ويكتبون بها بطريقة صحيحة وسليمة مع كل حيثياتها القاعدية والإملائية بلا شك سوف يكتسبون العلوم البشرية وفقاً لقواعدها العلمية السليمة، أما إذا تنتقل إليهم العلوم البشرية الحديثة بأبجدية ركيكة وناقصة، دون ريب، سيتخلفون عن ركب الحضارة البشرية، ولا يصيبهم منها شيء يذكر سوى موجات الغبار والأتربة التي ستخلفها أقدام قوافلها التي تسير بسرعة فائقة نحو العلا.

طبعاً، وبلا شك، أن اللغة كما عرجنا عليها أعلاه، هي التي توصل الأفكار إلى المتلقي، كلاماً مباشراً، أو بأية وسيلة من الوسائل المبتكرة حديثاً. لكن، هناك من يقول، أن العلاقة جدلية بين اللغة والفكر، ومنهم من قال أن الفكر سابق على اللغة، ومنهم من قال خلاف هذا، إلا أن هذا جدل فلسفي يبقى قائماً بين العلماء والفلاسفة. لكن الذي  نحن العامة نعرفه في هذا العصر الراهن، أن اللغة هي الأداة المثلى لنشر الأفكار وتوصيلها شكلاً ومضموناً وبأسلوب منطقي سلس إلى آذان بني البشر.

أعذرني عزيزي القارئ، بأني تعمقت بعض الشيء في المقدمة، وتوسعت قليلاً في سردي عن تعريف اللغة ودورها الحيوي في حياة الإنسان. لكن كان لا بد من هذه المقدمة، حتى يعلم القارئ العزيز جيداً أين يكمن بيت القصيد في موضوعنا الذي سنفصل فيه بعض التفصيل في سياق هذا المقال.

عزيزي المتابع، لا يخفى على الكثيرين، أن الكورد كملوا بناء هيكلهم القومي والوطني، وظهروا على مسرح التاريخ كأمة قائمة بذاتها قبل الآخرين بزمن طويل. فلذا تجد في بواطن كتب التاريخ ذكر اسم الكورد الجامع الشامل قبل الأمم الأخرى المحيطة بها كالعرب، والفرس، والأتراك. وهناك ثلاثة أشياء قومية خالصة عند الكورد ابتكروها قبل الآخرين، وأنها تدل على قدمهم، وعلى أنهم جسد واحد: 1- عيد نوروز، وهو عيد قومي للأمة الكوردية، يحتفل به عموم الشعب الكوردي. 2- علم كوردستان القومي بألوانه الثلاثة الزاهية والشمس الساطعة في وسطه، هو الآخر العلم القومي للأمة الكوردية عمره أقدم من الكثير من البلدان التي لها عضوية في الأمم المتحدة؟. 3- نشيد “ئەی ڕەقیب” وهو النشيد القومي للأمة الكوردية، يتحدث عن ماضيهم التليد وحاضرهم العتيد. إن هذه الأسبقية الزمنية على الآخرين، تمنح الشعب الكوردي الشرعية التاريخية كأمة أولى في قلب شرق الأوسط. وفي العصر الحديث نسبياً، قامت الثورات الكوردية برفع شعار تأسيس دولة كوردستان، لأنه -الكورد- استكملوا شروط تأسيس دولتهم الوطنية على هذا الكوكب قبل الآخرين، إلا أن قوى الشر الفارسي، والتركي العثماني وجهت فوهات بنادقها، وسنن رماحها نحو صدر المواطن الكوردي المسالم، فاحتلت أرضه، وقسمتها عنوة بينهما. وفيما بعد، جُزء المجزأ من الوطن الكوردي بقوة الحديد والنار، وألحق قسراً بكيانات مصطنعة أوجدها الاستعمار البريطاني والفرنسي (الكافر). مِن هذه الثورات الخالدة في ضمير ووجدان الكورد، ثورة الشيخ (عبيد الله النهري)، الذي حارب الأتراك الطورانيين والإيرانيين معاً، إلا أنه، لم يفلح في تحقيق أهداف ثورته، لكنها نجحت في شيء واحد، لقد عَرَّفت العالم الحديث، على أن الأمة الكوردية أمة واحدة لغة وتاريخاً وأرضا. وكذلك كتاب (شرفنامه) للأمير (شرفخان بدليسي)، الذي هو الآخر وضع بمداد قلمه أمام العالم أجمع حدود الوطن الكوردي، كوردستان التي تبدأ من خلف مضيق هرمز على بحر الخليج (الفارسي) إلى بحر الأبيض المتوسط (بحر الروم). إن الخريطة التاريخية، التي رسمها (شرفخان) هي الأخرى تدل دلالة واضحة على أن الأمة الكوردية وحدة واحدة من البحر إلى البحر. وفي ستينيات القرن الماضي، خلد هذه الحدود المقدسة لكوردستان شاعر الكورد وكوردستان خالد الذكر (قانع) بقصيدة كوردية سماها حدودنا “سنوورەکەم” أذكر هنا فقط أسماء المدن والجبال والجهات الأربع التي ذكرها الشاعر في قصيدته: لقد كتب الجغرافيون، من الغرب، من جبل طوروس حتى اسكندرونة، ثم إلى بحر الإسود، وفي الشمال، من بحر الإسود حتى أردهان، ومن أردهان حتى نهر آراس، ومن الشرق من جبل ألوند حتى بحيرة أورمية، ومن أورمية إلى جبل حمرين، وإلى أهواز وشنكال ونصيبين. هذا هو طيب الذكر (قانع) يرسم في قصيدته العصماء بالأحرف والكلمات حدود الوطن الكوردي، كوردستان، وأطر فيها معالم وحدة الأمة الكوردية أرضاً وشعباً وتاريخا. طبعاً هناك العديد من المؤرخين والآثاريين في العالم، مِن غير الكورد ذكروا في كتبهم القيمة اسم كوردستان كوحدة جغرافية واحدة لأمة عريقة في التاريخ تسمى الأمة الكوردية.

للأسف الشديد، أن اسم هذا الوطن العريق في القدم، يتعرض اليوم من قبل بعض أبنائه… إلى تشويه متعمد، وذلك بسبب إتباعهم نهج المحتل العربي لتدوين اسمه، واسم شعبه، الذي هو الشعب الكوردي الأصيل. إن هذا البعض… يصر على كتابة اسم هذا الوطن والشعب الذي يعيش على أديمه منذ عصور غابرة بالضمة العربية وبهذا الرسم “كُردستان- كُرد” ويجمعون اسم هذا الأخير أيضاً على الصيغة العربية… التي هي “أكراد”. ربما يقول البعض من لا أباليين لا ضير في هذا. نقول لهم: لا عزيزي، هذا اسم وطن، واسم أمة، لا يجوز العبث بهما، لأنه يؤثر سلباً على هيبتهما، وهويتهما الوطنية والقومية. نقول لمن يقول لا يؤثر سلباً إذا كتب الاسم بالضم أو بالواو. هل يقبل الأستاذ أن نغير الفتحة التي على الحرف الأول من اسمه إلى الضمة؟. ثم، إلا يعرف الأستاذ أن العرب شعب متهكم، أي: يتهكمون بشعوب العالم أجمع حين يصفونهم بالـ”عجم”؟ أي: كالبهيمة عجماء، لأنها لا تقدر على الكلام!. ويقول العرب: خلاف العربي هو عجمي حتى لو نطق بالعربية أو لم ينطق!!. ولهم أقوال عنصرية عن اسم الكورد لا يستسيغها العقل البشري، لا أريد الخوض فيها لأنها تستخف بهذه الأمة العريقة. عزيزي القارئ الكريم، توجد في لغة العرب ثلاثة أحرف علة، التي هي الألف وهذا رسمها “ا” والواو وهذا رسمها “و” والياء وهذا رسمها “ي”. وهكذا تقول المعاجم العربية: إن حروف العلة أصوات متحركة، تساهم في تحديد نطق الكلمة، وقد سميت بحروف العلة لضعفها وعدم ثباتها على حال واحدة.

حقيقة كتابة اسم كوردستان بالصيغتين، بالواو، وبالضمة، وهذا رسمهما: “كوردستان – كُردستان”. إن  أحد الإخوة الأفاضل وهو كاتب معروف وله نتاجات عديدة في حقل الأدب والثقافة، لقد أجزم، أقول أجزم في إحدى كتابته أن كتابة اسم كوردستان بالواو خطأ، الذي هذا رسمه: كوردستان. وقال الأصح أن يكتب الاسم بالضمة هكذا:كُردستان. بما أننا ندون في كتاباتنا اسم كوردستان بالواو، بلا أدنى شك، أن إصراره على أن كتابة اسم كوردستان بالواو خطأ يمسنا نحن أيضاً، لأننا نكتب الاسم برسم الواو، فلذا يحتم علينا أن نشرح الموضوع بأسلوب سلس، ونبين للقارئ الكريم، أي منا يدون الاسم بصيغته الصحيحة، وأي منا يدونه بصيغته الخاطئة.

عزيزي المتابع، كما بينا أعلاه، أن حرف الواو في لغة العرب من حروف العلة، وهذا يعني أن نبرة لفظها تتغير من مضخم إلى مرخم وفق مكانها في الكلمة التي ترد فيها،  مثال كلمة “خوخ” تجد واوها مضخمة، وكلمة موز واوها مرخمة، أي: رخيمة، أي: لينة، رقيقة. ثم، لا حظ نبرة الواو في اسم مدينة “كوت”، أليست واو الـ”كوت” تلفظ مثل الواو التي في اسم كوردستان؟ إذاً لماذا يكتب اسم كوردستان بالضم، واسم كوت يكتب بالواو؟؟!!. لكن ،لاحظ اسم مدينة رُمادي الذي يكتب بالضم، كيف يختلف نبرته عن اسم كوردستان، لأنه كتب بالضمة الصحيحة على الراء. أما أن العرب، يدونون اسم كوردستان بالضم لغاية استعلائية في نفوسهم فهذا شأنهم، لقد وضحنا أعلاه جانباً منها. بناءً على اللفظ السليم، نحن نكتب اسم وطننا بالواو “كوردستان” المقترن باسم الكورد، الذي يدون بذات الصيغة السليمة. حتى أن اسم الشعب الكوردي بالرسم العربي “أكراد” هو الآخر فيه استخفاف وقح، لأن الطريقة الصحيحة لكتابته ولفظه السليم هو “كورد” وليس “أكراد” الذي على وزن أعراب ؟؟. وهكذا أطلق العرب على تورك اسم أتراك، هو الآخر على وزن أعراب. للعلم، أنهم -العرب- هاجرو نهائياً تسمية “الأعراب”، واستعاضوا عنها باسم الـ”بدو” الذي أخف استهزاءً، وأخف وقعاً من اسم الأعراب على مسمع الإنسان؟ فلذا لا تجد اليوم من يطلق على مجموعة عربية تعيش في الصحراء اسم الأعراب؟ لأن القرآن في آيات عديدة وصفهم بأوصاف قاسية، لأنهم أصلاً يتصفون بالقسوة، والغلظة، والجفاء،لذا قال عنهم في سورة التوبة آية 97: الأعراب أشد كفراً ونفقا. لكنهم -العرب- أبقوا على اسم الأكراد، الذي على وزن اسم الأعراب…، والذي لا تجد له أثراً اليوم على الأرض، سوى في بواطن الكتب، كأسماء أجناس الديناصورات المنقرضة؟؟!!. لكي أكون دقيقاً فيما أقول هنا، هناك من العرب من يحترم نفسه، قط لا يقول أكراد، بل يقول في كل أحاديثه كورد، من هؤلاء، نوري المالكي، وإبراهيم الجعفري وغيرهما من الأشياع.

حقيقة وددت لو بعضاً من الكورد الذي يسيرون أذلاء خلف المحتل العربي، أن يقولوا لنا، لماذا غَيَّر العرب حديثاً اسم إربل القديم إلى أربيل؟، ما الغاية التي تكمن ورائه؟؟. للأسف الشديد، نحن الكورد، أو الأصح غالبية الكورد،يقلدوا كل شيء يقوم به العرب دون أن يقلبوه وجه وقفى، ويفحصوه فحصاً دقيقا؟. الذي أريد أن أقوله في ملاحظتي هذه، أن الكثير منا – الكورد- بمحض إرادته أصبح أسيراً لإرادة المحتل  العربي !! على سبيل المثال وليس الحصر،هناك مدينة كوردية كبيرة اسمها “مووسيل” وهي سليبة من قبل العرب  منذ صدر الإسلام، أن اسمها الكوردي  هكذا: مووسيل. حتى أن (كزينفون)القائد اليوناني قبل 2500  سنة مر بجوارها  وذكرها في كتابه (رحلة عشرة آلاف مقاتل) بهذه الصورة: “مووسيلا”. لكن، حين جاءت الجحافل العربية في صدر الإسلام من شبه الجزيرة العربية واحتلتها بحد السيف، كالعادة تلاعبت باسمها كتلاعبهم  ببقية الأسماء الكوردية الأخرى، التي غيروها إلى الصيغ العربية، ومنها كما أسلفت اسم مدينة “مووسيل” الكوردية التي حوروها كما قلت إلى “موصل”. لكن للحق وللتاريخ أقول: أن الكورد البهدينانيين، لا زالوا يقولون ويرددون اسمها الكوردي الأصيل مووسيل. إلا أن الجزء الآخر من كوردستان، وهم إخواننا السوران وغيرهم قط  لا يقولون ولا يرددون الاسم الكوردي البهديناني الأصيل “مووسيل”، بل يرددون الاسم العربي المحرف”موصل”. للأسف، أن بعض الكورد كما أسلفت، لا زالوا يلفظون ويرددون الأسماء الكوردية الأخرى التي جنا عليها العرب بقصد تعريبها؟؟!!.لا بل وصل الانحطاط الفكري والـ…؟ عند الكتاب، والسياسيين الكورد يشيعون مصطلحات سوقية في الشارع الكوردي لم يقلها الشعب العربي في العراق!! مثال اسم كوردستان العراق، لم يقله المشرع العربي في الدستور الاتحادي العراقي؟ بينما تجد الكاتب، والسياسي الكوردي يقوله بملأ فهم… دون أن ينتبه لخطورته. وهكذا تجتر النخبة الكوردية وتقول: نحن قومية ثانية في العراق.نسألهم: هل قال الدستور هذا؟. هل قالت العرب نحن قومية أولى حتى أنت تجتر كالـ….؟ وتقول نحن قومية ثانية؟. ومنهم من يفتخر بجهله المركب حين يزعم: نحن كورد العراق، أو نحن جزء من العراق، الخ الخ الخ. أليس من واجب هذه النخبة الثقافية والسياسية أن تنشر بين الكورد الوعي السياسي، والنضوج القومي كي يثري الساحة الكوردستانية بنتاجات فكرية نيرة حتى يعتز المواطن الكوردي بانتمائه لقوميته ووطنه، ويضحي من أجلهما في الشدائد بالغالي والنفيس؟، لا أن تضلله وتقتل جذوة الانتماء المقدس فيه، وذلك بنشر هذه الأسماء المشوهة، التي تمسخ هويته القومية والوطنية، وتزرع فيه روح الاستسلام والهزيمة، فعليه، إذا أطلق جيش الاحتلال العراقي رصاصة في بعقوبة قاصداً بها كوردستان، تجد أن أهل سليمانية، وأربيل، ودهوك، بدل أن يقفوا سداً منيعاً في وجه جيش الاحتلال البغيض يتركون مدنهم وقراهم، ويهربون نحو شرق، وشمال كوردستان؟؟؟!!!.

 

07 05 2020

 

أنا صخرة الوادي إذا ما زوحمت … وإذا نطقت فإنني الجوزاء              وإذا خفيت على الغبي فعاذرٌ … أن لا تراني مقلة عمياء؟. (المتنبي)

One Comment on “أية صيغة صحيحة كوردستان أم كُردستان كورد أم كُرد أم أكراد؟ – محمد مندلاوي”

  1. كلها صحية واختلافها البسيط يتوقف على لهجة اللغة التي يتكلمها المتكلم حتى الاكراد أنفسهم يختلفون قليلاً عن بعضهم فالبهدينان يخففون الضمة على الكاف بمقدار كبير بينما يمددها السوران لتشبه الواو والاجانب أكثر بكثير فالإنكليز يكتبون (و) ويلفظونه( ي)والأرمن فتحة والألمان ( و ) قوية والعرب يلفظونها كسرة واضحة إلا عند قراءة كوردستان المكتوبة بالكوردية , لكن منشأ التحريكة هو السكون ( كرد) فعل العمل الشعب هو الشعب العامل والوطن هو وطن العمل وهو موطن الثورة الزراعية قبل كل البشر والبلدان

Comments are closed.