لنفترض جدلا بأن أحد أصدقائي الأسبان طلبي مني نبذة تاريخية ملخصة بأيجاز عن الإسلام بشكل عام, وهذا عادة ما يحدث, وكنا أحيانا عندما كنت طالب لصنص تاريخ في جامعة برشلونة نتطرح هكذا أسئلة وكان يرافقها نقاشات مع الزملاء الأسبان. أذا, البداية ستكون من خلال تعريف عام أبتدائي عن السياق التاريخي الذي وجد فيه الإسلام, ومن ثم شرح مبسط عن مفهوم الأيمان و الوحدانية ,العقائد, العبادات, المعاملات, الفقه وأخيرا التراث الفكري الحضاري بتلخيص شديد. بهذه الطريقة يتسنى للسائل, الألمام بشيئ من الكليات الأساسيات للديانة الإسلامية, التي ستساعد فيما بعد على فهم الجزئيات بشكل أفضل. أما البدء بشرح نواقض الوضوء ومفسدات الصوم وتفسيرات لمس النساء و أختلافات الفقهاء في حد السرقة, وغيرها من المسائل النسبية, يعتبر بداية فاشلة من وجه نظر دعوية, والتي ستؤدي في نهاية المطاف الى الأبتعاد أكثرعن روح الدين الإسلامي و الحيد عن أتجاه الدعوة الحكيمة الحسنة دخولا في الاتجاه المعاكس لها.
نشأة الإسلام – عرض تاريخي موجز
ولد الرسول الأعظم محمد (ص), في عام 570 ميلادي في مكة حيث ينتسب الى عائلة قريشية عريقة (بنو هاشم), تزوج من أم المؤمنين خديجة الكبرى, التي ساهمت الى حد كبير في نشر الدعوة الإسلامية. بدأ تلقي الوحي الرباني عن طريق جبريل عليه السلام سنة 610 ميلادي في غار حراء, بأنه رسول الله, وعليه نشر الدعوة الإسلامية. هذا الدعوة لقت معارضة شديدة و لم تلقى آذانا صاغية في مكة ومن قبيلة الرسول نفسه, حيث كان عامة الناس يعتنقون الوثنية, وعندما بلغت المعارضة و الأيذاء الى حد كبير دفعت النبي الكريم الى الهجرة مع قلة من أصحابه من أتباع الدين الجديد (الذين سيطلق عليهم أسم المهاجرون في قادم الأيام), الى يثرب-المدينة التي أستقبله أهلها (الذين سيطلق عليهم أسم الأنصار لاحقا) بالترحاب و التعظيم. هنا يبدء التاريخ الإسلامي الهجري, وهنا كانت بداية النشأة السياسية الإسلامية الأولى في عام 622 ميلادي, حيث تم وضع دستور- وثيقة المدينة (أول وثيقة سياسية في الإسلام), لتنظيم أمور الدولة الإسلامية و مواطنيها من المسلمين و المسيحيين و اليهود والأعتراف بالرسول محمد (ص) قائدا دينيا وزمنيا للأمة الإسلامية.
القرآن الكريم
يعتبر القرآن الكريم دستور الإسلام الأول و أساس الأيمان به وجوهر عقيدته القائمة على التوحيد المطلق لصفات وذات الله عز وجل. و التوحيد هو القاعدة الأولى في الإسلام التي يجب ان يطمئن قلب المسلم الحقيقي له. قال تعالى: ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم). سورة البقرة. الآية: 163. ينقسم القرآن الكريم الى مئة وأربعة عشرة سورة تحتوي كل منها على عدد غير متساو من الآيات, وهي موضوعة في النص القرآني من حيث الأطول الى الأقصر و ترتيبها توقيفي لم يراع فيه تاريخ النزول ولا أتحاد المواضيع. هنالك السور المكية والسورالمدنية وفقا لمكان النزول, قبل الهجرة وبعدها. تقتصر الآيات المكية على بيان أصول الدين والعقيدة والدعوة أليها, كالأيمان بالله ورسوله واليوم الآخر, الأمر بمكارم الأخلاق كالعدل والأحسان والخوف من الله وحده وتجنب المساوئ كالقتل ووأد البنات, النهي عن الكفر وكافة المنكرات وهذا شيئ طبيعي حيث الفترة المكية هي فترة تأسيسية ولهذا الغرض, الحكمة الآلهية أقتضت الوحي أن تكون على هذا النحو من المواضيع- تعد سورة الأنعام خير مثال وتوضيح لخصائص ومضامين السور المكية عامة. بينما السور المدنية غلب عليها طابع الأمورالمدنية الجنائية التنظيمية, الأحوال الشخصية.. وذلك لأن دولة الإسلام كانت قد قامت في المدينة, وكانت مواضيع السور تناسب طبيعة المرحلة و الموقف (أسباب النزول), وخير ما يمثل السورالمدنية سورتي البقرة و النساء.
يعتبر الحديث و السنة النبوية المصدر الثاني في الديانة الإسلامية وأزداد الأحتياج اليه بعد وفاة النبي محمد (ص), نظرا للمستجدات و الأمور التي طرأت على مجتمع المسلمين و انتشارهم في الأقطار و الأمصار المختلفة في فترة الفتوحات. ولكن السنة تحتاج الى شرح وتفسير لبعض الأمور الغير واضحة الواردة في الحديث و القرآن, ولذلك ظهر الأجتهاد لأيجاد الحلول و المخارج للتطورات التي حدثت في المجتمع الإسلامي و لأن الأجتهاد في أمر ما, يحتاج فيما بعد الى أتفاق عام من المسلمين على مخرجاته ونتائجه برز الأجماع. بسبب هذا التطورات و المستجدات الدخيلة على الأمة الإسلامية تشكلت المذاهب الفقهية و الفرق الكلامية المختلفة, وكثيرا ما أرتبط الحديث بأشكاليات منهجية أرهقت كاهل الباحثين, فهو تطور وتم تدوينه في بدايات العصر العباسي وليس في فترة صدر الإسلام- عموما معظم التراث الإسلامي السني تم تدوينه و تأطيره في العصور العباسية المختلفة, وهذا أحيانا يضع عدة أشارات أستفهام علمية منهجية لأن مناخات حرية الفكر والكتابة كانت قليلة ان لم تكن معدومة أصلا حينذاك. أضف الى ذلك بأن تجذابات السلطان والفقيه و صراعات التاج و العمامة كان له تأثير مباشر على تدوين التراث في ذلك الزمن.
بخصوص الحديث, أنظر مثلا فيما قاله الألباني (1914-1999), عن الشيخ العلامة الشعراوي (1911-1998), بأنه ممثل جيد وأسلوبه جميل في الخطابة ولكن ليس لديه علم شرعي (لأن الشيخ الشعراوي رحمه الله, بشكل عام, لم يكن يعتمد كثيرا على الأحاديث في شروحاته وتفسيراته- والجميع يعلم بان الشعراوي هومفسر القرآن الأول في العصر الحديث و المعاصر, فهو صوت القرآن المسموع و أمام تفسيره المتبوع), في حين أن الألباني نفسه, أتى ليصحح أحاديث مرعليها قرابة ثلاثة عشرة قرنا بمنهجية خارقة للعادة! ليس هذا فحسب, بل أنتقد صحيحي البخاري و مسلم في بعض المواضع. و الألباني كذلك, أذا أستثنينا الحديث, لديه ضعف في العلوم الشرعية الأخرى, خاصة أذا ما علمنا بأن عالم الدين يجب أن يكون على أطلاع واسع بالعلاقات والصلات البينية البنيوية بين مختلف علوم الدين- وهذا الشيئ (الصلات البينية), ينطبق أيضا عند دراسة تاريخ الشرق الأوسط الحديث, المعاصر و الحالي, حيث يجب على الباحث فيه أن يفهم بأن دوله وشعوبه مترابطة وتتأئر سلبا و أيجابا مع بعضها البعض, وعادة ما ينظر له من الخارج عامة, و العالم الغربي خاصة, ككتلة واحدة غير قابلة للتحليل التفكيكي الجزئي. أما بخصوص الخلاف السني الشيعي, فيجب ذكره بأن الخلاف في أصله وجوهره سياسي (الخلافة و الأمامة), و ليس عقائدي, و أن كان قد أخذ مناحي مختلفة على مر التاريخ الإسلامي.
و العقائد في الإسلام بأختصار شديد تكون من خلال الأيمان المطلق بوحدانية الله و الملائكة و الكتب السماوية و الرسل و القضاء والقدر خيره وشره ويطلق على مجمل هذا العقيدة الإسلامية. وهنالك العبادات التي تشمل الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج وماتتضمنه من منافع وحلول لمشكلات الأنسان اليومية بشكل عام و المقصد الآلهي من كل شعيرة وعبادة و تأثيراتها الدنيوية والآخروية في حياة الأفراد و المجتمعات. وهنالك أيضا المعاملات التي تتضمن التعامل الأنساني على ضوء العقيدة الإسلامية وعامل الأخلاق الذي يدرس الفضائل وكيفية تحصيلها وتصقيلها في حياة الأنسان المسلم, والرذائل وكيفية أجتنابها والأبتعاد عنها.
التراث الإسلامي
في سبيل تقديم الإسلام الى صديقي الإسباني, لابد من الأشارة على عجالة الى أنتاجه الفكري الفلسفي و الروحي. فلنبدأ بالتصوف الإسلامي الذي ينشد حياة الزهد والعشق الألهي ويريد التوصل الى الذات الألهية من خلال الروح و الأبتعاد عن الشهوات و الملذات المادية وليس عن طريق الشعائر المتعارف عليها فقط. فطريق العرفان و الأشراق الآلهي يمر من خلال النفس البشرية التي هي محور التصوف ذاته. ألا أن التصوف بنقائه وصفائه الأول قد تبدل وتغير كثيرا, فأدخلت على التصوف تأثيرات من خارج الإسلام, وأقيمت الطرق الصوفية المتعددة و الزوايا والتكية وحلقات الذكر التي لم يكن لها أي أصل في فترة النبي الأعظم محمد (ص), والتي غالبا ما يتخللها النشيد و أطفاء الأنوار و الرقص و ضرب و أيذاء الجسد الى حد اللاشعورالتي يطلقون عليه كرامات, وهي في حقيقة الأمر حالة نفسية شديدة التأثير تصاب الشخص وكذلك هي نوع من أنواع البارسكولوجي في النفس البشرية.
لقد أنتج الإسلام فكرا فلسفيا ضخما متأثرا بطبيعة الحال بالفلسفة اليونانية عامة وعلى وجه التحديد أرسطو و أفلاطون. وكان الهدف الأساسي للفلسفة الإسلامية أجمالا هي التوفيق بين العقل والنص الديني. فظهر الكندي (805-873), الأب المؤسس للفلسفة الإسلامية والفارابي (874-950 ), الملقب بالمعلم الثاني بعد أرسطو, و ابن رشد (1126-1198), الذي دافع عن الفلسفة ودعى الى تصالحه مع التراث الديني نافيا اي تعارض بينهما بل شارحا طرق مختلفة لكل منهما للوصول للحقيقة الآلهية؛ ابن خلدون (1332-1406), مؤسس علم العمران الإسلامي و فيلسوف فلسفة تاريخ الإسلام الأول بلا منازع. ويجب أن أفهم صديقي بأن معارف التصوف و الفلسفة والأخلاق في الإسلام قد تم تهميشها والتضييق عليها لصالح ومن طرف الفقه على مر التاريخ الإسلامي, فأصبحت جميع الأشياء تسبح في فلك الحلال و الحرام, والتي أدت بدورها الى أندثارالأخلاق القرآنية في جميع مناحي الحياة في معاملات المسلم اليومية, وحال التشرذم في المجتمعات الإسلامية اليوم شاهد على ذلك ونتيجه له. فأنت أحيانا تجد أشخاص يقومون بالعبادات من باب الجو العام والعادة الموروثة و شيئ من النفاق, ولكنهم يعيشون خواء و فراغ أخلاقي قرآني وتعاملهم ينم على ذلك. حتى أنني قرأت ذات مرة بان أحد الكتاب البريطانيين زار بلد اسلامي كبير, فقال بعد عودته الى بلده, لقد رأيت الإسلام و لكنني لم أرى المسلمين.
أنظر مثلا الى المعضل الأخلاقي في شهر رمضان, شهر القرآن في الوقت الحالي, يزدهر الأحتكار التجاري و رفع الأسعار وتتسابق الفضائيات بنشرالفوازير و المسلسلات و مايطلق عليه جزافا دراما رمضان, ثم يرددون بأنه شهر الرحمة و البرامج الدعائية و تزيين الأسواق بالفوانيس وكلها أمور تدعو الى الأستهلاك المادي البعيد عن أخلاق رمضان القرآني. وهناك حديث نبوي حسنه البعض و ضعفه آخرون كحال الحديث أجمالا, عن “صوموا تصحوا”. أنا صراحة لا أظن بأن الحديث صحيح أو حتى حسن, لأنه لو كان في الصيام صحة كم يفهم من هذا الحديث, لما منح النص القرآني رخصة الأفطار للمريض. على الرغم من ذلك, كان النبي (ص) ينبه المسلمين الى الأعتدال في الأكل و الشرب, وأتباع نظام حياة صحي وسليم, ويفهم من أخلاقه وآدابه في الطعام والشراب, الأبتعاد عن الطعام المشبع بالدهون والشحوم والسكريات التي تجلب التهلكة و الضرر و التخمة, وعلى ضوء هذا يجب أن يفهم مغزى هذا الحديث. ولكن للأسف, هذا التنبيه يتجاهله الكثير من المسلمين في رمضان الآن, حتى أنني لا أعرف عن أي شعب يأكل أكثر من المسلمين في رمضان.
بأختصار, تم وصف حكاية تاريخ الإسلام على عجالة من خلال ذكر سياقه التاريخي, صفاته, محتوياته ومميزاته التاريخية والعقائدية و التراثية بدون أيه شروحات أضافية لتناسب غرض المقالة. أذا, تقديم الإسلام بشكل عام ومبسط وعقلاني حتى يكون في متناول الجميع, أو الإسلام للجميع كما يقال, هو ما يجب التركيز عليه في الفلسفة الدعوية حين تقديم الإسلام على الصعيد العالمي, وليس مفسدات الصوم وكيفية صلاة الفرض قاعدا والنافلة واقفا أو الموروث العاطفي المتوارث عبر الأجيال
حدث? عن تراثك الضاءع بين تراث الناس قبل أن تتحدث على تراث غيرك والعرب أولى منك بالحديث عن تراثهم الديني الممزوج مع تراثهم القومي!!! ولكن شهادات ودكتورات آخر زمن !! ايه توحييد تتحدث عنه ؟ اتستطيع أن تذكر عدد الايات التي اقترن اسم رسولك مع الله ولكنكم ببغاوات تقرءون وتحفظون ولكن حرام عليكم أن تتفكرون.. أنتم وامثالكم قديما وحديثا دمرتم الامه الكرديه بفكركم الظحل