توحید النھج الكوردستانی المستقل – د. عبدالباقي مایی 

ھنالك نھج بین ألمثقفین الكوردستانیین (ولا أقول الكورد لأننی أعرف بأن الكورد لیس فقط شعب متأخر إجتماعیا و سیاسیا بل تنقصھم أیضا قابلیة التمییز بین الشخص والموضوع، وبین الذات والآخرین، و بین النھج والبرنامج، فكیف لنا أن نمیز بین الكورد والكوردستانیین الذین یعیشون علی أرض كوردستان دون أن یكونوا كوردا لا فی الأصل ولا فی العرق أو فی القومیة ، وھم یعتبرون كوردستان وطنھم كما ھو وطن الكورد؟!) یتسم ھذا النھج بالوعي الكامل والإدراك التام لما تلعبھ الأحزاب السیاسیة فی جمیع أجزاء كوردستان من تلعثم فی إیصال المعلومة لبعضھا البعض, و سوء فھم لدورھا فی قیادة الشعب, وتخبط فی ممارسة السیاسة لمصلحة سلطات إحتلال كوردستان من أجل بلوغ مصالحھا فی جمع الأموال والحصول علی مناصب أو مراكز وھم لا یملكون الكفاءة أو الإستحقاق لأن كوردستان ملك للشعب الذي ھم فشلوا مرة تلو أخرى فی قیادتھ لبلوغ الحریة والاستقلال (كیف تكون السیاسة فی خدمة الشعب ولیس العكس؟ ). 

قد یكون ھذا النھج بین المثقفین الكوردستانیین ظاھرة جدیدة كمؤشر للتطور الأنتروپولوجی السریع الذي یحدث الآن فی جمیع أجزاء كوردستان، وإن كان بدرجات مختلفة و بتعجیل غیر متكافئ، كنتیجة للعولمة والعوامل السیاسیة داخلیا و أقلیمیا وعالمیا، و السبب المھم والأساسی فی ذلك ھو العامل الذاتي المتعلق بنضوج الفرد 

وإستقلالیتھ بناء“ علی الفلسفة الحدیثة فی العلوم التربویة والنفسیإجتماعة من أجل تكوین الشخصیة السلیمة إبتداء“ من الطفل. 

 أما التدھور فی النضوج القومي لدی سلطات الاحتلال، سواء“ كان فی إیران (القومیة الفارسیة) أو فی تركیا (القومیة التركیة) أو فی العراق وسوریا (القومیة العربیة) ، فھو سبب غیر مباشر لتأخر نضوج الفرد فی كوردستان بصورة عامة والنخبة المثقفة فیھم بصورة خاصة، وذلك لكون الأنظمة السائدة فی تلك السطات تعتمد علی المبادئ الفاشیة سواء كانت عنصریة أو دینیة أو مبدئیة. یأتی تأثیرھا فوقیا مع التسلسل الھرمي لتنفیذ السلطة. وبما أن المجتمع الكوردستانی یرضخ تحت ھذا ألتأثیر السلبي للسلطة فھو یسیر فی طریق منحرف عن التطور الطبیعی من المجتمع الجماعی المغلق نحو المجتمع الفردی المتفتح. وبذلك تنحصر تربیة الطفل علی تلك الأسس المنحرفة نتیجة تعلقھا بالقیم المفروضة من قبل تلك الأنظمة الفاشیة. فینمو الطفل تحت تأثیر تلك التربیة السلطویة الجماعیة لكی یستمر المجتمع الكوردستانی تحت تأثیر التعسف والاضطھاد یربی أطفالھ علی قیم تقلیدیة تعتمد علی الثلاثی الھدام الذي یرتكز علی الخائات الثلاث (الخوف والخجل والخطیئة). 

لازالت القیادة السیاسیة فی المجتمع الكوردستانی تتكون من النخبة الثقافیة التي شاركت فی قیادة الكفاح المسلح للحركة التحرریة فی كوردستان والتي أجبرت فی معظم الأحیان من قبل سلطات الإحتلال علی حمل السلاح و الخوض فی الكفاح المسلح. فساد النھج العسكري علی القیادات السیاسیة وظلت النخبة الثقافیة تحت سیطرة تلك 

القیادات العسكریة مادام الكفاح المسلح ھوالآمر والناھی بحكم السلاح. ھكذا تأسس الفساد فی القیادات العسكریة  وأنتشر علی صورة إرتزاق من القیادة السیاسیة إلی النخبة المثقفة فی كوردستان. وعندما تكون النظام الفدرالي فی أقلیم كوردستان العراق بفعل القوات الأجنبیة التي أطاحت بنظام صدام حسین فی العراق أستمرت قیادة الكفاح المسلح فی قیادة الحكومة المدنیة فی الأقلیم مما أدی إلی تحویل الفساد السیاسی إلی فساد إداري و ثقافی إنتشر تدریجیا بالعدوی (كمرض نفسیإجتماعی) فی جمیع شرائح المجتمع فی الأقلیم، خاصة بین النخبة المثقفة فیھا.  

أما التطور النفسیإجتماعی الذي حدث فی غرب كوردستان ”روژئاڤا“ فھو مستقل تماما عما جری فی أقلیم كوردستان العراق وذلك بسبب تكوین الشخصیة السلیمة لدی الفرد فی ھذا الجزء من كوردستان نتیجة لتداخل المجتمع الكوردستانی ھناك مع الحركات التحرریة للشعوب فی توركیا و سوریا و لبنان و فلسطین وإعتمادھا 

علی مبادئ ونظریات علمیة معاصرة فی تربیة الطفل من أجل تكوین الشخصیة السلیمة للفرد (الإحساس بالتماسك فی تكوین الشخصیة السلیمة) . وھذا ما جعل نموذج ”روژئاڤا ” فی الإدارة الذاتیة نظاما جدیدا یصلح

للنخبة المثقفة فیھ أن تتخذه تجربة صالحة للإنطلاق منھا فی طریق توحید النھج السیاسی المستقل سیاسیا فی كوردستان. ونجاح ھذه التجربة لحد الآن فی (عبور الازمات) ما ھو إلا علامة واضحة ودلیل دامغ علی نجاح ھذه النخبة فی القیام بدورھا لكی تتبنى نھجا موحدا من أجل إیصال رسالتھا واضحة للشعب وللقیادة. فھذا النھج، إضافة إلی الوعي والإدراك كما ذكرنا فی البدایة، ینتھز الفرص لتھیئة الظروف المناسبة لدعم (ثورة الشباب) السلمیة فی قیادة الشعب الكوردستانی نحو الحریة والاستقلال. 

٢٠٢٤\١\٧