تناقلت الأخبار دعوة زعيم التيار الصدري الى الحكومة العراقية والبرلمان العراقي بأغلاق السفارة الأمريكية في بغداد وطرد كادرها بحجة التضامن مع الشعب الفلسطيني و رداً على دعم الإدارة الأمريكية الواسع لإسرائيل ، بنفس الوقت قرأت يوم أمس من خلال المواقع الإخبارية لقاء السفير الفلسطيني في واشنطن بمسؤولين من الحكومة الأمريكية وأكد الطرفان على تعزيز العلاقات الأمريكية الفلسطينية بما يخدم مصالح الشعبين الأمريكي والفلسطيني ، بمعنى أن الحكومة الفلسطينية تعمل لخدمة شعبها من خلال توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وتوسيع التبادل التجاري بين البلدين ، بينما نحن نخرب بيوتنا بأيدينا من أجل بناء بيوت غيرنا من خلال قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية ، الفلسطينيون أنفسهم و هم أصحاب الشأن الفلسطيني يطورون علاقاتهم بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والدول المتقدمة في العالم و في هذا الظرف بالذات ونحن نستعر ناراً وندمر بلدنا لأجل فلسطين ، ولزيادة المعلومات بلغ حجم التبادل التجاري بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الامريكية خلال النصف الاول من العام 2023 م أكثر من 120 مليون دولار ثلثها صادرات زراعية وصناعية فلسطينية الى أمريكا ، وتعتبر الجالية الفلسطينية في امريكا من أقوى الجاليات العربية والإسلامية ولها صوت مسموع ، ومعظم الفلسطينون يتبوئون مناصب حساسة في الحكومة الامريكية ولهم رجال أعمال بدرجة ملياردير في داخل امريكا ، أحببت أن أذكر هذه المعلومات المختصرة لتبيان مدى قوة أرتباط الفلسطينين بأمريكا ، أكيد الحكومة العراقية والبرلمان العراقي ليست لديهم أية معلومات عن العلاقات الامريكية الفلسطينية وقوة هذه العلاقة ، ولا يعرفون أن بعض الدوائر الأمنية الامريكية يقودها الامريكيون من أصول فلسطينية نظراً لمكانتهم المحترمة وولاءهم المطلق لأمريكا ، أما شاعرهم محمود درويش فيقول إستهزاءاً بالعرب وأولهم العراقيون عندما يكررون قول الارض المحتلة بدل كلمة فلسطين يقول ( كل الأراضي العربية محتلة إلا الأرض المحتلة ) أي أن أراضيكم ياعرب هي الاراضي المحتلة وليست ارضنا المحتلة وعقولكم هي المحتلة وليست عقولنا ، ومع كل ذلك سيستجيب البرلمان العراقي لدعوة زعيم التيار بأعتباره صاحب نفوذ واسع وقاعدة جماهيرية عريضة ، وأكيد هذا القرار قرار غلق السفارة سيشمل ليس فقط السفارة الأمريكية في بغداد بل سفارات جميع الدول التي مدت يد العون بالمال والسلاح والإعلام لدولة إسرائيل ، وإلا ما فرق أمريكا عن بريطانيا وما فرق أمريكا عن فرنسا وأيطاليا والمانيا وأكثر من خمسين دولة متطورة أعلنت استعدادها لدعم إسرائيل ، فأن لم تقم الحكومة العراقية بطرد سفارات تلك الدول فأن هذه الدول بالنهاية ستنسحب من العراق . العراق الآن معافى وقوي وقادر على مواجهة العالم كما عودنا ذلك عند احتلال الكويت ، ولا أقصد الشعب العراقي هو القوي المعافى ، فالشعب العراقي يبقى طريح الفراش ينتظر ساعته ، لأن مفهوم العراق في قاموس من حكم العراق قديماً وحديثاً هو الحاكم أو القائد وحاشيته ، فإذا قال القائد قال العراق ، مثلما كان صدام حسين معافى بعد حرب الثمان سنوات مع إيران فغزا الكويت ، وهكذا قادتنا اليوم معافيين وهم دوماً معافين وسيعملون على تطبيق وتنفيذ ما يقتنعون به وما يملى عليهم ، ولكن للتذكرة أيها القادة المحترمون أنكم لم تأتوا بشيء جديد فكل ما تريدون فعله الآن فقد سبقكم إليه عنتر زمانه صدام حسين ، وقد ذاق العراقيون المر والحنظل والويلات بمغامراته الشاذة وأنتم كنتم شاهدون ، ومازالت طعم المرارة في أفواه الاطفال والنساء وكبار السن والمعاقين ومازالت مقابر العراقيين مملوءة بالموتى ، والمقابر تصيح هل من مزيد ؟ ومازالت العوائل التي باعت أبواب بيوتها لتوفر لقمة البقاء على قيد الحياة في سنين الحصار العجاف ، مازالت بيوتها بلا أبواب ، تذكروا كل ذلك ثم أفعلوا ما تريدون .
نحن جميعاً نتعاطف مع الأبرياء ونتعاطف مع المظلومين ونتحسس بآلامهم لكن الجرح العراقي مازال ينزف والطفل العراقي اليتيم الذي يفترش الارض حرماناً وصرخته تدوي في السماء يسمعها فقط من لم يمت ضميره ، واعداد اليتامى عندنا حتى اللحظة عشرة أضعاف نسبة اليتامى في فلسطين ، والامهات الثكالى والمعاقيين والمحرومين عندنا مازالوا النسبة الأكبر عالمياً . فهل العراق جاهز ليزيد عدد هؤلاء الذين وقعت عليهم المصائب لأنه أصبح معافى كما يظن قادته وسادته ؟