شارع الحفاح او كما كان يسمى شارع غازي قبل ثورة 14 تموز 1958 وفي الحقيقة هو شارع الكورد الفيليين نظرا لكثافة تواجد عوائل الكورد الفيليين في مختلف محلاته ويعتبر من الشوارع الذي يمتاز باهميته والذي يمكن اعتباره من الشوارع التي تحمل طابعا تراثيا وسياسيا و اقتصاديا منذ ان تم افتتاحه في بدايات القرن الماضي ولحد الان اذ تعتبر المحلات السكنية المتوزعة على جانبيه من اقدم المناطق التي سكنها اهالي بغداد ومنها محلة الفضل و المهدية وقنبرعلي والبو شبل وابو سيسفين وابودود و طاطران و العيدروسي وعكد الاكراد وعكد الجري وفضوة عرب وكهوة شكر والصدرية وهي مثل كل المحلات المتبقية تتميز بجانبها التراثي من حيث الطراز البنائي القديم ، فالبيوت العالقة بالقدم تعلوها الشناشيل وما ان تمر بين تلك البيوت حتى تشتم روائح التاريخ من طبيعة البناء و الازقة والمحلات المتلاصقة بعضها ببعض حيث حافظ هذا الشارع على طابع تراثي التصق به من حيث الملاءمة في اشكال البيوت وساحاتها وطبيعة البناء الداخلي كل ذلك جعله تمتاز بنمط من هويه معينة ملتزمة بمحددات التراث … كان هذا الشارع وسيبقى رمزا للتعايش السلمي بين سكان جميع محلاته السكنية على اختلاف الوانهم ومشاربهم حيث فرضت براءة اهلها وحسن نواياهم للعيش والبقاء بسلام و طمأنينة ومرد ذلك عائد الى حسن الجوار و التمسك بالتقاليد التي احياها اهالي تلك المحلات التي كانت ولازالت تشارك في عزف انشودة حب الحسين في ذكرى عاشوراء او احياء المناسبات الدينية الثي تجري في ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني واضافة الى وجود ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي يشهد زيارة الالاف من المسلمين من اصقاع العالم البعيدة مثل الهند وسيلان و باكستان وماليزيا و اندنوسيا اما على الصعيد المحلي فان العوائل البغدادية تملاء باحة الضريح ليل نهار فان هذا الشارع يضم مرقد الصحابي ” قنبر ” والذي سميت المنطقة المحيطة باسمه تيمنا وهي من المحلات التي تاسست فيها مدرسة المهدية في عشرينيات القرن الماضي التي درس فيها الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم وشخصيات وطنية اخرى كما تمتاز هذه المحلة بوجود سوق ” حنون ” فيها والذي يعتبر من اقدم اسواق بغداد .. اما بالنسبة الى سكان شارع الكفاح فان المكون الفيلي الكوردي من اقدم المجتمعات التي سكنت حارات هذا الشارع وعلى سبيل المثال فان احدى الازقة التي تقع في منطقة الصدرية تسمى ” نز علي ” الذي هو الجد الرابع للنائبة السابقة من المكون الفيلي ” ساميه عزيز خسرو ” وهذا ما يؤكد ان هذا المكون يمتد بجذوره الى الاعماق السحيقة لارض العراق وتفند جميع الادعاءات الباطلة التي يقودها الشوفينيون عن الاصول الاجنبية لهذا المكون ليستغلوها في ابعادهم طمعا في اموالهم و املاكهم لحد الان على الرغم من انقضاء قرابة العشرين عام على سقوط النظام الشوفيني .اما على الصعيد الاقتصادي فان للمكون الفيلي بصمته في انعاش الواقع الاقتصادي في بغداد وذلك من خلال تواجدهم في سوق الشورجة الواقعة بين شارعين حيوين وهما شارع الرشيد وشارع الكفاح منذ اربعينيات القرن الماضي وتحديدا بعد هجرة اليهود . اضافة الى دعمهم الدائم للثورة الكوردية منذ انبثاقها والذي هو من الاسباب الرئيسية التي دفعت النظام الصدامي ليصب جام غضبه على الكورد الفيليين و التنكيل المستمر بهم من خلال عمليات التهجير المتكررة في ظل حكمهم ، كما ساهم المكون في التبرع وبشكل متواصل لبناء المساجد و المدارس وعلى سبيل المثال فان احد وجهاء المكون الفيلي قد تبرع ببيته ليكون مدرسة ابتدائية في منطقة باب الشيخ وسميت بمدرسة الكورد الفيلية والتي قام النظام الشوفيني بتغيير الاسم بعد انقلاب الثامن من شباط الدموي ، لكنها عادت الى اسمها القديم بعد زوال النظام القمعي ولايزال مئات التلاميذ من ابناء المنطقة يداومون فيها وكان المتبرع هو المرحوم الحاج نوخاس مراد الذي ينتمي الى قبيلة ملكشاهي التي هي احدى القبائل الكوردية العريقة التي عرفت بانها صعبة المراس وانها وكما تذكر كتب التاريخ بانها اوقفت زحف اسكندر المقدوني على تخوم ايلام وتتوزع في مناطق من ايران و العراق ، كما كان للمكون الفيلي دوره في تنشيط الحركة الرياضية من خلال تشكيل فرق شعبية واتخذت من المقاهي الموجودة مقرات لها مثل مقهى الحاج خداداد ومقهى هاشم ومقهى اهالي بدره ، وقد كانت منطقة العوينه ساحة لمسابقات كرة القدم مع الفرق الشعبية الاخرى حيث ساهمت هذه الفرق الشعبية التي كان اغلب اعضائها من المكون الفيلي في رفد المنتخب الوطني بالكثير من اللاعبين المتميزين مثل محمود اسد وشقيقه عبد الصمد وجلال عبد الرحمن وانور مراد ونوري قهرمان ، كما امتازت تلك المقاهي باقامة ندوات ثقافية وسياسية ساهمت في خلق الوعي الوطني في صفوف جماهير المنطقة ولعل الموقف البطولي الذي وقفه ابناء المنطقة وفي مقدمتهم الكورد الفيليين عندما قاوموا ببسالة وباسلحة تقليدية زحف دبابات النظام الشوفيني عند تقدمها على وزارة الدفاع وتمكنوا من اعطاب عدد من اليات الانقلابيين مما دعى النظام الى ان يصب جام غضبه على المكون و لمرات عديدة لكنه ورغم كل النكبات التي تعرض لها من قتل وتشريد وتبعيد فقد بقي المكون سائرا في نهجه الوطني و القومي في الدفاع عن هويته و وطنه ولعل مئات الشهداء الذين استشهدوا ضد داعش و القاعدة والتي تزين صورهم شارع الكفاح ومناطق اخرى من بغداد ابلغ دليل على ذلك ، ورغم كل هذه التضحيات و الجراحات لم ينل لحد الان ابسط حقوقه التي سلبت منه ظلما و عدوانا وانه لايزال يتعرض الى التهميش رغم كل الجهود التي يبذلونها ، ويبدو ان هناك من يقف ضد طموحهم واهدافهم والتي هي في الحقيقة مسألة تحتاج الى اعادة نظر .