مناسبة هذا الكلام:
وهي أن الطبيعة بجبروتها وكوارثها، لا تتمكن من تغيير أو تعديل الذهنية المتفسخة لدى قيادة الحراك الكوردي والكوردستاني وأدواتهم، فجميع دول العالم تعاضدت وتآلفت لتقديم المساعدات، إلا نحن الكورد، فاقمنا في الإشادة ببعضنا، وبكل منظمة أو شخصية كوردية قدمت مساعدة مادية أو معنوية.
ألا ترون أن حراكنا بشكل عام، وخاصة الحزبي لم يعد قادرا على حمل جزء من القضية، ويحتاج إلى تغيير الحرس القديم، الذي لم يعد بإمكانه التحرر من التبعية أو الإملاءات الخارجية، أي على الشريحة الشابة الواعية فرض ذاتها، وتصحيح المنهجية، وإعادة التركيبة الفكرية للأحزاب، فمن شبه المستحيل أن يتخلى القديم عن السيطرة أو يملكوا قدرة النضال خارج منطق المظلومية، أو يدركوا على إنهم مسؤولون عن كل ما يحصل لحراكنا وبالتالي لقضيتنا، قبل أن تكون مسؤولية أي طرف خارجي.
كما ويحتاج مجتمعنا إلى إعادة تثقيفه، وتوعيته، بدءً من إنقاذه الانجرار إلى آفة التآكل الداخلي الحزبي، إلى الحد من توسع الشريحة العابثة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتهجم العشوائي على الأطراف، ودفعها نحو النقد المنطقي.
وفي الحالتين من المهم الاقتناع وإقناع قيادة الحراك، وفي مقدمتهم مسؤولي الطرفين الحزبيين، أحزاب سلطة الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكوردي، المفروضين على الحراك، أن الوباء منتشر ولا بد من العلاج.
إشكاليات القضية وإنقاذ الشعب، ورغم الكثير من المكتسبات، تعقدت وتشعبت في العقد الأخير؟ فأصبح من أولويات الحراك الثقافي التنويري تغيير أساليب نشاطاتهم، والتركيز على القضايا التي تخلق الشرخ بين الشعب والأحزاب.
ألا ترون أن حراكنا الحزبي، لم يتمكن طوال نصف قرن، إزالة جزء ولو بسيط من الأوبئة الفكرية التي غرزتها الأنظمة المحتلة لكوردستان، بل بخلافاتها خلقت أوبئة حديثة تتلاءم والعصر، وساهمت في ترسيخها شريحة من الكتاب وخاصة التابعين، مرضى التهجم على كل الأطراف، بعيدا عن النقد المنطقي الإيجابي أو السلبي، ودون إدراك أن محاولات الإصلاح أو تقديم الأنسب، يحتاج إلى وعي ذاتي، ومفاهيم تنويرية لا تدميرية؟ وللأسف عقد من الزمن مر والتدمير الداخلي يتفاقم.
فمن غرائب حراكنا الحزبي (الصف الأول من المسؤولين) قبل الآخرين:
1- إنهم تحت غطاء إنقاذ الشعب من الأنظمة الدكتاتورية، بنوا نظام داخل المجتمع غارق في الخلافات، كما ونقلوا الشعب من مرحلة الصراع مع محتليه، إلى ساحة مليئة بالحقد وكراهية الكوردي المخالف.
2- خلقوا ثقافة بين المجتمع لا تقل بشاعة عن الثقافة التي غرزتها الأنظمة المحتلة لكوردستان، ولا يهم، إن كانت عن ضحالة في الإمكانيات الفكرية، أو عن جهالة، أو تحت ضغط الإملاءات الخارجية.
3- ليس فقط لم يساهم حراكنا بشكل عام، وسلطة الأمر الواقع خاصة، في توعية المجتمع بالشكل المطلوب على البنية القومية والوطنية، بل جعلوه يعاني من التضارب ما بين النظرية والفعل والتطبيق. بين ما كان ينشروه في الأدبيات وما كان يجري على أرض الواقع.
4- على قدر ما تمكنوا منه، عرضوا القضية على الساحة الإقليمية والدولية، لكن بعدما حملوها كل العلل، وهو ما أدى إلى: ليس فقط عدم الاهتمام بها، بل نفور بعض القوى منها أو عدم دعمها.
5- نقلوا الحوارات عن الوطن ومستقبل الأمة، إلى الخلافات على الأحزاب، ورجحوا أسماء الرؤساء بين الخيانة والوطنية دون إبقاء مساحة بينهما، فغابت الرؤى والحكمة حول مستقبل القضية، ولا ننفي أن بعض الرؤساء وضعوا ذاتهم في المستنقع الأسن إما عن جهالة أو تحت الإملاءات، أو لمصالح شخصية.
6- معظم الأطراف الحزبية، جهلوا المجتمع، فلم يعد يدرك الفاصل بين المفاهيم السياسية والحزبية، وأبعدوه عن السمات الحضارية، فأمسى العداء الحزبي الوباء الأكثر انتشارا في الشارع الكوردي، وميزان التقييم الوطني أصبح على مدى تعالي صرخات التخوين، السمة التي تشدقت لها الأفواه بالترحيب والمدح. يطربون للتهجم عندما تحصر في الأسماء والتشخيص، والأغرب، كل من يعترض على هذه الأساليب يتعرض إلى المسائلة والتهم المماثلة.
7- الهيمنة الفردية على السلطة في غربي كوردستان، فتحت الأبواب بدون اعتراض على الغرق في الأخطاء المصيرية، مثل عدم الاهتمام بالبنية التحتية، كالكهرباء والمياه، وتحسين المدارس، والمستشفيات، والطرقات، وغيرها، كما ولم يتم التوقف عن المشروع الدفاعي الساذج، أي الأنفاق وحيث التكاليف التي كان بالإمكان بناء العشرات من الأبنية والمئات من الطرقات والمدارس، وربما مصفاة نفط عصرية تلبي حاجات المنطقة، عوضا عنها. ولم يتم حتى البحث في قضية أرض كوردستان المستولية عليها الغمريون حتى الأن، وغيرها من المشاكل التي كان بالإمكان حلها.
تطورت البشرية، لتساير الحضارة الحديثة، حراكنا تلقفها، لكن ليس لتوعية الذات ومجارات الحضارة، بل لتطوير أساليب الصراع الداخلي، يبدعون بتغطيتها بغطاء الوطن والقضية وآلام المجتمع، المجتمع الذي كلما خمد صوته، يقومون بضخ مفاهيم جديدة، مستخدمين تكنولوجيا العصر، ليستمر التآكل الداخلي.
يتباهون بمدى تلقينهم الشارع الكوردي من التوصيفات الكارثية تجاه الأخر، ففي العقد الأخير تجاوزوا حدود التخوين والعمالة الخارجية، إلى تهم الأخلاق، ومجموعة من سلطة الأمر الواقع خير من أبدعوا فيها، انتقلوا من مهاجمة الحزب إلى تحديد الأشخاص، إلى أن أصبحت الأسماء المتناولة على الألسن أوسع انتشارا من القضية.
من المذنب، من هو الضحية ومن هو المتهم أو الجلاد؟
السؤال الأكثر إثارة في العقد الأخير، بها عمقت الخلافات، وتوسع الشرخ، وتفاقم الوباء.
يتناسون أن كوردستان-القضية هي الضحية، والشعب الكوردي المعاني من الأوبئة والكوارث هو الضحية، والأنظمة المحتلة لكوردستان هي الجلاد.
الضحية، ألاف الشهداء وعائلاتهم، والصامدون في وجه المعاناة اليومية مثلما المهاجرون هم الضحية، الديمغرافية المدمرة هي الضحية، والمجرم هو المحتل، ومن ثم الجهالة.
الكورد كانوا ولا زالوا منقسمين على طرفي النقيض، فالقضاء على الأخر المخالف من شبه المستحيلات، كما وإقناع المعارض بالتراجع عن نهجه احتمال شبه معدوم، لكن الاتفاقات السياسية وليست الحزبية ممكنة، وأقرب إلى مفاهيم العصر والوعي الحضاري والأنسب لترجيح احتمالات بلوغ الغاية.
أختار الحراك الكوردي العنوان الخطأ، عندما نقل أغلبية ثقل صراعه مع الأعداء إلى الداخل الكوردي، بعدما البسوا بعضهم عباءة التخوين لتبرير الفعل، سبقها إقناع الذات والمجتمع على أنهم يحاربون العدو، فسموا بعضهم بالعدو الداخلي، وبها تحول الكل إلى أعداء داخليين، وأخطأ الجميع في نشر الشعارات الكارثية، وتاهوا في الدروب، كل يود أن يقود المجتمع إلى مستنقع كراهية الكوردي الآخر.
أمام هذا الدمار، ننادي جميع الأطراف، المتحكمة بشكل خاص، والمعارضة، إعادة النظر في منهجيتهم، وأساليب تعاملهم، وإيقاف الوباء الحزبي، والعمل على توعية المجتمع لردم الشرخ الذي خلقوه، وخلق التآلف بدل العداء، تلقين الشعب الحوارات الحضارية بدل التخوين، توجيه كتابهم وإعلامهم نحو النقد من أجل خلق الأفضل بدل التدمير.
لننقد وبقوة ونبتعد عن التجريح والإساءة. دونها نحن جميعا نتجه نحو خسارة من وما كسبناه، دونها ربما سيكون الضياع إلى قرن أخر، أو إلى أن تنحل الدول القومية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
1/2/2023م
كاك د. محمود عباس المحترم
تحية
للاطلاع
“، فجميع دول العالم تعاضدت وتآلفت لتقديم المساعدات، إلا نحن الكورد،” سؤال كردي! وتآلفت لتقديم المساعدات، لِمَن؟؟ لأوكرانيا!
محمد توفيق علي
علة الكورد خلافاتهم وصراعاتهم وانقساماتهم الداخلية وخاصة فى الاوقات الصعبة والمنعطفات التاريخية المصيرية وهو السبب فى حرمانهم من نعمة الحرية والاستقلال تحية للكاتب على مقاله الثمين ونصائحه واراءه الصائبه وتحليلاته الدقيقه