لا أحداً كان يجهل مهما كان مستواهُ المعلوماتيِّ العام متواضعاً بأن منظمة القاعدة التكفيرية المتطرفة ، ثم ما تناسل منها من تنظيمات تكفيرية إرهابية وحشية مارقة ، مثل داعش والنصرة وأشباهها بأنهم لوتمكنوا سوف يفتكون بالكرد الإيزيديين الأبرياء ويشهرون السيوف عليهم ذبحاً كالخراف وقتلاً جماعياً وعدواناً على أعراضهم وكرامتهم وأموالهم ، وهكذا سائر الكرد بشكل عام .
وذلك لسببين أساسيين في فكرهم المنحطِّ المتخلِّفِ والّلاإنسانيّ ، هما : أوله بسبب ديانتهم التاريخية المعروفة بالإيزيدية ، وثانيه بسبب قوميتهم الكردية . هنا لا فرق لدى لهؤلاء الإرهابيين المرتدين في تقديم ، أو تأخير السبب الأول على الثاني أو العكس ، فالأمر سيان في السببان لدى هؤلاء من أشباه البشر الذين توغلوا في الإجرام والوحوشية والنقض الصارخ لحقوق البشر ، حيث قلَّ مثيله ونظيره في التاريخ .
ما ذكرناه هو أمرٌ معلومٌ ومعروفٌ لدينا ، وهو كذلك أمرٌ مفروغٌ منه بالنسبة للتنظيمات التكفيرية الإرهابية ومواقفها إزاء الكرد وكردستان ، بخاصة تجاه الكرد الإيزيديين أو الكرد الكاكائية وغيرهم من الكرد المتباينين على المستوى الديني والعقدي ، كما إن تنظيم داعش إرتكب جرائم كبيرة وشنيعة وبشعة تجاه الكرد الكاكائية والمسيحيين في إقليم كردستان / العراق . أما التساؤلات المركزية والأساسية والأهم هنا ، هي كالتالي : لماذا لم تدافع حكومة إقليم كردستان / العراق وحزب البارزاني ورئاسة الإقليم التي كان يومها مسعود البارزاني رئيسها عن أهالي مدينة سنجار وأطرافها ونواحيها ، حيث كانت سنجار تحت حكمهم وسيطرتهم لا الحكومة المركزية في بغداد ..؟
في هذا الشأن يُذكر إن قوات البيشمه ركه الكردية كانت تتواجد في سنجار بقوام [ 12000 ] بيشمه ركه ، ما عدا العناصر الأمنية والمخابراتية للإقليم ، وهي مسلحة بشكل جيد ، فلماذا ، ومن أصدر الأمر بآنسحاب تلكم القوات الكردية الكبيرة والمسلحة بشتى أنواع وصنوف الأسلحة والذخيرة من سنجار قبيل هجوم تنظيم داعش على سنجار الذي صادف تأريخ 03 / 08 / 2014 وتركهم فريسة لتنظيم داعش الغارق في الإجرام والسفالة والتوحش والإرهاب والتخلف ، ولماذا منعت القوات الكردية الكرد الإيزيديين من مغادرة مدينة سنجار حينما شعروا بقرب هجوم تنظيم داعش على مدينة سنجار وأطرافها في التأريخ المذكور ..؟
ثم كيف لم تستشعر وتتنبأَ رئاسة الإقليم وحكومة الإقليم وأمنها ومخابراتها خطر تنظيم داعش على الكرد الإيزيديين حينما آحتل محافظة الموصل بتأريخ 15 / 06 / 2014 ، ومن ثم لماذا لم يقدموا على تخلية مدينة سنجار وضواحيها من الكرد الإيزيديين وإسكانهم في المدن والمناطق الأخرى لإقليم كردستان ، مثل دهوك وزاخو وعقرة وغيرها ، بخاصة اذا ما علمنا أمرين آثنين ، هما : الأول ، هو إنه كان بين إحتلال داعش لمدينة الموصل [ 15 / 06 / 2014 ] ، و آحتلاله لمدينة سنجار وضواحيها [ 03 / 08 / 2014 ] فترة كافية جداً لنقلهم منها وإبعادهم من الخطر القريب الداهم عليهم .
والثاني ، هو إن تنظيم داعش سوف يفتك بالكرد الإيزيديين فتك الضواري حالما تمكن منهم . بالتالي هذا يعني إنه كان بيد حكومة ورئاسة وقوات إقليم كردستان / العراق مدة [ 48 ] يوماً لإجلاء الكرد الإيزيديين من منطقة الخطر الداعشي الذي هو كان يومذاك يقترب منهم رويداً رويداً من الموصل . لا شك بأن مدة [ 48 ] يومٍ كانت قياسية وكافية لنقل الملايين لا مئة ألف أو يزيدون وحسب ، ولو انهم فعلوا ذلك لكان بالإمكان على وجه القطع واليقين تفادي وقوع الجريمة والمذبحة الكبرى للإيزيديين الكرد ، ولذكر التاريخ مدى إخلاص وحكمة وبعد النظر لرئاسة الإقليم ، ولحكومة الإقليم …!؟
إن المفارقة الكبرى ، بل الصدمة والدهشة ، كل الصدمة والدهشة ، هي في تصريح حكومة ورئاسة إقليم كردستان / العراق بعد آحتلال داعش لمدينة الموصل ، قولهم بأنهم كانوا على آطلاعٍ بهجوم داعش للموصل قبل ستة أشهر كما بثت الخبر فضائياتهم يومذاك ، وهم بدورهم أطْلعوا رئيس وزراء العراق يومها نوري المالكي على الموضوع ، لكنهم لم يتخذوا التدابير اللازمة لعدم سقوط الموصل بيد تنظيم داعش . هنا تكمن المصيبة والفاجعة في نفس الوقت ، وهي : فلماذا لم يحتاطوا هم بالنسبة لمدينة سنجار وضواحيها ويتخذوا التدابير الجدية والقوية اللازمة لردع داعش ودحره لعدم حصول الكارثة العظمى والفاجعة الكبرى إزاء الكرد الإيزيديين الأبرياء …!؟
بعدها قد يأتي أهم تساؤل في هذه المقالة ، وهو : لقد كانت بيد رئاسة إقليم كردستان / العراق وحكومته وقواته الوقت الكافي والإضافي – كما ذكرنا – لإجلاء الكرد الإيزيديين الأبرياء من مدينة سنجار ونواحيها ، فلماذا لم يقدموا على ذلك ، ثم كانت لهم القوات العسكرية الكبيرة والأسلحة الكثيرة والمتنوعة ، منها مجموعة من الدبابات والمصفحات والمدرعات وراجمات الصواريخ والمدافع التي غنموها من الجيش العراقي سابقاً ، مضافاً الى الكثير من الأسلحة المتوسطة إذن ، فلماذا لم تخطط رئاسة وحكومة إقليم كردستان / العراق في التصدي لتنظيم داعش حينما آقترب من مدينة سنجار ، حيث يُقال بأن عدد أفراد داعش كان أقلَّ من [ 500 ] فرد ، وهم – أي رئاسة الإقليم وحكومته – كانوا يملكون [ 12000 ] ألف عسكري – بيشمركة في مدينة سنجار ، مع الأسلحة الضخمة المذكورة تَوَّاً ، فلماذا آنسحبوا وتركوا الكرد الإيزيديين الأبرياء فريسة لتنظيم داعش الذي ذبح وقتل وآختطف الآلاف منهم من النساء والرجال والأطفال وآستباح كرامتهم ونهب أموالهم ، حيث مازال الى اليوم مصير المئات من البنات والنساء الإيزيديات الأبرياء المختطفات مجهول المصير …!؟
هناك روايتان لهذه التراجيديا بالعمق والصميم للكرد الإيزيديين في مدينة سنجار وضواحيها ، في سبب تخاذل رئاسة وحكومة البارزاني لهم ، هما : الأولى ، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد طمأن الرئاسة والحكومة البارزانيتين في الإقليم بأن تنظيم داعش ليس له علاقة بالكرد والمناطق الكردية ، وهو لا يُهاجمهم ، بل هو سوف يُهاجم نوري المالكي وحكومته وجيشه فقط ! .
أما الرواية الثانية فهي تقول : إن منصور نجل مسعود البارزاني كان قد وقع في أسر تنظيم داعش بعد آحتلاله لمدينة الموصل في أحد مناطقها . لهذا – وبحسب الرواية الثانية – فإن تنظيم داعش أبلغ رئيس الإقليم يومها مسعود البارزاني بأنه سوف يذبح إبنه منصور اذا لم يقدم على سحب القوات الكردية من مدينة سنجار ، طبعاً لا نعلم مدى صحة الروايتان المذكورتان . أما الواقع والصحيح مئة بالمئة ، هو إنسحاب القوات الكردية لرئاسة وحكومة الإقليم من مدينة سنجار وعدم دفاعها عنها خلال هجوم تنظيم داعش للكرد الإيزيديين المغدورين بهم …!؟
في هذا الشأن نسجِّلُ شهادة لله تعالى والتاريخ ، هي : لولا تدخل ثوار حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية من كردستان / سوريا وتصديهم الأسطوري لداعش في جبل سنجار لكانت الخسائر أفدح وأعظم ومروعة من جميع النواحي ، لكنهم تمكنوا من الصدِّ البطوليِّ لداعش ووقف زحفه نحو جبل سنجار الذي كان قد آعتصم به ولجأ اليه الآلاف من الكرد الإيزيديين من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب ، ثم لولا تدخل الطيران الأمريكي بقاذفاته وصواريخه بالهجوم المكثف على قوات داعش لتمكن من إحتلال العاصمة أربيل نفسها ، حيث كانت قوات داعش قاب قوسين أو أدنى من إحتلال أربيل التي تتواجد فيها العديد من القنصليات الدبلوماسية للدول الأمريكية والروسية والبريطانية والفرنسية والصينية وغيرها ، لهذا وربما لغيره من العوامل أيضاً تم منع سقوط أربيل العاصمة وآحتلالها من قبل قوات داعش ! .
بالحقيقة حينما سقطت مدينة سنجار بيد تنظيم داعش يومها سقطت رئاسة إقليم كردستان / العراق ، وسقطت حكومته على مستوى الشرعية للعدالة والديمقراطية والكوردایەتية ، لكن رغم ذلك لم يقدموا على الإستقالة والإعتذار الرسميِّ من الكرد الإيزيديين والكرد بشكلٍ عام على ما قصَّروا بحقهم ، وعلى تخاذلهم لهم ، وعلى ما فرَّطوا بحقوقهم ومصيرهم وثرواتهم الوطنية . أما إنهم لم يفعلوا وحسب ، بلِ آستمروا في ديمومة سلطتهم العائلية الإستبدادية على الشعب الكردي في الإقليم بالقهر والإكراه والإرعاب ، وكأنَّ شيئاً لم يحدث ، وهيهات من الإستبداد والمستبدين أن يعدلوا وينصفوا ، وهم – بكل الأحوال – مطلوبهم لمحكمة العدالة كردياً والتاريخ عموماً والأخرى ، حيث العدالة المطلقة أمام الله سبحانه ، وهو خير الحاكمين والعادلين …؟
تحية طيبة للاستاذ الكريم مير عقراوي.
المسالة ببساطة استاذي الكريم هي مهما كانت الأسباب فإن الموضوع هو تعبير عن خيانة عظمى اقترفت بحق الايزيديين، سواء بتحريض من تركيا أو بسبب احتجاز أبن مسعود برزاني من قبل داعش. نعم كان هناك أكثر من هذا العدد من القوات في المنطقة إضافة إلى المقاتلين الايزيديين الذين دافعوا بشراسة عن أرض سنجار لحين نفاذ ذخيرتهم.
اقولها وبكل صراحة فإن المخطط كان واضحاً بالنسبة للحكومة العراقية وحكومة الاقليم وحزب العمال الكردستاني بنفس المقدار لأن داعش أعلن ذلك صراحة وقالوا بان الموعد بعد العيد سيكون مع الايزيديين في سنجار. وأن تدخل حزب العمال على الخط كان ايضا بتدبير متقف والدليل هو الرابط أدناه في مقابلة للسيد مراد قريلان وهو يتحدث بكل وضوح عن الاتفاق المسبق.
https://www.facebook.com/623511977993671/posts/1279784312366431/?sfnsn=scwspmo&
extid=zW6Sd4kxKKxnF4D2&d=n&vh=e
الذي أنقذ ما تبقى من سنجار لحين اخلاء العوائل هو شراسة المقاتلين الايزيديين البسطاء وليس غيرهم. فهل من المعقول أن تنزل افواج من العوائل في طريق مكشوف لعدة ايام تحت حماية قوات البككة فقط دون أن تحصل معركة بينهم وبين داعش؟ وإذا كانت قوات البككة قد حمت الافواج النازحة من جهة الغرب، فما الحال بالنسبة للافواج النازحة من جهة الشرق التي تنزل من جبل سنجار باتجاه الحدود السورية؟ وهل حماهم أحد من بطش داعش وخاصة من حردان وكهبل؟ عليه يجب قول الحق بأنه لم يدافع أحد عن الايزيديين غيرهم.
تعالوا وشوفوا ما يفعله حزب العمال الكردستاني في سنجار منذ اليوم الاول للنزوح ولحد الان. تعالوا وشاهدوا كيف أن حزب العمال عملوا الانفاق الرهيبةفي طول وعرض الجبل وعملوها كمخازن لاسلحتهم وهم يمنعون الاهالي من الايزيديين بالاقتراب من نصف مساحة جبل سنجار وهو عماد حياتهم في الحماية والارتزاق حيث ملايين الاشجار المثمرة من بساتين التين ورعي المواشي وزراعة بساتينهم أو المرور في الجبل وهو عماد حياتهم.
الموضوع بكل بساطة هو خيانة والادهى بأنه لم يتحاسب ولو شخص واحد عن اقتراف هذه الجريمة الكبرى وهي سجلت ضد مجهول. تحياتي لك
الأخ العزيز علي سيدورشو
تحية طيبة :
1-/ لك الشكر العميم على المرور الكريم والحضور الطيب والإهتمام بالموضوع المنشور والتعقيب عليه ، فسلمت دوماً .
2-/ لقد تحدثت في المقالة المنشورة أعلاه الأيام الأولية لهجوم داعش الوحشي الإرهابي على سنجار ومحيطها ، وفي تلكم الأيام وقف الثوار للعمال الكردستاني ، ومن كردستان / سوريا أيضاً الى جانب الإخوة والأخوات الكرد الإيزيديين وقاتلوا داعش وصدوه من الزحف الى جبل سنجار ، وهم قدموا تضحيات وبطولات في هذه الطريق . أما ما تطرقت اليه من مواقف للعمال الكردستاني في سنجار وجبله ، فذاك موضوع آخر يستحق المتابعة فعلاً .
3-/ لا شك إن مجموعة من الكرد الإيزيديين قاتلوا قتال الأبطال ضد داعش حين هجومه على مدينة سنجار ، وذلك حتى آخر رصاصة دفاعاً عن أهاليهم الذين تعرضوا لأبشع وأفظع هجوم وحشي داعشي .
4-/ كنت ومازلت مصدوماً من هجوم داعش والجرائم الكبرى التي آرتكبها تجاه أخواتنا وإخواننا في مدسنة سنجار وضواحيها ، وكان بالإمكان تفادي تلكم الجرائم لو أخلصت قيادة الإقليم وحكومته وأحسنت السياسة لصالح القضية الكردية فقط / بالمقدمة إزاء الكرد الإيزيديين الأبرياء ، لكن ذلك لم يحصل لمزيد من الأسى والأسف الشديد ، والتاريخ قد حكم حكمه عليهم .
ثانية أحييك ودمت بالسلام والسلامة …