هذا سؤال جدي ويجب طرحه على الشعب الكوردي، ونقاشه على كافة المستويات السياسية والثقافية والمجتمعية الكوردستانية.
شخصيآ لدي شك كبير في ذلك، لا بل أنا على قناعة تامة بأن القيادات السياسية الكوردية مجرد مجموعة من الكذابين والمحتالين يرفعون شعار “إستقلال كوردستان” فقط لإستغلال مشاعر أبناء الشعب الكوردي القومية، وركوب ظهورهم لتحقيق مصالهم الشخصية، العائلية والحزبية، ومع هذا تجد أن العديد من القوى والأحزاب السياسية الكوردية تزيل إسمها بإسم كوردستان!!!!
ولمعرفة كذب تلك القيادات من صدقها علينا طرح العديد من الأسئلة والأمثلة لنعرف صدقهم من كذبهم ودجلهم ومن هذه الأسئلة:
أولآ، لماذا لا يشكلون هيئة سياسية تتحدث بإسم كامل الشعب الكوردي ويمثله على الصعيد الدولي ويكون قرارتها ملزمة لجميع الأطراف الكوردية؟؟
كيف يمكن لشعبٍ أن يتحرر وينال حريته وإستقلاله، ويشعر أنه شعب واحد وليس عدة شعوب، من دون أن يكون له هيئة سياسية رسمية تمثله وتتحدث بإسمه في المحافل الدولية، وتكون الناطقة الوحيدة بإسمه؟
لنفترض عُقد مؤتمر إقليمي أو دولي حول قضية الشعوب التي ترزح لليوم تحت الإحتلال وطلب منظمي المؤتمر من الكورد أن يرسلوا وفدآ يمثل الشعب الكوردي بأكمله.
فمن هو الطرف الذي سيمثل الشعب الكوردي ومن أي جزء من كوردستان سيكون ووفق أي مقياس أو معيار سيتم إختياره؟ وهل ستوافق بقية الأطراف الكوردية أن يمثل الشعب الكوردي طرف دون غيره؟ وما هي الرؤية التي سيطرحها الطرف الكوردي الذي سيحضر المؤتمر ويتحدث عن مستقبل الشعب الكوردي ومطالبه؟؟
الحقيقة إن القوى السياسية الكوردية قطعآ لن تتفق على تمثيل معقول بحيث يمثل في الوفد العتيد الأجزاء الأربعة من كوردستان. السبب في ذلك أن القوى السياسية الكوردية في كل جزء غير متفقة والعديد منها خاضت ضد بعضها البعض مواجهات سياسية وإعلامية وعسكرية شرسة، كل ذلك على النفوذ والتمثيل، وهي تنظر إلى بعضها البعض نظرة العدو والخصم، وليس الشريك في الوطن.
وإذا حضر طرف كوردي ما مثل هذا المؤتمر بشكل من الأشكال، فبقية الأطراف الكوردية ستعترض وتعمل على إفشال الطرف الذي مثل الكورد، ويتواصلون مع كل الجهات في العالم ويقولون هؤلاء لا يمثلون الكورد، نحن الذين نمثل الشعب الكوردي.
الكبار في السن منا يتذكرون جيدآ حروب عائلة البرزاني مع عائلة الطالباني ، في تسعينات القرن الماضي، والجروح النفسية والإجتماعية التي تسببوا بها، هذا عدا عن عدد القرى التي دمروها، وقتل أكثر من (6000) ستة ألاف كورد بريئ. وحروب هؤلاء معآ وفرادة ضد حزب العمال الكوردستاني حدث ولا حرج.
ولنعود إلى وقتنا الراهن، حيث رأينا ونرى كل يوم كيف تعمل جماعة المكنسة العميلة لجهاز المخابرات التركي والموالية للبرزاني، ضد الإدارة الذاتية بشكل مرعب وليل- نهار. ولو كانت تملك هذه المكنسة قوة عسكرية على الأرض داخل غرب كوردستان، لإرتكبت مذابح لها أول وليس لها أخر. الجماعة شكلت بدعم من تركيا و من البرزاني، فصيلآ مسلحآ لها وأطلقت عليه إسم “بيشمركة روز”، ولكنها فشلت في إيجاد طريقة لإدخال هذا الفصيل المسلح إلى غرب كوردستان، وفي المقابل رفضت تركيا لهذا الفصيل العميل أن يدخل إلى منطقة أفرين أو غريه سبي أو سريه كانية أو أي بقعة أخرى من غرب كوردستان تحت سيطرتها. لماذا؟
لأن الأتراك لا يعترفون بالشعب الكوردي حتى لو كان الكوردي عميلآ ورخيصآ. كيف لا وقد طالبت الجماعة من الإتحاد الأوروبي وأمريكا بإدراج قوات قسد وحزب (ب ي د) والإدارة الذاتية على لائحة الإرهاب الأوروبية والأمريكية والدولية، أولآ لإرضاء سيدها التركي، وثانيآ لإقصاء (ب ي د) وتسليمهم غرب كوردستان لكي ينهبونها، لا بل ذهبت أبعد من ذلك حيث شاركت الجيش التركي والجماعات السوركية الإرهابية في إحتلال كل من منطقة: أفرين، أزاز، الباب، گرگاميش، غريه سبي، سريه كانيه. وكل يوم تحرض تركيا على قصف غرب كوردستان وإجتياحها كاملة وإنهاء الإدارة الذاتية، لتحل هي محلها.
والسؤال الأخر في إطار الهيئة السياسية هو:
مَن سيمثل كل جزء من كوردستان في الهيئة السياسية العتيدة وكم مقعد سيأخذ؟
أنا واثق سيندلع صراع على تمثيل كل جزء من كوردستان ولا أستبعد إندلاع حروب سياسية، إعلامية شرسة، وحتى مواجهات مسلحة بين الأطراف التي تمتلك السلاح.
النتيجة:
لكي أكون صريحآ معكم لن نشهد هيئة سياسية تمثل الشعب الكوردي، لا غدآ ولا بعد سنين طويلة ما دام لدينا قيادات سياسية بهذا السوء، فكل ما يسعى إليه مسعود البرزاني هو مولود لإحتكار القضية الكوردية.
وجماعة اوجلان من جهتهم، يبحثون عن كيان يمكنهم من وضع يدهم على التمثيل الكوردي والهدف منه نيل إعتراف العالم بهم ليستطيعوا الخروج من قنديل. وثانيآ، يعتبرون أنفسهم هم الشعب الكوردي والشعب الكوردي هم، وتاريخ الكورد وكوردستان يبدأ وينتهي بهم.
وكلا الطرفين لا يبحثون عن مصالح الشعب الكوردي، لأن من يرغب في إستقلال كوردستان لا يقيم مشيخة عائلية على الطريقة المافية الإيطالية والعصابة الأسدية ويرهن أرض وأمن الإقليم ونفطه لتركيا الدولة المحتلة لكوردستان ويحفر الخنادق مع غرب كوردستان، ويحتكر السلطة في جنوب كوردستان. وجماعة اوجلان قبل (20) عشرين عامآ، كانت تخون كل كوردي لا يرفع شعار “إستقلال كوردستان”، واليوم نفس هؤلاء يخونون كل كوردي يطالب بإستقلال كوردستان، يا للعجب!!!!
ثالثآ، ألا تحتاج مثل هذه الهيئة إلى مجلس أمناء كوردستان كمرجعية سياسية للهيئة التي ستمثل الشعب الكوردي؟
من سيشكل هذه المرجعية السياسية؟ وكيف ستؤسس وعلى أية أسس ومعايير وشروط؟ ومن الذي سيثمل كل جزء من كوردستان فيها؟ أم ستضم جميع الدكاكين الشخصية والعائلية والتي يفوق عددها أكثر من (1000) الف دكان في كوردستان؟؟
ثالثآ، لماذا لا يضعون خريطة لكوردستان وينشرونها في إعلامهم ويعتمدونها بشكل رسمي؟؟
كيف يمكن للقوى السياسية الكوردية أن تطالب بإستقلال كوردستان، ولم تحدد بعد حدود كوردستان، ولم ترسم خاريطة بلدها وتجمع الوثائق التاريخية والقانونية التي تدعم موقفها وتدعمه في أية مفاوضات مع الأطراف المحتلة لأرض كوردستان؟؟
على الأقل كان على القوى الكوردستانية الرئيسية أن تضع خريطة الجزء الذي تعيش فيه، ومن ثم جمع خرائط الأجزاء الأربعة، حتى يكون لدينا خريطة متفقة عليها أولآ فيما بيننا نحن الكورد، ومن ثم تبنيها بشكل رسمي وعرضها على المجتمع الدولي والدفاع عنها والمطالبة بتلك الأراضي عندما ترفع مطلب الفيدرالية. لهذا لا تستغربوا عدم وجود خريطة كوردستان متفقة عليها بين الكورد أنفسهم، حيث لم يقم أي حزب كوردي في أي جزء من كوردستان بوضع خريطة جزئهم، أولآ لكي يتعرف عليها أبناء ذاك الجزء، وثانيآ بقية أبناء الشعب الكوردي، وثالثآ، يعلم بها المحتلين، ويعرفوا ما هو حدود بلدنا وما هي مطالبنا.
وهنا سأضع لكم خريطة تقريبية لكل من جنوب وغرب كوردستان وفق معلوماتي التاريخية والجغرافية، وأقول تقريبية لسببين:
1- الكثير من المناطق الكوردية تعرضت للتعريب بشكل شبه كامل مثل بغداد ودمشق.
2- لست خبيرآ في الكومبيوتر ولا برسم الخرائط.
رابعآ، لماذا لا يوحدون اللغة الكوردية ومناهج التعليم والقواميس اللغوية مادام أنهم يسعون لإستقلال كوردستان؟
من يسعى إلى إستقلال كوردستان كان عليه على الأقل توحيد اللغة الكوردية، وهو أمر كان ممكنآ لولا الثلاثي ابراهيم أحمد، توفيق وهبي، جلال الطالباني ومعهم مصطفى البرزاني وأبنائه. لماذا؟
لأن هذا الثلاثي ، رفضوا الأبجدية الكوردية التي وضعها الأمير “جلادت بدرخان” رحمه الله، فقط لأسباب مناطقية ولهجوية، وإخترعوا أبجدية معتة ومعفنة، وبذلك شقوا الصف الكوردي بدلآ من توحيده! وسايرهم مصطفى البرزاني لكي يكسب أصوات بعض الكورد الذين يتحدثون باللهجة السورانية في إطار صراعه مع هذا الثلاثي على زعامة الحزب (الديمقراطي). تمامآ مثلما إخترع لنا أصحاب اوجلان علمآ أفريقيآ مقرفآ ومقززآ، في الوقت الذي مر على ميلاد العلم الكوردي أكثر (100) مئة عا،م وأصبح جزء لا يتجزأ من الهوية الكوردية. ومع ذلك كنت تجد هذا الثلاثي يتحدث ليل – نهار عن إستقلال كوردستان، ويبيع الوطنيات لبسطاء الكورد ويخدعونهم، ومن ثم لجأ الطالباني إلى جزار الشعب الكوردي “صدام حسين” في صراعه مع البرزاني الأب، ونفس الشيئ فعل مسعود البرزاني، أي لجأ إلى الطاغية صدام لمحاربة الطالباني في إطار صراعهما العائلي. ومن جهتهم أصحاب اوجلان لغوا إسم كوردستان كله من قاموسهم السياسي بجرة قلم!! وحتى إسم حزبهم يخلو من أي إشارة للكورد وكوردستان، وأطلقوا على غرب كوردستان إسم (شمال شرق سوريا) يا لفتاكة صالح مسلم وألدار خليل!!!
وأي إجتماع يجمع الكورد من جميع أجزاء كوردستان، لا يفهمون على بعضهم البعض ويكذب من يدعي غير ذلك، ومباشرة يحدث خلاف بين الأطراف المجتمعة حول اللغة سيتحدثون بها في الإجتماع، وبأي أبجدية سيكتبون محضر الإجتماع!! هناك أشياء كثيرة تقف عقبة في طريقها عدم وجود للغة كوردية موحدة مثل: النتاج الأدبي لأي كاتب كوردي لا يكتب بالأحرف اللاتينية لا أحد يهتم به من الكورد في شمال وغرب كوردستان وقسم كبير من شرق كوردستان، والعكس أيضآ صحيح. مثلآ لليوم شخصيآ لم أقرأ أعمال “شيركو بيكس” الشعرية إلا بعض النصوص المترجمة. السبب هي تلك الأحرف اللعينة التي إخترعها الثلاثي الذي أشرنا إليهم أنفآ. ونفس هذا الثلاثي رفض توحيد اللغة الكوردية وهددوا الشاعر “جيكرخون” بالقتل، مما إضطر للهرب من جنوب كوردستان والعودة لغرب كوردستان. أشخاص مثل هؤلاء لا يمكن أن يفكروا في إستقلال كوردستان ولا بحرية الشعب الكوردي.
رابعآ، هل الفيدرالية هي السبيل لإستقلال كوردستان؟
في الحالة الكوردية الجواب: لا كبيرة جدآ جدآ جدآ.
كيف ذلك؟؟
إليك التفاصيل والمواصيل يا عزيزي القارئ.
في الحالة الطبيعية والشعوب والقيادات السوية مثل الشعب السلوفاكي والكرواتي والسلوفيني، يمكن أن تكون الفيدرالية الخطوة القبل الأخيرة للوصول إلى الإستقلال كما شاهدنا في حالات هذه الشعوب تحديدآ أو غيرها. حيث توافق أبنائها وقادتها على على هدف واحد وغير مختلفين حول اللغة والعلم والأبجدية وأشياء أخرى كثيرة، كما هو الحال مع الشعب الكوردي.
تجربة جنوب كوردستان أكدت وبشكل قاطع بأن الفيدرالية ليست طريقآ للوصول إلى الإستقلال. السبب أن زعماء العشائر والطرق الدينية كالنقشبندية والقادرية مستعدين لأن يتحاربوا الف عام من أجل الحفاظ على مكاسبهم الشخصية والعائلة والعشيرية، وفي عرفهم وثقافتهم العفنة، العائلة والعشيرة أهم من كل الشعب الكوردي وكوردستان برمتها. وخذونها عني إن إقليم جنوب كوردستان لن يتوحد، وسيتحول في النهاية إلى أربعة مزارع واحدة للبرزاني والثانية للطلباني، والثالثة لجماعة اوجلان، والرابعة أصبحت مزرعة للشيعة والتركمان، وحتى لو منحه العالم اليوم إستقلالآ شكيآ، سيظل منقسمآ أيضآ.
جماعة البرزاني والطالباني دخلتا في مواجهات مسلحة عديدة فقط على الزعامة، فما بالكم اليوم بعد أن دخل في الموضوع مصالح مالية وإقتصادية تقدر بمئات المليارات من الدولارات، فهل يعقل أن يتخلى هؤلاء عن كل ذلك من أجل إستقلال وتوحيد كوردستان؟؟ وهم الذين لم يفعلوا ذلك من أجل توحيد جنوب كوردستان!!!!
لو كان هناك فصيل مسلح أخر شبيه بالذي يملكه جماعة اوجلان، لتحاربوا لمدة مئة عام قادمة، وتشظى غرب كوردستان إلى (40) أربعين مزرعة وليس أربعة مزارع فقط. ومع الوقت الكورد سينتفضون في وجه جماعة اوجلان لأنهم أنشأوا نظامآ شبيهآ بالنظام الأسدية لكن بصبغة (كوردية). بعد أن كان الكورد يعبدون حافظ الأسد غصبآ عنهم، الأن مضطرون لأن يعبدوا عبدلله اوجلان أيضآ غصبآ عنهم، أي أنهم إنتقلوا من عبودية لأخرى، ولكن الجوهر لم يتغير، الذي تغير هو الدهان الخارجي والعلامة التجارية لا أكثر. إذا كان جماعة اوجلان فعلآ صادقين في مطلب الفيدرالية، إذآ لماذا لا يرسمون حدود إقليم غرب كوردستان ويضعون خريطة جغرافية للإقليم ليتعرف عليه الكورد وخصومهم وأعدائهم؟؟
أخبركم خبرآ سيئآ أخر وهو:
جماعة اوجلان والبرزاني مستعدين لخوض حرب ضروس ولي (1000) ألف عام، ولا يخسر أي واحد منهم مزرعته، ولهذا قلت الفيدرالية لن تجلب الإستقلال ولا الحرية للشعب الكوردي، وهذا ما أثبته لنا جماعة البرزاني والطالباني واوجلان، تمامآ مثل المشيخات العربية، ولكنهم سيستمرون في رفع شعار وحدة كوردستان وإستقلالها لأنها بضاعة لها رواج عند بسطاء الناس من الكورد. القيادات الكوردية البغيضة والمريضة تذكرني بالقيادات العربية الخسيسة التي تاجرت (100) مئة عام بالوحدة العربية، والنتيجة شعوب مقموعة ومذلة وتنتهك كرامتها كل دقيقة.
ختامآ، يؤسفني أنني لم أستطع أن أقدم واقعآ كورديآ أفضل من هذا الذي قدمته، وبرأي على الكاتب أن يكون صريحآ مع شعبه ولا يجمل الواقع بأي شكل من الأشكال. صحيح أن الحقيقة أحيانآ مؤلمة وقاسية، ولكن معرفتها مهمة وضروية، كي نتستطيع لاحقآ مواجهتها، وليس الهدف من قولها قطع الأمل وتيأيس الناس.
وأختم مقالي هذا بالتساؤل التالي: هل جميع الكورد فعلآ يريدون إستقلال كوردستان؟؟ أترك الإجابة على هذا التسؤول لكم أنتم القراء.
10 – 05 – 2024