الباب مدينة خورية – كردية النشأة والميلاد – دراسة تاريخية – الحلقة الثانية – بيار روباري

 

Bab bajarek Xorî Kurdî nijad û resene

رابعآ، أثار مدينة الباب:

Kevneşopên bajarê Babê

كما ذكرنا سابقآ إن مدينة الباب من المدن التاريخية القديمة، لذلك تتميز بعمارتها القديمة وبقايا آثار للأمم والحضارات التي تعاقبت على حكم هذه المدينة الخورية – الحثية. ولكن للأسف الشديد أكثرية الأثار الخاصة بمدينة الباب، قد دمرت ولم يبقى منها سوى الشيئ النذير، وهذا النذير يتمثل في بعض الشواهد الأثرية القديمة، مثل بقايا طرق مرصوفة شمال المدينة، إضافةً للأقنية المائية الجوفية، والتي ينسبها

المؤرخين إلى العهد الروماني، كما يوجد في شمال المدينة تلة أثرية يطلق عليها اليوم تسمية  “تل

بطنان”، ويكثر على سطحها القطع المصنوعة من الفخار والأدوات الأثرية، التي تعود برأي العلماء إلى الفترة الخورية والحثية.

هذا كل ما تبقى للأسف من أثارها ومعابدها، وبرأي هناك حاجة ملحة للقيام ببحث وتنقيب أعمق وأشمل وجاد في هذه التلة التي ذكرناه منذ قليل، وحتى في البلدة القديمة والكهوف من حول المدينة، لا بد أن نجد شيئآ من تاريخ الهوريين والحثيين فيها. هذا إضافة إلى مدفن المدينة القديم، ويمكن الحصول على الكثير من المعلومات من خلال شكل القبور، وطريقة دفن الموتى. الحكومات السورية لم تقم بأي جهد فعلي في هذا المجال، لأن تاريخ المدينة لا يهمهم ولا يريدون معرفته، لأن العرب المستعربة يدركون، إن كشف التاريخ الحقيقي للمدينة، سيفضحهم وسيكشف مدى كذبهم وتدليسهم ونصبهم على التاريخ.

 

الغربيين من جهتهم أيضآ لم يهتموا بتاريخ هذه المدينة لعدم لعبها دورآ مهمآ في التاريخ، ولإدراكهم بأن أثار المدينة راحت ضحية الغزوات الإستعمارية لكردستان والحروب التي جرت على أرضها. لذا على الجانب الكردي المبادرة والقيام بهذه المهمة، بعد إستعادة المدينة من يد المحتلين العرب والأتراك والعصابات الإرهابية التي تسيطر على المدينة اليوم.

بيوت البلدة القديمة في مدينة الباب مبنية من الطين والحجر، ومن الجدير بالذكر أنه يوجد بازار مسقوف من بدايته حتى نهايته في المدينة، وهذا يسهل على الزوار والمتسوقين التبضع منه طوال أشهر السنة دون التعرض لحرارة الصيف أو برودة الشتاء. كما يتميز هذا السوق بطراز معماري جميل وتصميم جيد حيث يُسهل حركة المتسوقين، وينقسم السوق الذي يطلق عليه تسمية (الباب القديم) إلى أربعة أسواق: السوق الشمالي، السوق القبلي، السوق الشرقي، السوق الغربي. كما وتحتوي المدينة على سوق يُسمى “سوق المدينة” المتخصص بالأقمشة والملبوسات، هذا الإضافة إلى عدة أبنية تعود للفترة العثماني مثل مبنى السرايا الحكومي، وبالمناسبة مصطلح سرايا هو مصطلح كردي قديم ولا علاقة للعثمانين والعرب به.

لقد شهدت مدينة الباب توسعآ عمرانيآ في السبعينات والثمنينات وتسعينات القرن الماضي بعد أن تجواز عدد سكانها نواة المدينة والسوق والشارعين الرئيسين إلى الأطراف، ولاسيما محاور الطرق الخارجة منها، إلى مدينة حلب ومبو گ وگرگاميش وأخترين وإلى شمال التلة وجنوبها الشرقي وقمته نفسها حيث حي “الجبليين”. وتحولت مدينة الباب مع الوقت إلى مركز مهم، وغطت على مدينة “بازا” التي يجاورها من الشرق ويفصلهما وادي أو نهر الذهب. وإشتهرت المدينة منذ القدم بزراعة القطن وصناعة الألبسة القطنية، وذكر هذا أيضآ “ياقوت الحموي” في كتابه (معجم البلدان) حيث قال:

“الباب قرية ذات أسواق يعمل فيها (كَرْباس) كثير ويحمل إلى مصر ودمشق وينسب إليها”، وهو ثوب القطن الأبيض. ويصنع فيها اليوم اللباد والسجاد والألبسة وفيها صناعات غذائية متنوعة وأخرى يدوية تقليدية إضافة إلى حيازات تصليح الآليات والمركبات.

—–

سَرايا:

لفظة كردية معربة، وتعني بلاط الملك أو الدار الكبيرة والعالية. وهي مأخوذة عن المفردة الكردية (سرا). وكلمة (سر) تعني هنا رأس المدينة أو الدولة.

——-

الكرباس:

مفردة كردية معربة وتعني القميص الداخلي، وهي مقتبسة عن اللفظة (كراس). ولهذا نسمي باللغة بي الكلسون/اللباس الدخلي (هفال- كراس). وكليهما يصنعان من القطن أولآ لنعومته كي لا يجرح الجلد، وثانيآ لإمتصاص العرق الذي يفرزه جسد الإنسان.

Keras: القميص الداخلي      Hevakeras:  اللباس الداخلي/ الكلسون

 

********

 

خامسآ، أصل تسمية الباب ومعناها:

Koka navê Babê û wetaya wê

حاول المستعربين العرب والمستتركين تعريب إسم المدينة وأطلقوا عليها إسم “تيماء”، ولكن أهلها الأصلاء رفضوا إستخدام هذه التسمية المعيبة والغريبة، وأصروا على إستخدام إسم مدينتهم الأصلي أي (الباب). وعندما فشل المحتلين في مسعاهم الخبيث والعنصري هذا، فلجأوا إلى حيلة أخرى كعادتهم ففتشوا هنا وهناك فلم يجدوا كلمة أو تسمية قريبة منها في السريانية أو غيرها، فإبتدعوا كذبتهم وقالوا: أن مصدر إسم مدينة الباب هي تلك الفتحة التي يتم الدخول والخروج من خلالها من البيت أو الغرفة، أو ما يسد به تلك الفتحة. ولكي يعطوا نوع من المصداقية لكذبتهم هذه، قالوا سميت بهذا الإسم كونها كانت بابآ لمدينة با-زا أي (بزاعة).

تعالوا معي لتشاهدوا مدى كذب هؤلاء المحتلين والمستوطنيين العرب، وهم في الواقع أسوأ من السرطان في جسد الإمة الكردية. هم يقولون أن الرومان قد بنوا المدينة وهذا غير صحيح على الإطلاق، ومن أفواهكم أدينكم، لأن كل كتاب ومؤرخيهم كتبوا في كتبهم بأن الفخاريات واللقى التي إكتشفت في تلة المدينة تعود للحقبة الحثية. فكيف يستقيم هذا مع ذاك؟؟

 

ثانيآ، إذا كانت هذه القطع الأثرية حثية كما تقولون، هذا يعني أن وجود المدينة يسبق الإحتلال الروماني لوطن الخوريين (كردستان) بسنين طويلة جدآ، لأنه كما هو معلوم أن الرومان إحتلوا المنطقة في عام 63 قبل الميلاد، وتاريخ الدولة الحثية يعود لألفي عام قبل الميلاد. ثم لو إفترضنا جدلآ أن الرومان هم من قاموا ببناء مدينة الباب، فهل يعقل أن يطلق الرومان عليها تسمية عربية؟؟ إلا إذا كنتم تعتقدون أن تسميةة الباب تسمية رومانية، وعلى حد علمي هذا غير صحيح. في هذه الحالة، ماذا كانت تسمى هذه المدينة قبل الإحتلال العربي الإسلامي السرطاني لها؟؟ وإذا كانت تسمية الباب عربية لماذا حاولتم تغير إسمها بعد إحتلالكم لها مباشرة عام 638 ميلادي على يد “حبيب بن مسلمة الفهري”؟؟

الحقيقة أن تسمية “الباب” تسمية كردية رصينة وقديمة للغاية، وهذا هو إسم المدينة الحقيقي ولكن لا علاقة له بفتحة في الجدار كم فسرها مزوري التاريخ والنصابين العرب المحتلين لأرض كردستان. والأن سنقوم بشرح هذه التسمية وفق معاير “علم إصول الكلمات” وباللغة الكردية نسميها (پيڤ -سازي).

Gelek têgînên (term) kurdî bi demê re xwe guhartinî, jiber wê pir kurdan jêdera wan jibîrkirinî.

Numîne: Bab:  الأب، الوالد         Nam: الإسم

– Têgîna “bab” bi demê re tîpa (b) ya duyemîn ketî û şona wê tîpa (v) birî an girtî û peyv bûyî (bav).

Babê min: أبي، والدي

Bavê min (ev çewt e):  إقذفها نحوي

– Têgîna “nam” bi demê re tîpa (m) ketî û şona wê tîpa (v) birî an girtî û peyva bûyî (nav). Û di hemû zimanên Îndo – Ewrupî de nam e.

Namê min:  إسمي

Navê min (çewt e):  خصري

Û kurdan ji dedeyan (peyayên mandegehan) re digotin Bab wek Babe Şêx li ba kurdên Yazdanî (Êzîdî). Û herwisa Ewrupiya ev tore ji kal û babên kurdan birin û  bikar tînin û wek em dizanin file ji serokê Vatîkanê re dibêjin “Papa” bi wateya Baba. Û wek me li pêş diyarkir kû ev bajar/şar wek niştegehek an warek jibo dede û peyayên perstgehan hate avakirin, jiber wê navê (BAB) hate lêkirin, yanê wateya navê tê wateya: Bajarê Baban.

Dede: إمام، راهب

إن تسمية الباب تعود للمفردة الكردية القديمة (باب) والتي تعني الأب أو الوالد، ولها معنآ أخر أي رئيس الكهنة، ومنها تجد لليوم الكرد اليزدانيين يسمون كبير كهنتهم (بابا)، والغربيين أي المسيحيين أخذوا هذا التقليد عن اسلاف الكرد الخوريين والميديين والميتانيين والحثيين ولذ يلقبون كبير كهنتهم بي (البابا) أي رئيس الفتيكان. والمدينة عندما بنيت بالأساس أي مدينة، كان بهدف إقامة البابا أي رئيس الكهنة، ومن جاءت التسمية والتي تعني مدينة أو مقام البابا، وهذا هو معنى الإسم ومصدره ومعناه الحقيقي.

سادسآ، لغة سكانها الأصليين ومعتقداتهم الدينية:

Ziman û bîrûbaweriyên xelkê wê yê nijad

إذا كان الذين أسسوا هذه المدينة هم أسلاف الشعب الكردي أي الخوريين ومن ثم الذين قاموا بتوسيع هذه القرية أو الدير إلى بلدة فثم مدينة مع الوقت هم الحثيين أبناء الحثيين، عندها بالضرورة لغتهم كانت اللغة الخورية وهي أم اللغة الكردية الحالية. وخير دليل على ذلك إسم المدينة الكردي كما أوضحنا أنفآ بطريقة علمية وبالدلائل. والدليل الثاني الذي يثبت أن أهلها كانوا خوريين – ميتانيين – حثيين كرد، هو توسط مدينة “الباب” مجموعة من المدن الخورية ومن الجهات الأربعة، فلا يعقل أن تكون كل تلك المدن التي تحيط بها خورية وتتحدث لغة الشعب الخوري، وفقط الباب كانت إستثناءً. هذا أمر يتنافى مع المنطق والحقائق التاريخية على الأرض. من الجهة الأخرى، إن لم يكونوا يتحدثون اللغة الخورية وهي أم اللغة الكردية الحالية، فبأي لغةٍ كان يتحدث أهلها إذآ؟؟

إن تجنب الكتاب العرب والمستعربين منهم، الحديث والخوض في لغة ومعتقدات سكان مدينة الباب الأصليين، مؤشر واضح وصريح، على تهربهم من مواجهة الحقيقية، لأن الحقيقة لا تصب في صالحهم على الإطلاق، ولهذا تجنوا الحديث والكتابة عن هذا الجانبين المهمين من تاريخ سكان المدينة وما حولها لأن ذلك يشكف هويتهم القومية، وهذا ما لا يريدة هؤلاء المحتلين والنصابين ومزوري التاريخ.

يقول الدكتور والمؤرخ الكردي الراحل “جمال رشيد أحمد”، في كتابه (ظهور الكرد في التاريخ):

إن الخوريين ظهروا منذ الألف الثالث قبل الميلاد حسبما جاء في السجلات المسمارية في الألف الثاني قبل الميلاد، وبأن الخوريين كانوا يسكنون المناطق الواقعة على نهر الزاب الصغير وسهول: بيتوانه، كركوك، الموصل، وان، الجزيرة، ووديان نهر الخابور وصولاً الى مدينة “حلب” الحالية وأطرافها. كما أن المؤرخ “وليام لانجر”، يذكر: أنه في حوالي عام (1690) قبل الميلاد بدأ الخوريون يهاجرون من موطنهم “جبال زاگروس” وينتشرون في مناطق تمتد من مدينة (وان) شمالاً الى مناطق “شَوشاره” و”نوزي” الواقعة قرب مدينة كركوك جنوباً والى شمالي الموصل غرباً.

من هنا جاء إنتشار اللغة الخورية على نطاق واسع مع توسع الدولة الخورية في أواسط الألف الثاني قبل الميلاد، وأصبحت لغة لها مكانة بارزة في المنطقة. من الجدير بالذكر هو أن اللغة الأورارتية منحدرة من اللغة الخورية. كانت اللغة الخورية وكتابتها المسمارية هي من أقدم اللغات والكتابات، وكما هو معلوم فإن اللغة “الخورية” لغة إلتصاقية مثل اللغة السومرية وهي في الأساس نفس اللغة.

كما إن مقارنة بسيطة بين أشكال الحياة ونمط البناء ودور العبادة في مدينة الباب التاريخية، مع مدينة گرگاميش (جرابلس) ومبوگ (منبج) وأزاز، وأرپاد (تل رفعت) وكلس من الشمال، سنكتشف الحقيقة الساطعة التي تقول: أن جميع هذه المدن بإختلاف دورها وأهميتها في تلك المرحلة التاريخية، تشترك في نفس نمط الحياة، دور العبادة، وشكل البناء، وكلها بنيت على تلال وهي متقاربة زمنيآ، وهذ يدل أنها جميعها، تعود لشعب وإمة واحدة وهي الإمة الخورية. ولو نظرتم للخريطة المنشورة أدناه، لوجدتم كيف أن مدينة الباب الخورية، محاطة بعدد من المدن الخورية ومن جميع الجيهات وهذا لم يحدث صدفة.

 

أما العبادات والطقوس الدينية في مدينة الباب وبقية المدن الخورية المحيطة بها كانت نفسها، وهي الديانة اليزدانية الخورية “لشمسانية”، ومنها إنبثقت العديد من الفرق مثل: اليزيدية، الهلوية (العلوية)، الدرزية، الشبكية والكاكائية. أما الزاردشتية فهي ديانة جديدة مستقلة، ولم تنتشر كثيرآ بين الشعب الكردي، رغم أنها أي (الزاردشتية) أخذت الكثير من القيم والمفاهيم والمبادئ من اليزدانية التي كان يعتنقها زاردشت، قبل أن يخرج على الكرد بدين جديد وسماه الزاردشتية، وبالمناسبة زاردشت كردي، والديانة الميثرائية هي بدورها إمتداد للديانة اليزدانية.

لقد أشار المؤرخ والحبر اليهودي “أبراهام گيگر” (1810- 1874م)، أن إسم الخوريين مرتبط بإسم الإله “خوار” إله الشمس، حيث لا يزال إسم الشمس باللغة الكوردية هو “خۆر”. إن هذه التسمية في بلاد سوبارتو وتعميقها بمفهوم ديني ومن ثم بمفهوم قومي على جميع السكان الذين آمنوا بإله الشمس والنور في بلاد سوبارتو من گوتيين ولوليين وكاشيين، له مغزى تأريخي عظيم، حيث أنها تعني بأن هذه المجموعة البشرية كانت تعبد إلهاً مشتركاً وتقوم بأداء طقوس دينية مشتركة. الديانات التي كانت سائدة في بلاد سوبارتو أي (الشماليين) بالنسبة للسومريين، كانت تدعي بأولوية وعظمة إله الشمس من بين الآلهة الأخرى.

ولقد أعطا الدكتور “جمال رشيد أحمد” مثالين على بقاء إسم خور إله الشمس لليوم بين الكرد:

الأول، طوزخورماتو:

هي مفردة مركبة من كلمتين “خورماتو” أي الشمس والثاثية (تازه) أي الشمس الساطعة حالآ في بداية الصباح.

الثاني، باگاداتو:

التي تحولت الى (باگادات) ثم بغداد، والتي تعني عطاء الإله “باگا”.

هكذا كان الخوريين أسلاف الكرد يقدسون الطبيعة ويعبدون قواها السائدة، والصليب المتساوي الأضلاع الخوري – الميتاني كان رمزاً للإله “ميثرا”. لا يزال يتم رسم هذا الصليب على أجساد الأطفال المرضى ويتم وضعه في رقاب الأطفال والحيوانات الأليفة، كما يتم رسمه على الأدوات المنزلية. لذلك كانت عبادة الشمس من العبادات السائدة عند شعوب الشرق الأوسط ولاحقآ في مصر بعد دخول الهكسوس الكرد إليها وحكمها، وثانيآ المصاهرة بين الفراعنة والميتانيين.

من هنا نرى لليوم تقديس الشمس باقٍ في فروع الديانة اليزدانية، مثل الإيزدية واليارسانية. وكما قلنا أن الشمس كانت الإلهة الأولى الخوريين، ومن بعدها تأتي الكواكب الأخرى وخاصةً كوكب الزهرة والقمر، بعد الشمس في القدسية والعبادة. لهذا كان أسلاف الكرد قبل مجيئ والمسلمين الأشرار، يجعلون مقابر موتاهم بإتجاه شروق الشمس نتيجة تقديسهم لإلهة الشمس، وكانوا يدفنون حاجيات الشخص المتوفي معه في القبر. ومما تقدم نستنتج بأن الديانة اليزدانية التي كان يدين بها الخوريين أسلاف الكرد إنتشرت في كل أرجاء المنطقة من مدينة “حتوشا” عاصمة الحثيين في الغرب، وإنتهاء بخرسان وأور وحلب وأمد ودمشق فأوگاريت، ومعهم مدينة الباب بكل تأكيد. كما هو معلوم، إنتقل الخوريون من سلسلة جبال زاگروس الى المناطق السهلية الكردستانية حوالي سنة (3000) قبل الميلاد مع إكتشاف الزراعة لأول مرة. وبحسبة بسيطة يمكن القول أن عمر الدين اليزداني يعود إلى أكثر من (5000) سنة.

بناءً على ورد يمكننا القول وبثقة، أن أهل وسكان مدينة “الباب” كانوا يدنون بنفس الدين ويعبدون نفس الألهة ويمارسون نفس الطقوس التي كان يمارسها بقية الشعب الخوري في كل مدنه وقراه. وإن إمتناع الباحثين والمؤرخين المستعربين الحديث عن لغة وعبادات أهل مدينة الباب الأصليين، هو دليل صريح أن هؤلاء العرب المحتلين يعرفون الحقيقة، ولكن لأسباب سياسية تهربوا من الكتابة عن ذلك، وهذا لا يمت للعمل الأكاديمي والبحثي بشيئ. بكلام أخر، هذا إسمه نصب وإحتيال وتزوير لتاريخ المدينة، وجريمة بحق التاريخ والعلم الأكاديمي نفسه. إن هوية مدينة الباب الخورية والسفيرة والرقة وغيرهم من المدن لن تضيع، ولا يمكن خداعنا نحن الكرد بعد اليوم.

 

سابعآ، الوجود الكردي في الباب وما حولها:

Hebûna kurdan li Babê û derdora wê

رغم كل ما تعرضت له مدينة الباب وسكانها الأصليين من الخوريين، من غزوات وإحتلالات وتغيرات ديغمرافية متكررة، مازال هناك وجود قوي للكرد أحفاد الخوريين في مدينة الباب وما حولها وصولآ إلى مدينة حلب وريفها الذي يطلق عليه منطقة الشهباء.

وقد أشار الكاتب الكردي “علي سيدو كوراني” في كتابه الشهير (من عمان الى العمادية): أن الكرد في بعض المناطق لجأوا الى تغيير لباسهم بغية التخلص من البطش الذي سيلحق بهم من قبل العصابات التركية، فإستبدل رجال الكرد لباسهم التقليدي (بالقمباز والعقال والجمدانة)، بينما بقيت المرأة الكردية محافظة على طبيعة لباسها الكردي التقليدي.

ومنطقة الشهباء تضم لمن لا يعلم: حلب نفسها، إدلب، دارزاه، جبل نبو، جبل ليلون، أرپاد، أزاز، گرگاميش، كلس، مبوگ، الباب، سپردا (سفيرة). ويعيش في المنطقة ما يقارب حوالي مليونين إنسان كردي. هذا عدا الملايين من الذين تعربوا بفعل الإحتلال العربي الإسلامي الإستيطاني، وهو أخبث من مرض السرطان. وبفعل الزمن ودين العرب الشرير وفرض اللغة العربية على الكرد إستطاع المحتلين تعريب ملايين الكرد على مدى 1500 عام من التخلف والسرطان. لليوم يعيش في مدينة الباب عائلات من أصول كردية كثيرة منها:

عائلة الشرقات، فرحات، بيت الزبكي، بيت الزمر، بيت خزمة، بيت كزكاز، نعساني، بيت واكي، بيت عثمان، بيت جيس، بيت المجيد، بيت الغزال، بيت المنلا، بيت الناقو، بيت الجبليين، بيت حوران، بيت خليل.

وهناك عائلات مع الزمن ونتيجة سياسة التخويف والتعريب ومنع اللغة الكردية وإجبار الأباء الكرد على تسمية أطفالهم بأسماء عربية، وجعل التعليم فقط باللغة العربية، إنقطع الكثيرين من الكرد عن لغتهم وأصلهم القومي، ولم يعد يعلمون عن أصولهم الكردية تقريبآ أي شيئ، والبعض الأخر أخذ يتنكر لجذوره الكردية من أجل الفوز بمنصب أو وظيفة في الدولة. وهناك عائلات إنقطع التواصل بينها وبينها أقربائها على الطرف الثاني من الخط الوهمي (الحدود) الذي يفصل بين غرب وشمال كردستان ومن هذه العوائل:

عائلة خللو، عائلة العابو، عائلة الكرز، عائلة باكير، عثمان، مللوك، … وعوائل عديدة أخرى عديدة.

وهناك مئات القرى التي تم تعريب إسمائها، وتعرضت العديد من تلك القرى إلى التغير الديمغرافي بشكل جزئي أو شبه كامل. ومن هذه القرى التي تتوزع على المنطقة الممتدة بين مدينة حلب وخط الحدود مع شمال كردستان والتي تشمل (منطقة سفيرة، الباب، منبج، أزاز، ترفاد وجرابلس) :

تل عيشة، جبين، هضبات، عياشة  الخليلية، بلدة دوديان، قرية الكمالية، وين، يابان، مريغل، الجكة،

قرى شاوا، باب الحجر، السنكلي، الزلف، الايوبية، المازجي، بغيدين، قره مزرعة، وقره كوبري، حوار، كلس، بريغيته، راعل، دلحة وحرجلة وكفرغان.

تل جيجان، طعانة، الجوبة، تليل العنب، المشرفة، اكسار، طويس، البيرة، النيربية، مزرعة شعالة، الشيخ كيف، تل رحال، الحسامية، شويرين، بحورته، كدريش، قره كوز، تل شعير، بلدة  قباسين،

الكندرلية، عرب ويران، برشاية، بوغاز، ترحين، مصيبين، زمكة، قديران، عولان، سوسنباط، قبة شيح، تل جرجي، شبيران، دولب، مزرعة، نعسو، الحولي، الحليمية، الحدث وقرى كثيرة أخرى.

وهناك مجموعة قرى كردية تتمركز حول (سد الشهباء التجمعي) على ضفاف نهر “كاليس” أي قويق، وذلك في شمال مدينة حلب على بعد حوالي 20 كيلومتر، ومن هذه القرى:

السموقة، السموقة الشمالية (مزرعة)، السموقة الغربية (مزرعة)، تل موسى، الجبيلة، قراج شرقي، قراج غربي، حساجك، الوردية، قرامل، الغوز، ام حوش، تل مالد، أحرص.

إضافة لذلك هناك مجموعة قرى كردية في منطقة المسلمية والمنطقة الصناعية ومدرسة المشاة ومعسكر التدريب الجامعي ومن هذه القرى:

المسلمية، فيفين، بابنس، تل شعير، حليصة، حيصين، كفر صغير، سيفات، باشكوي، حيان، حندرات،

الشيخ نجار، الشيخ زيات.

هناك قرى ومدن ومواقع كثيرة تاريخية كردية الهوية وتدعهما الوثائق التاريخية والنقوش والأثار، ومع ذلك نشاهد البعض من سكانها يتنكرون لإصولهم الكردية وخاصة قبل إنفجار الثورة السورية، كون الشعب الكردي لم يتمتع بأية حقوق قومية وقافية ودستورية لا بل لم يكن معترفآ به بالأساس، وتمكن نظام البعثي الإجرامي من غسيل دماغ الكثيرين من الكرد، والقول أن الكرد أقل من الأخرين، وهذا ما فعله أتاتورك أيضآ مع الكرد في شمال كردستان. ومن هؤلاء الكرد الذين يتنكرون لأصلهم الكردي سكان عدد من القرى الكردية الرصينة مثل:

قرية جب البرازية (وهي عشيرة كردية معروفة موجود قسم منها في كوباني وحماة وشمال كردستان)، قرية البيرقدار، قرية الكريدية، قرية الكاوكلي وغيرها من القرى.

برأي الشخصي هذا نابع عن الجهل السياسي وقلة الوعي القومي لدى هؤلاء الناس، وثانيآ له علاقة بالإقتصاد والمال. ثالثآ، لتجنب المشاكل مع السلطات البعثية – الأسدية الإجرامية والعنصرية. رابعآ، الوضع الكردي المزري وحالة العبودية التي يعيشها منذ مئات السنين. خامسآ، الدين الإسلامي اللعين سهل عملية الإنصهار كون هؤلاء جميهم متأسملين ويقتدون بنبي العرب ذاك القاتل والدجال. الأسوء من كل هذا برأي هو إنضمام البعض من هؤلاء الكرد المنسلخين عن إمتهم الكردية والإنضمام لأعدائها ومحاربة بني جلدتهم للأسف الشديد. هنا لا بد من ملاحظة وهي:

إن الذين يتركون دينهم وقوميتهم ومذهبهم، يكونون أشد عداوة من الأخرين تجاه دينهم السابق أو قوميتهم السابقة أو مذهبهم.

السبب الثاني، هو التعليم الإجباري باللغة العربية، والتعتيم المطبق على قضية الشعب الكردي وتاريخيه وثقافته، والأسوء من ذلك وشيطنته والقول أن الكرد أبناء الجن ولا يجوز الزواج بهم. وهذا ما حدث في للشعب الكردي في الأجزاء الخمسة من كردستان، ففي تركيا فرضوا اللغة التركية عليهم وفي ايران فرضوا اللغة الفارسية عليهم.

ولكن بعض إنطلاق “ثورة ايلول” في جنوب كردستان بزاعمة الراحل مصطفى البرزاني، وحصولهم على إقليم فيدرالي وإنتخاب كردي لرئاسة الجمهورية قبل 15 عام من الأن، ولاحقآ إندلاع الثورة الكردية الأشمل في شمال كردستان بزعامة السيد اوجلان، وتمكن الكرد في غرب كردستان من فرض سيطرتهم على مناطقهم بأقل الخسائر بفضل قوات الحماية الذاتية (ي ب ك)، بدأ هذا الفكر الإنهزامي والإحساس بالدونية لدى الكثيرين من الكرد يتلاشى مع الوقت، وسيأتي اليوم الذي يعلن فيه كل هؤلاء الكرد المعربين أنهم كرد وسيفتخرون بكرديتهم. ولاحظنا نهضوضآ قوميآ لدى الكثيرين من الكرد وخاصة عند كرد تركيا، اليمن، السودان، فلسطين، إسرائيل، وكرد أفغانستان ومصر. الناس العاديين عادةً يقفون مع الحائط الواقف، والأحزاب السياسية الكردية تتحمل جزء من مسؤولية هذا ما وصل إليه بعض الكرد كي ينكرون قوميتهم، ومعهم الإعلام الكردي (الحزبي) الذي لا هم له التطبيل والتزمير للصنم، بدلآ من توعية هؤلاء الناس وبقية الشعب الكردي وزرع الثقة في نفوسهم.

 

أسماء بعض العشائر الكردية بمنطقة الشهباء:

Navê hin êlên şadbayê

1- عشيرة الرشوان:

Êla Reşan

يعيشون في قرى ضمن منطقة “الراعي” وموزعين على أكثر من (25) خمسة وعشرين قرية يتجاوز عددهم (45) ألف نسمة.

2- عشيرة كيتكان:

Êla Kêtikan

ينتشرون في القرى الشمالية لمنطقة الباب، ويتوزعون على أكثر من (20) عشرين قرية تقريباً ويتجاوز عددهم (60) ألف نسمة.

3- عشيرة ديدان:

Êla Dîdan

ينتشرون في محيط سد الشهباء، ويتوزعون على أكثر من (36) قرية، ويقدر عددهم بحوالي (70) ألف نسمة.

4- عشيرة دنا:

Êla Dina

يتوزعون على العديد من القرى ذات الكثافة السكانية العالية، ويصل عددها إلى حوالي (20) عشرين قرية مثل قرية تل حاصل، تل عران، كبارة، تل علم، كفر صغير، ويصل عددهم إلى (85) ألف نسمة.

5- عشيرة دمللي/ زازا:

Êla Dumilî

يتوزعون على حوالي (7) سبع قرى وتعدادهم يصل إلى حوالي (30) ألف نسمة.

6- عشيرة بيزكان:

Êla Bîzakan

يتوزعون على حوالي (10) عشرة قرى، مثل قرية دوديان وإم حوش، ويقدر عددهم الاجمالي بحوالي (25) ألف نسمة.

7- عشيرة قره كيج:

Êla Qeregêç

موزعين على (8) ثمانية قرى، ويقدر عدد سكانها بحوالي (70) ألف نسمة.

8- پينج ألي:

Pêncalî

يتوزعون على (5) خمس قرى حول تل بطال وباروزة، وتعدادهم يصل إلى حوالي (18) ألف نسمة.

9- هناك عشائر أخرى تعيش في المنطقة مثل: عشيرة ميران، كيكان، براز، شرقيان.

Mîran, Kîkan, Beraz, Şerqiyan.

إن مجموع القرى التي تقطنها هذه العشائر الكردية مجتمعة، يتجاوز عددها (125) قرية كردية.

“نهاية الحلقة الثانية وإلى اللقاء في الحلقة القادمة”