الشائعات تأثيرها – أنواعها – مصادرها – سبل الوقاية منها – بيار روباري

 

على غير العادة سأبدأ موضوعي هذه المرة بقول أو حكمة تقول: “الإنسان مستعد لتصديق الكذب إذا صادف هواه، وتكذيب الصدق إذا ما خالف هواه“.

الإشاعة ليست أمرآ مستحدثآ بل يمكن القول قديمة قدم المجتماعات البشرية، ولكنها وسائل نقلها وأشكالها وأنواعها مع الوقت تعددت وتنوعت. وإستخدمها القدماء وعلى جميع الأصعدة بغرض تحقيق مكاسب فردية أو جماعية، أو ضرب الخصوم والنيل منهم. وهذا الشيئ مستمر إلى يومنا هذا وسيتمسر إلى ما لا نهاية، فهي جزء من طبيعة البشر تمامآ كالنميمة. ويمارسها كل شعوب الكون وإن بدرجات مختلفة وهذا يشمل الأفراد، المؤسسات والحكومات وكل الهيئات بما فيها الدينية منها. وليس بالضرورة أن تكون الإشاعة في كل مرة سلبية ومضرة، هذا غير صحيح. والإشاعة في وقتنا أصبحت علمآ ولها أناسها المختصين، أي الخبراء.

 

هناك العديد من النقاط والأسئلة التي يجب تناولها في إطار هذا الموضوع منها:

ما هي الإشاعة؟ أنواع الإشاعات؟ مصادر الإشاعات؟ أهداف الإشاعات؟ كيفية مواجهة الإشاعات؟

 

ما هي الإشاعة؟

الإشاعة لغة إشتقاق من الفعل “أشاع”، أما الشائعة لغة فهي اشتقاق من الفعل (شاع) وشاع الشيء يعني أذاعه.

أما الإشاعة بالمختصر هي خبر أو مجموعة أخبار في أكثريتها زائفة وجزء منها حقيقي، تنتشر بين أفراد المجتمع بشكل سريع، وتُتداول بين العامة على أنها أخبار صحيحة. يجب أن تكون الإشاعة شيقة ومثيرة للفضول كي تنتشر ويصدقها العامة. والناس لا يهمها المصدر ولا يتحققون من صحتها وصدقها.

والإشاعة تسري بين جميع فئات المجتمع المثقفة قبل الأقل ثقافة والرجال والنساء على حدٍ سواء.

 

تنقسم الإشاعات إلى قسمين ويندرج تحتهما كل أنواع الشائعات:

1- الإشاعات الإستراتيجية:

هذا النوع من الإشاعات الهدف منها تحقيق إختراق إستراتيجي عميق في فكر المجتمع وتهيئته لتقبل إشاعات معينة في المستقبل أي بمعنى تهيئة الأرضية. وتستهدف كل فئات المجتمع بلا استثناء على المدى الطويل. على سبيل المثال، زعزعة ثقة المواطنين في بلد ما بنظامهم، وبأنه غير قابل للتغير والتطور. وعند تحقيق هذا الهدف بإمكان الجهة المعادية أن تبث أي شائعة معادية لحكومة ذاك البلد ونظامها والناس ستصدقها كون مهيئة والأرضية مجهزة لذلك، ويمكن أن تتناول أي قضية ومجال وكافة المستويات.

2- الإشاعات التكتيكية:

تستهدف فئة من الشعب أو كل الشعب الغاية منها تحقيق هدف سريع ومرحلى، والوصول إلى نتائج قوية وفورية. مثل جص نبض الرأي العامة، خلق جو معين في البلد، إفتعال بلبلة، تحقيق ربح معين، أو إيذاء طرف معين.

 

أنواع الإشاعات

هناك عدد من الشائعات وأهمها:

1- الشائعة الزاحفة:

هذا النوع من الشائعات تروج ببطء ويتناقلها الناس همسآ وبطريقة سرية، وفي آخر المطاف تنتشر بين كل الناس وتترسخ في نفوس الناس.

 

2- الشائعة المتفجرة:

وهي التي تتصف بالعنف وتنتشر انتشار النار في الهشيم، وهذا النوع من الشائعات تستهدف جماعة كبيرة جدا في وقت بالغ القصر. هذه النوع من الشائعات تبدأ بشحنة كبيرة وقوية، لهذا تثير غضب أو فرح حسب نوع الإشاعة في نفوس الناس لأنها تستهدف عواطف الناس ومشاعرهم.

مثل هذه الإشاعة تعدة بحيث تتفجر فى المجتمع ضمن ظروف معينة، بهدف تحقيق هدف تكتيكي سريع، مثل شائعة موت (حافظ الأسد)، أثناء مرضه.

 

3- الشائعات الغائصة:

فهي التي تروج في أول الأمر ثم تغوص تحت السطح لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظرف للظهور، ويكثر هذا النوع من الشائعات في القصص المماثلة التي تعاود الظهور في كل حرب كتلك التي تدور حول تسميم قوات العدو لمياه الشرب مثلاً، أو التي تصف وحشية العدو وقسوته مع الأطفال والنساء.

 

مصدر الإشاعات:

للشائعات ثلاثة مصادر هي:

الأول:

معروف بغض النظر عن مضمون الإشاعة. وهذا النوع من الإشاعات تسمى “بالبيضاء“. ولا يعنى أن الشائعة البيضاء ذات هدف نبيل على الإطلاق. ممكن تصدر عن حكومة ما أو مسؤول سياسي أو جهة رسمية أخرى أو بنك، … إلخ.

الثاني:

تبدو أنها صادرة عن مصدر غير حقيقي. بمعنى أنها صادرة عن جهة غير الجهة الحقيقية الصانعة للإشاعة. وهذا النوع من الإشاعات تسمى “بالسوداء“. ممكن جهة كردية تطلق شائعة ضد حزب العمال الكردستاني أو تنظيم (ب ي د)، ويكون المصدر الحقيقي للشائعة هي الدولة التركية أو إستخباراتها أو جيشها. ولكنهم أطلقوها بلسان طرف كردي كي يصدقها نسبة كبيرة من الكرد، وهذا يحدث كثيرآ.

الثالث:

المصدر غير معروف. الشائعة تنطلق وتنتشر بين العامة ويتناقلوها ويرددوها دون أن يعرفوا مصدرها. وليس هناك إمكانية للتثبت من حقيقتها أو زيفيها وتبقى مجهولة المصدر. وهذا النوع من الإشاعات تسمى “بالرمادية“.

 

أهداف الإشاعات:

الإشاعات مثلها مثل عمل أخر له أهداف ومن هذه الأهداف:

1- أهداف نفسية:

تسعى هذا النوع منالإشاعات إلى تحقيق العديد من الأهداف، منها خلق جو من البلبلة والشك وزعزعة الثقة بالنفس، بالإضافة إلى نشر الروح الانهزامية في نفوس المجتمع، التفرقة وخلق حالة عداء بين مكونات الشعب ذاته وبين المكونات وأجهزة الدولة.

2- أهداف سياسية:

هذا النوع من الإشاعات، تستهدف النظام السياسي لبلد معين والطبقة السياسية والحياة الحزبية والحياة البرلمانية. والتشكيك بمواقف وخطط النظام السياسية والإقتصادية والتنموية وقدرته على تحقيقها.

3- أهداف اجتماعية:

هدف هذا النوع من الإشاعات هو إحداث تغير في مزاج ووعي وفكر المجتمع، وخلق شرخ بين الدولة والمواطنين. وخلق الفتن بين مكونات المجتمع وتعميق الخلافات وزيادة الإنشقاقات بين صفوف الناس.

4- أهداف اقتصادية:

هذا النوع الإشاعات هو التشكيك بالاقتصاد ومؤسساته الحكومية والخاصة ومن ضمنها القطاع البنكي والبورصة. وكثيراً ما يقوم بمثل هذه الإشاعات الدول والشركات الخاصة، في إطار المنافسة الشرسة التي يخوضونها فيما بينهم.

 

كيفية مواجهة الإشاعات:

هناك عدة خطوات يمكن أن تتبعها لمواجهة الشائعات وعدم الوقوع في شرورها منها:

1- التحقق من المعلومة التي تردك.

2- إعمال العقل فيما تسمعه وتقرأه.

3- لا تنقل معلومة ما لم تكن متأكدآ من صحتها.

4- سؤال الناس ذوي الخبرة والعارفين ببواطن الإمور.

5- أن لا يغيب عن بالك، مقولة “ليس كل ما يقال وينشر بين الناس صحيح وبريئ”.

 

وختامآ، أدعوا جميع أبناء شعبنا الكردي عدم تصديق كل ما يسمعونه ولا ينجرون خلفه، وأن يتحققوا مما يسمعون ويقرأون.

 

05 – 07 – 2021