الأمن الريعي… إبداع جديد من فكرنا!- عبدالله جعفر كوفلي/ باحث اكاديمي

 

١٢/٥/٢٠٢٤

الأمن حاجة بشرية وضرورة ملحة لكل المجتمعات، يأتي بالمرتبة الثانية في سلّم الحاجات الأساسية للإنسان بعد الأكل والشرب، وهذا ماذكره الله تعالى في القرآن الكريم في سورة القريش( الذّي اطعمهم من جوع وآمنهم منّ خوف).

الامن من المفاهيم المتطورة التي لا تقف عند حدود معينة، وهذا ما يدفع بالإنسان والحكومات الى تغيير أدواتها وأساليبها في تأمين أمنها ومواجهة الأخطار والتحديات التي تواجهها، فالسياسات والاستراتيجيات التي كانت تتبعها قبل عقود من الزمن لا يمكن أن تصلح للحاضر او أن تكون صالحةً للآتي من الأيام.

ذكر الدكتور (نايف كوردستاني)في مقدمة كتابه ( طريق الرمان طريق التنوع الاقتصادي في كوردستان) الصادر من مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في أربيل إقليم كوردستان (أن الاقتصاد الريعي هو الذي يعتمد على مصدر دخل واحد وأن الدول تحاول أن تتجاوز الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد متنوع في وارداتها لتتجنب الوقوع في الأزمات الاقتصادية والمالية، وهذا يعني إنّ مفهوم الريعي ارتبط بالاقتصاد اكثر من غيره من المجالات الأخرى).

من أجل تقريب الصورة فإننا سنأتي بالمفهوم الجديد محاولة منا في ايجاد مفاهيم جديدة في مجال الأمن إبداعاً وخدمةً وهو الأمن الريعي والذي يعني اعتماد الدول والحكومات على استراتيجية أمنية واحدة فقط، فالأمن له شقين أثنين أحدهما الشق الإيجابي والثاني هو السلبي ولكننا لا نقصدهما في هذا السياق بل نقصد ان الامن لا يمكن أن يتحقق إلا اذا اعتمد على القوة الخشنة المتمثلة بإتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يتطاول على أو يحاول المساس بأمن واستقرار البلاد والقوة الناعمة التي تتمثل بنشر الوعي الأمني بين المواطنين وتنمية الحسّ الامني بينهم وبناءهم ليكونوا رجل الأمن الاول وتكون عيونهم مفتوحة وساهرة ويسارعون ويتنافسون في إيصال المعلومات الى الجهات المعنية لاتخاذ القرارات المناسبة بمشاركة الأجهزة الأعلامية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وأماكن العبادة والأسرة وغيرها.

فالأمن كالطير لا يمكن أن يحلق متوازناً وطويلاً دون ان يملك جناحين قويين، وكثيراً ما رأينا الطيور قد وقعت على الأرض لإصابة إحدى جناحيها بسوء وكانت فريسة سهلة، كذلك الامن لا يمكن أن يتحقق ويكون ناجحاً إلا إذا اعتمد على القوتين الخشنة والناعمة، فكم من دولة او نظام سياسي اعتمد على القوة الخشنة فقط لتأمين امنه واستقراره ظناً منه ان الأمور تحت السيطرة ولم يلق اهتماماً للقوة الناعمة وبناء الإنسان الصالح، فكانت نهايته مأساوية جداً لأن القوة وحدها لا تكفي لتأمين أمن واستقرار أي بلد، بل لا بد أن تجتمع القوتان وتتحدا لتخرج ببلد آمن ومستقر.

اخيراً نقول بان الدول التي تعتمد على الامن الريعي لا يمكن أن تكون آمنة ويشعر المواطنين فيها بالأمان بل على العكس من ذلك سيكون رجل الامن في مثل هذه الحالات مصدر القلق والخوف والأجهزة الأمنية مؤسسات لزرع الرعب وتكتيم الأفواه وزنزانات للتعذيب والعنف والتعامل غير الشرعي مع الآخرين وأدوات بيد السلطة الحاكمة لتحقيق أهدافها وازالة كل من يحاول او أن يقف في طريقها او ان يعارضها.

الأمن الريعي مفهوم جديد من عمق فكرنا وإبداعنا وجزء من اهتمامنا بالخدمة في هذا المجال الحيوي والمهم.

أتمنى ان أكون موفقاً في تعريف هذا المفهوم وأن يحسبه الله تعالى لوجهه الكريم وخدمة للوطن والإنسانية، يتحتم علينا الواجب أن ياتي كل منا بما لديه من افكار وقدرات ومهارات وتسخيرها للصالح العام.

مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والنجاح والحياة الطيبة