عقد وتعليق- بيار روباري

 

 

قبل يومين خرجنا علينا قادة (ب ي د)، ببيان طويل وممل وذو لغة ركيكة وخشبية ذكرتني بلغة بيانات حزب البعث السوري المقيت، وأطلقوا عليه تسمية “العقد الإجتماعي”!! لا أدري هذا العقد بين من ومن عقد، وما شرعية الذين قاموا بكتابة هذه البيان؟؟

أول ما بدأ به البيان كان كفرآ مباحآ، وهو عبارة “شعوب المنطقة”. لا يوجد في غرب كوردستان سوى شعب واحد وهو الشعب الكوردي فقط. وما تبقى هم محتلين مثل (العرب) ومستوطنيين مثل (التركمان، الشركس، السريان) ومهاجرين مثل (الأرمن). فمن أتيتم بثلاثة شعوب؟؟

الكفر الثاني، هو تسمية غرب كوردستان بتسمية (شمال وشرق سوريا). هل كان هناك إقليم في التاريخ يحمل هذه التسمية الحقيرة؟؟ وهل الشعب الكوردي قدم ألاف الشهداء من أجل هذه التسمية المسخة أم من أجل “إقليم غرب كوردستان”؟؟

الكفر الثالث، تقسيم غرب كوردستان إلى ثلاثة كنتونات “الجزيره، كوباني، أفرين”. وهذا يتناقض كليآ مع الحقائق التاريخية لجغرافية غرب كوردستان، والتي فصلتها في دراسة كاملة تحمل عنوان: “حدود إقليم غرب كوردستان والمحافظات التي يشملها”، ونشرتها في موقع “صوت كوردستان” على ثلاثة حلقات.

ليس هذا وحسب، بل ألغوا كوردستانية المدن التالية: “هلچ-حلب، درزور- ديرالزور، رقه- الرقة، أزاز، إعزاز، دارازه-دارة عزة، باب-الباب، گرگاميش-جرابلس، أرپاد-تل رفعت، دلبين-إدلب، باخاز-باخوز، سپيرا- السفيرة، شادبا-الشهباء”. وكتبت دارسات تاريخية عن جميع هذه المدن وأثبت بالدلائل والوثائق المادية والتاريخية، كوردستانية هذه المدن والمحافظات والمناطق.

 

الذي أو الذين كتبوا هذا البيان المعت، برأي لا يمت للشعب الكوردي بشيئ، ويجهلون تمامآ تاريخ هذه المنطقة وجغرافيتها ولا يختلفون في ذلك بشيئ عن جحوش جماعة المكنسة، الذين يتعلفون من معلف المخابرات التركية والبرزانية عميلة تركيا منذ (300) عام.

كعادة أيتام اوجلان خلا حديثهم عن الهوية الكوردية وكوردستان في (العقد الإجتماعي) الذي طرحوه قبل يومين، وأكثروا من الكلام الممجوج والمعت والذي لا معنى له على الإطلاق مثل: الإمة الخلابية (الديمقراطية)، والإمة البيئية، والإقتصاد المجتمعي، وكومين وخزعبلات كثيرة لا تعد ولا تحصى. والأكثر سخفآ هو كلامهم عن الديمقراطية وحرية الصحافة والتعبير وحرية عمل الأحزاب، وضمان أمن الأفراد والشفافية وغير ذلك.

سلطة غير شرعية إستمدت شرعيتها وتأسيسها من المخابرات الأسدية وقوة السلاح، وذات فكر شمولي، وتتلقى الأوامر من قيادة قنديل الإستالينية ومن ثم تتحدث عن الديمقراطية!! يا للسخرية! إن علاقة حزب (ب ي د) بالديمقراطية كعلاقة نظام الأسد والبرزاني بالديمقراطية، الديمقراطية التي تسود في الدول الغربية وليس ديمقراطية عبدالفتاح السيسي بمصر.

لو لديكم 1% من الشفافية، لقدمتم الذين تسببوا في ضياع منطقة “أفرين” لمحاكمة علنية وأقصد الرؤوس السياسية الكبرى في حينها، وليس المسؤولين المحليين الذين كانوا يحكمون المنطقة، لأن قرار السياسي بالدخول في مواجهة مع تركيا لم تتخذه القيادات المحلية.

وبما أنكم شفافين لهذه الدرجة، لماذا لا تكشفون لنا عن دخل النفط والغاز وأوجه صرفهما؟؟ وتتصرفون كما كان يتصرف “حافظ الوحش وشقيق زوجته محمد مخلوف”، وكما تصرف البرزاني بدخل النفط والغاز على مدى عشرين عامآ، أي تعتيم كامل على الملف، ولا أحد يعلم شيئ عن دخل النفط السوري حتى عام (2014)، ولا أحد يعلم شيئ عن دخل النفط والغاز في جنوب كوردستان. كما لا يعلم أحد عن دخل النفط والغاز عندكم في غرب كوردستان وبالتالي أنتم لستم أفضل من الفاسد حافظ ومسعود نهائيآ.

 

لماذا لم تضعوا خريطة واضحة المعالم للإقليم الذي تتحدثون عنه ليل-نهار، لكي نعلم أين تبدأ حدود هذا الإقليم وأين تنتهي إن كنتم صادقين.

أنا في دراستي عن “حدود إقليم غرب كوردستان والمحافظات التي يشملها، حددت بشكل تقريبي حدود الإقليم، وقدمت الوثائق التاريخية التي تثبت كوردستانية هذه المنطقة، وقدمت حلآ كامل لحل موضوع الوجود الكوردي في الداخل السوري، وحل لمسألة وجود المحتلين والمستوطنيين العربان في غرب كوردستان. وبإمكان كل شخص مهتم بهذا الموضوع أن يعود لتلك الدراسة ويطلع عليها ونحن مستعدين لمناقشة أي طرف كوردي أو سوري وبثقة عالية وليس لدينا شيئ مخفي.

قضية الشعب الكوردي، هي قضية التحرر من الإستعباد ونيل حريته وتحرير كوردستان من المحتلين العربان والتتار والفرس وبناء دولة كوردستان مستقلة بعيدآ عن حكم عصابات عائلية كعصابة البرزاني والطالباني والفكر الشمولي الأوجلاني، والبيئة رغم أهميتها في حياة أيكل إنسان مننا إلا أنها ليست همنا الأول في هذه المرحلة. وعلى كل ديننا اليزداني أولى هذه القضية إهتمامآ بالغآ وبموضوع البيئة، ولسنا بحاجة لأوجلان أن يعلمونا أهمية البيئة ولا الأحزاب الخضر في أوروبا الغربية. حيث أن ديننا اليزداني بني أساسآ على (4) أربعة أركان مقدسة بيئية هي: “الأرض، الماء، الهواء، النور”، وهذا منذ أكثر من (10) عشرة ألاف عام.

تتهجمون في عقدكم على الإقتصاد الحر (الرأسمالي) وتريدون أن تنتهجوا منهج حزب البعث الفاشي في الإقتصاد أي الإقتصاد المركزي، الذي أثبتت التجربة فشل هذا النمط الإقتصادي في جميع البلدات الذي إنتهجته بما فيهم الإتحاد السوفيتي. العدالة الإجتماعية لا تتحقق في ظل هكذا إقتصاد، وإنما في ظل نظام إقتصاد حر وقوي وقادر على المنافسة، وعلى فرض الضرائب التصاعدية على دخل الشركات والأثرياء والدخول العالية، لتأمين الطبقات الدنيا والوسطى مثل ما معمول به تمامآ في دولة السويد والنرويج والتي تسمى بدول الرفاهية الإجتماعية وأنا من أنصار ذلك، حيث يجب أن يكون هدف الإقتصاد رفاهية الفرد. ولا وجود لعدالة إجتماعية من دون الحريات العامة، وسيادة القانون، والإعلام الحر، والقضاء المستقل  وأنتم كحزب (ب ي د) والإدارة التي تقودونها بعيدون عن كل ذلك بي (1000) عام.

أنا لست ضد إصدار دستور وعقد إجتماعي للإقليم غرب كوردستان، ولكن قبل ذلك كان عليكم مبدئيآ تبني الإمور التالية وتعملون بها ومن ضمنها:

1- إستخدام تسمية “غرب كوردستان”، التسمية التاريخية والحقيقية لهذه الأرض.

2- تبني العلم الكوردستاني الذي يسطع في منتصف الشمس اليزدانية الخالدة، كعلم للإقليم الفيدرالي.

3- تبني النشيد الوطني الكوردستاني “أي رقيب”، كنشيد رسمي للإقليم.

4- إجراء إنتخابات شبه ديمقراطية في عموم غرب كوردستان، لينتج عنها سلطة شرعية يخضع لها جميع أبناء الإقليم من الكورد وسواهم.

5- برلمان الإقليم كان عليه تكليف فريق غير حزبي مؤلف من المؤرخين والجغرافيين والقانونيين، والدستوريين وعلماء الإجتماع الكورد وسواهم بتحديد حدود إقليم غرب كوردستان، ووضع دستور للإقليم وكتابة عقد إجتماعي، ومن ثم عرضهما على مواطني الإقليم لكي يدلون بأصواتهم مع أو ضد، من بعد يمكن أن يصبح ذلك دستورآ وعقدآ شرعيآ.

وعند المفاوضات مع الجانب السوري مستقبلآ، يمكن النقاش حول أي نقطة وردت في دستور الإقليم تتنافى مع الدستور الفيدرالي الذي يجب الإتفاق عليه بين الشعب الكوردي والسوري، والعقد الإجتماعي وحدود الإقليم.

في الختام، هناك نقاط كثيرة تحتاج لنقاش، ولا شك هناك نقاط إيجابية وردت في هذا البيان، وما ينقص “العقد” في المقام الأول الشرعية الكوردية، حيث الكورد منقسمين وجزء كبير منهم غير موافقين على هذا العقد.

لا شك أن هذا العقد رغم عيوبه ونواقصه من ناحية الهوية الكوردستانية، سيغضب الكثيرين من الطرف السوري، وأولهم النظام الأسدي والمعارضة بجميع طرابيشها: اليساريين منهم، الليبراليين، الإسلاميين، القوميين والناصريين، وحتى التركمان من عملاء اردوغان ومع بعض المسيحيين. وسيتهمون الشعب الكوردي بالإنفصال وغير ذلك من التهم الجاهزة، ولو إستطاعوا لشنوا حربآ شعواء على الكورد نتيجة صدور هذا العقد. طبعآ صدور هذا العقد برأي الشخصي أفضل من عدم صدوره لأسباب كثيرة لا يمكن سردها هنا.

أنا ناقشت هذا العقد من باب الهوية الكوردستانية، ومن باب الحقائق التاريخية، وكي لا يقول أحدآ من أبناء الشعب الكوردي ذات يوم، لماذا لم تبدون رأيكم بهكذا ورقة كمؤرخ وأديب كوردي، كونها تمس واقع ومستقبل الشعب الكوردي في غرب كوردستان.

 

18 – 12 – 2023