الحكومة العراقية الجديدة والانتخابات المبكرة القادمة-   مصطفى محمد غريب

جاء الإعلان عن تشكيل الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني بعد مخاض عسير ومرور أكثر من عام على الانتخابات المبكرة في 10 / أكتوبر / 2021 التي فاز فيها التيار الصدري بـ ( 73 ) مقعداً من العدد الإجمالي البالغ ( 329 ) مقعداً ، الى أن النتائج التي أظهرت خسائر غير قليلة للأحزاب والتيارات التابعة لإيران او المتحالفة معها دفعتها للتشكيك والاتهام بالتزوير حيث ندد قياديين في التحالف  الشيعي وفي مقدمتهم تحالف الفتح  بقيادة العامري  بنتائج الانتخابات ثم  سيرت الكتل السياسية المعترضة على النتائج مظاهرة  من انصارها وانطلقت نحو المنطقة الخضراء  وقد قامت حينها القوات الأمنية بمنعهم وتم إغلاق الجسر المعلق … الخ من الإجراءات الأمنية .

الآن وبعد جملة من الاحداث والتغييرات وبخاصة بعدما استقال من عضوية البرلمان ( 73 ) من التيار الصدري وصفا الجو تقريباً للإطار التنسيقي بقيادة نوري المالكي كلف بتشكيل الوزارة محمد شياع السوداني فجاءت الحكومة على الطريقة نفسها مثلما هو حال الحكومات السابقة ولم تخرج عن المحاصصة وبهذا تم إجهاض التفاؤل بخصوص حكومة الأغلبية السياسية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية، ونعتقد أنها مهما اطلقت من وعود  فلن تخطو نحو الإصلاح والتغيير الحقيقيين،  وقد تجري البعض من المعالجات العادية لكنها ستبقى ضمن الإطار القديم  وخير مثال ما نشاهده حول كشف البعض من الرؤوس الثانوية في قضايا الفساد واللصوصية  أما الكبيرة فهي ما زالت تتمتع بالجاه والمال والسلطة ولها الأمان الكامل، وسيكون البعض كبش الفداء بالاتفاق، إذن التوافقية لعبت وما زالت تلعب الدور نفسه ولم تخرج  عن ثوبها الطائفي والمحاصصة الحزبية الضيقة، وعاد التوافق حتى لو كان بالضد من مصالح ملايين العراقيين الذين طالبوا بكل صراحة الخروج من نهج المحاصصة والتوافقية الى فضاء الوطنية. أن محاولات البيت الشيعي وبخاصة القوى المتنفذة في تشويه الواقع السياسي بحجة التوافق بين مكونات الشعب العراقي وهذه الادعاءات على أساس أن التوافق ضروري بين الشيعي والسنة والكرد وهذا يفقد التوازن الاجتماعي معناه الواقعي الملموس بان هناك الملايين من العراقيين من طوائف وأديان وأعراق إضافة الى القوى الوطنية الديمقراطية التي غُبنت وما زالت تغبن حقوقها البرلمانية بوجود قانون انتخابي غير عادل ولم تراع القوى المتنفذة المطالبات الواسعة باعتماد قانون انتخابي ينصف الجميع وينصف حقوق القوميات الأخرى وكلنا على بينة ومعرفة ان إحدى المطالب الرئيسية لانتفاضة تشرين التي قدمت اكثر من 800 شهيد وآلاف المصابين والمعتقلين هو قانون انتخابات عادل بدلاً من قانون يتلاعب بحقوق الناخبين العراقيين، ومازالت جميع القوى الوطنية والديمقراطية وملايين العراقيين يطالبون لحد هذه اللحظة بمثل هكذا قانون بخاصة أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وحكومته أعلنوا عن المنهاج الوزاري وضَمن قضية  الالتزام بأجراء انتخابات قادمة لمجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات، المنهاج الوزاري الذي كان من المؤمل ان يحتوي على حدود واضحة فيما يخص الازمات والتراكمات السابقة جاء عاماً يفتقد للملموسية مما حدى بقوى التغيير الديمقراطية في العراق إلى اصدار بيان يوم الأربعاء 30/ 11 / 2022 انتقدت فيه المنهاج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني وأشار رائد فهمى أحد قادة قوى التغيير” لقد جرت دراسة هذا المنهاج من قبلنا – نحن الأحزاب المنضوية في قوى التغيير الديمقراطية – ووجدنا انه بالنظرة الأولية لمنهاج الحكومة الجديدة، يمكن القول إن المنهاج لم يكن ملموساً في تناول الأزمات والتحديات التي تواجهها البلاد، وليس شاملاً” وبينما نجد شرعية المطالبة بتغيير قانون الانتخابات الحالي غير العادل الى قانون انتخابات اكثر عدالة يسعى تحالف ” الاطار التنسيقي ” إلى الرجوع الى قانون الانتخابات القديم والذي يثير الاستغراب أن نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق اعلن العودة لقانون ” سانت ليغو” وبهذا يتضح سعيه وسعي القوى المتنفذة وبخاصة الشيعية ” نسف أبرز ما تحقق بعد تظاهرات عام 2019 الشعبية في البلاد” بينما نجد بأن قانون انتخابات جديد يحتوي على دائرة انتخابية لكل العراق  هو اكثر عدالة ويضمن حقوق الناخبين وعدم سرقة اصواتهم الانتخابية ، إلا أن القوى المتنفذة وبخاصة الإطار التنسيقي يصر على بقاء نظام الدوائر المتعددة كمخرج له للاستيلاء على أصوات الناخبين بشكل لا شرعي ولا قانوني ولكي تتم المحافظة على هيمنته على السلطة وإجراء البعض من المعالجات غير الجذرية للأزمات والمشاكل والأوضاع المتدهورة في البلاد ثم بالتالي الإبقاء على دور إيران وتدخلها في الشؤون العراقية  وكلنا نتذكر كيف كانت نتائج الانتخابات الأخيرة والخسائر التي لحقت بالفصائل التابعة وكيف لعبت إيران بدور الوسيط بين الإطار التنسيقي الموالي وبين التيار الصدري  الساعي بدعوته إلى حكومة الأغلبية السياسية بدلاً من المحاصصة وعندما فشلت المساعي في لم شمل البيت الشيعي ولم تفد الزيارات المكوكية لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال إسماعيل قاآني والالتقاء بمقتدى الصدر  ومسعود البرزاني وقادة الإطار التنسيقي وقيادات اخرى وحلول 73 نائباً من الإطار التنسيقي بدلاً عن النواب الصدريين المستقيلين من مجلس النواب انتقلت الأوضاع الى تمكين الإطار التنسيقي من تقديم محمد شياع السوداني  ليقوم رئيس الجمهورية بتكليفه لتشكيل الوزارة العراقية، ومثلما اسلفنا

ـــــــ هل ستقوم الحكومة الحالية تنفيذ ما وعد به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إجراء انتخابات مبكرة وفق قانون انتخابات عادل وليس القانون القديم الذي يطالب به نوري المالكي والإطار التنسيقي؟  وتقديم الدعم للمفوضية المستقلة للانتخابات لكي يتسنى لها القيام بعملها في كافة المجلات

ــــــ هل سيبقى السلاح المنفلت والميليشيات الطائفية التابعة تعيث فساداً وتعقيداً للوضع السياسي بدلاً من تنفيذ المطالب الجماهرية بحصر السلاح بيد الدولة

ــــــ وهل بالإمكان توفير ظروف صحية ملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟

ــــــ ما هي الإجراءات القانونية السليمة التي تقوم حكومة السوداني للوقوف ضد الفساد المالي والإداري والكشف عن مصادر المال السياسي للكتل والأحزاب قبل الانتخابات التشريعية المبكرة؟

أن هذه التساؤلات المشروعة وغيرها معيار لمناهج الحكومة العراقية الحالية ولا بد من التوقف وعدم التهاون أمام تسويف التعهدات الحكومية بمطالب الانتفاضة التشرينية المجيدة واكثرية الشعب العراقي، ولهذا يجب الالتزام بالتصريحات بخصوص الانتخابات وعدم التنصل منها وعلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والحكومة الجديدة الوفاء بوعودهم وتعهداتهم فيما يخص إجراء الانتخابات المبكرة القادمة وقضايا أُخرى التي أضرت العراق وما زالت تضره اذا لم يجر الإسراع بالمعالجة