نظرة على  كتاب اليزيديون بين الله والشيطان 1-2 – خالد علوكة

 

 ج/ 1

صدر عن دار صاد في بيروت من 350 صفحة طبعة اولى عام 2017م هذا الكتاب للمؤلف موسى مخَول وهو لبناني الجنسية . والعنوان مثير للشفقة كونه وضع الله مقابل الشيطان بينما هذا يعتبر شرك عظيم كون الله خالق الكون فكيف يكون بينهما تساوي تضاد ومقارنة فهذا خالق وذاك مخلوق ، ورمز الشر ليس كائنا قائما ، وكيف نقول ليس كمثله اي شبيه ثم نصنع له نموذج الابليس .. اول من لعب على حبل ابليس هو الاديان التبشيرية الاخيرة لحجز الجنه لها فقط وان خالفت فانك في حوزة الشيطان جهنمي وكافر. ومهما يكن فموضوع ابليس لايمكن فكه او الغائه من الكون كونه حجة ونفاق بشري واضح وإلا ماألغرض من وجوده ؟ .

وانا اسرد هذا المقدمة ليس دفاعا عن ابليس فهوشاطر ومنظرومنظور ليوم يبعثون ولكن استغرب اتكاء اغلب المؤلفين الى جعله مفتاح لقفلهم وفهمهم للشأن الازيدي وانا لايهمني العنوان بمقدار افكار الكاتب المتطورة للموضوع وكون المؤلف من محبة المسيح فنجد عنده الكثير من الانصاف ، وتطور فكرة الديانة الازيدية لديه ليطرق ابواب جدية وجديدة لليزيدية والكتاب مشبع بمصادرومراجع مختلفة تكفي لحماية المؤلف مما كتب ويترجم جوهر اليزيدية كما يراها قائمة بذاتها مما يعطى للقارئ تفاعل هذا الرجل الانساني مع ديانه قديمة باقية رغم مااصبها من ويلات وفرمانات وابادات.

في ص 7 ينقل بنا عن ديورانت بان (يمكن تصور الاخلاق بلا دين ) ويقول ص 12 ليس الدين اساس الاخلاق  لكنه عونا لها وكون الدين بصفة عامة لايرعى الخير المطلق بل يرعى معايير السلوك . وص 9 عن ايزيدية ارمينيا يقول با ن كاثيوليكوس الارمن في ارمينيا فاسكين الاول يقول في احدى مقالاته ( بانهم موجودين في ارمينيا منذ القدم ومنسجمين مع بقية الديانات ومن المشتهرين بالنزوع نحو الخير) هنا كلمة منذ القدم لها معنى اصل الوجود في ارمينيا وليس مجرد نازحين الى هناك وحتى فحص دي ن ي للدم يظهر مسقط سكن الازيدية من ارمينيا ( وص 26 يقول المؤلف جاء في دائرة المعارف الاسلامية ( بان اهل سنجار ومدينة سنجار من الكورد اليزيدية).

ويذكر بن بطوطة – عن اهل سنجار ( إن هناك قبائل كوردية في اقليم الجزيرة وخاصة في جهات سنجار منذ ماقبل الاسلام كانت تدين باليزيدية ). وص 28 يذكر عن بعض طوائف اليزيدية موجوده في {الهند وتدعى هناك (لبخوس )  يعيشون على سفوح جبال همالايا وعقائدهم تشبه عقائد اليزيدية ليذكر اصلهم من سنجار وقد عاشوا هناك منزوين} .

وص46 يقول المؤلف ( عن المؤرخ اليوناني زينفون  فيذكر طائفة كانت تستقر قرب مدينة نينوى تدعي بيزيدي،  وهيروديت اعتبرهم من القبائل الميدية التي شاركت في السيطرة على نينوى 612 ق م ) وفي نفس الصفحة اعتبر قسطنطين زريق ( اصل معنى الازيدية أتباع الله أو أتباع الملائكة ) والاخيرة ربما اكثر صلة الربط  بطاؤوس ملك عندنا . وايضا يذكر نقلا عن الكاتب سليم مطر في كتابه الذات الجريحة  بانه ( يمكن اعتبار اليزيدية قصر تاريخي ) .

وينورنا الكاتب فكره الايجابي بالقول (بان اليزيدية نجحت باخفاء طبقاتها التاريخية ) ويمشي بنا الكاتب بالتنوير بالحقائق ليقول ( لقد اغفلت الغالبية العظمى من المؤرخين بالمراحل الايجابية والشجاعة في تاريخ اليزيدية فعدم ابراز مثل هذه المسائل يشكل بترا لصفحات تاريخية وتشويها لصورة من الزمن الانساني في التاريخ المشرقي ) .

وص 53 ينقل عن اسماعيل جول رغم ايزيديته بان ( اليزيدية اخذت من كافة الاديان ونفسه ربطها بالزرادشتية ) بينما اليزيدية قبلها بكثير  ليرد المؤلف عليه بالقول ( رغم هذا كله فان الديانة اليزيدية ديانه قديمة بذاتها لها كيانها وطقوسها ومقامها لدى اتباعها ). وص 63 يذكر عن بعشيقة بان ( ابن الاثير ذكر بان بني شيبان نزلوها ) . ونفس الصفحة يذكر ( بان في جبل سمعان في سوريا كان 24 قرية ايزيدية  يذكرها بالاسماء  واغلبهم اسلموا وغادروا اليزيدية ) .

وعن ذات الصلة بمدافن ارث اليزيدية الايماني  يذكر المؤلف ( عن التأمل الباطني الذي مورس ايضا في الهند منذ اكثرمن الف سنه ينطوي على تفكير عميق ترافقه صفات وصور واصوات تساعده على تركيز الفكر). ويضيف بان المتصوفة ( يعتقدون بان القرب من الله يتم عن طريق الاشراق الداخلي لاعن طريق المنطق والعقل او اشكال العبادة الخارجية ).

وينوه ص 70عن الانقياء اليهود ( كذلك لدى الانسان طاقة سماوية تمكنه من إجتذاب الشرارات الالهية الموجودة في كل مكان ومن إطلاقها من عقالها ).  وعن الحلول يذكر المؤلف عن ( الربانين ومفسروا التوراة اليهود حيث ترى في سقوط الانسان الكوني وخروجه من الجنه هي حلول الله في الخليقة جمعاء لهذا كان افتداء الانسان مرتبطا في نظرهم ارتباطا وثيقا بافتداء الخليقة ) وهنا اعتقد لايقصد بالحلول حلول الله بالانسان ليصبح الهاُ بل مغزى كون الخالق يدخل في خلق كل شئ وموجود فيه .

وص 78 يقول ( بان وحدة الدين الازيدي تمت صيانتها والحفاظ عليها عن طريق عملية تناسخ الارواح وانتقلت من شخص لاخر وآخر تناسخ روحي مقدس حدث للشيخ عدى بن مسافر ). ويخالف المؤلف النص الديني  في ص 85 ليقول بان( اليزيدية تقول بان الكون وجد من قوتين  قوة خير وقوة شر ويكرر الخطأ  ص 156 بينا في النص الدينى الله واحد وهو مصدر الخير والشر . وص 91 يقول عن الطاؤوس ( كان منصوب في الكعبة مع الهة قريش التي كانت تعبد هناك ) ويقول ( طاؤوس الملائكة تعني رب الملائكة ) .

في ص98 يذكر المؤلف مُردد رأي (بعض الباحثين اليزيديين بان عادات وطقوس اليزيدية مستمدة من الزرادشتية وان كتاب اليزيدي الاساس هو الاوسطا وان الاوسطا هو طاؤوس ملك) فيما الاصح اليزيدية قبل الزرادشتية حتى في كتاب افستا ذكر ذلك ويظهر في القول اي النص الديني بان ملك فخردين هو الاوسطا . وفي ص 112 ينقل المؤلف قول للشيخ عدي بن مسافر يخص كلامه ( للصوفيين المقبولين اخيرا للجلوس الى المائدة السماوية بالقول   نحن لانبحث عن الجنه ولا عن الحوريات وانما نبحث عن التأمل للتأمل لقد تحملنا الكثير من المتاعب وان نفوسنا قد تلفت وتلاشت ).

وص 113 ينقل المؤلف اقوال للشيخ عدى في التوكل على الله  (ومتى ماكنت مع الاسباب فاطلب رزقك من الارض فانك لن تعطي من السماء ومتى كنت مع الايمان فاطلبه من السماء  فانك لن تعطاه من الارض …….) ويذكر مناقب الشيخ عدى : الذي حلله فرانك ( إن الشيخ يأمر الافاعي والوحوش الكاسرة ويسيطر عليها وكان بمقدوره قراءة افكار محاورية وتفجير الينابيع ورد البصر للعميان ويتحول الى شخص لامرئي ويقصر المسافات وقد أحي كورديا ذات مرة سحق بصخره وهذه جعلته كبيرا ).

وص114 يصف كتابي الجلوة ومصحف ره ش ( بالسطحية دون العمق وكتبا في عهود متاخرة اضافة الى التباين واسلوب الكتابين والافكار التي يحتويهما والتي تتضمن الكثير من الخلط والابهام والميل الى التلفيق في بعض المقاطع ). ويخلط ص 136 بين التناسخ المحصور بالبشر فقط ليربطه بين الانسان والحيوان ثم يرجع ليقول بالتقمص مقتصر على الانسان  وهو الاصح . ثم يخلط ايضا بين النفس والروح بينما خصت الروح للانسان فقط .

وص 143 يذكر المؤلف قول الباحث العراقي رشيد خيون عن الشيخ عدى بن مسافر (إذا كان الشيخ عدى صوفيا فايزيدته ديانه مستقلة احتضنت الشيخ المذكور لاسباب غير معروفة وظلت على ماهي عليه من تأثرها  بالمحيط الذي تعيش فيه ). وص 150 يذكر رأي جدلي  ( بان الخير والشر حدث من امتزاج النور بالظلمة ولو لم يمتزجا لما حصل هذا العالم !!!) وفي ص 158 يذكر القمح – ولنا مقولة تترد بين اليزيدية – بان كل من يقول نان اي خبز بالكوردي فهو ايزيدي !!- ويقول ( له علاقه اي القمح بالطبيعة في عيد خضر الياس وبيلنده وقد يقسم اليزيدي بخبز القمح  ومن لايأكله حسب اعرافهم لادين له كما يبالغ اخرون من أن سر طاؤوس ملك يكمن فيه لقدسيته  ، وفي ملحمه كلكامش حين اقنعت المرأة الاله – انكيدو- بان ياكل الخبز المصنوع من القمح تحول حينها الى كائن بشري وفقد منزلته الالهية مما يجعل القمح مكانه مقدسة ومتميزة بين اليزيدين ) .

وص 158 يذكر اوجه التشابه بين اليزيدية والصابئة المندائية  ويدرج نقاط  العلاقة المشتركة بين الديانة اليزيدية والمجتمع البابلي  منها :- تقديس يوم الاربعاء والحية السوداء على جدران المعبد  وعلاقة ذلك بالحية التي سرقت نبتة الخلود من كلكامش،  وايضا وجود معبد ازيدا في بورسيبا وكذلك في النمرود في نينوى . وعيد راس السنه سري سال واحتفالات بيت اكيتو الديني بقيادة الكاهن بير خوسا ، وكذا عيد بيلندا  وينتقل المؤلف الى ميزة شكل القباب التي تزين المعابد اليزيدية والتي ترتقي نحو السماء تشبه الزقوراة – بل في راي قريبة من هيكل الاهرامات الفرعونية- وقاعدة بناء القباب بشكل خطوط متوازية ( تتوزع عليها اشعة الشمس عند شروقها مخالفة بذلك الطراز المعماري للجوامع والقباب واماكن العبادة لجميع الديانات  ) . وص 161 يقارن عن المشنا القديمة في العهد القديم  عن نصوص تحفظ عن طريق الذكر* والاستظهار ** وتخص بها رجال الدين ولم يعتمد هذه الطريقة التى اختصت برجال الدين سوى اليزيدية من الاديان ).

*الذكر: حفظ استحضره في ذهنه بعد مرور فترة على حدوثه.

** الاستظهار: حفظ وتلاوة بلا كتاب عن ظهر قلب .

——– له بقية