عندما يحب أحدنا جهة سياسية أو قيادية معينة ثم يناصرها ويميل إليها ميلاً شديداً ، وينظر لقادتها وعناصرها نظرة إعجاب ، وأن كل ما يصدر من هذه الجهة يعتبر إيجابي حتى وأن لم يك ايجابي ، فهذه الجهة ورجالاتها وقادتها يقيناً حسب اعتقاد هذا الشخص وطنيون شرفاء لا شائبة فيهم ، وعندما يكره أحدنا الجهة الأخرى ( النقيض للجهة الاولى ) وينظر لها بسلبية فتلك الجهة ورجالاتها يقيناً حسب اعتقاد هذا الشخص خونة وعملاء فاشلون ، هذا التصور أصبح قانوناً للحياة عند معظم الناس وهذا طبع عامة الناس ، قد يزيد أو يقل تطرف أحدهم في الأعتقاد حسب مستوى ثقافته لكن بالنهاية سيكون مجبراً أن يخضع اعتقاده لقناعاته النفسية والفكرية بأن هؤلاء أما خونة عملاء أو وطنيون أحرار شرفاء .. فلكل منهم أتباع ومحبين ومناصرين ولكل منهم حاقدين وكارهين ، ولكل من المحبين المناصرين والحاقدين الكارهين درجة مختلفة من الحب والكره . لا يوجد حزب سياسي أو شخصية سياسية أو قائد على وجه الأرض وفي أي مكان وفي أي زمان ليس له اعداء وليس له أنصار ، بل لا يوجد إنسان على وجه الارض ليس له اعداء وليس له أصدقاء ، وشدة الحب والكراهية عند هؤلاء الاعداء والاصدقاء تخضع لعوامل عديدة ، منها المصالح ، منها الجهل ، منها العواطف ، منها المبادىء ، منها قوة الإعلام والتأثير ، منها ثقافة و وعي الإنسان . لحد الآن كلامنا ضمن المتداول عند الناس ، كل شيء طبيعي في عالم الإنسان ولا يخرج عن قوانين الحياة وطبائع البشر ، وليس فيه ما يثير الإستغراب ، ولكن التحول الغريب يبدأ عندما تصبح الكراهية كراهية إنتقامية وعندما يصبح الحب حب قدسية ، هنا كل شيء يتغير ، هنا يجب أن يتدخل العقلاء والمثقفين لإيقاف مهزلة القدسية ووضع حد لها ، ومنع الصراعات الإنتقامية وإطفاء نارها .
في صراعات الاحزاب الكوردية الكوردية ، عندما استمع للتصريحات الإعلامية ووجهة نظر كل واحد منهم على حدة سيتبين لي كلهم وطنيون مخلصون شرفاء ولكني لو استمع لهم جملة سأقتنع بأنهم كلهم خونة عملاء ، بمعنى كلماتهم وطعونهم بعضهم ببعض هي التي أوصلتني إلى قناعة بأنهم خونة عملاء ، أما لو نظرت لهم من بعيد دون الإصغاء لما يقولون وغلقت آذاني في السماع لكلماتهم وطعونهم سأكون على قناعة أنهم جميعاً يسعون لهدف واحد لكنهم مختلفون ومتناقضون نتيجة تجاربهم وأفكارهم ، فمنهم من يخطأ ومنهم من يصيب . فهنا يحضر في ذهني هذا السؤال ، ماذا لو كان كل واحد منهم يقفل لسانه ويمنعها من الطعن والتشهير والتهجم بالطرف الآخر وينظر لغريمه نظرة إيجابية ويقنع نفسه بأن الطرف الآخر ليس خائناً ولا عميلاً ولا يمثل وجوده تحدياً ، ولكنه قد يكون اساء التصرف أو اخطاء الطريق أو أساء الفهم بدل مفردة عميل أو خائن ، سيكون كل شيء ممكن ، حتى الصلح ممكن ، بل حتى التحالف معه ممكن ، لكن هذا الكلام يحتاج إلى قادة سياسين بارعين ذوات عقول كبيرة لهم باع طويل في العمل السياسي ، انتهت عندهم الأنا منذ اليوم الأول لدخولهم المعترك النضالي ، يتسارعون للتعاضد والتناصر بمجرد أن يصل الضرر سور الوطن أو وحدة الوطن أو مصلحة الوطن والمواطن ، مثل هؤلاء دائماً يكون لهم أفق سياسي واسع بحجم مبادئهم ، يكونون قادرين على التعامل مع الظروف المستحيلة ، لهذا السبب عندما نقرأ في كتب التأريخ نجد هناك قادة يشار إليهم بالبنان بإنهم عظماء لإنهم خلقوا من المستحيل الممكن . أما أن يأتي أحدهم ليكون قائداً يمتلك المال والقوة والإعلام ويسخر كل إمكانياته ليلاً ونهاراً ليقنعني بأن الطرف الآخر خائن وعميل وأن هذا الطرف الاخر هو سبب كل المشاكل العالقة وإنه هو وحده وطني شريف جاء لخدمة الأمة فهنا سيترك في ذهني عشرات الأسئلة عن مصداقية هذا الكلام ، بل ستطفوا الى السطح عيوب ذلك القائد وإدعاءاته الكاذبة ، حتى وأن كانت إدعاءات صادقة ، أسمحوا لي أن أقول بأن مثل هذا القائد أو السياسي فاشل بالأساس ، ولا تنتظروا منه غير الفشل . وأما الإعلامي والكاتب الذي يؤيد هذا وذاك أو يصب الزيت على النار فهذا مجرد بوق سينتهي زمانه مع إنتهاء أحد طرفي النزاع . في تأريخ المهاتما غاندي ( الزعيم الهندي المعروف ) حسب ما قرأت عنه ، إنه عندما قرر الإنضمام إلى حزب المؤتمر الهندي بعد تأسيسه بسنين طويلة ، هذا الحزب الذي تم تأسيسه على يد الإستعمار البريطاني عام ١٨٨٥ م ، حينها كان غاندي محامياً يعمل في جنوب أفريقيا ، أشترط في أول لقاء له مع بعض المثقفين أن تكون قيادات الحزب الذي سيقوم بقيادته مكونة من كافة قوميات وديانات وطوائف وطبقات المجتمع الهندي بلا إستثناء مما جعل هذا الحزب يتحول إلى حزب وطني خالص يسعى لطرد الاحتلال البريطاني وتحرير الهند بعد أن كان هذا الحزب حزباً عميلاً أسسه البريطانيون انفسهم للسيطرة على المثقفين في الهند ، وبقي هذا الشرط الذي وضعه غاندي ساري المفعول حتى يومنا هذا ، ففي أول مؤتمر للحزب بعد ترأسه لقيادة الحزب قال غاندي كلمته الشهيرة وهو مازال بعيداً عند دولته المحتلة الهند ، قال( أشعر بإننا انتصرنا ، فهاهي الهند اليوم كلها تحضر هنا ) فكتب عن هذه الكلمات أحد الشعراء الهندوس قصيدة تحولت فيما بعد نشيد يردد في المناسبات الوطنية وفي المدارس . في المقابل نرى معظم حركاتنا السياسية والحزبية تتحول بقدرة قادر إلى أحزاب عائلية وعشائرية بدل أن تكون واحة لجميع مكونات الأمة . فأن قيادياً مثل غاندي قد أجبر التأريخ أن يقول عنه إنه قائد تأريخي عظيم ، لأنه نظر للمستقبل قبل أن ينظر للحاضر . والتأريخ نفسه الذي أثنى على غاندي أصبح مجبراً أن يلعن قادتنا لإنهم كانوا سبباً لتفريق الأمة وضياعها وتدمير المجتمع .
لم أقرأ في تأريخ الشعوب أن قائداً وطنياً بارعاً قد تعلم الوطنية من قادة آخرين لشعوب أخرى ، لأن الوطنية شعور في داخل الإنسان ، بمقدار نقاوة هذا الشعور تتفجر الإبداعات . نحن لا نشكك بوطنية جميع القادة الكورد ولكننا نشكك بقدراتهم الذهنية ليكونوا قادة ، فليس من المعقول أن يشاهدون العيب امامهم ويظهرون عجزهم في علاج هذا العيب ! فهل من دليل أقوى من هذا لنحكم بالقصور الذهني عندهم . نتمنى أن لا يجرحهم النقد وإنما ( يقومهم ) هذا النقد لإداء دورهم على أكمل وجه . مهما استعصى الحل فأصحاب العقول الكبيرة عندهم الحل بسيط جداً وأما عند أصحاب العقول المحدودة الحل يصبح مستحيل ، ولنا في غاندي مثلاً عندما استطاع تحويل العميل إلى وطني ، أي أنه استطاع تحويل المستحيل إلى ممكن !!!
تحياتي لك يا استاذ الكريم. كل أحزاب الكورد و يوجد في هم الخونا و عميل و انا كنت عضو في احد من أحزاب و لكن تركتهم بسبب الخيانه لصالح المحتلين و يوجد اسبان دامغ و انا من كشف هذا و ثم أخبرت لسكرتير الحزب و ثم اراينة كثير و كثير .