هذا التفكير السقيم والتسلطي والإقصائي المدمر موجود في كل أنحاء العالم، إلا أن بعض الشعوب بعد نضالٍ طويل إستطاعات التخلص من هذا الفكر الجهنمي وخاصة في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية.
أما نحن الكرد مازلنا نعيش ذورة هذا الفكر المقيت وتحديدآ في جنوب وغرب كردستان، الذي تسعى البشرية بكل السبل للتخلص منه في مكان بالعالم.
فأول من ممارس هذا الفكر المدمر هو الحزب الشيوعي السوفيتي، الذي تفرد بالحكم ومنع بقية الأحزاب من ممارسة أي نشاط حزبي وسياسي وأغلق مكاتبهم وصفى الكثير من قياداتها، وسجن كل ناج من الذبح. وإنتقل هذا المرض السرطاني إلى كافة البلدان النامية في أسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وشرق أوروبا. وخير مثال على النموذج المدمر تجربة الأخوين كاستروا في كوبا، وتجرية عائلة سونغ في كوريا الشمالية، وتجربة الحزب الشيوعي الروماني وزعيمه جاوجيسكو في رومانيا، وتجربة القذافي في ليبيا، وتجربة تحرير الوطني الجزائرية، وتجربة عبد الناصر في مصر وسوريا. وتجربة حبيب بورقيبه في تونس، وتجربة الحزب الإشتراكي في اليمن الجنوبي، تجربة البعث في سوريا والعراق، تجربة الخميني في ايران، وسياد بري في الصومال، أحمد سوكارنو في أندونيسيا، أتاتورك في تركيا، تيتو في يوغسلافيا السابقة، وموديبو كيتا في مالي، دانيل أورتيكا في نيكاراغوا، الحزب الشيوعي الصيني ماو تي سونغ في الصين، أحمد سيكوتوري في غينا والقائمة تطول. ونتائج جميع هذه التجارب كانت كارثية على شعوبها، بإستثناء التجربة الصينية من الناحية الإقتصادية فقط ولأسباب خاصة ليست مجال بحثنا في هذه المقالة.
والأحزاب الكردية وقياداتها إستنسخت نفس هذه العقلية السقيمة والتسلطية والإقصائية المدمرة وتمارسها
منذ ثلاثين عامآ وأكثر في جنوب كردستان، ومنذ عدة سنوات في غرب كردستان. وليس لدي أدنى شك أن نتائج تجربة العائلات الحاكمة المافيوية في جنوب كردستان، ستنتهي بشكل كارثي ومخيف وأكثر دمارآ من حرب العائلتين المافيتين البرزانية والطالبانية في تسعينات القرن الماضي. وليس لدي أي أمل شخصيآ في إصلاح الأوضاع في جنوب كردستان، فالعائلة البرزانية لن تعود عن سرقاتها ونهبها والتنكيل بكل معارض لها قبل أن ينفجر الوضع في وجههم القبيح، وبنفس المقدار ينطبق ذلك على عائلة الطالباني أيضآ.
مازال هناك أمل ضئيل، في أن يتخلص تنظيم (ب ي د) من فكره الشمولي والإقصائي وإنتهاج سياسة منفتحة على كافة القوى الوطنية الكردية في غرب كردستان، وأكبر حماية للإقليم والإدارة الذاتية، هو مشاركة جميع الشرفاء والمخلصين الكرد فيها. القوة العسكرية والأمنية لوحدهما لم تحمي نظامآ واحدآ في العالم بما فيه الإتحاد السوفيتي، فما بالكم أنتم!! إنظروا في المقابل إلى التجربة الأمريكية الديمقراطية بكل عيوبها، كيف نمت وتطورت وجعلت من البلد المتعدد الأعراق والإثنيات والأديان، مزدهرآ وناجحآ وشعبها حر.
ولو كان منطق القوة والإستبداد والعنجهية والإقصاء مفيدآ، لكنا رأينا سوريا ككيان في وضع مختلف كليآ عما هو حاله المدمر الأن ونفس الشيئ ينطبق على الكيان العراقي والليبي والإيراني. وفي المقابل إنظروا إلى تجربة كوريا الجنوبية وقارونها مع تجربة النظام الأسدي – البعثي. إن الإستمرار في سياسة إقصاء الأخرين والتفرد بكل شيئ من القرار السياسي، الأمني، العسكري، المالي، الإعلامي لن ينتج عنه سوى نظام شمولي وإستبدادي دموي على الطريقة الصدامية – الأسدية – القذافية. أعتقد أن أي عاقل وذو إحساس سليم سيفعل المستحيل لتجنب الوقع في براث هذا الفكر الجهنمي المدمر لصاحبه وشعبه وبلده.
لو كنتم على وفاق مع بقية أبناء الشعب الكردي بمختلف توجهاته الفكرية والسياسية، وكانوا شركاء في القرار، لما إستطاعت تركيا ولا سواها تأليب الرأي العام ضدكم ولا إتهام الإدارة الذاتية بالتبعية لحزب العمال، ولما وقفتم وحدكم بوجه العدو التركي، ولكان دعم الحلفاء لكم أكبر ونظروا إليكم نظرة مختلفة. فأنتم مجرد فصيل مهما كبرتم، والغربيين يعرفون أنكم لا تمثلون كل الشعب الكردي، لا حيث لا يوجد تنظيم حزبي بإمكانه تمثل جميع الناس، فالمجتمعات الإنسانية ومنها المجتمع الكردي يتألف من أطياف فكرية وسياسية وحزبية مختلفة، ولا يمكن لمتمع ما يجمعوا على أي شيئ وأي شخص وحزب، بما فيهم الإله.
في الختام، لماذا لا تقتدون بتجربة الراحل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقا، وتجربة الراحل غاندي في
الهند، وجورج واشنطن في الويات المتحدة الأمريكية، بدلآ من إقتدائكم بأولئك الأشرار مثل أتاتورك؟؟ الدولة والشعب ليسا ملكآ لأحد حتى لو كان محررآ حتى ذلك الشخص أو تلك الجهة. الشعوب لا تملك ولا الأوطان من قبل فردٍ ولا حزب.
07 – 12 – 2022