قرأت مقالة الدكتور موفق السباعي بعنوان [ الدين هو السياسة ] ، فتعجبت وآستغربت من عنوان مقالته كما من مضمونها أيضاً ، وكيف جعل الدين هو السياسة ..؟ . فالسياسة لها تعريفها ومجالاتها تتباين مع الدين وتعريفه ومجالاته . وقوله في عنوان مقالته ؛ الدين هو السياسة يعني السياسة هي الدين أيضاً . وهذا خطأٌ كبير وقع فيه الأخ الكاتب ، فالسياسة حتى لو آفترضنا جدلاً إنها أصل من أصول الدين ، فهي لا تعني الدين نفسه ، أي هي لا تساوي الدين نفسه ، لأن الدين هو أمرٌ ربانيٌّ محكمٌ وثابتٌ في أصوله وقواعده الإيمانية التي لا تخضع لمعايير الإجتهاد والتفسير والتغير . أما السياسة فهي أمرٌ بشريٌّ ونسبيٌّ ومتغيِّرٌ ويخضع للإجتهاد المستمرِّ والتغير والتبديل من حينٍ لأخر ، ومن بيئةٍ لأخرى ، ومن عصر لعصر .
بالحقيقة إن السياسة هي فرع من الدين وليست أصلاً منه ، ولهذا لم يعتبر الإسلام السياسة من أصوله وقواعده وثوابته على الإطلاق ، ذلك إن الأصول والقواعد والأركان الدينية لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ، كما هي لا تخضع لمعايير الإجتهاد العقلي والتفكير مثل الشهادين والصلاة والزكاة والحج والأركان والأصول الإيمانية بآستثناء تفاصيلها ومتفرِّعاتها إذن ، فلو كانت السياسة مثل الأركان الإسلامية والإيمانية فهل كان سيختلف عليها الصحابة بعد وفاة رسول الله محمد بعد وفاته ، ثم هل إختلف الصحابة مرة واحدة فقط على الأركان والأصول والثوابت الدينية والإيمانية كما خلافهم وآختلافهم على السياسة والخلافة الدنيوية ، وذلك لعلمهم القطعي اليقيني بأن السياسة ليست من الأركان والثوابت الدينية والإيمانية بشكل مطلق ..؟ . عليه من الخطإ الفاحش إعتبار الدين هو السياسة بعينها ، ففي تلك المقولة والعقيدة تشويهٌ للدين نفسه ولمكانته وحقيقته .
لقد كرَّم الله تعالى الإنسان بنعمة العقل وشرَّفه وميَّزه به على غيره من المخلوقات كلها ، وذلك كي يقوم بالتفكير وإعمال عقله بالإجتهاد والتفسير والتحليل لأجل مصالحه ومنافعه في الأرض . ومن هنا صدر الإعتقاد بأن الإنسان بالعقل هو أشرف المخلوقات كلها وأكرمهم ، وذلك بخلاف الملائكة الذين هم مجبولون على الطاعة والعبادة وحدها دون سِواها من الأفعال والأعمال التي يجتهد البشر فيها بكدٍّ وتعبٍ بعقولهم وأفكارهم وأجسامهم في الحياة الدنيا .
إن الحكومة الدينية فيها الكثير من السلبية والتشويه للدين نفسه ، لأن الفقهاء والمُتصدِّين لها من الإسلاميين من السنة والشيعة يعتبرون أنفسهم وكلاء على الدين ، وكل مَنْ ينتقدهم أو يُخالفهم فإنهم يُشرِّعون بوجوههم سيف التكفير والردة والضلال والفسق والخروج من الدين والإيمان ، وقد حدث هذا في الماضي والحديث والمعاصر من الأيام التي نعيش فيها الآن . وقد أسست جماعات دينية إسلامية قواعد حركاتها وحزبيتها على أساس الحاكمية التكفيرية وآستندوا خطأً على الآية القرآنية ؛ { ومَنْ لم يحكم بما أنزل الله فأولئك همُ الكافرون } المائدة / 44 . وبذلك فإنهم – وللأسف الشديد – أصبحوا يُكفِّرون الناس والحكومات والمجتمعات بأسرها ، بل إنهم أباحوا الخروج العنفي المسلح بآسم الجهاد على المجتمعات والحكومات في داخل بلدانهم وخارجها .
أما الموضوع الهام الآخر هو خطأُ الكثير من الإسلاميين ، ربما الغالبية الساحقة منهم سنة وشيعة في إن الإسلام ينبغي أن يحكم الكرة الأرضية كلها ، والعالم كله ، وأن يكونوا البشر مسلمين في المعمورة كلها ، وهذا يقيناً خطأٌ فاحش وكبير وقع فيه هؤلاء ، وفي نفس الوقت يدل على عدم معرفتهم الصحيحة بالقرآن الكريم وآياته التي قررت إختيار وحرية الإنسان للدين والإيمان أولاً ، ثانياً إن الإسلام قد جعل التعددية الدينية والحضارية والثقافية من شعاراته ، وثالثها إن القرآن لم يُصرِّح في آية واحدة فقط ، في حكم الإسلام العالم كله .
4 Comments on “الدين والسياسة- مير عقراوي / كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية”
Comments are closed.
أساساً السياسة تعني تدبُّر الأمر, إذن فكل شيء في حياة المجتمع هو جزء من السياسة , وهكذا الدين أيضاً يصبح جزءاً منها خاصة حينما يتعلق الأمر بالنواحي النظرية أو العاطفية , وفي النهاية كلها تخضع للإقتصاد – المادة, على ماذا كانت حروب أبي بكر الصديق ؟ وشكراً
الدين والسياسة وجهان لعملة واحدة . ولفظ الدين اصلا من دان يدين بمعنى ساس يسوسه . كسايس الابل يقود الابل حتى كان احد الشعراء العرب يخاطب محمدا : يا سابس العرب . راجع لسان العرب مادة (الدين ) و (والسياسة)
والا لشمل تعريف الدين الاديان الاخر ى كالبوذية بانه امر الهي حسب ذلك التعريف للفظ الدين
الدين ليست كلمة عربية وقد أدخل عليها ال للتعريف فيبدو كأنه عربي خاصة بعد الإسلام ووروده في القرآن, دين هو مصدر للفعل (ديت ــ رأى) ومصدره الشائع ديتن , أي رؤية الطريق في الحياة الآخرة و ترجمتها البلاغية بالعربية المذهب أو الإعتقاد في الحياة الأخرى, زرادشت إستخدمه في تعريف حروف الكتابة دين تبرا أو دين دبيرة ومنها إشتق إسم المدرسة دبيرستان يعني محل تعليم الكتابة
وكلمة دان يدين العربية تعني أدانه وإتهمه بجريمة ولا علاقة لمعناه بالسياسة وشكراً
** مِن ألأخر …؟
١: تقول {{لأن الدين هو أمرٌ ربانيٌّ محكمٌ وثابتٌ في أصوله وقواعده الإيمانية التي لا تخضع لمعايير الإجتهاد والتفسير والتغير} طيب كيف فهم المسلمون الأوائل أيات القران دون تفسيرات وإجتهادات رغم كونها من لدن عليم حكيم ، والمصيبة الاكبر وجود بحر هائل من التناقضات في تفسيراتهم وإجتهاداتم ؟
٢: بالمنطق والعقل كيف لا تكون السياسة هى الدين وأنت نفسك تعترف بأنها فرع منه ، طيب من أين يستقي الفرع ما له أليس من أصله (أي من الدين) لذا مقولة الكاتب هى صحيحة وأكثر منطقية وقبولًا ؟
٣: تقول {للجهد كرم الله تعالى الانسان بنعمة العقل} وهى مقولة صحيحة لا يختلف عليها عاقلان إثنان ؟
{طيب كيف يفضّل ألاف الشيوخ النقل رغم إختلاف مصادره وكثرة رواياته لابل وتناقضاته عليه من قِبل شيوخ وعلماء الدين ، سلام ؟