الولايات المتحدة  تقدم الارهاب كوجه جديد لصراع الخير ضد الشر – د. ماجد احمد الزاملي

 

أمريكا تطالب الحكومات بالعدل واحترام حقوق الانسان وتقوم هي بإنتهاك حقوق الانسان ولا تحترم ولاتطبق القانون الدولي الانساني. ان امريكا صاحبة خطاب غوغائي زائف وبه ستقود العالم لنهايته الحقيقية وزواله ليس كما يدعي فوكوياما بأن نهاية التاريخ هو انهيار القطب الآخر وهيمنة امريكا علي العالم وهي القوة العظمي وناشر الديمقراطية الليبرالية وكل العالم عليهم الاتباع والسمع والطاعة. وتقدم الولايات المتحدة الارهاب كوجه جديد لصراع الخير ضد الشر فهي تريد أن تعبئ العالم وتحت أي اسم ، حول سياستها وتحليلاتها . وليس من دلالة اكبر بهذا الخصوص من قائمة الدول التي حددوها كدول داعمة الارهاب ,إيران وكوريا الشمالية . وتبدأ لغة المصالح وليست لغة المبادئ، ومن هنا تنكشف أمريكا التي تطالب شعوب الأرض بمكافحة الإرهاب وهي الراعي الأكبر للإرهاب والعنف الراديكالي، فإذا كانت واشنطن ترى أن ثمرة الربيع العربي هي الديمقراطية، إلا أن هذه الروح الوثابة لن تتجاوز الحدود والثوابت العقدية والقومية والوطنية، وإذا تراجع الرئيس الأمريكي عن وعوده التي قطعها في جامعة القاهرة وفي إسطنبول وجاكارتا فإنه اليوم لن تمنحه الشعوب العربية فرصة الثقة وتصديق الوعود. استنتج روجية غارودي في كتابه (امريكا قمة الانحطاط) الى ان الدفاع عن الحق الدولي والديمقراطية هما ايضاً من الاسماء التي تتقنع بها تدخلات هذا الاستعمار الجديد. – العدوان على العراق- هي المثال الصارخ في الدفاع عن الحق والديمقراطية. الحق هو حق الاكثر قوة، وهو حصيلة الدفاع عن الحق الدولي الذي يعمل باتجاه واحد.

الولايات المتحدة الامريكية تمارس الإرهاب بأبشع صوره من غطرسة وتدمير وقتل ونهب وتحقير لكل شعوب الأرض. وفي الوقت الذي تتحدث فيه أمريكا عن حقوق الإنسان نراها تسحق الإنسان، تجوع الأطفال حتى الموت ، وتفرض الحصار على الشعوب كما فعلت في السودان وليبيا والعراق وكوبا وباكستان وغيرها من دول العالم ومافعلته بفيتنام في ستينات القرن العشرين ، وتفرض علينا التخلف في كل الميادين وعلى رأسها ميدان الصناعة حتى نبقى سوقا لمنتجاتها، ونراها تمارس التمييز العنصري البغيض بأبشع صوره، فهناك الملايين الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء على الأرصفة من الطبقات المعدومة، بالاضافة الى دعمها للعنصرية التي تمارسها الصهيونية ضد العرب. ولإقناع العالم على انها ترعى الديمقراطية انفقت البلايين من الدولارات لكنها لم تنجح لانها مكشوفة للعالم وماضيها معروف مازالت هيروشيما وناكازاكي وصمة عار تلاحقها على مر العصور. الرؤساء الامريكان لا يستطيعون الخروج عن النهج الصهيوني الذي يحافظ علي بقاء اسرائيل رغم انها دويلة مصنوعة بعد اغتصاب الارض من اهلها وقتلهم وتشريدهم في انحاء العالم وعدم السماح لهم بالعودة وحتي ولو صدر القرار من مجلس الامن الدولي المنوط به حفظ السلم والامن الدوليين ولا ننسى الفيتو الامريكي لتعطيل اي قرار في صالح الشعب الفلسطيني.

وتوجد تيارات ترى أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تكون فاعلاً في أي نظام دولي جديد رغم عديدٍ من الأزمات التي تواجهها على الصعيدين الداخلي والخارجي، مستندين إلى أن المجال ما زال أمامها للاستمرار وتعويض إخفاقاتها للحفاظ على هيمنتها وتفوقها على الصعد كافة. وأنصار هذا التيار يتحدثون عن ‘الاستثنائية’ الأميركية من الحتمية التاريخية لانهيار القوى العظمى، متحدثين عن أن القيم والمبادئ في النظام السياسي الأميركي فريدة من نوعها وتستحق تهافت دول العالم على تبينها والإيمان بها.

أن الدعم الأميركي للديمقراطية ارتبط بالأساس بتحقيق المصلحة الأميركية؛ فقد تغافلت عن ديكتاتورية أنظمة منطقة الشرق الأوسط من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة واستمرار تدفقات النفط إلى السوق الأميركية. فمع بداية الثورات وقفت الولايات المتحدة بجانب حلفائها التقليديين في المنطقة في وجه الثوار خوفًا من عدم الاستقرار وتولي قيادات جديدة تهدد المصالح الأميركية. وحتى وقتنا هذا ما زالت واشنطن عاجزة عن دفع عملية التحول الديمقراطي في مصر وتونس، وعجزت عن دمقرطة العراق وأفغانستان رغم ارتفاع تكلفة العمليات العسكرية بالبلدين؛ فالدعم الأميركي للديمقراطية يرتبط بمدى خدمة النظام للمصالح الأميركية من عدمه.

يعتقد البعض انه ليست هناك قوة قادرة على أن تحل محل المكانة الأميركية عالميًا، وركزوا على المقومات الاقتصادية للصعود الصيني وأشاروا إلى توقعات عديد من المحللين لسيطرة الاقتصاد الصيني على الاقتصاد العالمي خلال العقدين القادمين لكنهم يفندوا دعاوى سيطرة الصين على النظام الدولي؛ فتحدث عن عديد من الصعوبات التي تواجه الصين منها عقبات جيوسترإتيجية؛ حيث تحاط بكين بقوى تنافسها على المكانة الدولية وتفرض عليها تحدي إيقاف تلك الدول عن منافستها عالميًا واحتوائها، لأنها إذا لم تفعل ذلك ستحاط بقوة منافسة لها على الصعيد الدولي. و مقولات الصعود الصيني وسيطرته على الاقتصاد العالمي وتفوقه على نظيره الأميركي؛ فرغم النمو الاقتصادي الصيني إلا أن الصين ما زالت دولة فقيرة قياسا للغول الامريكي، ويشار إلى أنها كانت في عام 2010 في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن دخل الفرد بالنسبة للدخل الإجمالي يصل إلى أربعة آلاف دولار وهو معدل قريب من معدل دخل الفرد في أنغولا ودول أفريقية، بينما في الولايات المتحدة واليابان وألمانيا 40 ألف دولار هو دخل الفرد السنوي. ومع توقع أن دخل الفرد الصيني سيصل في 2030 إلى نصف نظيره الأميركي.

أن من يهيمن على النظام الدولي هو القوي إقتصاديا، وهو ما تجمع عليه معظم التحليلات الأميركية والغربية. الولايات المتحدة الأميركية واجهت أزمات اقتصادية في ثلاثينيات وسبعينيات القرن العشرين لكنها مع كل أزمة تخرج أكثر قوة وازدهارًا عما قبل. فرغم الأزمة الاقتصادية وتراجع معدل النمو الأميركي إلا أن مكانة الولايات المتحدة الاقتصادية لم تتغير فما زالت نسبة مساهمة الولايات المتحدة في الناتج العالمي مستقرة ليس خلال العقد الماضي فقط ولكن خلال العقود الأربعة الماضية؛ ففي عام 1969 أنتجت الولايات المتحدة حوالي ربع الإنتاج العالمي واليوم ما زالت تنتج الربع تقريبًا، والاقتصاد الأميركي ليس الاقتصاد الأقوى عالميًا فحسب لكنه الأغنى، ويرى أن صعود القوى الاقتصادية الصاعدة: الهند والصين لا يأتي على حساب الولايات المتحدة بل على حساب أوروبا واليابان اللتين تراجع نصيبهما في الاقتصاد العالمي. وستواجه الصين وقتًا عصيبًا، في حال أرادت أن تكون قوة إقليمية مهيمنة، ما دامت تايوان مستقلة ومرتبطة استراتيجيًا بالولايات المتحدة، وما دامت قوى، مثل اليابان واستراليا وكوريا، مضيفة للقوات والقواعد الأمريكية. كما ستحتاج بكين إلى حلفاء لتكون لديها الفرصة فى أن تطرد الولايات المتحدة خارج معاقلها في غرب المحيط الهادي. ولكن إلى الآن، لا يزال للولايات المتحدة حلفاؤها، فضلا عن هيمنتها على الممرات المائية التي لابد أن تمر بها تجارة الصين. وإجمالاً، فإن مهمة الصين، كقوة عظمى صاعدة، يجب أن تدفع الولايات المتحدة من موقعها الحالي، هي أصعب من مهمة أمريكا التي ليس عليها إلا أن تحافظ على مقومات قوتها. ولا يزال ميزان القوة العسكرية يميل لصالح أمريكا، فلا يوجد إلى الآن قوة تعادل قدرات الولايات المتحدة، ولا يوجد أي تدهور في القدرات العسكرية الأمريكية، ولا يزال حجم الإنفاق على الدفاع في الولايات المتحدة الذي يبلغ 600 مليار دولار في العام هو الأعلى في العالم، ولا تزال القوات الأمريكية البرية والبحرية والجوية هي الأكثر تقدمًا في تسلحها.والمتفائلون بصعود الصين يتنبأون بأنها ستحل محل الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد عالمي، وهو ما يعني أن الأخيرة ستواجه تحديات لوضعها الاقتصادي في المستقبل، ولكن حجم الاقتصاد ليس مؤشرًا جيدًا على ميزان القوة النسبية في النظام الدولي. فالصين نفسها كانت أكبر اقتصاد عالمي في بداية القرن التاسع عشر، لكنها وقعت فريسة للأمم الأوروبية الأصغر منها. وحتى لو قفزت الصين لقمة الاقتصاد العالمي مرة أخرى، فستواجه حتمًا مشكلات في النمو، ومن ثم سيكون من الصعب عليها أن تلحق بأمريكا وأوروبا من حيث نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي.

إن أزمة الرأسمالية في مرحلتها الحالية لن تكون نتائجها متمثله فقط في الركود العالمي وانهيار البورصات وزيادة أسعار السلع والخدمات، لكنها قد تؤدي إلى تفكك أمريكا كدولة ذات سيادة وقانون وتحولها دول ضعيفة ، وذلك لأن المقوم الاساسي الذي تقوم عليه أمريكا هو الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق الحر وطبيعة تكوين وعلاقات المجتمع الأمريكي هو الاقتصاد والمنفعة الاقتصادية، فالشعوب الأمريكية تتكون من خليط من ثقافات ولغات وأديان مختلفة عن بعضها البعض بل في بعض الأحيان متنافرة ومتصادمة ولا يوجد ما يجمع بين هذا الخليط سوى الاقتصاد حيث تحتفظ كل قومية في الولايات المتحدة بلغتها وثقافتها ودينها وتراثها وآدابها وفنونها ويجمعها مع القوميات الأخرى نسق اقتصادي رأسمالي وقانون دولة يقوم على حقوق وواجبات خلفيتها أيضا اقتصادية رأسمالية حيث العلاقة بين المواطن والمواطن الآخر، والمواطن والدولة، والمؤسسة والمؤسسة الأخرى، والمؤسسة والدولة تقوم على ذات النسق الاقتصادي الرأسمالي ومضاف إلى ذلك تكوين عقلية وأخلاق وتربيه المواطن الأمريكي الفردية التي تغلب مصلحة الفرد على المجتمع وحيث لا وجود لمفهوم دين أو قيم عليا سوى المصلحة الشخصية ويضاف إلى ذلك التباين الكبير بين الأغنياء والفقراء وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين دون رقابة. بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، وبعد الحرب على العراق عام 1991 أعلن الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الاب عن قيام نظام عالمى جديد وذلك فى خطابه أمام الامم المتحدة، وكان يقصد بالطبع نهاية نظام القطبية الثنائية وأنتهاء الحرب الباردة ونهاية عصر الحروب بالوكالة، وبالغ البعض فى التفاؤل وكتب فوكوياما اطروحته ‘ نهاية التاريخ’ معتبرا أن الليبرالية الرأسمالية قد حسمت الصراع بلا منازع. ولكن بعد ذلك ظهرت مشاكل كبيرة أثرت على القيادة الأمريكية ومن وراءها على اوروبا الغربية واليابان من هذه المشاكل الحرب على ألإرهاب وما تبعها من حروب فى أفغانستان والعراق ومن نفقات مالية باهضة تقدر بالترليونات من الدولارات مما أثر بشكل كبير على الأقتصاد الأمريكى وأيضا على نظرية المجتمع المفتوح التى قامت عليها التجربة الأمريكية بالاضافة الى الأزمة المالية الرهيبة التى ضربت أمريكا والغرب عامى 2007 و 2008 وأمتدت أثارها المدمرة حتى هذه اللحظة.