عجائب من عالم البشر :- ( كامل سلمان )

تعجبت عندما رأيت بعيني بشراً راقيا بعلمه وإنسانيته واخلاقه وقدراته يجعل من الحيوانات المتوحشة كائنات قريبة جدا من الإنسان في طيبتها وعاطفتها وسلوكها ليثبت لنا كم هو عظيم هذا الإنسان في تعامله مع بقية الكائنات يتحكم بها كيف يشاء ويضيف لحياة الإنسان نكهة جديدة من خلال تسخير تلك الحيوانات بشكل لائق وجميل في تقديم خدمات اضافية تليق بمكانة هذا الكائن ،، وتعجبت أيضا عندما رأيت بعيني وعلى نفس كرتنا الارضية الواسعة ، بشراً واطئون يجعلون من بعض الناس وليست الحيوانات ، من الناس البسطاء الطيبين كائنات قريبة جدا من الحيوانات المتوحشة سلوكا وصبغة وتوحشا و أجراما ليثبتوا لنا الوجه الثاني القبيح لهذا الإنسان، الصنف الاول وجدتهم في مجتمع لا يحشرون الله في عملهم وهم يؤمنون بحق الإنسان وحق الحيوان وحق الطبيعة والبيئة والصنف الثاني وجدتهم في مجتمع يدعون انهم يؤمنون بالله ويدخلونه في عملهم السيء و لا يعرفون حق الله وحق الإنسان والحيوان وحقوق الكائنات .. الصنف الاول يصرفون من المال الكثير ومن الاوقات ليل ونهار لتحقيق أهدافهم خدمة لأنفسهم ولمجتمعاتهم وللأجيال القادمة وخدمة للإنسانية لأنهم يفكرون فقط بالمستقبل والصنف الثاني يسرقون من المال مبالغ كبيرة لتحقيق اهدافهم خدمة لأنفسهم وشهواتهم وعقدهم لإنهم يفكرون فقط بالكراهية والانتقام ، فقط بالأحقاد ، لأنهم يحملون افكارا مريضة .. الصنف الاول خدموا وأحبوا الإنسان وعرفوا ان الإنسان هو قيمة الله في الارض ، والصنف الثاني نصبوا العداء للإنسان وحاربوا الله وهم يدعون انهم يؤمنون به .. هكذا أصبح عالمنا بهذا القدر من التصنيف ، منهم من تطوع لتدمير الحياة على البسيطة بأية وسيلة كانت ومنهم من نذر نفسه للحفاظ على الحياة وديمومتها وتطويرها ، فشّتان بين هذا الصنف وذاك.. وجب علينا كبشر ان نحدد انتماءنا لهذا الصنف او ذاك ، وهذه مسؤولية اخلاقية لا مناص منها ، على كل واحد منا ان يقرر اين يضع نفسه و لمن ينضم ولمن يناصر ، فالاختباء لم يعد ينفع ، لأن الاشرار عازمون على تدمير كل شيء واولها تدمير عقول الناس واخلاقهم … هل يعقل ان ترى كلبا كله إنسانية ورحمة وطيبة ، كلبا يفتش الناس ليعثر عند المجرمين على متفجرات أعدت لقتل الابرياء من الناس ، فينقذ الناس من شر الناس ( اما يستحي هذا الإنسان عندما يسوقه الحيوان الى العدالة ، أما يستحي ان الكلب يعترضه عن قتل اخيه الإنسان ) وفي الطرف الاخر ترى إنسانا بالشكل تشمئز منه أقذر الحيوانات لبشاعة سلوكه و دمويته ينادي ربه ان يساعده ليقتل الابرياء من ابناء جلدته ، فلم يبقى منه الا شكل إنسان ، فكيف استطيع ان اساوي بين الاثنين وأقف منهما على مسافة واحدة فهذا ملح أجاج و ذاك عذب فرات ، فهل هذا هو الهدف الذي يسعى اليه ما يسمون انفسهم عشاق الاخرة أو أتباع الله ؟ هل فقدت الناس عقولها الى درجة لا تميز ما هو النافع وما هو الضار ؟ بمجرد انه لبس الدشداشة وطالت لحيته واسود جبينه ووضع المحابس في اصابعه والسبحة بيده ، أصبحت كل الموبقات و القذارات و السرقات مباحة له ، وحتى الخيانة حق شرعي له . هل هذا هو الإنسان الذي يريد تفضيل نفسه على الكائنات الاخرى ؟ هل هذا يعتقد بأنه هو من راهن عليه الرب حين خاطب الملائكة اني جاعل في الارض خليفة ؟ . لا يمكن ان نتقبل ذلك وحتى الكلب يأبى ذلك ، صحيح إننا نعيش عصر العجائب ولكننا مازلنا نحن البشر نمسك بزمام الامور ومازلنا نحن سادة الكائنات وسادة الارض فمازال احباب الحياة وعشاق الحرية بيدهم ناصية العلم والمعرفة ، فأن وجدت الوحوش نفسها كسرت الحواجز و هيمنت على الحياة في بقعة ما ، فهذا لا يعني أنها سيطرت على الارض . الإنسان أغلى موجود في الكون فلا يحق لهم ان يجعلوا منه كائنا مهانا ولا يحق لهم ان ينالوا من كرامته فقط لأنهم استطاعوا ان يخدعونه ببضع كلمات ، يجعلونه يزحف كالزواحف ، يجعلونه يعوي وينبح ويضرب رأسه ووجه ليثبتوا قدرتهم وسطوتهم على هذا المسكين الذي استسلم لهم بعد ان وثق بهم عن جهالة وسذاجة . يحطمون حياته يسلبون عقله يمرغون انفه بالوحل لأنه أتبعهم في الوقت الذي غدروه وجعلوا من انفسهم سلطة عليه وعلى الناس . . يفعلونها كذلك مع النساء بعد ان وثقن بهم فأقنعوهن بالسوء فجعلوا منهن نساءاً غانيات عاريات ضائعات و اعطوهن إباحة جنسية بأسم الشرع لتصبح سلعة رخيصة لهم اي انهم استطاعوا ان يجعلوا من النساء جواري في زمن لا يسمح لهم القانون الإنساني بالحصول على الجواري ، وفعلوها مع الاطفال فأصبح هؤلاء الاطفال مشردين ضائعين بعد ان جعلوهم يتامى حين قتل اباءهم ، فبالامس القريب كان هذا الصنف الظالم المنحرف يذرف الدموع و يشكوا مظلوميته فقط ليصدقونهم الناس وبعد ان صدقوهم السذج من الناس لطيبتهم هكذا اصبح مصيرهم . اية مخلوقات تلك التي تستطيع فعل هذا المستوى من النذالة والغدر بالإنسان و ينسبون كل شذوذهم للدين ولا يستحون . . . عندما تكون الطبيعة وكوارث الطبيعة هي مشكلة الإنسان ، فإن حل المشكلة تكمن في تعاون وتكاتف جميع الناس ومهما كانت المهمة صعبة ، فالإنسان قادر على ان ينتصر على الطبيعة بوعيه وبعلمه وبحبه للحياة ، عندما تكون الكائنات الحية حيوانية او نباتية هي مشكلة الإنسان ، فإن حل المشكلة تكمن في تعاون جميع الناس ومهما كانت المهمة صعبة ، فالإنسان قادر ان ينتصر على جميع الكائنات غير الإنسان ، فهو الاعظم وهو الارقى والانبل ، ولكن عندما تكون مشكلة الإنسان هو ذات الإنسان فهنا سيكون الصراع داخلي بين بني البشر وهو استنزاف لطاقات البشر ، نحن الان مشاكلنا اصبحت محصورة بين بني البشر ، وأصل مشاكلنا هي اختلافاتنا الفكرية والايدلوجية ، فبعض من هذه الايدلوجيات هي امراض سرطانية مستعصية مليئة بالخرافة تريد بالعنف ان تجد لها مكانة في نفوس الناس وفي عصرنا اصبح العلم هو المتسيد على العقول ولكنهم يراهنون على الجهل وبالقوة وبالعنف و بالخزعبلات ، فقد شجعتهم بعض المكاسب التي حصدوها في غفلة من الزمن هنا وهناك ..
لا ينبغي للإنسان اينما كان ان يقبل عبودية اخيه في الخلقة ولا يصح ان نبقى جالسين متفرجين لما يصيب الناس من هموم وآلام بسبب زمر لا تملك من الضمير حبة ولا من الاخلاق بذرة ، فهي مسؤولية الجميع في عدم ترك هؤلاء الذين يعبثون في كرامة الإنسان ويعيثون في الارض فسادا ، فهذا تعظيم لشأنهم ان تم تركهم يسرحون ويمرحون دون قصاص… المنحرفون ليسوا قوة عظيمة ، القوي الصحيح لا ينحرف بل هم مجاميع من المرضى سلكوا دروبا وعرة فصبوا وابل غضبهم على البسطاء من الناس . لذلك يجب ان ينتهوا فهذا ليس عصرهم ولا زمانهم ، ووجودهم في هذا الزمان خطأ يجب تصحيحه ، هذا عصر الثقافة وعصر العلم وعصر الإنسانية عصر الالفة والمحبة والابداع والعطاء ، انظروا الى الكرنفالات الرياضية التي تجري في العالم ، انظروا الى جمالية الفن والموسيقى ، انظروا الى ضحكات الاطفال ، هذه هي صورة الإنسان لهذا العصر ، وهؤلاء العابسون يريدون ان يسلبوا تلك الافراح من قلوب الناس وعيون الناس ، فلا يحصل هذا الشيء ويبقى فقط في خانة امانيهم وتلك هي امانيهم ، فلا مكانة للمنحرفين والشاذين عقليا بين اهل الخير واهل الإنسانية ، ويكفيهم خزي ان الكلاب تشم رائحتهم وتكشف مآربهم وتلاحقهم ثم تسلمهم الى العدالة .