الأوضاع الإنسانية في السودان متردية ومزرية إلى أبعد حد كما هي في الكثير من البلدان التي ابتليت بحكام عسكر، لا هم لهم سوى السلطة، وشبح الموت يحلق فوق الرؤوس ليلا ونهارا ليقتل الناس بدم بارد وبلا ذنب ، وقوافل الاغاثة الإنسانية الدولية لا تجد ممرات آمنة تتحرك فيها وليتلف بسببها كل ما تحمله من مواد اغاثة عاجلة للمتضررين بشدة من هذه الاوضاع الحياتية الصعبة ، والاجواء السياسية مشبعة بروح العداء الشديد إلى حد القطيعة التامة بين الفرقاء المتصارعين علي السلطة مما يجعل الأفق السياسي مسدودا أمام كافة الحلول والتسويات المطروحة عليهم وليرجع الموقف في كل مرة بأطرافه الى المربع الاول من جديد ، والدولة السودانية مشلولة ومتوقفة عن القيام بدورها في خدمة شعبها وهو يمر باسوأ ازمة في تاريخه ، واقتصاد السودان يكاد يكون مدمرا بفعل فراغ السلطة وغياب اجهزة اتخاذ القرار ومع تسيب الأمن وتفشي الفوضى وتوقف الأعمال وتعطل دورة الحياة ، والوسطاء الدوليين على وشك ان يرفعوا ايديهم عن السودان ويتركوا الموقف برمته لأصحابه حتى وان غرقوا مع بعضهم في حرب أهلية تلتهمهم جميعا ، لأكثر من شهر ونصف الآن وأزمات الحكم في السودان تسوء وتتعقد وتنذر بالمزيد من العواقب والتداعيات المدمرة ولا احد من كل هؤلاء المسئولين الكبار يحاول ان يستوعب الخطر او ان يتعلم الدرس… وسوف يتضاعف تيار النزوح والهروب الجماعي ليتجاوز مئات الآلاف إلى الملايين.. و تزداد مشكلات دول الجوار سوءا وتفاقما وقد تضطر إلى إغلاق حدودها لوقف نزيف الهجرة القادمة إليها… فما الذي كان يدعو إلى هذا كله ؟ واين كانت عقولهم وضمائرهم ؟ ولحساب من حدث للسودان كل ما حدث ؟
عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي