سبل حماية وأحياء المواقع التأريخية
من (سلسلة تأريخ بادينان العمادية ) للدكتور مسعود مصطفى الكتاني (مدرسة قوبەهان) ، إحدى أهم المآثر التأريخية
الجزء الرابع والاخير :
صقل الورق (الكاغد)
كان الكاغد يأتي مستوردا من طرف الصين منذ القدم ، ومن أوربا في القرون الوسطى ، عن طريق موانئ البحر المتوسط و اسطمبول كتجارة رائجة في عاصمة العثمانيين وفي الدول الاسلامية والاوربية ٠ على شكل شدات (بند) من قطع ثخينة لينة نوعا ما غيرمكبوسة تتخللها فجوات هوائية بأبعاد (٣١،٣ * ٢١،٧سم) بدليل مخطوط لدينا ضمن الارشيف يعود ل ( ١١٨٥هجرية ) بهذه الابعاد وبأبعاد أكبر بضعفين تستعمل لاغراض رسمية مثل صحيفة أعمال للموظف ، وجداول لأوامر رسمية من الجهات العليا في اسطمبول ، بغداد أو القاهرة في زمن العثمانيين ٠ ولم تكن متوفرة في كل مكان إنما في المدن الكبيرة مثل الموصل ، بغداد ، النجف ، حلب ، اسطمبول ، أصفهان ، دمشق ، القاهرة
وان ، بتليس ، وبيروت ، المغرب حيث (جامعة أم القرى) والحرمين الشريفين ومدن كثيرة أخرى ٠
وكان يحصل عليها الطالب بالشراء أو كهدية من الامراء والعلماء أوأهل الخير والاغنياء ٠
ولم تكن قطعة الكاغد صالحة للاستعمال مباشرة بل توضع الورقة على لوح خشب أوعلى حجر مسطح أملس
وتصقل بحجر (مصقول) بامراره على سطح الورق مع الضغط يمينا ويسارا ومن الاسفل للاعلى بحيث تثبت بيد واحدة وتصقل بالاخرى٠ وتسمى باللغة الكردية (کوتنە ، ڤەهەسین ، مالنجدان) تجرى العملية بشكل منتظم بحيث تتداخل الالياف مع إضافة مادة لاصقة خفيفة غير مركزة و قليل من الماء لمنحها نسبة من الرطوبة تسهل عملية تداخل الالياف
وتجرى العملية من الطرفين لعدم فسح المجال لحبر الكتابة بالنفاذ الى الورق لأن الكتابة تتم على الوجهين ٠ سواء في المخطوطات (الكتب) آنذاك أو الكراسات ، الرسائل ، أو الهوامش ٠
وكانت تستخدم الألوان لزيادة (المتانة) وإضفاء الجمالية ، ويصبح الورق أكثر مطاوع للتجليد وتقلل من النفاذية وهذا النوع كان يستخدم للكتب الأدبية والدينية ودواوین الشعر ٠
عمل صمغ اللصق للأوراق والكتب والكراسات من الاصماغ المتوفرة :
١-الاصماغ تجمع من الافرازات الصمغية والتي تنجم عن الاصابات الحشرية الفطرية كرد فعل وقائي للاصابة على أشجار الانجاص ، الخوخ ، الكوجة ، المشمش ، واللوز ، هذه الاشجار تفرز الصمغ اللاصق بكثافة٠ وذلك بجمع الصمغ من قشرة الشجرة ووضعها في الشمس لتجف وتدق في الهاون لتنعم وتنخل وتغلى مع كمية مناسبة من الماء حتى تذوب وتستخدم بعد أن تبرد٠
٢- وتصنع أيضا من نبات بصيلي يسمى (طيلك) : تهرس وتغلى مع قليل من الماء تخض ، تبرد وتستخدم ٠
٣- من نشأ الحنطة ، يوضع الحنطة في الماء لكي تنتفخ الحبوب تماما وتتشقق القشرة ويتم التخلص من الماء ، وتهرس باليد وتنخل وترمى النخالة ، يعجن النشا مع الماء حتى يصبح أملس وخفيف وصالح للاستعمال ٠
ليالي الجمع والمناسبات الدينية في هذه المدارس وخاصة المدرسة الجامعة (قوبا)
كانت ليالي الجمع والمناسبات الدينية فرصة سانحة للاستراحة والمناظرات الشعرية والفقهية والنكات للطلبة والمدرسين
إضافة للشعر الغنائي والمدائح العذبة لساعات متأخرة من الليل بحضورالاهالي ، الوجهاء والشخصيات من مختلف أرجاء كردستان في الدولة العثمانية ومن كردستان ايران وكانت المدائح والشعرالغنائي تلقى باللغة الكردية ، العربية ، الفارسية والتركية وكان الشعراء والمداحين على شكل مجموعتين مجموعة تبدأ بالبيت الاول الصدر والعجز والمجموعة الثانية
تبدأ البيت الثاني وهكذا وكان تناغما رائعا لاصوات شجية ومقتدرة٠ ويوزع عصير الدبس والفواكه ، العسل ، واللبن مع المكسرات والفواكه المجففة٠
كانت تحتفل بهذه الليالي والمناسبات عند إنهاء الدراسة لبعض الطلبة ، ومنحهم إجازات علمية من هذه المدرسة و بقية المدارس لجميع مناطق كردستان ٠ وتقام أراجيز شعرية لكثير من شعراء العرب وايران أمثال (حافظ الشيرازي وسعدي وشمس التبريزي ) أكثر الاحيان كانت تخصص غرفة خاصة للنساء بكامل حجابهن لسماع المدائح سواء في بهدينان ، بوطان وصوران .
بعض الابيات للشعرالغنائي (المدائح) لهذه المدرسة:
جد بلطفك يا إلهي من له زاد قليل مفلس بالصدق يأتي عند بابك يا جليل
ذنبه ذنب عظيم فإغفر الذنب العظيم إنه شخص غريب مذنب عبد ذليل
قف بالمنازل وإطلب أطلالًا وسل الربوع الدارسات سؤالا
رضاك خير من الدنيا وما فيها وانت للنفس أشهى من تمنيها
الله يعلم أن الروح قد تلفت شوقا اليك لكني أسليها
الزيارات
كانت تجري الزيارات من قبل الاقرباء والشخصيات كالأمراء ورؤساء العشائر والشخصيات الدينية والعلمية من خارج بهدينان لهذه المدارس (وهذه النصوص القديمة تم الحصول عليها من دار المخطوطات في بغداد) كانت أكثرهذه الشخصيات تتفقد أحوال المدرسة الجامعة طلابها ، مدرسيها أحوالها المعيشية ، الاقتصادية ، العلمية ، الاجتماعية لعمل وتقديم اللازم دعما لهذه المؤسسة الدينية العلمية ٠ وهذه المخطوطة تعود الى أكثر من مائتي سنة بقلم (إسماعيل أفندي حيدراني زاده) يؤكد على مقابلة طلاب العلم للوجهاء كرؤساء العشائر ، الشيوخ ، الأمراء لتقديم مساعدات نقدية وكان هذا عرف مألوف لتلك الحقبة بشكل عام في جميع هذه المدارس سواء في كردستان ودول إسلامية أخرى ٠
نبذة عن ما يقرأ من قبل طلاب العلم أمام المسؤولين الوجهاء طلبا للمساعدة ، (بعض الاسطر حول أسلوب المخاطبة)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حمدا يا جاعل الظلمات والنور ، يا باسط الظل والحرور، وشكرا لك يا خالق االارزاق ، يا مبدع العامل على الاطلاق ، أنت الشاهد في العين ولايشاهدك العين لقد أخرجت الموجودات من ظلمة العدم وخلقت الموجودات الممكنات بلا سبق مادة من كتم العدم قد ظهرت بقدرتك الموجودات في الطول والعرض وذكر مصداق آياتك الكريمة ٠ أما نحن فنخص الهداية بالادعية المقرونة بالتعظيم والاثنية المستطابة المشحونة بأنواع التفخيم حضرة من هو صدر الافاضل ومفخرالاماجد والأماثل …الخ
التدريس والدراسة ومراسيم إنهاءها
كان النظام الدراسي وتسلسل المناهج والكتب متشابة تقريبا في كافة مدارس بهدينان ، سواء في القرى أو المدن وفي مدرسة (قوبهان) التي كانت تلقب بمدرسة السلطانية تيمنا باسم بانيها (الأمير سلطان حسين بك ابن الأمير حسن بك) ٠ وكذلك في مدن ايران ، آسيا الصغرى والدول العربية الإسلامية ٠ شوهدت هذه الأسماء في عدد من الخطوطات خلال بحثنا في مئات المخطوطات العائدة للمدارس العلمية الكردية في المتحف الوطني ببغداد والمجمع العلمي العراقي ومخطوطات المكتبات الخاصة في البيوت الكردية العلمية ومكتبة الأوقاف العامة تقع مخطوطاتها ضمن (١١) مجلد للأستاذ سالم عبد الرزاق وغيرها في مدينة الموصل ٠
وكانت قوبهان بمستوى المدارس الدينية العلمية الأكثر شهرة في العالم الإسلامي لذلك الوقت من حيث المستوى العلمي ، العلماء ، المدرسين ، الدروس ، والمناهج ٠ كانت المرحلة العلمية للطالب تحدد كالآتي ( طالب علم وسط أو متقدم = سوخته فقي = فەقە ، ملا مستعد ، ملا) ، إذ كان يتدرج ابتداءا من دراسة الكتب والمواد السهلة من مختلف علوم اللغة العربية ، الفقه الإسلامي ، الحديث الشريف ، المنطق ، الفلك ، الهيئة ، الفلسفة ، الادب ، علم الكلام ، الحساب ، الهندسة
علم الوضع ، اللغة الفارسية ، العقائد ، أصول الخط العربي ٠ هكذا يتدرج الطالب الى الأصعب والاصعب لحد أعتاب الشهادة العلمية وإختتام الدراسة والتأهل للحصول على الاجازة ٠ والحصول على الاجازة العلمية لها مراسيمها بين الطلبة والمدرسين بحضور العلماء والملالي ، الأهالي والوجهاء وربما الامراء أو النواب لتقديم التهاني والمكافات ٠وقد يترشح عدد من الطلاب في نفس الوقت وتجري المراسيم في قاعاة خاصة في المسجد الجامع على هيئة مجالس وكل طالب مرشح يجلس الى جانب استاذه مرتديا العمامة البيضاء والجبة ، ويقرأ (المدرس الأول) الكلمة والمحضرالاولي لحفل الانتهاء من الدراسة والحصول على الاجازة ٠ إضافة للهدايا وأنواع من الحلوى من المكسرات والعسل الطبيعي بتقنيات شعبية لذيذة ترسل من قبل أهالي الطلبة ، كل مدرس يقرأ في المحضر سيرة طالبه العلمية ويختمها بقرار منح الاجازة وتقرأ الفاتحة مصافحا طالبه مع تهاني المجلس والدعاء للمتخرجين بالخير والتوفيق ٠
الانارة والضوء في الليل
في كل الادوارالتأريخية للشعوب في العالم استخدمت الانارة في الليل سواء من قبل العامة أوالمؤسسات العلمية والدينية للتنقل في القرى وتفقد حالة الحيوانات في الحضائر والاسطبلات وفي الحوادث ، وإزالة الثلوج عن السطوح في الليالي المثلجة ، التزاور وكانت تستعمل الوسائل البدائية المتاحة منها :
١-شموع الشحم وتصنع من (شحم الحيوانات ) وفتيلة قطنية رفيعة في وسط الشمعة لاتختلف عن الشموع الحالية من حيث الشكل ٠
٢- ضوء نار المواقد والحطب وبشكل خاص في بيوت القرى وبيوت العامة في المدن
٣- فتيل شمع النحل وهو عبارة عن حزمة من الخيوط القطنية الطويلة المبرومة تطمس في الشمع المذاب بالحرارة الخفيفة على النار في صحن أو إناء فيتداخل الشمع المذاب مع الفتيل مكونة طبقة شمعية بسمك بضع مليمترات
ويخرج من الوسط الشمعي الحر ويترك لكي يبرد ويجمد الشمع على الخيوط القطنية ، ويضغط على الخيوط بشكل منتظم لتتماسك مع الشمع وبهذا يكون جاهز للاشعال والاضاءة ويستخدم للتنقل من مكان لآخر في الليل ، وتطفأ حال الوصول
وتوضع في الجيب٠
٤- المشاعل من أغصان الأشجار والشجيرات وتسمى (خەتیرە) أو( نەدیر)
وأهم النواع المستخدمة :
أ–حزوب الخنزير = (کێرات) باللغة الكردية وتكثر فيها الالياف ، وتعمل حزمة من أغصانها مشدودة الى بعض بتحكم
وتكون جاهزة لاضرام النار فيها والحصول على الضوء ، في نفس الوقت وكانت تستخدم على الاغلب في القرى لادارة الماشية والدواب في الليل ودق الحبوب أو وتصليح السقوف وتكملتها ونقل التربة وتثبيتها بالمدق تسمى باللغة الكردية (ئآخەبان)
ب ـ أغصان الصنوبر (Pinus)
بنفس الطريقة السابقة ويستخدم الصنوبرلانه يحتوي على الزيت والمواد الراتنجية الصمغية وتعد من المخروطيات
أوراقها أبرية وقشرتها قابلة للاشتعال فضلا عن إنبعاث رائحة عطرية زكية بسبب إحتراق الصمغ وإنبعاث زيوت عطرية ٠ وتدخل الآس (ميتك myrtus ) أيضا في صناعة الصمغ ٠ في حالة المشاعل اليدوية تكون الحزمة أرفع
٥- شموع الزيت وتستخلص من أنواع الزيوت ، مثل زيت الزيتون ، زيت السمسم ، زيت بعض النباتات مثل العصفر (القرطم) ، زيت بذور القطن وغيرها من المحاصيل الزيتية ٠ وكانت هذه الزيوت تستعمل في الديوانخانات
والمجالس والمناسبات العامة أي لاضاءة مساحات واسعة ٠ كان الزيت أيًا كان يوضع في إناء عميق وتوضع مجموعة من الخيوط القطنية (الفتائل) بداخل الزيت وتشعل جميعها في ذات الأيناء لزيادة قوة الإضاءة ، وتتميزهذه الطريقة بقلة الانبعاثات الكاربونية وتم استخدامها في قصورالامارة والاغوات ومدرسة (قبهان) والمدارس الأخرى وخاصة ليالي العطل والمناسبات.
بهذه الوسائل البسيطة تم مسايرة الحياة وتأمين الاحتياجات ورسم ملامح الحضارة لتلك الحقب التي لاتخلوا من الابداع الفكري بكل جوانبه رغم الصعاب وكان الانسان ليثبت وجوده في مناحي حياة مجتمعات ذلك الزمان وهذه المدارس ماهي الا الحاضنة التي مهدت الطريق المتاح لخطوات هؤلاء المفكرين والمبدعين ٠
التمويل المصاريف والتكاليف
كانت لهذه المدارس سواء في العمادية أو قرى ومدن بهدينان الأخرى حصة من أملاك ، بساتين وقرى ومن حاصلاتها ومنتوجاتها ٠ كان الأهالي يشتركون في مساعدة الطلاب بتقديم الخبز البيت ووجبات غذاء وكذلك الحلويات في المناسبات
أوقاف مدرسة قبهان
من أوقاف قبهان ضرائب على القرى والبساتين وعلى اليهود والمسيحيين حيث الكنائس والاديرة ويمكن تبيان المعلومات بالخصوص على نسخة المخطوط المصورعلى صفحة رقم (١٧٣من كتاب قوبهان) ، من مجلة مخطوطات العمادية لبيت
المفتي أودعها السيد ملا محمد شكري في المتحف العراقي في سبعينيات القرن الماضي والمخطوطة في الفقه الشافعي للامام النووي ٠ وقد إطلعنا على جميع هذه المخطوطات عام ١٩٩٢ والتفاصيل وتثبيت الظرائب من قبل الأمير البهديني قباد خان إبن أبي سعيد سيدي خان٠ والتي توضح الضرائب المستلمة من جميع المناطق والقرى التي تدخل ضمن أوقاف (قوبا)٠
مكتبات حول العالم تتضمن مخطوطات تعود لمدرسة قوبهان أو منطقة بهدينان تدور حول تأريخ هذه المنطقة ) نذكر بعضا منها:
١-المكتبة الوطنية في باريس
٢-المكتبة الوطنية في فيينا – القصور الملكية الشتوية
٣- مكتبة الدولة – برلين
٤- دار الكتب المصرية – القاهرة ومكتبة متحف القاهرة
٥- الخزانة العامة في الرباط بالمغرب
٦- الخزانة الظاهرية في دمشق
٧- مكتبة الفاتيكان
٨- فهرس دار الكتب المصرية
٩- المكتبة القادرية العامة في الحضرة الكيلانية ببغداد
١٠- مكتبة جامعة كمبردج لندن -المخطوطات بريطانيا
١١- مكتبة جامعة لندن – المخطوطات بريطانيا
١٢- مكتبة المتحف البريطاني لندن المخطوطات بريطانيا
١٣- مكتبة جامعة الازهر المخطوطات القاهرة
١٤- مكتبة جامعة ليدن هولندة
١٥- دار المخطوطات المتحف العراقي بغداد
١٦- المكتبة الوطنية مدريد اسپانيا
١٧- مكتبة جامعة يايل Yale في نيوهافن بالولايات المتحدة الامريكية
١٨- معهد التراث ب حلب و مكتبة معهد التراث العلمي العربي في حلب
١٩- معهد المخطوطات العربية للجامعة العربية
٢٠- مكتبة المخطوطات التابعة للاوقاف العامة بالموصل العراق
٢١- المتحف الملكي السعودي -المخطوطات
٢٢- المتحف الوطني اليمني – قسم المخطوطات
٢٣- المتحف الوطني في الكويت والامارات العربية والبحرين وعمان
٢٤- المتحف الوطني في طهران قسم المخطوطات
٢٥- دور المخطوطات في ليننگراد وموسكو ، يريڤان ، وتفليس
٢٦- دار الخطوطات للمتحف الوطني السوري دمشق
٢٧- المتحف في استانبول دار المخطوطات
٢٨- دارالمخطوطات في بيروت
رغم أن مدرسة ( قوبهان) مأثرديني ومركز إشعاع علمي تأريخي ، في إمارة صغيرة ضيقة مقارنة بدولة كبيرة من ناحية الصلاحيات والواردات بعكس الولايات الأخرى للدولة العثمانية أوالدول الأخرى مثل العراق ، مصر، المغرب ، سوريا فحتما تحظى تلك المؤسسات العلمية الدينية في تلك الدول باهتمام وعناية كبيرين مقارنة بواردات إمارة بهدينان المحدودة والتي كانت تعتمد على قرار ومزاج الأمير وإطار أهل الخير والصلاح رغم دورها الفاعل والمشرف في نشر العلم والثقافة في تلك الحقبة الزمنية ٠إذا قرنا مدرسة (قوبا) بجامعة الازهر في إداء دورها المؤسسي من تخريج علماء
متمكنين وحجم الطلاب والمدرسين والخريجين بالنسبة لمساحة الامارة ونفوسها مقارنة بمساحة مصر ونفوسها يكون الوضع في بعض العهود أفضل أو متشابها ٠
أجرى المؤلف الكتاني مقارنة بين بناية المدرسة المستنصرية القديمة ومدرسة قبهان في العمادية ، لاتوجد الا إختلافات طفيفة ، من حيث عقد المدخل الرئيسي في المدرسة المستنصرية عقد الباب أربعة عقود غوطية متداخلة وفي قبهان عقدة غوطية واحدة ، عدد الغرف للطلبة في الطابق الأرضي أقل بقليل في قبهان مقارنة بالمستنصرية ٠ الغرف في طرفي الاجنحة الرئيسة في الواجهة من الجانبين طابقان على بعضها متشابهة تماما في المدرستين ٠الطابق الكبير للرواق الرئيسي عريض الواجهة غوطية العقدة (القوس) وعديمة الاحواض المائية في المستنصرية ٠ في قوبا الطابق الحجري الرئيسي عالية العقدة غوطية وتتضمن حوضان ماء والثالث يجري الماء فيه من الخارج عبر الجدار الخلفي في برابح فخارية مدفونة٠في المستنصرية المواد البنائية من الطابوق الأصفرالطين المفخور مادة الربط الجص مخلوط مع الطين ٠ في قوبهان مواد البناء الحجارة والحلان الابيض ومادة الربط هي النورة والجص والطين وعقدة المدخل الرئيسي فقط من الطابوق الاحمر٠
في المستنصرية التدريس ، الدراسة ، الطلاب ، الطعام ، الكادر والطلاب من أسقاع مختلفة ، في قوبهان النظام نفسه ٠
في المستنصرية منارتان في قوبهان استطعنا العثورعلى بقايا منارة واحدة ٠
دور التدهور وأسبابها
تهدم وتدهور جدران وسقوف وقبب المدرسة الجامعة (قبهان) مع مرفقاتها حالها حال الكثير من الدول العربية وغير العربية كانت لها تلك المدارس في الماضي لكنها غدت أطلالا ، بينما الكثير منها في دول ما باقية شاخصة ومستمرة في تأدية دورها الديني ، الثقافي ،الحضاري التأريخي ، التراثي والسياحي في نفس الوقت ٠ أنما مدرسة قوبهان لم تصمد لحد الان لاسباب هي :
- القلاقل والاضطرابات السياسية المتعاقبة أدت الى إهمال صيانتها ودعمها بحيث تركت تحت رحمة عوادي الزمن فضلا عن أطماع شخصية لتصفية أملاك تلك المؤسسات ٠
- الإهمال الذي طال هذه المؤسسات وعدم متابعة تنفيذ الخطة السنوية التي تضمن سلامة البناء وخاصة السقوف
من حيث صقلها وشدها (بالحادل) وشد الحافات بالمضرب الخشبي وإزالة الثلوج لعدم نفاذ الماء داخل البناء والحفاظ على الجدران من الرطوبة والتخلخل ٠
- هجرة أصحاب البساتين وسكنة الروبار (وادي عمادية وسولاف) ومن ضمنها ( شقلفات) التي تحوي مدرسة قوبا خارج المنطقة سعيا وراء العيش والأمان وانقطاع الدعم المادي والمعنوي
- ضعف حكم الامارة وانشغالهم بالمشاحنات السياسية داخل الاسرة والتشبث بالمصالح الشخصية الضيقة وإهمال
القضايا الوطنية والعامة ومنها إهمال المدارس بشكل عام ٠