من البديهي ان دور المنتديات الثقافية لايتوقف على الجانب الثقافي فقط انما تمثل حاجة اجتماعية مهمة وليست ثقافية فقط، بمعنى اخر أن المجتمع حينما تتبدل أحواله حتى إلى الأحسن لا يعني انتهاء مشاكله وقضاياه التي تحتاج إلى معالجة ثقافية وحوارات محدد، بل إن مع أي تغيرات اجتماعية تنشأ هناك مستجدات تتطلب الحوار والنقاش والنقد والتصحيح والتي تساعد على توفير التعارف المباشر بين المتحاورين، فى المنتديات الحوارية المباشرة يمكن أن تشكل نقطة التقاء بين التوجهات المختلفة فكرياً أو مدرسياً يتعارفون أين يلتقون وأين يختلفون، وهذا ما نراه على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والعلمية إذا أريد للحوار أن يخرج بنتائج يبنى عليها فلابد من تلاقي الأطراف والحوار المباشر بينها.
تعدُّ المنتديات الأدبية والثقافية والاجتماعية مادّة مشخصة ومجالًا خصبًا لدراسة قضايا المجتمع جماليًا وإبراز تناقضاته وصراعاته التي تضطرم داخله، كما أنها تستجلي بواطن الأفراد، وتكشف عن البواعث الدفينة للسلوك الإنساني؛ وصارت الفنون الأدبية لها قدرة على التقاط الأنغام المتباعدة، المتنافرة، المركبة، المتغايرة الخواص لإيقاع عصرنا،
ويمكن رسم الدور المستقبلي للمنتديات بنقطتين هما :
اولا :الوقوف على التحديات الحقيقية التي يمكن أن تسحب من المنتديات دورها وتفقدها استمراريتها.
ثانياً: معرفة العوامل التي تجعل من المنتديات الثقافية حاجة مستقبلية.
يمكن رصد كلَّ المتغيرات والأحداث المتسارعة في واقع الحياة الإنّسانية العامة والخاصة من خلال المنتديات لتعبرُ عن قيمٍ اجتماعية معينة سواءٌ أكانَ هذا التعبير إيجابيًا أم سلبيًا، ويمكن ان تكون خاضعة لها اومتمردة عليها.
لاشك ان هناك تحديات تواجه المنتديات من أهمها ، 1- هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها، والانجذاب المتزايد نحو التلاقي الافتراضي ، على اعتبارها انها تتيح المشاركة بشكل أوسع وبحرية أكثر لأي شخص وهو في مكانه خلف لوحة المفاتيح، إلا ان المنتديات الحوارية المباشرة تشكل نقطة التقاء بين التوجهات المختلفة فكرياً أو مدرسياً يتعارفون في نقطة ويختلفون في جهة اخرى على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والعلمية إذا أريد لحوار أن يخرج بنتائج يبنى عليها الأطراف في الحوار المباشر .
2-هو تغير نمط الاهتمامات الثقافية التي تتجه أكثر نحو الترفيه والفن والرياضة، يضاف إلى ذلك الانشغال الأكبر بهموم الحياة المعيشية الخاصة.
يمكن القول عن المنتديات الثقافية أنها تعد ضرورة في غاية الأهمية من حيث مجموعة القيم الثقافية التي تسعى من أجل تعزيز الثقافة العامة، من خلال معرفة قيم الحوار، واحترام الرأي الآخر ، و التفاعل مع هموم الواقع الاجتماعي، وقيمة التواصل مع الاتجاهات الفكرية المختلفة بغية تجلي الأفكار والفهم المشترك لتوفير بيئة اجتماعية مناسبة حفظاً من التآكل الداخلي المتمثل في ضعف التخطيط، ومعالجة العقبات المادية والمعنوية و باتت الأندية الثقافية والاجتماعية اليوم من أبرز الوسائل التي تساهم في تنمية المجتمع وتعريف أطيافه بما يدور حوله ولعل أبرز ما تقوم به هذه الأندية من دور فعال في تنمية المجتمع وكذلك توعية المواطن بمسؤولياته الاجتماعية والثقافية والسياسية والإعلامية داخل المجتمع ،بالإضافة إلى دعم الوحدة الوطنية وتحقيق الترابط الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد ، لقد بتنا نلمس تغيير ملحوظ في العراق بعد عام 2003 في الأنشطة الثقافية والاجتماعية ، والانفتاح الذي صار نحو الاتساع والوعي أكثر، فيما يتعلق بنشر الثقافة، وتقويم المجتمعات، ومشاركة الأفكار وتنوعها، ومخاطبة المجتمع بأطروحات تواكب النهضة الفكرية والثقافية الحالية رغم وجود الضغوط الطائفية والمذهبية عليها. وكذلك فيما يختص بتولية المراكز والمختصين والاستشاريين في المنتديات الثقافية، والدورات التدريبية، وما يتخللها من طرح مواد مغذية للعقل تُساهم في بناء الفكر المجتمعي المتقدّم لتواصل المجموع وتطوير الافكار، هذا الاتحاد التنموي هو ما تُقام له الجهود، وتُذلل له الصِعاب.
الحاجة دائمة ومستمرة للنهضة الفكرية ومواكبة التطور الفكري والانساني، الذي لابد آتٍ، والتماشي معه هو السبيل إلى الابتكار والتجديد والاتساع، وأخيرًا إلى الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أكثر تطورًا ونضجًا ومعرفة ووجود المنتديات تعطي حيوية وقوة، لأنها تبث الطاقة والاستمرارية نحو التقدّم والدافعية للبذل والتجدد والمقدرة على حل المشكلات وتوسيع الآفاق ومد جسور التواصل المعرفي والثقافي.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي