عرفت السجون ومنذ القدم على انها وسيلة لاصلاح وتعليم المخالفين للقوانين لا بل انها كانت اشبه بمدرسة لتعليم الاميين منهم وتدريبهم على تعلم المهن العامة ولا زالت على ذلك في الكثير من البلدان لكنه وبمرور الزمن فان بعض الدول التي بدات تحكمها الانظمة الشمولية جعلت من تلك السجون وسيلة لقمع شعوبها من خلال زج ابنائها في غياهب تلك السجون والسبب في ذلك هو مقارعة الشعوب لتلك الانظمة ، ومن هذه السجون التي اشتهرت بسوء صيتها ( سجن الباستيل و غوانتانامو وسجن اوين وسجن المزه وسجن ابو زعيل ) اضافة الى سجون اخرى ، لكنه في العراق فقد بني فيه سجن في عشرينات القرن الماضي فاق جميع السجون و المعتقلات رعبا و وحشية الا وهو ( سجن نقرة السلمان او نكرة السلمان ) في البادية الجنوبية ، وما يؤكد وجشية هذا السجن هو ان ان السجون الانفة الذكر بنيت في داخل المدن او على مقربة منها او في عواصمها ، اما هذا السجن فقد بني في منطقة لا يطاق العيش الا للذئاب و الافاعي القاتله التي لا تشرب الماء وتكتفي باستنشاق هواء الفجر الذي يكون باردا في الصحاري ، والقفارالامر الذي يجعل سمومها قاتلا في الحال ، وتقول المصادر لتاريخية ان المنطقة شهدت صراعات مسلحة في فترة احتلال العثمانيين مما دفعها الى بناء مراكز دفاعية للتحصن بها والدفاع عن المدينة ، اما في زمن الاحتلال البريطاني فقد دعمت هذه المراكز بقوات يقودها كلوب باشا ، ومنها احدى القلاع الضخمة و التي سميت بقلعة السلمان حيث كانت مشيدة على مساحة واسعة من الارض ، وبني حولها سياج عالي ليتحول الى معتقل في فترة الحكم الملكي وتحديدا في اربعينيات القرن الماضي كما يذكر بعض المصادر التاريخية كان يودع فيه ابناء الشعب المعارضين لنهج الدولة او المنفيين والمحكوين بالاعدام .. وعلى الرغم عن كل ما جرى من حديث حول المعتقلات المشهورة في العالم وفي مقدمتها ” سجن باستيل ” الرهيب لكن سجن ” نقرة السلمان ” وكما ذكرنا سلفا تميز بحالة رعب و وحشية وعل سبيل المثال فان المعتقل اذا تمكن من الهرب من داخل السجن فان الموت يلاقيه لا محال ، فاما انه يموت من شدة الحر و البرد في فصلي الشتاء و الصيف او يتعرض الى لسعات الافاعي و الحشرات السامة او هجوم الحيوانات المفترسه ، ويذكر ان الحكومة العراقية اتخذت قرارا في علم 1968 بغلق معتقل ” نقرة السلمان ” لكنه اعيد العمل به بعد استيلاء الطاغية ” صدام حسين ” على السلطة في عام 1979 ليستقبل الكثير من ابناء الشعب وفي مقدمتهم ابناء المكون ” الكوردي الفيلي ” المظلوم اذ جرى زج الالاف من الشباب الفيلي في غياهب هذا المعتقل الرهيب وخاصة الذين كانت تتراوح اعمارهم بين 18 الى 28 عام بعد ان تم ابعاد عوائلهم الى ايران ليقتلوهم بالاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ، واستخدام عدد كبير منهم في تفجير حقول الالغام في جبهات الحرب العراقية مع ايران حتى يكون الطريق سالكا امام تقدم قواتهم في الهجوم على المواقع الايرانية والتي تعتبر ” جريمة حرب ” لم ترتكب في تاريخ الحروب حيث ارهقوا ارواح الالاف من ( الشباب الفيلي ) الذين كانوا جميعا بعمر الورد ..اما في مطلع ثمانينات القرن الماضي فقد احتجز في هذا المعقل اعداد كبيرة من نساء وشيوخ واطفال اهالي مدينة الدجيل في اعقاب المحاولة البطولية لتنفيذ قرار الشعب بالمجرم صدام حسين ، لكنها لم يكتب لها النجاح ، اضافة الى اسكان الكثير منهم في منطقتي ” ليه و بصيه ” الذي توفي عدد كبير بسبب الاوضاع المزرية التي كانوا يعيشونها ، اما بعد عمليات الانفال سيئة الصيت التي جرت في مناطق كوردستان فقد تم حجز الالاف من المواطنين الكورد الابرياء في هذا المعتقل ثم قتلهم ودفنهم في مقابر جماعية والتي تم الكشف عن عدد منها ونقل رفاتهم الى مدن كوردستان ، وكان ابلغ دليل على المعاملة الوحشية التي تلقاها المعتقلين هو ما ادلى به الكثير منهم خلال جلسات محاكمة رموز النظام من عنف واغتصاب . .
Related Posts
2 Comments on “ السجون هل اصبحت مدارس اصلاحية أم مقابر جماعية ؟ – عبد الرسول علي المندلاوي . ”
Comments are closed.
الاخ الكاتب استاذ عبد الرسول المحترم المقال رائع وحزين شرحك واضح لوضع السجون المظلمة قديما وحديثا والذي يهمنا و بالدرجة الاولى بلدنا العراق ؟” البلد الغني بالذهب الاسود ” ولكن الاكثر فقرا و هجرة و الاكثر انتشارا لمختلف الامراض و الاوبئة فضلا عن الفوضى الامني و الاجتماعي وترسخ العادات والتقاليد و الجهل وفي المقدمة العنصرية و الشوفينية وعدم تقبل الاخر .. انظر الى وضع المدارس ” الابتدائية و المتوسطة والاعدادية اليست وضعها اسوء من السجون ؟ ناهيك عن التعليم الفاشل لاطفالنا وحشو ادمغتهم بمعلومت نظرية غير مفيدة و بالامثلة الكاذبة وابعاد الطفل منذ صغرة عن الحياة العملية الحقيقية وتوجيهه على الحياة الاتكالية .. علينا اولا ان نقوم باصلاح وتنظيف ادمغتنا من امراض الحقد و الكبرياء و الغرور اذا ما اردنا تنظيف السجون و جعلها مدارس للتعليم الاخلاق و المهن المفيدة .. كل التقدير و الشكر لك
شكرا جزيلا لكم استاذنا العزيز على تعليقكم الذي يبعث على الحزن على ما آلت اليه الاوضاع العامة في وطننا الجريج ، و السبب الاول و الاخير يعود الى هشاشة المسائلة و المحاسبة وتراخي العقوبات الرادعة ، لان كل الحلول لمعالجة الفساد شكليه وتنتهي دون حلول ، وهو ما شجع على الفساد دون خوف …. مع فائق احترامي .